جيب نصف مغلق
الجيب، مصطلح متعدد الدلالات، فهو قد يكون بالأنف، أو يكون في الملابس، أو يكون في زوايا أحد أركان البلاد (الجيب المتمرد)، أو يكون في البطن (حالة الكنغر) أو حتى نجده في اللوغاريتمات (مع الجتا والظل).
إذا وصلت لمكان معين بوقت مبكر ولم يكن لك سوى الانتظار، فحاول أن تقضي مدة انتظارك بمراقبة جيوب الحضور، ستفاجأ بالكيفية التي يعد بها كل شخص هيئة جيوبه.
هناك من يجعل (ردة) جيب سترته الجانبية السفلى متدلية ومكوية، وقد تكون فتحتها مغلقة بخيوط الخياط، ولم تُستَعمل كحافظة أبدا، وقد يريد أن يعلن بذلك عن أناقته المنسابة، حتى وإن كان لا يعيبه بروز (كرش) أو تهدل الكتل الدهنية من جانبيه، أو أنه يريد أن يعلن عن تكتمه عما في داخله، وكأنه يخشى أن تمتد أحد أيدي الثقلاء العابثين إليه فجأة.
وهناك من يضع وردة أو قطعة قماش حريرية زاهية اللون من جيبه العلوي الأيسر ليقول للحاضرين أنه يتمتع بقلب أخضر محب للحياة.
وهناك من يحتفظ بعشرات الوثائق في جيبه الداخلي، فإن ذُكر أمامه انتخابات مجلس النواب قبل دورتين، مد يده الى جيبه وأخذ يذكر النتائج بكل تفصيل.
وهناك من يضع محفظة مكونة من عدة طبقات جلدية، قد يكون من بين محتوياتها قطع نقدية من العهد العثماني، إضافة لوصول قبض من شركة الكهرباء، وقليل من أوراق النقد الحقيقية، ومع ذلك فإنه يحكم إغلاق جيبه الخلفي عليها، بواسطة (زر) و(شنكل) وأحيانا يربطها بسلسلة قد تكون موصولة بالبطين الأيسر في قلبه.
وهناك من الناس من يحتفظ بجيبه بعلبة دخان وحجر (لسن السكاكين) وعينات من بضاعة يحملها معه (كمسطرة)، وستجد أن هؤلاء هم من قصار الرجال، كون الأثقال التي يحملونها في جيوبهم منعتهم من الوصول للطول الطبيعي، وأحيانا ستتعرف على خيوط مغايرة للون السترة من حدوث الملل في نفوس زوجاتهم لكثرة ما أصلحن من فتق تلك الجيوب.
وهناك من يترك جيبه نصف مغلقة، لكثرة ما يضع يده فيها، ليس اتقاء للبرد بل لعادة لم أتعرف عليها.