منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 5 من 5

العرض المتطور

  1. #1
    محاضر باللغة العبرية ، عميد متقاعد
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    1,068

    الخلاصة الكاملة لكتاب تشويه صورة العربي في أدب الحرب العبري

    الخلاصة الكاملة لكتاب تشويه صورة العربي في أدب الحرب العبري
    أول دراسة من نوعها في الوطن العربي باللغتين العربية والعبرية
    الباحث : عبدالوهاب محمد الجبوري
    تنويه / هذه الدراسة ملخص لكتاب قيد الطبع بجزئيه في ســوريا ومصر ، وهي تضم نصوـــــصا ادبية عبرية( في الشعر والقصة والرواية والمسرحية والسينما والمقالة ) قام الباحث باختيارها من ابرز ما كتبه الادباء الاسرائيليون وترجمها الى العربية مع تحليل علمي وسياسي وادبي لها ، لتلقي الضوء على حقيقة الموقف الصهيوني والاسرائيلي واليهودي من الشخصية العربية ، وندرة الدراسة واهميتها تكمن في احتوائها على نصوص متنوعة وشاملة من الادب العبري باللغتين العبرية والعربية بخلاف جميع الدراسات والكتب التي تحدثت عن نفس الموضوع والتي تناولت غرضا واحدا او اثنين من اغراض الادب العبري اما في الشعر اوالقصة الاسرائيلية او كليهما ، في حين تضم هذه الدراسة جميع اغراض الادب العبري كما ذكرنا انفا .. كما تناولت الدراسة الموضوع حسب المنهج العلمي البحثي وتوصلت الى نتائج واستــنتاجات مهمة يمكن الاطلاع عليها بعد انجاز طبع الكتاب بعون الله ..والامر الاخر الذي يود الباحث الاشارة اليه هو ان الهوامش لم تظهر في سياق البحث هنا في المنتدى ولكن يمكن الرجوع الى مراجعها ومصادرها كافة لاحقا ، وذلك لاغراض التوثيق والمتابعة خاصة من قبل طلبة اللغة العبرية والباحثين والمتخصصين والمهتمين بهذا النوع من الثقافة باذن الله .. مع تحياتي واعتزازي للجميع
    والله من وراء القصد
    تمهيد
    تتناول هذه الدراسة بالتحليل نظرة الحركة الصهيونية للشخصية العربية من خلال أدب الحرب العبري الذي استخدمته هذه الحركة كأداة لتحقيق أهدافها ، وتتميز أهمية هذه الدراسة عن غيرها من الدراسات المماثلة بالاعتبارات آلاتية :
    1 . تنوع أشكالها ونصوصها الأدبية المختلفة من شعر وقصة ورواية ومسرحية ومقالة ( وباللغتين العربية والعبرية ) وذلك لإضفاء الشمولية وتوسيع دائرة البحث عن صورة العربي في الادب العبري ، مع إضافة تحليل لكل نموذج أدبي عبري تم ترجمته للعربية لتوضيح الاتجاهات الفكرية والفلسفية الصهيونية ، والتي ساهمت إلى حد كبير في ترسيخ مبادئ التربية اليهودية الصهيونية باتجاه السعي لزرع الحقد والكراهية لكل ما هو عربي ..
    2 . كونها تمثـل أدباء عبريين مشهورين وممثلين لمراحـل زمنية مختلفة من الصور التي رسمها الادب العبري لشخصية العربي عموما والفلسطيني بشكل خاص ..
    3 . تناولها أيضا أحاديث وكتابات عدد من قادة الفكر والمسئولين الإسرائيليين والتي تعكـس توجهاتهم ونظرتهم لهذا الموضوع ..
    أثارت تصريحات الحاخام اليهودي عوفاديا يوسف العنصرية التي أدلى بها في نيسان من عام 2001 ووصف فيها العرب بأنهم أولاد أفاعي وان الله ندم لأنه خلقهم وبالتالي الواجب قتلهم( )، أثارت موجة من الاستنكار العربي إلى حد إن أحد المواطنين الأردنيين خصص جائزة مقدارها مليون دولار لمن يقتل هذا الحاخام( ) ومثل هذه الأقوال هي نموذج من كم هائل من الأدبيات اليهودية الصهيونية التي رددها رواد الفكر اليهودي الأوائل، ومن بعدهم الكثير من المسؤولين والمثقفين والأدباء اليهود، مستندين في ادعاءاتهم تلك على التوراة والتلمود وسائر الأدبيات التراثية والدينية والأيديولوجية الصهيونية التي تشكل العمود الفقري في مناهج الدراسة والتعليم والثقافة اليهودية، ومن تلك الأدبيات والمقولات مقولة ( العربي الجيد هو العربي الميت ونظرية الترانسفير التي نادى بها لأول مرة الحاخام يوسف واتيز )( ).
    وفي هذا السياق نستذكر ما قاله موشيه منوحن ( علمونا في المدرسة الدينية أن نكره العرب وان نحتقرهم وعلمونا كذلك أن نطردهم بقوة السلاح إن تطلب الأمر على اعتبار ان فلسطين هي بلادنا لا بلادهم )( )، ونستذكر أيضا كلمات بن غوريون في تجميل صورة قتل العرب حيث قال:” القتل هو الوسيلة المثلى لتحرير الطاقة الكامنة لدى الجندي اليهودي“( ) وهذا قريب مما قاله موشيه دايان ( قتل العرب هو قدر جيلنا )( ) أو كلمات غولدا مئير في إنكار وجود الشعب الفلسطيني وتصريحات مناحيم بيغين ورفائيل ايتان، رئيس الأركان الإسرائيلي الأسبق، في احتقار العرب واعتبارهم ( مجرد صراصير يجب سحقهم )( ) وغيرهم.
    أما الأدباء والكتّاب العبريون فلا يختلفون كثيرا في كتاباتهم ونتاجاتهم الأدبية عن كتابات وشروحات رواد الفكر اليهودي ومن ثم قادة إسرائيل على مر السنين فيما يتعلق بنظرتهم إلى العربي والعرب.
    الفكر الصهيوني والعربي
    لقد كان هدف الحركة الصهيونية منذ البداية العمل على إقامة كيان يهودي مستقل له خصوصيته وقد سعى زعماؤها- وما زالوا يعملون- على الوقوف في طريق تمثلها الثقافة العربية بشتى الوسائل والسبل وذلك على اعتبار إن البيئة العربية هي البيئة التي تأسست فيها هذه الدولة وإذا أرادت الاستمرار فلا بد من أن تفعل ذلك( ) ، وعلى التوازي مع هذه الستراتيجية فقد عمل هؤلاء على الترويج لفكرة المحافظة على الصبغة اليهودية لهذه الدولة باعتبارها جزءا من العالم الغربي المتقدم وليس جزءا من الشرق المتخلف كما يحلو لهم تصنيفه، وقد تجلى هذا الرفض على نحو صارخ وواضح في تحذير كل من بن غوريون وغولدا مئير وموشيه دايان وابا ايبان، الذين نبهوا بل شددوا في مناسبات عدة على ضرورة محافظة إسرائيل على صبغتها اليهودية ومقاومة الفكرة التي تقول بانصهار الكيان الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط، وقد تجلى ذلك فيما ذهب إليه ابا ايبان، وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق، بقوله: ” سوف تبقى إسرائيل على الدوام مستقلة في لغتها وفكرها وعقلها وستظل ارتباطاتها اليهودية أقوى من أي شيء آخر “( ) ، وكذلك فيما أكده موشيه دايان بعد حرب حزيران 1967 حيث قال: ” إننا نريد دولة يهودية خالصة كالفرنسيين الذين يملكون دولة فرنسية “( )، كما سعت الحركة الصهيونية منذ نشأتها للتعرف على المنطقة العربية من النواحي كافة، الأمر الذي جعلها تعرف عن العرب اكثر مما يعرفونه عن أنفسهم فتوفرت لدى مكاتب الوكالة اليهودية مثلا وثائق ومراجع عن الدول العربية كلها دون استثناء وجندت لهذه المعرفة دور العلم ومراكز البحوث التي تقوم بجمع المعلومات وتحليلها والاستفادة منها، وانطلاقا من تركيز الصهيونية على إنشاء دولة يهودية مستقلة ومنفصلة عن بيئة المشرق العربي فقد اتبعت استراتيجية واضحة المعالم ترمي إلى تشويه صورة الشخصية العربية لتبرير كراهيتها مستخدمة في ذلك أساليب النمطية أو القولبة للعرب ولإسقاط الصراعات الشخصية على هذه القوالب، وقد قامت بدعم وإسناد هذه القوالب بصورة دائمة ومستمرة مسخرة لذلك وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية مثل الروايات والقصص القصيرة والشعر والمسرحيات والصحف والأشرطة السينمائية والراديو والتلفزيون، وقد اسهم هذا كله في تشكيل اتجاهات اليهود نحو العرب لا بل في اتجاهات غير اليهود في أنحاء العالم كافة نحو العرب والتي كانت في غالبيتها العظمى اتجاهات سلبية( ).
    ومن خلال متابعتنا لتكوين هذه الاتجاهات وتطورها خلال حقبات زمنية مختلفة واكبت تطور الصراع العربي الإسرائيلي يمكن الوقوف على صورة العربي كما رسمها الأدب العبري الحديث:
    صورة العربي قبل حرب 1948
    لقد تميزت الكتابات الأدبية العبرية قبل حرب 1948 وتأسيس إسرائيل بوجود ثلاثة اتجاهات ساهمت مجتمعة في رسم صورة الإنسان العربي:
    الاتجاه الأول: إن فلسطين ارض خالية من السكان ولذا فان المستوطنين اليهود على استعداد لاستيطان هذه الأرض وتعميرها، وساد الاعتقاد بين رواد الفكر الصهيوني الأوائل وقادته، شأنهم في ذلك شأن نظرائهم في الغرب، إن الحضارة الغربية هي الكفيلة وحدها بأحداث التنمية، فحسب رأي هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية: ( إن قيام دولة يهودية في فلسطين يشكل عنصرا أساسيا ومهما من عناصر مواجهة الروح الوحشية بأشكالها المختلفة السائدة في آسيا ومقاومتها ) ( ).
    الاتجاه الثاني: يتلخص في اعتراف المستوطنين اليهود بان هناك شعبا يعيش في فلسطين ولكنه شعب يتصف بالهمجية والوحشية ويقطن الصحراء على حد تعبير بن غوريون الذي قال في هذا الصدد بان ( صحارى إسرائيل كانت قديما آهلة بالسكان وإنها لم تكن خالية )( ) ويصر على إبراز الوحشة كسمة للإنسان العربي الذي يعيش في فلسطين حين يقول:” إن ثقتي ببني جنسي تجعلني أقول بان الأثر الحقير والمخزي للتراث العربي لن يستمر إلى الأبد، وان العرب حولوا بلدا مزدهرا ومأهولا إلى صحراء “ ( ).
    الاتجاه الثالث: تأسس على عدة فرضيات أهمها( ):
    1. إن العرب سوف يصبحون أقلية في فلسطين وهذا الأمر لا يحتمل النقاش أو الجدل
    لان فلسطين ارض يهودية بالمفهوم الصهيوني.
    2. إن قانون حق العودة إلى فلسطين يعطي كل يهودي الحق في العودة إلى فلسطين
    والاستقرار فيها.
    3. إن ارض فلسطين لا يمكن أن تكون إلا يهودية فهي لا تعني لأي شعب أيا كان ما
    تعنيه للشعب اليهودي.
    وبناء على هذه الافتراضات جميعا بدأت الحركة الصهيونية برسم سياستها الاستيطانية وتنفيذها في ارض فلسطين مجندة لتحقيق ذلك كل ما توفر لديها من وسائل سياسية وإعلامية وأدبية وتربوية، ولقد اتسمت الكتابات العبرية في فترة ما قبل 1948 بالتعصب ضد العرب ويعود ذلك إلى إن معظم الذي كتب في هذه الفترة لم يكن نتيجة صلة وثيقة بالعرب أو نتيجة معرفة من كتبوه بأسلوب حياتهم وثقافاتهم بقدر ما كان قائما على معلومات سابقة خاطئة عن العرب مستقاة من الكتب والمجلات التي قرأها هؤلاء الكتاب والأدباء قبل مجيئهم إلى فلسطين، ومن خلال ما سنستعرضه- لاحقا- مما كتب في الأدب العبري الحديث عن هذا الموضوع سنجد إن الغالبية العظمى من هذه النتاجات وصفت العربي بالتخلف والوحشية والهمجية وقد اتسمت هذه النتاجات بالنظرة المتعالية والاستخفاف بالعرب واعتبارهم في احسن الأحوال سذجا وبسطاء لان الصورة التي رسموها للعربي بنيت على آراء مسبقة وخاطئة عن العرب( ).
    وقد انطلق معظم هذه الكتابات من الافتراض الذي روجت له الصهيونية في هذه الفترة والذي يقول بالتفوق العرقي نحو الجماعات العرقية الأخرى وقد تأثر هؤلاء- سواء الكتّاب أو رجال السياسة- بالفكر الذي كان يسود أوربا في القرن التاسع عشر وقد بني على أساس من التفوق العرقي( )، وليس غريبا أن يتسم تفكير المستوطنين اليهود الذين قدموا إلى فلسطين بهذه السمة حيث جاء معظمهم من بلدان أوربية مختلفة، لذلك نجد سميلانسكي، الذي يوصف فكره بالاعتدال، يصف حياة البدو في فلسطين بأنها حياة متوحشة وأبى إلا أن يربطها بحياة أجداده اليهود القدامى مرددا النغمة المعهودة وهي حق اليهود في ارض الميعاد، فيتحدث عن شعور ( ابشالوم فينبرغ ) من قدامى المهاجرين تجاه البدو فيقول: " لقد جذبه سحر حياتهم الوحشية وسرعان ما قفزت إلى ذهنه صور أجداده الإسرائيليين القدامى "( ).
    وليس هذا وحده فلقد كانت الخلافات التي وقعت بين العرب واليهود، وعلى امتداد عقود طويلة، شكلت المعين الذي ما زال الأدباء اليهود يغترفون منه موضوعاتهم الأدبية، وربما كانت هذه الخلافات محور كثير من القصص التي تصور اليهودي مظلوما والعربي هو المعتدي وتصور اليهودي دائما مادا كلتا يديه إلى العربي عارضا السلام والعربي يرفض هاتين اليدين، وانه يلجأ دائما إلى السلاح ويستغل ضعف الإنسان ويحترم القوة، وانه إذا احترم العربي إنسانا فانه لا يحترمه إلا عن خوف، بكلمة أخرى، العربي لا يفهم إلا لغة القوة فقط( )، وفي هذا الصدد يقول الكاتب اليهودي يعقوب روئي في مقالة حول العلاقات بين سكان رحوبوت وجيرانهم العرب في السنوات 1890- 1914:” منذ أوائل أيام الاستيطان ساد الرأي القائل بان العربي يحترم ويعرف لغة واحدة هي القوة “( ).
    وتأخذ القصة العبرية رمزها الأول من مفهوم الغربة ( عهد الحياة في أوربا الشرقية ) أما رمزها الثاني فهو العرب، وهذا الرمز يتعلق بنظرة اليهود إلى العرب، فالعربي من وجهة نظر القصة العبرية هو ( الغريب ) الذي يقف في وجه ابن البلاد ( اليهودي ) في مجابهة دائمة وموطن العربي في القصة العبرية هو الصحراء ومهنته راعي جمال( ).
    وقد أشار إلى ذلك جرشون شيكيد، المحاضر في قسم الأدب العبري، بقوله:” إن هناك أدباء عبريين صوروا العربي بالعربي التقليدي، ساكن صحراء، راعي جمال تستولي عليه دائما غريزة الثأر والانتقام والشعور بالأصالة وحب الأبهة والاعتزاز والشهرة “( )، ومن أدباء هذه الفترة، الذين تناولوا العرب في كتاباتهم الأديب شموئيل يوسف عجنون( )، وذلك في قصته ( מאויב לאוהב )( ) " من عدو إلى محب " حيث يصف العرب بأنهم شعب قاسٍ يريد الاحتفاظ بالأرض وان العرب يسيطرون على كل شيء:
    ( עד שלא נבנתה תפליות היה מלך הרוחות מושל שם בכל הארץ, וכל שריו ועבדיו רוחות עזים וקשים יושבים שם בהר ובעמק בגבעה ובגיא ועושים כל מה שלבם חפץ כאיו להם בלבד ניתנה ארץ ) " كان ملك الأرواح، قبل أن تبنى تلفيوت( )، يحكم كل البلاد، وكل وزرائه وعبيده أرواح قوية وقاسية يسكنون في الجبل والسهل والغور والتلال ويعملون كل ما يريدون وكأن الأرض خلقت لهم وحدهم "، وعبر صفحات القصة يتحدث عجنون عن الصراع الذي دار بينه وبين العرب ( الروح ) حيث يؤكد إن هذا الروح هو المعتدي دائما في حين كان هو مسالما: ( פגע בי רוח... אמרתי לו, מטײל אני.. טפח על ראשי וזרק את כובעי... פיזר את בגדי והפכם על ראשי ועשאני לצחוק... הגבהתי את עצמי ועמדתי. הטיח בי )( ) " قابلني روح.. فقلت له: أنا أتنزه.. فضربني على رأسي وألقى قبعتي... بعثر ملابسي وقلبها على رأسي وحولني إلى أضحوكة، رفعت رأسي ووقفت، فضربني ".
    وتتوالى أحداث القصة، حيث بنى عجنون خيمة وجاء الروح وهدمها، لكن اليأس لم يتسرب إلى نفسه فعاد ليبني لـه كوخا إلا إن الروح دمـره أيضا، فزاد إصرار عجنون ( بطل القصة ) وعاد بعزيمة ونشاط ليبني له بيتا قويا ذا اساسات عميقة ومتينة ( كناية عن تأسيس إسرائيل كوطن قومي لليهود ) فجاء الروح إلا انه لم يستطع هدم البيت، ومنذ ذلك الحين اصبح الروح يزور هذا البيت بصورة مهذبة وذلك لأنه لم يعد قادرا على فعل شيء، يقول عجنون: ( כאן ואילך נתנמכה רוחו של רוח ובא בדרך ארץ. והואיל שהוא נוהג עמי בדרך ארץ נוהג אף אני עמו בדרך ארץ)( ) " من هنا فصاعدا انحطت معنوية الروح وجاء بأدب، وبما انه يعاملني بأدب فأنا كذلك أعامله بأدب ".
    إن عجنون في قصته هذه لا يختلف عن بقية الأدباء العبريين في نظرتهم إلى العرب على انهم لا يعرفون إلا لغة القوة، وفي روايته ( שלשום )( ) " أمس الأول " يصف عجنون العرب: ( بأنهم لا كرامة لهم وانهم قتلة وهم سبب خراب ارض إسرائيل، مزعجون، قذرون، يخشون اليهود، يكرهون الحضارة ويشبهون الكلاب في جلستهم ).
    صورة العربي قبل حرب 1967
    لقد اتسمت الافتراضات التي بنى عليها قادة الفكر اليهودي الصهيوني وأدباؤه اتجاهاتهم نحو الإنسان العربي بشيء من الثبات والاتساق مع حدوث تعديل طفيف على العبارات التي تفوح منها رائحة التعصب العنصري، وهو أمر ليس بغريب على هذا الفكر، فالتغيير لا يمس إلا المظهر ولا يعيب إلا الجوهر، فالستراتيجية ثابتة لا تتغير وإنما التكتيك هو الذي يحدث فيه التغيير، فقد سيطر على الكتابات الأدبية خلال هذه الفترة اتجاه يقضي بإنكار الفلسطيني تماما( ).
    لقد كان الهدف من تبني هذا الاتجاه هدفا خبيثا فهو يعكس من غير أدنى شك تفكير الصهيونية وانسجامها مع اتجاهها المعلن وهو إن الفلسطينيين جماعة متوحشة وان فلسطين لم تكن مأهولة بالسكان فهي ارض بلا شعب وان اليهود حولوها إلى ارض خصبة عندما قدموا إليها واستوطنوها.
    إن مثل هذا الرفض القاطع للشعب الفلسطيني ارتبط وتزامن مع رفض المستوطنين تحمل أية مسؤولية إنسانية أو أخلاقية تجاه شعب فلسطين الذي طرد من أرضه ووطنه بعد عام 1948، وقد اتسمت النظرة السياسية والأدبية إلى الشعب الفلسطيني آنذاك بالنظرة إليهم كلاجئين تقع مسؤولية إعالتهم وحل مشكلاتهم على الوطن العربي الذي يعد المسؤول الأول عن تشريدهم، وهو أسلوب ذكي في التنصل من المسؤولية أمام الرأي العام العالمي الذي آمن، إلى حد كبير، بعدم مسؤولية اليهود عن مشكلة الفلسطينيين( )، وقد بلغ التجاهل اليهودي للوجود الفلسطيني ذروته حين صرحت غولدا مئير: ( بأنه لم يكن هناك شيء اسمه الفلسطينيون )( ).
    لقد صورت النتاجات الأدبية خلال هذه الفترة، العرب في ابشع صورة ممكنة وبينت بوضوح إن اليهود المتحضرين، أبناء الشعب المختار، يواجهون شعبا متجردا من كل قيمة وتسيطر عليه نزعات الشر والعدوان، فالعربي في معظم هذه النتاجات كابوس، مزعج، يهدد كيان إسرائيل وحضارتها، وقد ألصقت به أسوأ الصفات، فهو جبان، خبيث، مكار، قذر، متعطش إلى الدماء، إلى غير ذلك وهو تصوير حي للكيفية التي ينظر بها اليهود إلى العرب، ولدينا نماذج أدبية كثيرة للتدليل على ذلك منها ما كتبه ناتان شاحم في قصته ( עפר הדרך ) " غبار الطريق " حيث يسرد حديثا يدور بين يهوديين عن العرب، يقول أحدهما: ( العرب مثل الكلاب، فإذا رأوا انك مرتبك ولا تقوم برد فعل على تحرشاتهم يهجمون عليك، أما إذا قمت بضربهم فهم سيهربون كالكلاب )( )، ويضيف أحدهما في مكان آخر من القصة: ( إن افضل عربي هو العربي بدون نقود )( )، وأما ما يتردد على السنة الإسرائيليين في هذه الأيام فهو اكثر عنصرية وحقدا إذ يقولون: ( إذا أردت أن تعرف العربي على حقيقته فيجب أن تفتح رأسه )( ).
    وفي قصة ( חרבת חזעה ) " خربة خزعة " يعكس سميلانسكي يزهار جانبا من الصفات التي الصقها الأدب العبري بالشخصية العربية كالجبن والتخاذل وان العربي لا يجرؤ على القتال وانه يفر من ميدان المعركة مذعورا دون أن يبدي أي قدر من المقاومة حيث يقول כבר בורחים כל־כך מהר בלי אף ירײה )( ) " انهم يهربون بسرعة كبيرة دون أن أي طلقة "، وفي مكان آخر نقرأ الوصف التالي للشيخ المسن العربي وهو يتوسل بالجنود الإسرائيليين كي يعطوه الجمل: ( יא חואגה, אללה יעטיך יא חואגה, ריחרח הזקן והיה נכנע ומוסר ומקוה ומפלל ונכון לכל )( ) " يا خواجا، الله يعطيك يا خواجا، تنسم المسن وكان مستسلما وخلصا ومؤملا ومصليا ومستعدا لكل شيء ".
    إلا إن هذا المسن العربي يتشنج وينتابه الغثيان ويبدأ بالتقيؤ، ويعلل يزهار ذلك قائلا:
    ( זה הפחד את הכל הוא מטנף )( ) " هذا هو الخوف، انه يلوث كل شيء "، وفي مكان آخر يقول : ( אין להם בכלל דם בעורקיהם לערבושים האלה... רואים יהודים ועושים במכנסים )( ) " ليس لهؤلاء الأعراب دم في عروقهم على الإطلاق.. يرون اليهود ويبولون في سراويلهم "، ويقول أيضا ( בורחים בורחים, רתמו עגלות, והטעינו גמלים ובורחים, נבלות, אין להם דם להתלחם )( ) " يهربون يهربون، شدوا العربات وحملوا الجمال واخذوا يهربون، فطائس، ليس لهم دم للقتال ".
    وفي القصة نفسها أيضا يصـرخ إحدى شخصيات القصة واسمه جابي مناديا أحـد الرجـال العـرب قائلا: ( עמוד שם כלב )( ) " توقف هناك أيها الكلب "، وفـي قصة
    ( השבוי ) " الأسير " يزعم يزهار إن العربي جاهل ولم يكن يعرف ابسط الأشياء حتى عن نفسه فعندما سأله المحققون عن عمره لم يكن يعرف: ( בן כמה? )( ) " كم عمرك " أجاب: ( לא יודע, יא סידי, עשרים ואפשר גם שלושים )( ) " لا اعرف يا سيدي، عشرون ومن الممكن أيضا ثلاثون ".
    ويصل حقد يزهار على العرب إلى الحد الذي يجعله يلغي صفة الأمومة عند المرأة العربية حيث إنها كانت تريد ترك طفلتها لليهود: ( רוצים אותה? קחו אותה, קחו לכם אותה! הנה קחו- תתנו לה לחם- קחו לכם אותה )( ) " أتريدونها، خذوها، خذوها لكم! ها هي خذوها- أطعموها خبزا- خذوها لكم " بل إن حقده على العرب تجاوز كل الحدود، حيث انه يزيل عن الأطفال العرب صفة الطفولة والبراءة ويعتبرهم أفاعي سامة حيث يقول:
    ( אשר כשיגדל לא יכול להיות אחרת מאשר נחש- צפעוני, אותו זה שהוא עתה בכי ילד אין אונים )( ) " إن الذي يكبر فهم لا يمكن إلا أن يكون أفعى سامة، ذلك هو الآن بكاء طفل عاجز ".
    لقد عبّر أدباء فترة ما قبل 1967 عن نظرية الفراغ السكاني في فلسطين بأشكال مختلفة، فمنهم من صور هذا الفراغ بالمستنقع ومنهم من صوره بالصحراء، وترتكز هذه النظرية على الرؤية الصهيونية التي تقول انه لا مكان لأي وجود غير يهودي في فلسطين كما سبقت الإشارة إليه، ويعكس يزهار هذه النظرية في قصة الأسير بالشكل التالي:
    ( כפר ערבי כבוש. הדים מנותקים. תל נמלים נטוש. עיפוש. קיום מצחין, מכונם, עניות, וטמטום של כפרײם עלובים. בלואי הוויית אדם. פתע נחשפו שוליהם, חצרותיהם, פתע הופשלה שמלתם על פניהם, נחשף קלון מערומיהם, והנה הם דלים, צפודים ובואשים. ריקנות פתע. מיתת שבץ. זרות. איבה ויתמות )( ) " قرية عربية، أصداء مقطوعة، تل نمل مهجور، نتانة، وجود فاسد ومقمل، فقر وحماقة قرويين بائسين ممزقي الوجود الإنساني. فجأة انكشفت ذيولهم واحواثهم، فجأة طويت أثوابهم على وجوههم وظهرت مخزاة عريهم وإذا بهم تافهون منكمشون ومتعفنون، فراغ مفاجئ، موت بالسكتة. غربة، كراهية وتيتم ".
    صور ة العربي بعد عام 1967
    على الرغم من إصرار قادة الفكر اليهودي وأدباؤه وسياسيوه على الاستمرار في عدم الاعتراف بوجود الشعب الفلسطيني فقد استطاعت الثورة الفلسطينية أن تبين للعالم إن الشعب الفلسطيني موجود وان له حقوقا مشروعة في ارض فلسطين، وبذلك اصبح الشعار الذي رفعته إسرائيل بإنكار حق هذا الشعب في الوجود غير ملائم لطبيعة المرحلة القادمة بالنسبة لها فبدأت تبحث عن بديل يخدم أهدافها في مقاومة هذا الوجود الفلسطيني ولذا فقد وظفت لتحقيق غايتها وأهدافها مجموعة من الاتجاهات السلبية وعلى رأسها استخدام مصطلحي ( اللاجئون ) و ( المخربون )، وقد ركزت الكتابات العبرية في هذه الفترة على الإشارة إلى العرب وكأنهم وحدة سياسية واحدة يتبنون الاتجاه والأيديولوجيات السياسية نفسها، فهم أرادوا بذلك أن ينقلوا الصراع إلى دائرة اكبر هي الدائرة العربية التي تريد القضاء على إسرائيل فعلى سبيل المثال لا الحصر يتحدث الكاتب آري ألياف في كتابه ( أهداف جديدة لإسرائيل )عن الصراع العربي الإسرائيلي ويشير في أماكن مختلفة إلى العرب والدول العربية و ( جيراننا الأعداء ) كما تركزت كتابات من كتبوا في هذه الفترة على ما سمته بـ( العنف ) عند العرب فرسمت لهم صورة سيئة ومتوحشة فصورتهم على انهم مصاصو دماء وعطاشى إلى الثأر دائما( )، أضف إلى ذلك وصفهم بصفات تسمهم بالعجز وفي الجوانب النفسية والعقلية ووصف زعمائهم بالوحشية والهمجية وفي بعض الأحيان بالجنون، واخطر ما في الأمر هو محاولة بعض الكتّاب العبريين ربط العرب بالنازية وان كل العرب كانوا وما يزالون متعاطفين مع النازية وقد بنوا على ذلك استنتاجاتهم بان العرب هم ضد السامية وقد ظهر العديد من الكتب الإسرائيلية التي وصفت العرب بأنهم ضد السامية يتسمون بالتعصب وعدم التسامح وبان الكراهية توجه سلوكهم( ).
    إن مثل هذه الكتابات وغيرها تعكس حقيقة واحدة هي شعور المستوطنين بأنهم سادة الموقف وانهم وحدهم القادرون على الحكم على العرب من منطلق معرفتهم القوية بالعقلية العربية اكثر من أي شعب آخر في العالم وهو شعور متعالٍ فيه تقليل من قيمة الآخر وهم العرب ويتسم بالاعتداد بالنفس والتباهي بالتفوق، من جانب آخر يصف الأدب العبري العرب بان لديهم شعورا بالكراهية العرقية ليس ضد اليهود وحدهم بل ضد كل الاقليات العرقية التي تعيش بينهم كالأكراد والمسيحيين وغيرهم وان هذه الاقليات لا تشعر بالأمن( ).
    إن الهدف من طرح هذه الفكرة في الكتابات العبرية، حسب رأي الباحث، هو تبرير إقامة الدولة اليهودية التي يجب أن تقتصر على اليهود فقط وحيث لا مكان فيها لعربي، بالإضافة إلى تشويه الإنسان العربي أمام العالم وإقناعه بأهمية الوجود الاستيطاني اليهودي في فلسطين وان نظرة سريعة إلى ما ينشر عن العرب داخل إسرائيل أو في الخارج تؤكد الصورة السلبية للعرب، ففي الوقت الذي تصف فيه إحدى الدوريات اليهودية في أمريكا اليهود بالشجاعة والإقدام تصف العرب بالجبن والطبع العنيف القاسي والميل الفطري إلى الاعتداء وشن الحروب، ونشير في هذا الصدد إلى ما كتبه أحد الأدباء اليهود وهو ( ندّاف سفران )( ) الذي قضى طفولته الأولى في مصر حيث يقول واصفا شعوره عند زيارته مصر بأنه وقع في أيدي قبيلة بدائية( ).
    بعد أن استعرضنا تكوين الاتجاهات اليهودية العامة، مسؤولين وأدباء، تجاه صورة الإنسان العربي، وتطورها خلال ثلاث فترات زمنية مهمة من تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي نقدم فيما يأتي نماذج من النتاجات الأدبية العبرية التي تعكس هذه الاتجاهات وكيف تعاملت مع الصورة التي رسمتها للشخصية العربية:
    بداية نؤكد إن الأدباء العبريين تأثروا ويتأثرون بما يعرضونه من مشكلات وقضايا في بيئتهم وبتوجيهات السلطة الحاكمة في تل أبيب، عن قصد أو من دون قصد فنجد إن بعضهم ينساق وراء أصحاب السلطة ويكتب عن تعصب عرقي ومنهم، وهم قلة، من يكون موضوعيا لا ينساق وراء الدعايات والشعارات الزائفة ولكن الذي يهمنا هنا ونؤكد عليه في هذا المجال هو إن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة روجت بين الكتّاب العبريين إن إسرائيل محاطـة بالأعداء وليس أمامها غير البحـر وعليها أن تحمي نفسها وتجابـه ( أعداءها ) بشتى الوسائل( )، ومثلما كنا قد أشرنا في بداية دراستنا، فان الأدب العبري قد استخدم كوسيلة لتحقيق هذا الهدف، فعن طريق النتاجات الأدبية والقصصية العبرية ترسخت لدى اليهود روح التفاخـر والتعالي والنظـرة الدونية إلى الآخر العربي على انه ( حقير المستوى ) وقد لاحظنا هذا في العديد من النتاجات الأدبية لمرحلة حرب 1967 بعد ( الانتصار ) الذي حققه الجيش الإسرائيلي، ولكن بعد حرب 1973 تزعزعت، إلى حد كبير، ثقة غالبية المستوطنين اليهود بهذا التفوق مما احدث نقطة تحول ثبت فيها إن النصر غير ممكن في أن يكون حليف إسرائيل إلى الأبد، وعلى اثر ذلك نشأت في إسرائيل أصوات تتسم بشيء من العقلانية والاستعداد لقبول وجهات النظر العربية في هذا الموضوع من أمثال عاموس عوز الذي تحـول من يميني متعصب إلى مشارك فـي مظاهرات حركة ( السلام الآن ) ( )، وهناك نقطة مهمة نشير إليها هنا، وهي إن النتاج القصصي والأدبي للأدباء العبريين قد انعكس على الاتجاهات الفكرية للأطفال اليهود وشبابهم واسهم في تحولهم إلى اليمين المتطرف، فقد حاول أدير كوهين( ) أن يعرض في كتابه ( وجه قبيح في المرآة ) صورة الإنسان العربي وكيف تبدو في الأدب العبري للأطفال اليهود خلال العقدين الأخيرين من القرن الماضي، كما حاول وصف الصراع العربي- الإسرائيلي وكيف توصف حروب إسرائيل في المرآة الأدبية وما هو تأثيرها العقائدي والديني والصهيوني وكيف تنشأ الصورة السلبية أو الإيجابية ومن هو العربي السيئ والعربي الطيب.. الخ والكتاب هو حصيلة مسح لـ(1700) كتاب صدرت في أعقاب حرب حزيران 1967 قام الكاتب بدراستها بدقة وتبين له إن (520) منها أشارت إلى الشخصية العربية.
    وفي دراسة ميدانية لهذه الكتب أجراها كوهين، للتعرف على طبيعة العرب وطباعهم وصفاتهم، تبين إن 63% من الكتب وصفت العرب بصفات سلبية مثل: الخيانة والكذب والمبالغة والمداهنة والوقاحة والشك والوحشية والجبن والبخل وحب المال وسرعة الغضب والتملق والنفاق والتباهي والخبث، بينما بلغت نسبة الكتب التي أوردت صفات إيجابية 24% وهذه الصفات هي: الاجتهاد والشفقة والصداقة والشعور مع الآخرين والجرأة في حين كانت نسبة الكتب التي لم تصف العربي بشيء 13%( ).
    كما أظهرت نتائج دراسة أخرى لـ(470) كتابا تضمنت وصفا للمهن التي يزاولها العرب إن الغالبية العظمى لهذه الكتب وصفت تلك المهن بأنها شاقة وغير مهمة مثل الزراعة ورعي الماشية والبيع المتجول وأعمال البناء والتجسس والعمل في الشرطة والعمالة والخدمة في منازل اليهود، هذا بالإضافة إلى ممارسة الأعمال الإجرامية كالسرقة والتجارة بالعبيد والنساء، في حين تطرق نسبة قليلة من هذه الكتب إلى المهن الحرة والعمل الإذاعي والتعليمي والقضائي( ).
    وفي دراسة أخرى لـ(380) كتابا أظهرت بان العرب فئة هامشية تهدد الوجود الإسرائيلي وقد وجد فيها (576) عبارة سلبية في وصف الإنسان العربي، نذكر منها بعض الصفات: لص، متوحش، عدو، مخرب، جاسوس، مختطف طائرات... الخ بغية الحط من قيمة الإنسان العربي( ).
    وقد اتضح لكوهين من خلال دراسته كتب الأطفال الإسرائيلية إن 59% منها أطلقت أوصافا سلبية للإنسان العربي في حين أطلقت عليه 1,31% أوصافا إيجابية و 9,9% لم تتطرق إلى العربي بشكل صريح( ).
    يتبين لنا من العرض السابق مدى قوة القناعات الثابتة التي تحتل مكانة رئيسة في وصف شخصية العربي في أدب الأطفال الإسرائيليين وهو ترجمة حية لفلسفة أدب الحرب اليهودي وأهدافها كما أشرنا إلى ذلك في المبحث الأول من الفصل الثاني.
    ومن الأدباء الذين تناولوا موضوع العربي في نتاجاتهم الأدبية نشير إلى عوديد بيتسر، الذي يتحدث في قصته ( قصاصو الأثر من الحدود الشمالية ) عن مستوطنة ( وادعة ) في شمال البلاد لم تسلم من عدوان العرب فهم ( يعكرون صفوها بهجماتهم المتكررة وإطلاق النيران وزرع الألغام حتى تحولت حياة اليهود فيها إلى جحيم لا يطاق )( ).
    والأديب شموئيل يوسف عجنون يحاول في قصته ( تهيلاه ) أن يلصق بالعرب تهمة انهم لا يقيمون وزنا لمشاعر الآخرين، ومنهم اليهود على وجه الخصوص، حيث حولوا، حسب القصة، مساكنهم ومعابدهم إلى مقاهي وإسطبلات للحمير( ).
    أما الكاتب والناقد العبري ايهود بن عيزر فيقول في قصة ( افرات ): ( لقد قام العرب بأعمال وحشية جعلته يتصور العربي كائنا حيا لا يعرف الرحمة ولا الشفقة، فالقتل والإجرام غريزة من غرائزه واشهر ما لديه لون الدم الأحمر الفاني )( ).
    وفي مكان آخر من القصة يلصق الكاتب نعوتا كاذبة بالعربي لا تليق بأي إنسان، فيدعي: ( إن حسن الشاب العربي الصفدي يلتقي بشابة يهودية تدعى افرات ويطلب منها الزواج ويبدي استعداده لخطبتها من أبيها، ولكن افرات تقترح عليه شيئا آخر وهو أن تعطيه مبلغا من المال كي يحميها.. ويعد حسن افرات بالحماية وبأنه لن يصيبها أي أذى، ولكنه نكث بوعده وحاول اغتصابها فيما بعد )( ).
    وهناك أديب آخر هو يوسف حاييم برينر، الذي تعرض للعرب في كتاباته بكثير من الإساءة، فعلى سبيل المثال، حول برينر العرب المدافعين عن أرضهم ومقاومتهم للاحتلال الأجنبي إلى أناس معتدين ولصوص، ففي قصته القصيرة ( تل حي ) يقول برينر عن العرب: ( حدث ذلك الأمر على الحدود الشمالية في كفار جلعادي( ) وتل حي( )، كان الجو آنذاك مشحونا بالتوتر، قبائل البدو المتوحشة قد ثارت ضد الفرنسيين وكانت قد أعلنت الحرب أيضا على رجال كفار جلعادي وتل حي وهي تواقة للسلب والنهب )( ).
    ومن الجدير بالذكر إن هذه القصة القصيرة تدرس بالمدارس الثانوية في إسرائيل وذلك ضمن الخطة التربوية الإسرائيلية من اجل ترسيخ الصورة السلبية عن العرب في أذهان الطلبة اليهود وإظهار ما يسمونه بالبطولات اليهودية في مواجهة التحديات قبل تأسيس إسرائيل( ).
    وقد تطرق القصاصون العبريون إلى العربي وعلاقته بالمرأة، والرأي السائد عندهم إن توجه الرجل العربي في هذا الموضوع توجه جنسي مجرد وان الرجل العربي لا يحترم زوجته وانه يعاملها معاملة قاسية وينتقص من مكانتها في المجتمع، يقول الأديب موشيه سطابيسكي( ) في قصته ( القرية العربية ): ( المرأة العربية ملك الرجل وهي غير مستقلة ولا تقرر مصيرها ولا مستقبلها وهي تحت سيطرة الرجل منذ ولادتها، والمرأة العربية لا تجرؤ على مواجهة الرجل أو مجادلته إما عن خجل أو خوف وإما تحت تهديد العصا )( ).
    والأدب العبري يظهر الإنسان العربي على انه إنسان متخلف وبعيد عن النظافة والتحضر، فيقول سطابيسكي: ( إن شروط النظافة والمحافظة على الصحة تكاد تنعدم بين العرب )( ) ويزعم سطابيسكي ان العرب عندهم قول مأثور وهو( إن عيد الفلاح يوم غسل ثوبه )، والأمر عنده ينطبق على كل ما يتعلق بأدوات المطبخ، ولا يخجل سطابيسكي من الكذب عندما يدعي: ( انه لا يستبعد أن يبصق صانع القهوة العربي في الفناجين كي ينظفها )( ).
    والأديب عاموس عوز يصف في قصته ( נװדים וצפע ) " الرُحّل والأفعى " كيف يلحق البدو العرب الرُحّل، الذين نزحوا من النقب بعد الجفاف والقحط الذي حصل هناك، الأضرار الجسيمة بالكيبوتس: ( אנחנו איננו יכולים לעבור בשתיקה על שורה של תקלות פרוזאיות ואף מכוערות, כגון מחלת הפה והטלפים כגון השחתת הגלקות וכגון מכת הגניבות)( ) " نحن لا نستطيع أن نمر بصمت على سلسلة العوائق التافهة والشنيعة أيضا، مثل مرض الحمى القلاعية( ) وإتلاف الاقطاعات وكارثة السرقات ".
    ويصف عوز العرب النازحين من الجنوب بسبب القحط والجفاف بأنهم لصوص ويقومون بسرقة كل شيء يجدونه، حيث يقول: ( פרשת הגניבות היא המדאיגה אותנו ביותר הללו שולחים ידיהם בפריות בוסר בבוסתנים, מושכים את ראשי הברזים, ממעטים ערימות של שקים ריקים בשדה, מתנגנבים אל הלולים, ועד לחפצי־הערך הצנועים שבדירותינו הקטנר מגיעה ידם )( )
    " إن مسألة السرقات هي اكثر ما يقلقنا حيث إن أولئك يمدون أيديهم إلى الفواكه غير الناضجة في البساتين ويسرقون قواعد الصنابير ويقللون أكوام الأكياس الفارغة الموجودة في الحقل ويتلصصون إلى أعشاش الدجاج كما وصلت أيديهم حتى إلى أمتعة الترتيب الموجودة في منازلنا الصغيرة ".
    ولم تترك الحركة الصهيونية مجالا يمكن استثماره على المستوى السياسي والإعلامي والصناعي والتجاري والعسكري في صراعها مع العرب إلا واستخدمته حتى شبكة المعلوماتية ( الإنترنت ) استخدمتها لهذا الغرض، حيث قام مركز اسرائيل للدراسات الاجتماعية وبمنتهى الوقاحة والصلافة بمهاجمة العرب عبر تلك الشبكة واصفا إياهم بأنهم ( إرهابيون وشاذون ) وأطلق عليهم صفات قبيحة أخرى وذلك من خلال كتاب لمؤلف يهودي يدعى رفائيل باشايا( ).
    ومن الملاحظ إن غالبية كتب التدريس في المدارس الإسرائيلية تصور العرب بشكل سلبي، ومن الأمثلة على هذه الكتب، قصة ( في الماء وفي النار )( ) للأديب العبري اليعيزر شموئيلي( )، وتدور حول صبي عمره 12 عاما تطوع في حرب 1948 لجلب الماء إلى اليهود المحاصرين في القدس، يمسك به العرب ويضعون المتفجرات في مزادته ويرسلونه إلى اليهود ويداه موثوقتان وراء ظهره والمزادة ملتصقة بجسده، فينفجر الصبي إلى شظايا أمام أعين اليهود، ولدى سماع صوت الانفجار يرتفع من مكان وجود المقاتلين العرب ( ضحكات هستيرية ) وبالإضافة إلى المغزى العام للقصة يصف المؤلف العرب بـ( الأشرار والأنذال )( ).
    وفي كتاب قواعد اللغة العبرية المخصص لمناهج التعليم الثانوي في إسرائيل نقرأ عن العرب في الصفحة (277) ما يأتي:
    ( العرب... نهبوا وقتلوا ) والكلمة الناقصة هي سلبوا، أي العرب سلبوا، نهبوا وقتلوا( ).
    ومن الصفات الأخرى التي يهتم بها الأدب العبري ويحاول إلصاقها بالشخصية العربية الفلسطينية هو استعداد هذه الشخصية- وحسب زعمه- للتفريط بـ( العرض ) فهذا سميلانسكي في قصته ( חותן ) " الحمو " يصف الزوج وهو يتغاضى عن سماع ما يقوله الجيران من سوء سلوك زوجته بالقول: ( היה הוא שותק וסובל הכל בשקט, גם לדברים הרעים שספרו לו על אשתו השכנים, והשכנות לא שם לב )( ) " كان صامتا يتحمل كل شيء في صمت، لم يُعر اهتماما لما رواه له الجيران والجارات من الأمور السيئة عن زوجته ".
    ويعتبر موشيه شامير من الأدباء العبريين الذين لم يألوا جهدا في وصف العرب بصفات ذميمة لا تصدر إلا عن أناس ملأ الحقد قلوبهم وعقولهم وأعمى بصائرهم الأمر الذي جعلهم لا يرون في هؤلاء العرب إلا كل ما هو سيئ، ومن الصفات التي يصور بها شامير الإنسان العربي الفلسطيني المذلة والإذعان والاستسلام والرضوخ للأمر الواقع ومحاولة استجداء عطف الطرف الآخر عليه، ومثال واضح لهذه الصفة يتجلى في شخصية ( أبي فاضل ) في رواية شامير ( תחת השמש ) " تحت الشمس " وذلك عندما يقرر ( شابيرا ) رب العمل طرده إذعانا لأمر إدارة الموشاف، فيصف شامير توسلات أبي فاضل على لسان شابيرا بالقول:
    ( אתה שמור נפשך מצביעותם של הערביאים, אמר שפירא בלבו, והיתה בו אימה עם גועל נוכח הגוף הגדול הזה, הנשרך וזוחל לעומת ועל הקרקע, בני־ביתו מאחוריו אצל הקיר )( ) " أنت تصون نفسك من صفات العرب- قال شابيرا في نفسه- وأحس بالفزع والاشمئزاز إزاء هذا الجسد الكبير الذي ركع أمامه على الأرض وأبناء أسرته من خلفه عند الحائط "، ويسترسل شامير في وصف ردة فعل أبي فاضل على قرار طرده: ( הא, יה אפנדי, הא יה שבירא, חוס עלינו ורחם ילדינו, אנחנו שלך, כולנו שלך )( ) " ها يا أفندي، ها يا شابيرا، أشفق علينا وارحم أولادنا، نحن لك، كلنا لك "، ومن الصفات الأخرى التي يصف بها شامير الإنسان العربي بأنه كالحيوان فيذكر في وصف أبي فاضل: ( היה מזוהם כבהימה )( ) " كان قذرا كالبهيمة ".
    وفي قصته ( חײ עם ישמעאל ) " حياة شعب إسماعيل " يصف شامير العرب بأنهم أناس متخلفون حتى في طريقة تنظيف أجسادهم، فهم لا يعرفون فرشاة الأسنان ولا معجون الأسنان، ولا الصابون بل يستعيضون عنه بالتراب والماء فيقول:
    ( פתח את הברז, קער את כף ידו, והלגים לפיו, וגירגן, ונענע את המים בין שוניו ורקק, וחזר ומילא פיו והוליך אצבעותיו אל בין שיניו, ושפשף שעה ארוכה, אחר כך הערה מים על פניו,... ועכשיו קומץ מן החול, ועם החול בכפו עבר על זרועותיו ומרפקיו, והעלה להם מים בכפו ורחץ ושפשף שעה ארוכה )( ) " فتح حنفية الماء وقعر كف يده وادخل الماء لفمه وتمضمض ثم بصق وعاد وملأ فمه وادخل أصابعه في فمه واخذ يفرك أسنانه ولفترة طويلة، بعد ذلك سكب الماء على وجهه، ... والآن تناول حفنة من الرمل، واخذ يفرك ذراعيه ومرفقيه وأضاف له الماء بكفه وفرك وشطف لمدة طويلة ".
    وهنا نشير إن شامير، ربما، يكون قد تقصد الخلط بين الاستحمام والوضوء والتيمم، للإساءة إلى العربي المسلم أو انه كان يجهل ذلك، لكن الباحث يعتقد إن الصورة التي أراد شامير عرضها تحمل غرضها السيئ وهو تشويه صورة العربي.
    وفي قصة ( קלעת גידין ) " قلعة جيدين " يصور شامير الشخصية العربية على إنها آلـة جامدة فيذكر: ( האויב נעץ את שיניו בסלע )( ) " غرز العدو أسنانه في الصخر "، وكذلك في قصة ( חײ עם ישמעאל ) " حياة شعب إسماعيل " يصف شامير العرب الفلسطينيين على انهم أناس يملأ الحقد قلوبهم فيقول: ( ליבם סגור בשנאה וידם משוטת לטבח ) ( ) " قلوبهم مليئة بالحقد وأيديهم ممتدة للقتل ".
    وفي قصة ( ארצות התן ) " بلاد بنت آوى " يجسد عاموس عوز النظرة العنصرية ضد العرب فيقوم بالفصل بين صورتين، الصورة الأولى، صورة الدولة اليهودية، المضيئة والممثلة للحضارة، حسب زعمه، والصورة الثانية، صورة الدائرة العربية الخارجية المظلمة، التي يدعي إنها تمثل الظلمة والجهل والعداء والتي لا هم لها إلا حياكة المؤامرات ضد هذا الوسط المضيء( )، فيقول: ( בשעת בינים זו עשוי עולמנו מעגלים, מעגלים חיצון לכולם הוא מעגל החשכה הסתמית הרחק מכאן, בהרים ובמדבריות הגדולים מוקף וחסום בתוכו הוא מעגל שדותינו בלילה, הכרמים והפרדסים והבוסתנים, זהו אגם רוחש קולות ולחש )( ) " في هذا الوقت المرحلي نجد عالمنا مكونا من دوائر، خارج تلك الدوائر تقع دائرة الظلمة المبهمة، بعيدا عن هذا، في الجبال والصحارى الكبيرة محاطة ومغلقة في داخلها هي دائرة حقولنا الليلية، الكروم والجنان والبساتين، هذه بحيرة تعبر عن أصوات وهمس ".
    والأديب العبري الآخر ( حاييم هزاز ) هو الآخر عبر عن مواقف معادية للعرب من خلال كتاباته الأدبية وبذلك سار على نفس الطريق الذي سار عليه الأدباء اليهود الذين سبقوه أو جاءوا بعده في النيل من الشخصية العربية( )، التي غالبا ما كان يختارها من البدو أو العاطلين عن العمل أو ( اللصوص )، فالعرب في نظر هزاز ( لا يحترمون الغير ) و ( يعتدون على الآخرين ) و ( الكسل ) يطغى على حياتهم بشكل عام، وتنسحب تلك المسألة عند هزاز أيضا على اليهود الشرقيين القادمين من الأقطار العربية وخاصة العراق واليمن( )، لا لشيء إلا لكونهم ينحدرون من أصول عربية والفكرة التي أراد هزاز إيصالها إلى القارئ اليهودي هـي إن العربي إنسان لا يـزال يعيش فـي ظل حياة بدائية ومتخلفـة ولم تصله بعد مظاهـر المدينة والتطور، ففي قصة ( גלגל החוזר )( ) " التاريخ يعيد نفسه " يقول أحد رجال الدين اليهود وهو من اصل يمني اسمه بنحاس لمحدثه: ( عليَّ دين ثقيل يا ولدي، لو جاءت كل جمال العرب فإنها غير قادرة على حمل ديوني )( ).
    وفي قصة ( התיר הגדול ) " السائح الكبير " يقلل هزاز من شأن الفرد العربي ويصوره بأنه إنسان لا يقيم وزنا للجانب الديني عند الآخرين وكيف إن مجموعة من العرب استولت بالقوة على مرقد ديني يخص اليهود:
    ( ولكن ليس لليهود حظ إذ إن كل الأشياء الحسنة التي وهبها الرب لليهود قد أخذتها أمم العالم منهم، فهؤلاء العرب الحقودون والجشعون الذين حالما رأوا ذلك القبر قالوا انه يعود لنا وهو قبر الشيخ نون رحمه الله، وعندما كان اليهود يرقصون فرحا انهال عليهم العرب رميا بالحجارة مما اضطر اليهود إلى الهرب وحل العرب محلهم )( )، وعندما احتج أحد الحاخامين اليهود على ذلك رد عليه العرب بالضرب حتى الموت.. ( لم ينه الحاخام ميشل كلامه حتى أسقطوه أرضا وقفزوا فوقه وضربوه بهراواتهم وقطعوه إربا إربا )( ).
    إن هذه الصورة هي محاولة من قبل كاتب القصة لكسب عطف وتأييد الآخرين لبني قومه الذين يعرفهم في هذه القصة بأنهم مسالمون وان العرب هم الذين يبدءون على الدوام بالاعتداء عليهم، وكذلك يقصد هزاز أثار روح الكراهية والحقد على العرب من خلال تلك الصور التي يقدمها عنهم في نتاجاته الأدبية.
    وفي قصة ( החצר ) " الفناء " تتحدث عجوز يهودية لأحفادها عن أحداث على أساس إنها وقعت في مدينة القدس ومنها على حد قولها: ( انهال على الحاخام موشيه لييف اثنان من العرب ذوي بشرة سوداء وكأنهم شياطين وأدوه قتيلا، مسكين ذلك الحاخام حيث كانت له زوجة وأبناء صغار )( )، ومن الملاحظ على كتابات هزاز عن العرب انه يتقصد عدم ذكر كلمة فلسطيني في تلك الكتابات بل يستخدم كلمة عربي أو العرب وذلك تغافلا منه للبعد التاريخي والجغرافي لأولئك العرب الذين يعيشون في فلسطين( ).
    وينفي هزاز أيضا أحقية العرب في ارض فلسطين ويعتبر اليهود هم ( أصحاب الأرض ) وهـذا يتطابق كليا مـع فلسفة العنف والحرب اليهودية وأهدافها، ففـي قصة ( הנעלם ) " الهارب " التي تروي قصة شاب يهودي عاد لتوه من الحرب يقول له زملاؤه: ( لقد تبلور لدينا موقف مضاد للحرب.. ولكن ماذا نفعل؟ ليس الأمر مرتبطا بنا.. فالأمر متعلق بالعرب.. إن عليهم أن يعيدوا الأراضي فقط )( )، ويتخذ هزاز من بعض التصرفات الفردية العربية مبررا لإبرازها أدبيا على أساس إنها علاقة ( سوداء ) تتصف بها الشخصية العربية، ففي قصة ( פעמון אזעקה ) " جرس الإنذار " يحكي هزاز كيف إن أحد العرب كان ( يتجسس ) وينقل أخبار العرب إلى اليهود: ( لم تمضِ أيام قلائل حتى جاء احمد محمد وهمس في أذني بيساح بان اثنين من الحراس العرب ينوون اقتحام جدار المستوطنة، ومع حلول الظلام نصب الحراس كمينا.. بدأ المطر يهطل عند منتصف الليل.. سمع نوح شتاين وقع أقدام رجلين يقتربان.. أطلق فوق رأسهما إطلاقة نارية فهربا مسرعين )( ).
    ويصـور الكاتب العبري دان مارغليت( ) فـي قصته ( צנחנים בכלא הסורי )
    " مظليون في السجن السوري " ( شموخ ) اليهودي و( اعتزازه ) بنفسه بشكل بعيد عن الحقيقة( )، ويدعي أيضا بان السوريين مارسوا ( وحشية ) في معاملة الأسرى اليهود وان الأسير اليهودي لم يخن شعبه ولم يفش أي سر من الأسرار ويورد على لسان أحد الجنود السوريين قوله: ( دعنا نذبح أبناء الكلبة )( )، ويصف كيف مات الأسير اليهودي تحت التعذيب ووجدوا بين أصابع قدميه عبارة : ( لم أخن )( ).
    أما الشاعر دافيد شمعوني فيحمل هو الآخر كرها وحقدا على العرب الفلسطينيين ويصف في قصيدته ( شمشون ) كيف إن الفلسطينيين قـد تآمروا ضده، لذلك يجلس ملفوفا بالضباب ولا أحـد يعرف معاناته جـراء فعل ( الأعداء ) به وكيف إن جدائلـه ( مبعث قوته ) قد اختفت: ( يتنفس الصحراء على غرة/ بالنار ومسحوق الرمال/ شمس الصباح تنشر/ حرارة ونور على كل شيء/ النخيل في لهفة وصمت/ ترفع اكفها إلى الأعلى/ ترفع اكفها إلى داجون( )/ انزل علينا الطل )( ).
    ويصور شمعوني هنا كيف إن العرب يتطاولون على اليهود ويتكبرون عليهم على الرغم من إن إلههم ليس مقدسا كإله اليهود، فهو ( داجون ) هذا المخلوق ( المسخ ):
    ( كل فلستي ذليل وعظيم/ يختلط دخان القرابين/ مع بخور ومر الخيام/ ما أبهج الدفء مع الأغاني/ لو يغني شمشون أغانيه )( ).
    كما إن الفكر اليهودي الصهيوني لا يرى في العرب أناسا ولا يعدهم بشرا بل مخلوقات ( نتنة ) تلوث كل من يقربها كذلك فعل العديد من الأدباء العبريين الذين راحوا يمارسون الشتم والسباب العلني ضد العرب ويحاولون طمس حضارتهم العربية، وهكذا فعل الشاعر حاييم حيفر في قصيدته ( نظريتهم وبراعتهم ):
    ( أعوام عديدة/ مرت على نظريتهم وبراعتهم/ ما الذي لم يجر/ خلال تلك الأعوام/ فلكيون تنزهوا/ على سطح القمر/ جيولوجيون/ اخرجوا الماء من الصخور/ مختصون بأمراض القلب/ مهندسو وراثة/ عقول حللت ملايين الخلايا/ وهناك../ عندهم صمت الموت/ صحراء خلقية/ ببساطة... مستنقع )( ).
    ويعمد بعض الشعراء العبريين إلى تصوير اليهود فريسة والعرب وحوش تريد التهامها فيقول الشاعر اهرون شبتاي في قصيدته ( אל משה גרשוני )( ) " إلى موشيه غرشوني ":
    ( فوق الجمجمة مساحات علمنا الأزرق والأبيض/ وفي الأسفل.. أداة طهي الدولة/ هي القدر.. ونحن اللحم/ وشرائح اللحم تصدر نواحا كبقر الشمس/ الذبيح../ والشاعر هو نسل دافيد../ ومرهون بالألحان/ وان لم يجد شخصا يؤيده لرفع يده/ ومساعدة أبناء إسرائيل في دحر/ سكين الذابح/ يعلمنا الشاعر: اختيار حياة مناسبة/ وموت ملائم/ لن يغرس ناب في لحم ذراعنا ).
    ويشبه الشاعر العبري يسرائيل هار العرب بالعشب الذي يجب أن يداس فهم، حسب تصوره، يستهلكون حتى الهواء ويحرمون اليهود منه، وهم ( يتعالون ) و ( يتفاخرون ) وهم أيضا ليسوا سوى ( وحوش ) وعلى الرغم من إن اليهود قد قاموا باقتلاعهم( )، إلا انهم يعودون مرة أخرى فيقول في قصيدته ( وصية ):
    ( يتفاخر عليك ويستعلي/ بدخان حار/ يعلو في الممرات ويهبط/ في مساء مدينة تعبة/ يدور/ ولا هدأة لي/ عشب ديس/ وصار الدرس وصية/ اقتلعته مرة/ ورميته خلفي/ عديدة ميزات النبات/ تستهلك الريح المذهلة )( )، ثم يطرح هذا الشاعر الصهيوني المتطرف حلا يقول بإبادة العرب لان المدينة باتت ضيقة ولا مجال لتتسع للعرب واليهود معا، فالعرب على حد زعمه حبال فولاذية دائمة الجدل بأعناق اليهود:
    ( يتفاخر/ يقرأ/ يستعلي/ والمدينة ضيقة/ ولا معين/ حبال فولاذية/ دائمة الجدل/ ولا هدأة لي/ ها انذا.. )( ).
    وهذا الشاعر ( بيساح ميلين ) يعبر في قصيدته ( الأكسدة ) عن الإحساس بالنقص الذي ولد الداء المستعصي الذي يعمل، بدوره، على هدم كل ما هو حضاري وإنساني عن طريق الحقد والكراهية: ( شوق لامرء يحلق فوق الطاولات/ قذارة خفية قديمة/ السبيل واضحة/ تدخل أعماق أذن/ لخارج الأخرى/ والعقل يطحن البذور السامة/ والفأر المتجول وراء الجدار الزجاجي/ ينجح كمسؤول وردي/ عن أصحاب الحمام رشح دم مستمر )( ).
    ويعمد الشاعر ايلان بوسم إلى وصف العرب بالغرباء وان الأرض بوجودهم مجهولة والحياة تافهة: ( غرباء في مدينتي/ بيوتات حديثة البناء/ طرقا شتت الآن/ منظرا غير وجهه/ أرضا مجهولة/ حياة تافهة )( ).
    أما موشيه بن شاؤول فيدير حوارا مع ( الله ) في قصيدته ( نظام الغفران ) متهكما عليه قائلا له لن اغفر لك ما فعلت، فقد تعمدت اللامبالاة حيال الآلام التي تسبب بها الاغيار ولم تهب للنجدة( ): ( اغفر لنا في عيد المظلة.. اغفر لنا/ من أنت حتى تغفر لنا../ حتى اغفر لك/ حملت روحي/ نقاط ضوء في جبينك/ اغفر لنا في يوم الغفران/ غفرت لك في الغفران )( ).
    كما يقـول لـه بان اليهود قـد غفروا كثيرا، ولكن الأمـر لم يعد يطاق فأنت تغفـر ( للكلاب ) وتتركنا لوحشيتهم، فأما أن تقوم بعمل يثبت صهيونيتك أيها الإله وأما أن نكفر بك وعندئذ ستخسر الكثير( ):
    ( مطر يهطل على سوق الطيور/ كلاب في القفص/ تغفر لهم فورا/ الظلام يهبط/ والثلج يسقط على الرؤوس/ سأغفر لنفسي/ ولك لن اغفر/ رصاص دمدم، غاز خردل/ ماعز مسكينة/ حليبها مقشود/ من جلب لها هذا الواقع/ اغفر لها/ وأنا في المنفى/ أروح وأجيء/ أرى البلاد/ بلاد مريضة بالحروب/ عدت إليك أيتها الأرض/ كنت كنعان كنت أورشليم/ كنت فتى حالما/ أنا في المنفى.. أسافر/ اجلب غنيمة/ لا تغفر لي، لن اغفر لك/ لا تعاقب من فشل/ في الطريق/ أنا في المنفى/ والقائد../ مريض../ يغرس عينيه في كتاب قديم/كيف اغفر..؟/ وهو عليَّ لم يشفق؟/ ما المؤكد وما المشروط )( ).
    وتصور الشاعرة العبرية دوريت مارتون في قصيدتها ( لا أشجار ) العرب على انهم ( أفاعي هذا الزمان ): ( ليس لدينا/ أشجار بهار/ برائحة القرفة/ صيف اصفر/ له جذور/ داخل بيتي/ تتلوى أفاعي الزمان )( ).
    ومن ممثلي النزعة العنصرية في الشعر العبري المعاصر، الشاعرة نعمي شيمر، التي كتبت قصيدة يغنيها اليوم الكبار والصغار في إسرائيل، إنها القصيدة الأغنية، التي تمثل الأخطبوط أو الشرك الذي تنصبه للعالم شاعرة كانت ترى، وما تزال، في سحق العرب وقتلهم واجبا صهيونيا تمليه فلسفة العنف والحرب اليهودية وأصولها الدينية والأيديولوجية: ( ربما غدا سنبحر في سفن/ من ساحل ايلات حتى ساحل العاج/ وعلى المدمرات القديمة/ سيشحن البرتقال/ ربما بكل الممرات الضيقة غدا/ سيسوق ضيفم قطيع الغنم/ ربما بألف مدقة غدا/ ستدق أجراس العيد )( ).
    وتستمر شيمر في قصيدتها العدائية ( مغسولة ) بأخلاقية لا إنسانية:
    ( ماذا علينا؟/ ليذبحوا بعضهم/ ليذبح أحدهم أخاه/ ... كلابا تقتل كلابا/ فلماذا نتدخل نحن؟/ ولماذا لا نكون سعداء/ العرب سيظلون هم العرب )( ).
    وفي قصيدة ( מלחמת ירושלים )( ) " حرب القدس " للشاعر أ. رؤوبيني يحاول الشاعر الانتقاص من العرب بوصفهم ( وحوش صحراء وسراق ) اجتمعوا بقصد القتل والسلب:
    ( קמו אויבים מסביב/ חרבו עלינו, העיר והכפר/ המדבר פצה את פיו/ יצאו פלחים מכל קניהם/ ... מכל דיוריהם נאספו/ באו צאלות בפגיונים/ כלי אש צרורים בכנף אדרותיהם/ ... ופראי המדבר עלו העירה/ מהרי יהודה ומערות יריחו/ להרג, לאבד ולשלל שלל )( ) " قام الأعداء من حولنا/ تآلبت علينا المدينة والقرية/ وفتحت الصحراء فمها/ وخرج الفلاحون من كل مآويهم/ .. جمعوا من كل مساكنهم/ وجاءوا بالمضارب والحراب/ أدوات نارية مربوطة على جوانبهم/ .. وحوش الصحراء جاءوا إلى المدينة/ من جبال يهودا ومن سهول أريحا/ للقتل للتدمير للسلب ".
    ويعود الشاعر بعد ذلك لوصف الجيش اليهودي بالأقوياء ويدعوهم لدحر العرب الذين تحكمهم، على حد قوله، قيادات انهزامية حتى انهم أول من يهرب من المعركة:
    ( אז ירדו לשערים אנשים מישראל/ ירד שׂריד לאדירי עם/.. כדורים פלחו לב הראשונים/ נרתעו, נסוגו, הפכו עורף/ והשוטרים והאצילים בראש כל-/ נסוגו, נמלטו על נפשם )( ) " حينئذ وصل رجال بني إسرائيل إلى الأبواب/ وصل فلول من أقوياء الشعب/ رصاص شق قلب المتقدمين في الأمام/ انسحبوا، ابتعدوا، هربوا/ الشرطة والنبلاء هم أول من/ هربوا ونجوا بأنفسهم ".
    ويصف الشاعر أ. رؤوبيني في قصيدته الحربية ( חמשה ושלושים ) " خمسة وثلاثون " العرب على انهم ( بنات آوى وغربان ووحوش ) جاءوا بحشود كبيرة وطوقوا مجموعة يهودية صغيرة بمخالب متوحشة متعطشة للدماء تمزق لحم الموتى والجرحى:
    ( קומץ דל, עשרות מעטות/ ומכל עברים עליהם מתלקטות/ להקות של תנים ועורבים/ מתלקטות ועטות מרחוק מקרוב/ ושורצות ופורצות כעורב/ המוני מרציחים רדפם/ שועלים וצבועים ואײם/ ..מתפרצים בטרוף, צמאי דם/ וטורפים משספים גו אדם/ אדומים, זהומים צפרני השוססים/ בם קרעו בשר פצועים ומתים וגוססים )( ) " مجموعة صغيرة، عشرات قليلة/ من كل الجوانب تجمعوا عليهم/ جوقات من بنات آوى والغربان/ متجمعة ومحتجبة من بعيد، من قريب/ متحشدة، منتشرة كأسراب الوحوش/ جمهرة من القتلة تتبعهم/ .. ثعالب وبنات آوى/ .. جامحون في الافتراس، متعطشون إلى الدم/ ومفترسون، مقطعون، جثة الإنسان/ مخالب هؤلاء الناهبين، حمر ملوثة/ بها مزقوا لحم الجرحى والموتى والمحتظرين ".
    وفي قصيدة ( מלחמת ירושלים ) " حرب القدس " يتجرأ أ. رؤوبيني على حرمة الدين الإسلامي والأماكن المقدسة للمسلمين واصفا إياها ( كنادٍ للتآمر ) ويصور العرب المسلمين على انهم مجموعات غير منتظمة من البشر المتوحشين لا هدف لهم، تقودهم الشرطة بالصفوف الأولى ومن ثم البدو والفلاحين، للهجوم على القدس( ):
    ( במסגד עומר התגודדו המתגודדים/ היה המסג מערת פריצים/ בית מועד לרבבת זוממי נבלה/ הלאת בני הארץ/ המסית הסית/ אף הם ענו אחריו/ ..הבה נבקיע על שכנות היהודים/ כסף בבתיהם, כל חמד לרב/ ומגן להם אין/ באו נכה ביהודים/ נחריבם, נטבחם, נירשם/ ..חיל המדבר פרץ אל הרחוב/ ..בדוים שחורים, שירים/ ערומים ונזהרים/ אודים מצלים מאש/ בני אצילי הערבים בירושלים )( ) " في مسجد عمر تجمّع المحتشدون/ كان المسجد مغارة للأشرار/ نادٍ لعشرات الآلاف من متآمري الخسة/ حثالة أبناء الأرض/ آثارهم حافز/ وهم استجابوا له/ هيا نخترق مساكن اليهود/ في بيوتهم أموال وأشياء جميلة للأغلبية/ وليست لهم حماية/ هيا نضرب اليهود/ ندمرهم، نذبحهم ونرثهم/ .. اندفع جيش الصحراء إلى الشارع/ بدو، سود، مشعرين/ عراة حذرين/ مع شعلات مقتبسة من نار/ أبناء النبلاء العرب في القدس ".
    وفي قصيدة الشاعر زلمان شنيئور( ) ( עול ) " ظلم " يؤكد الشاعر على إن العرب هم من يكره اليهود ويعتدون عليهم وان العرب ضعفاء يحتمون بالظلام ويقضون وقتهم بحياكة المؤامرات ضد اليهود، وهو يرمز إلى العرب بالظل بينما يرمز لليهود بالشمس التي أعطاها صيغة المذكر هنا ووصفها بأنها عظيمة تحتقر أعدائها وتنتصر عليهم دوما( )، فيقول: ( אויבים הצללים לשמש/ אויבים מקטנם עד גדולם/ כל מזהיר, בלי דעת מדוע/ הם שונאים מאז ומעולם/ יומם מתחבאים הצללים/ ביערים וככל נקרה שחורה/ וארבו וחרשו מזמות/ להשמיד את גבור- האורה/ אך חודר השמש הגאה/ בלעגו הלוהט אל אויביו/ קרניו הן חציו ורוביו/ מתחלחלים צללים ויראים/ את מוסר מנצחים הנעלה )( ) " عدوة هي الظلال للشمس/ العداء من صغيرها حتى كبيرها/ لكل منير دون أن تعرف لماذا/ هي نكرة منذ الأزل/ تختبئ هذه الظلال في النهار/ في الغابات وفي كل حفرة مظلمة/ تتربص وتحيك المؤامرات/ لتحطيم بطل النور/ ولكن تدخل الشمس الفخورة/ بازدرائها الملتهب بأعدائها/ .. أشعتها سهامها وبندقياتها/ ارتعدت الظلال وخافت/ انه عقاب غالبهم السامي ".
    وفي قصة ( בין אב לבנו ) " بين أب وابنه " يحاول الأديب شموئيل يوسف عجنون عرض بعض الأفكار الصهيونية البحتة حول الحرب لتشويه صورة العربي وإظهاره بصورة المعتدي المخرب وإظهار اليهود على انهم مسالمون ومساكين فيقول:
    ( והואל והגעתי לתלפיות זכרתי פורענות שבאה לי שם שהחריבו הערבים אח ביתי ולא הניחו לי אפילו כר לראש )( ) " وعندما وصلت إلى منطقة تلفيوت تذكرت المشكلة التي حصلت لي هناك، حيث دمر العرب بيتي ولم يبقوا لي حتى وسادة أضع عليها رأسي ".
    وفي قصة للأديب ش. شالوم( ) بعنوان ( במתח הגבוה ) " بالتوتر العالي " نجد وصفا آخر معاديا للعرب على انهم ( بدو متخلفين ووحشيين ) ما أن يحسوا بأي أحد من اليهود حتى يمزقوه إربا: ( עכשיו אני יודע מה שלא ידעתי אז, לא ידעתי למה אני מתגײס לפלמ״ח, לא ידעתי למה אני מסכן את חײ עשר פעמים ביממה, את יודעת לזחול יחידי בין הודואים אשר יעשר ממך קציצה אם ירגישו בך ויתפסוך, לרוץ במטר יריות להשליך רמוני יד כשהחזה מופקר ליריות )( ) " لقد عرفت الآن ما لم اكن اعرفه في حينه، فلم اكن اعرف لماذا تجندت في البالماح، لم اكن اعرف لماذا عرضت حياتي للخطر عشر مرات، هل تعرفين معنى التواجد وحيدا بين البدو الذين يقطعّونك إربا إذا ما أحسوا بك وأمسكوك، أو الجري والرصاص ينهمر والرمانات تتساقط بينما يكون الصدر معرضا للرصاص ".
    ونأتي لنرى أفكارا معادية أخرى للعرب في قصة حربية للكاتب موطي جور، والتي يتحدث فيها عن هروب العرب مجرد رؤيتهم لليهود، ( متنازلين ) وتاركين وراءهم كل شيء حتى أولادهم، للنجاة بأنفسهم، وهذا الكاتب هو واحد من أولئك الكتّاب العبريين الذين ما برحوا يلصقون بالعرب تهم ( الجبن ) و ( التخاذل ) وعدم وجود هدف محدد للدفاع عنه، فنراه يقول في قصته ( תינוקת בלטרון ) " رضيعة في اللطرون ":
    ( מצאו בפינת הבקתה, עזובה, לחה, ומיבבת, יום קודם לכן, נסו תושבי הבקתות בשולי מוצב לטרון מזרחה.. הם ברחו כשנסוגו משם חילי הלגיון )( ) " لقد وجدوها في زاوية الكوخ، متروكة، رطبة، تبكي، وقبل ذلك بيوم والحد كان سكان الأكواخ قد هربوا إلى الشرق من ضواحي منطقة اللطرون، هربوا عندما انسحب من هناك جنود الفيلق ".
    وفي قصة ( יומן בגליל ) " يوميات الجليل " يؤكد الأديب ش. شالوم ما أكده جميع كتّاب أدب الحرب العبري بان العرب هم من اعتدوا وهاجموا وخرقوا العهود بينما اليهود أناس ( مسالمون وقلة مسكينة ى حول لها ولا قوة ):
    ( בדואי החולה מתקוממים ובאים, הװהבים מתגנבים ממעברות הירדן.. יושבי הכפרים הקרובים שנשבעו אמונים לנו הפרו את שבועתם והם מוצאים את חרבם מנדנדה ומתכוננים לעלות עלינו ואנחנו המעט אנחנו באמצע ונתוקים מכל )( ) " نهض بدو الحولة وجاءوا متسللين من معابر نهر الأردن، سكان القرى المجاورة الذين اقسموا لنا اليمين، خرقوا عهودهم واخرجوا سيوفهم عن أغمادها واستعدوا للهجوم علينا بينما نحن قلة في وسطهم ومعزولون عن الجميع ".
    وفي قصة ( נװדים וצפע ) " الرحّل والأفعى " يصف عاموس عوز، على لسان بطلة القصة جيئولا، العربي الذي التقت به بأنه ( متخلف ) و ( قبيح المنظر ) ولم يترك عوز كل مفردة تقلل من شأن الإنسان العربي إلا والصقها بهذا العربي:
    ( נװד מריח חלושה ממרחקים.. תני לו מלה טובה, או חיוך, והוא מתנפל כמו חיה רעה ומנסה לאנוס.. טוב שברחתי ממנו אני לא רועדת מהמים הקרים.. אני רועדת מהגועל.. איזה אצבעות שחורות ואיך תפס ישר בגרון.. רק בנשיכות ובבעיטות ניצלתי ממנו ) ( ) " إن البدوي يشعر بالخوف من بعيد، فإذا أسمعته كلمة طيبة أو ابتسامة فانه يهجم كالحيوان المفترس ويحاول اغتصابك.. حسن إنني هربت منه أنا لا ارتجف من المياه الباردة وإنما من الاشمئزاز، أي أصابع سوداء وكيف امسكني مباشرة من رقبتي فقط بالعضات وبالرفسات نجوت منه ".
    وفي مكان آخر من القصة يصور عوز أحد العرب:
    ( אפל כמו גוש בזלת.. הוא חושף את רוב שיניו בחיוך.. קצתן מבהיקות וקצתן רקומות.. אם אינך גוער בו, הוא פושט פתאום את כפו השמאלית ושואל לסיגריה )( ) " قاتم ككتلة بازلت ويظهر معظم أسنانه بابتسامة، بعضها يتلألأ وبعضها عفن.. وإذا لم تنهره فانه فجأة يمد كفه اليسرى ويطلب سيجارة ".
    وتعلق الناقدة العبرية نوريت جريتس على الصورة التي رسمها عاموس عوز للعربي في كتابه بلاد بنت آوى فتقول: " في جميع القصص التي وردت نرى صراعا بين الإنسان المتحظر الذي يمثله عادة اليهودي ابن الكيبوتس الذي يعيش في ظل أيديولوجية صهيونية والطبيعة المهددة للخطر وممثلوها هنا هم بنات آوى، العرب والجبال " ( ).
    ويتناول يغئال الون( )، أحد راسمي سياسة الحرب والأمن في إسرائيل، في بعض فقرات من كتابه ( בית אבי ) " بيت أبي " مسألة نظرة اليهود نحو العرب.. و تتفق نظرة ألون إلى العرب في هذا الكتاب مع نظرة أدب الحرب العبري، حيث يصف العرب بالعدوانية وعدم احترام الآخرين واخذ ما ليس لهم حق فيه مقابل إظهار اليهودي بأنه صاحب حق ويمتلك الحكمة والشهامة، فيقول:
    ( התקרבנו לשדה וראינו שני ערבים יושבים להם בצד הדרך כשסוסיהם הקשורים לאבנים מלחכים שיבלי שעורים בשדה הקצור שלנו... אבי הרים את קולו עליהם ודרש מהם לסלק מיד את סוסיהם.. אבל אחד מהם שילח באבי קללה ערבית עסיסית.. קפץ אבי מן העגלה בעודה נוסעת,תפס את הקשלון כדי להסתער עליהם.. מצאת אותו נאבק עם אחד מהם כשהשני מנסה לאחוז בו מערפו.. אבל תוך שתי דקות שכב הערבי הראשון על הארץ ובתנועת פתע בלתי רגילה בעודר גוהר על הערבי השרוע על הארץ וצועק, לפת ביד אחת את רגליו של הערבי השני והשכיב גם אותו.. בכיסו היה אקדח אך הוא לא שלף אותו.. הערבים קמו נטלו את סוסיהם וסתלקו בבושת פנים )( ) " اقتربنا من الحقل ورأينا عربيين يجلسان على جانب الطريق وحصانيهما المربوطين بالحجر يأكلان من سنابل القمح التي في حقلنا المحصود.. صرخ أبي بهما وطلب منهما إبعاد حصانيهما فورا.. لكن أحدهما سب أبي بشتائم عربية قاسية.. قفز أبي من العربة وهي تسير وامسك بالمذراة لينقض عليهما.. وجدت أبي يتصارع مع أحدهما عندما حاول الآخر أن يمسك أبي من رقبته.. ولكن خلال دقيقتين سقط العربي الأول على الأرض.. وفي حركة مباغتة غير اعتيادية، وهو ينحني على العربي الممدد على الأرض وهو يصرخ، قام أبي وبيد واحدة ولوى أرجل العربي الثاني وطرحه أرضا.. كان في جيب والدي مسدس لكنه لم يستخدمه.. نهض العربيان وأخذا حصانيهما وهربا والخزي على وجههما ".
    وفي قصة ( השבוי ) " الأسير " يصور يزهار عجوزين عربيتين طاعنتين في السن على النحو التالي: ( יושבות כשתי תנשמות על ענף, שחורות מכװצװת,מקשה אחת, ראש וענק )( ) " هما تجلسان كبومتين على غصن، سوداوان منكمشتان، انهما كتلة واحدة رأسا وجسما "، وفي مكان آخر يصف الأسير العربي قائلا: ( ברנש נמוך קומה, שמלה נצהיבה דהה... סנדלים מרופטות בשר אחד עם רגל טלפית )( ) " شخص قصير القامة، ثوب مصفر باهت.. نعلان باليان لحم واحد مع رجل شبيهة بالحافر ".
    ويعمد يزهار إلى المبالغة في حقده على العرب فيقوم بإلغاء المسافة بين العربي والحيوان فيقول في قصته ذاتها: ( הכלב הנבזה ונראה לו )( ) " هذا الكلب القذر سوف نريه ".
    وفي نهاية قصة خربة خزعة يؤكد يزهار بان الاستيلاء على هذه القرية ليس هو نهاية المطاف لان مشهد الأم المتمالكة لنفسها وطفلها الذي يذرف الدموع الصامتة ما زال قائما يحمل صيحة الظلم، في إشارة واضحة إلى إن الصراع مع العرب سوف يستمر لفترة قادمة لان العربي، حسب قناعة يزهار، لن ينسى الذين اعتدوا عليه: ( היתה בי ידיעה אחת, כמסמר תקוע, שאי־אפשר להשלים עם כולם, כל עוד מנצנצת דמעות ילד בוכה ההולך עם אמו המאופקת בזעם של דמעות אין־קול, ויצא לגולה, נושא עמו שאגת עװל )( ) " كانت لي معرفة واحدة كمسمار مثبت، بأنه من غير الممكن التسليم بشيء ما طالما كانت دموع تتلألأ لطفل يبكي وهو يسير مع أمه الرابطة الجأش يذرف دموعا صامتة ويخرج إلى المنفى حاملا معه أنين الظلم ".
    أما رؤية الأديبة العبرية عنات فاينبرغ حول الإنسان العربي فتتحدد على الشكل التالي: ( إن شخصية العدو العربي حاضرة في أدب إسرائيل منذ بدايته، وهي تغير شكلها على مدى السنوات المائة الأخيرة، حرب التحرير فرقت بين اليهود والعرب، ونصبت حدودا فيما بينهم ولدى البعض من كتّاب جيل حرب التحرير وجيل الدولة مثل يزهار وعوز ويهوشع وتموز، تتضح خيبة الأمل من حقيقة إن الصهيونية والدولة الإسرائيلية لم تجد جوابا آخر للتعايش العربي- اليهودي عدا المواجهة العسكرية.. وشخصية العربي معروفة عندهم باعتبارها ضحية لا حيلة لها، ملاحقة ومشردة على أرضها، لكنها أيضا كشخصية مرعبة، هذا العرض لشخصية العربي هو جزء من محاولة بعض الكتّاب للإجابة بواسطة الأدب عن أسئلة جوهرية تتعلق بعودة الشعب اليهودي إلى وطنه وعدالة طريق الصهيونية وموقفنا من الشعب الفلسطيني )( ).
    ولمزيد من التوضيح حول فلسفة موقف أدب الحرب العبري والأدب العبري بشكل عام من شخصية العربي نتناول بالتحليل البسيط جانب مما ورد في المصادر العبرية عن هذا الموضوع، فالكاتب شلومو تسيمح يزعم إن البيئة الاجتماعية الجديدة لم تغير ولو بمعدل مثقال ذرة العلاقة بين اليهود وما يحيط بهم، تلك العلاقة التي تسود الظالم والمظلوم، وبين الضحية والجاني التي سميت فيما بعد بالمحرقة أو الإبادة الكاملة على حد تعبيره، ويضيف تسيمح: ( إن لهذه التجربة جذورها العميقة في حياة اليهود، مع إنها ليست الوحيدة بين بني البشر من أصول مختلفة كما يبين الأدب العبري )( )، ويقول جرشون شيكيد: ( ومن بين غير اليهود، فان العرب الأكثر شيوعا في الأدب العبري الإسرائيلي، وهذا ليس بالأمر المثير للدهشة، حيث إن الشخص العربي يلعب ذلك الدور في حياة الإنسان اليهودي الذي كان يلعبه غير اليهودي في الشتات، ومع ذلك تطورت هذه الشخصية واتخذت معنى مختلف )( ).
    فالأدب العبري- حسب شيكيد- يقدم أجوبة مختلفة للسؤال: من هو العربي؟ ففي المراحل الأولى للأدب العبري في فلسطين- يجيب شيكيد على سؤاله- تشكلت صورة نقلها الكتّاب اليهود المهاجرون الذين كانوا لديهم تجاربهم مع الأوكرانيين- البلشفيك، وتجسدت هذه الصورة مرة أخرى في شخصية العربي ( الظالم ) فالعربي هو ( الغريب ) وهو الذي يعيش في صراع مستمر مع الأقلية اليهودية، وينبع هذا الصراع من عملية تعايش الأقلية مع الأكثرية ويبدو إن الاثنين لا يمكنهما العيش جنبا إلى جنب.. هذا بالإضافة إلى إن العربي، حسب شيكيد، ليس مواطنا فحسب بل هو رمز البيئة الوراثية، ويستمر العربي في لعب دور الظالم أما كشخصية مجردة كما هو الحال في رواية يزهار ( الغاية فوق التلة ) أو كشخصية الظالم على المستوى الشخصي( ).
    وفي مقالة حول الأدب العربي نشرت عام 1911 حاول إسحاق شامي( ) إن يصف الروح العربية، وخلص إلى القول: هناك مركزان للسلطة في الروح العربية، فهو في حياته اليومية ذكي وعملي يزن كل شيء بمنطق متروٍ يحلله بدقة متناهية، وهو كذلك لا يمكن خداعه بسهولة، لكن هذا الشخص نفسه مختلف تماما في حياته المعنوية، حيث لا يوجد هناك شعب مثل العرب في قدرتهم على التخيل، وبالنسبة لهم لا يوجد هناك فرق بين الحقيقة والخيال ويغلب على طبعهم المبالغة كما تمتاز محاسنهم البديعية والأوصاف التي يستخدمونها بأنها ذات سبع اوجه، فالقصة التي تروى بلغة بسيطة لا تستحوذ على اهتمامهم( ).
    وعندما يناقش شامي الأدب العربي فانه في الواقع يصدر إفادة نمطية حول العقلية العربية المزعومة، ومعظم كتابات شامي وبيرلا وهيرجن، تقدم تفسيرا لتلك الصفات العقلية، فالشخصيات العربية في أعمالهم ليس لها سمات خاصة بها، فهي، حسب رأيهم، سطحية وذات بعد واحد، وان الصفات التي يتوقعها القارئ تظهر دائما، والشخصيات العربية دائما ما تخوض صراعا من اجل الشرف والمكانة الاجتماعية التي تفضلها على النصر وغالبا ما ينزلون من تلك المكانة العلية إلى حد ( الإذلال ) وهم مدركون لنبلهم ويذودون للدفاع عن كبريائهم بالدم( ).
    وتبرز فلسفة صورة العربي في أدب الحرب العبري على إن تبديل الأدوار في رسم شخصية العربي قد جعل من العربي غريبا داخل البوابات، وان التجربة التاريخية للشعب اليهودي تتطلب أن لا يعامل العرب كما عومل اليهود من قبل غير اليهود في الماضي، لقد تغير اليهودي من مطارَد إلى مطارِد وغير اليهودي من المطارِد إلى المطارَد.
    إن صورة غير اليهودي المضطهد تظهر في البداية بشكل بسيط كالعربي التعيس ناكر الجميل في أعمال سميلانسكي، ولقد تطورت هذه الفكرة في أدب حرب 1948 واستمرت فيما بعد، لم تكن الشخصيات اكثر واقعية من ذي قبل، لكن وظيفتها الأدبية قد تغيرت، فلقد صور س. يزهار الغريب المضطهد في قصص مثل الأسير وخربة خزعة، حيث يجعل العرب الذين طردوا من ديارهم مثل اللاجئين اليهود في التاريخ الحديث ولذا فعلى اليهود التزام أخلاقي تجاههم لان اليهود هم أحفاد اللاجئين المضطهدين( ).
    أما عن صورة الإنسان العربي في المسرحية العبرية فقد تم تناولها في اكثر من عمل أدبي من قبل العديد من الأدباء العبريين، كما تناول هذا الموضوع أيضا كتاب ( صورة العربي في المسرح الإسرائيلي )( ) الذي صدر في القاهرة مؤخرا وترجمه وعلق عليه محمد احمد صالح، أما مؤلف الكتاب دان اوريان فيعود بموضوعه إلى عام 1910، أي منذ بداية الهجرات السرية الأولى إلى فلسطين وحتى أواخر القرن العشرين متتبعا التحول في صورة الآخر العربي أو كما يسميه ( العدو ) وتأثرها بوقائع الصراع العربي الإسرائيلي، ويشير دان اوريان إلى نشوء ما يعرف بـ( المشكلة العربية ) داخل الأدب العبري الحديث حيث يحاول المجتمع الاستيطاني الناشئ التخلص من العربي في التاريخ تمريرا لأسطورة ارض بلا شعب لشعب بلا ارض وتمهيدا لنفيه اللاحق من الجغرافيا( )، ولذلك فقد مر المسرح العبري بفترة تجاهل فيه وجود العربي ثم بدأ ظهوره الخجول المتردد( )، ولان الكتّاب المسرحيين العبريين جزء من الكل الإسرائيلي، ومن ضمنهم الأدباء والشعراء والكتّاب في مجالات الفن الأدبي الأخرى، فقد عكست المسرحيات العبرية توجهات هذا المجتمع في موقفه من الشخصي العربية، ويعكس المسرح اكثر من أي جنس أدبي آخر صورة الشخصية العربية، حيث إن المسرح نص سياسي يوظف الشخصية العربية من زاوية أيديولوجية، ولا يهتم المسرح العبري بالعربي أو مشكلاته وإنما بوصفه أحد مشكلات الشخصية اليهودية، ولهذا نجد كثيرا من الأعمال المسرحية العبرية، عند تناولها هذا الموضوع، تعمد إلى المواجهة والتنافس بين ما تسميه الثقافة العبرية وثقافة الأقلية العربية داخل إسرائيل وتعتبر إن هذه العلاقة لم تسلم هي الأخرى من التوترات القائمة في الواقع مؤكدة وجود بعض انجذابات من المهاجرين اليهود إلى الثقافة العربية في البداية، باعتبارها ثقافة هذه الأرض التي يتعرفون عليها.
    وفي نوع آخـر من المسرحيات يقدم المسرح العبري ( مشكلة العربي المغتـرب المزدوج الثقافة الذي يظهر في مسـرح السبعينيات الذي فرضت عليه هوية كاذبة ومحبطة )( )، وتعكس بعض المسرحيات العبرية اتجاهات صهيونية أخرى كالعنصرية واستغلال اليهودي للعامل العربي في الأجر وفي خصه بالأعمال البدنية الشاقة، في نفس الوقت تعكس هذه المسرحيات قلق اليهود من تركز أنواع معينة من الأعمال في أيدي العرب لم يعد بمقدور الإسرائيلي مزاولتها مما اقلق بعض المفكرين والمسؤولين الإسرائيليين الذين ما برحوا يبحثون عن حلول لهذه المسألة.
    ومن المسرحيات التي تناولت موضوع العربي مسرحية ( الوطني ) لحانوخ ليفين( )، فبطل هذه المسرحية واسمه لاهاف هو النمط الأول للبرجوازي الصغير الإسرائيلي، وقد ساط ليفين هذه الشخصية بلا رحمة، أو شفقة، وهذه الشخصية ظهرت عارية بكل تفاهاتها وسخافاتها وانتهازيتها وحلمها الدائم للوصول إلى بلاد العم سام وانتزاع مكان هناك والاغتناء حتى لو كان ثمن ذلك تسديد بصقة في وجه الأم( )، فـ( الوطني ) هو الذي يهرب جواهر إلى الخارج وعلى استعداد لان يلعق جزمة الأمريكي، لكنه، في المقابل، يحاول أن يرغم الفلسطيني على ما يفعله الأمريكي به، فالمعادل لقمع الإسرائيلي هو قمع الفلسطيني( )، وبهذه الطريقة يفرغ ( الوطني ) نوازعه ( القومية ) المريضة ويعيش حلمه الأبدي والدائم للوصول إلى أمريكا بعد أن يقوم بكل واجباته كانتهازي مريض ومقعد ويصب جام غضبه على الإنسان العربي، فالحالة السياسية الصهيونية التي ولدت مفاهيم شاذة في إسرائيل، حسبما يقول الأديب يارون باراك( )، أدت بليفين إلى أن يتبنى مواقف حادة جدا تجاه الوضع العام في إسرائيل، والسؤال الذي يتردد في أثناء المسرحية هو ما هي هذه الدولة ( إسرائيل )؟ هل هي خادمة خنوعة للعم سام؟ وهل إن الصراع العربي الإسرائيلي يتركز على احتلال المناطق العربية المحتلة وقمع العرب الفلسطينيين وإذلالهم؟ فشخصية العربي في مسرحية ( الوطني ) ذليل إلى درجة انه يظهر بمظهر الكاريكاتير المهان، فالسلطة والقوة لا ترحمانه، بل تعملان على إذلاله كل يوم( )، وبهذا الصدد كتب الناقد العبري بيكر يقول: " غضبت الرقابة جدا من هذا العرض وصاغت الشاعرة داليا رابيكوفتش دوافع هذا الغضب على نحو دقيق بقولها: هم- الإسرائيليون- مستعدون لان يعيشوا على الرغم من قتل ولد عربي في الضفة، لكنهم لا يستطيعون رؤية ذلك على المسرح "( ).
    وفي مقطع من المسرحية بعنوان ( نشيد شرقي ) انشد محمود، الشاب العربي الذي يعمل في تنظيف المراحيض، عن حاله وأوضاعه، فأمريكا تذل لاهاف إلى اقصى الحدود، ولاهاف يذل محمود، أما في ( تعليمات أمنية في المناطق المحتلة ) فكل شيء يحذر وينذر من ( المخرب )، وفي مقطع ( إجارة ) بارك رئيس بلدية في المناطق المحتلة الاحتلال بسخرية، وفي دستور ( الاستقلال الكلاسيكي ) سخر من الاستقلال مقابل الموت، وفي ( الرفسة ) جاء لاهاف لشراء قطعة ارض في المناطق المحتلة، وللحصول على الأرض عليه أن يرفس محمود الذي يلمع له حذاؤه، لكن محمود يبدو لطيفا جدا، فحرمه المسؤول عن الأراضي من الأرض إلى إن رفس لاهاف محمود وحصل على الأرض.
    وفي قصة ( תהלה ) " تهيلاه "( ) المصنفة ضمن قصص شموئيل يوسف عجنون الحسيدية، يمجد فيها فضائل وصفات إحدى النساء اليهوديات الورعات، ويشير صراحة على لسان بطلته العجوز تهيلاه إلى إن العرب قد ( احتلوا أرضهم ) وليس ذلك فقط، وإنما قد انتهكوا حرمة أماكنهم الدينية المقدسة مثل أماكن العبادة ( الكُنس ) والمدارس الدينية ( يشيفا ) وما إلى ذلك حيث يقول: ( ولما وصلنا إلى أحد الأفنية، قالت لي: أترى هذا الفناء كانت تتواجد فيه أربعون عائلة يهودية، حيث كان ينتصب هناك كنيسان يؤمهما المصلون والدارسون أناء الليل وأطراف النهار، وجاء العرب واحتلوهما، وأردفت قائلة: لما وصلنا إلى أحد المقاهي، أترى هذا البيت، لقد كان مدرسة دينية يهودية كبيرة- يشيفا- حيث تعج بدارسي التوراة ومتأمليها وجاء العرب واحتلوها )( )، ولا يكتفي عجنون بوصف العرب بالمحتلين لأراضي الغير والمنتهكين لحرمات الأديان السماوية الأخرى، على حد ادعائه، وإنما يحاول تصويرهم قساة القلب ويفتقرون للرحمة والإحساس، كما يحاول الحط من منزلتهم وربطهم ببعض الحيوانات، فيقول في نفس القصة: ( ثم وصلنا إلى زريبة للحمير، فقالت أترى هذه الزريبة، كان يوجد في مكانها مطعم عام، وكان يدخل إليه الفقراء الطيبون جياعا ويخرجون منه شبعى، وجاء العرب واحتلوه، فالبيوت التي لم تكن تخلو من قراءة التوراة وأداء الصلاة وتقديم الإحسان اصبح العرب يرتادونها الان ومعهم حميرهم )( ).
    وفي مسرحية ( سوف يصلون غدا ) ( ) للكاتب العبري ناتان شاحم نقدم مقطعا حول كيفية التعامل مع أسيرين عربيين وقعا في قبضة الجيش الإسرائيلي:
    جوني: لندخل في صلب الموضوع، هل حققتم مع العربوشيم؟!
    اليكس: نعم.
    جوني: هل استنطقتهما بشيء؟
    اليكس: نعم.
    جوني: وماذا عداه؟
    اليكس: أسنان.
    جوني: دعك من المزاح؟ هل قالا لك شيئا؟
    اليكس: أبدا.. إذا لم يتكلم العربي بعد أول لطمة على وجهه فلن يتكلم البتة.. لا فائدة
    ترجى من الاستمرار في التحقيق معه، لا أريد أن افتح دكانا للجزارة هنا..
    جوني: وماذا فعلت مع هذين الاثنين؟
    اليكس: لا شيء.. أصدرت الأوامر بالقضاء عليهما..
    جوني: ( يصرخ ): يا ابله ( يهدأ قليلا ) أرجو أن تسامحني! أي غباء هل تم القضاء
    عليهما؟
    اليكس: كلا لقد سلمتهما إلى جدعون...
    جوني: ( يصرخ عبر النافذة ): جدعون.. أرسل الاثنين إلى هنا وتعال.. أنت.. من قال
    لك إنني لا ابغي القضاء عليهما؟ قصدت انه لا يقضي على عربوشيم هكذا ونحن
    في مثل هذه الحالة.. انه تبذير هل تفهمني؟ انه تبذير.. شخصان يعنيان لغمين
    على الأقل، هكذا تسير الأمور عندنا.. يوجد ستة الغام فيبقى أربعة..
    ********
    يمكن الرجوع الى الهوامش وقائمة المراجع والمصادر في النسخة الاصلية من الكتاب ..
    جامعة الموصل

  2. #2
    نعم توقعت هذا فالاسرائسلي ان جاز التعبير ولنقل الصهيوني ينشا وكل من امامه اما عدو او هدف!! ربما هو من اصحاب الدم الازرق
    حسبنا الله ونعم الوكيل لغة القوة...
    اتمنى ان نسمهع رايك لكل مقال طرح في هذا القسم
    كل التقدير
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3
    محاضر باللغة العبرية ، عميد متقاعد
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    1,068
    الاستاذة العزيزة ريمة .. حياك الله وساعمل على ما طلبت وانا الممنون فقط بعد انهائي لامتحانات طلبة الجامعة بعون الله .. مع الشكر والتقدير

  4. #4

  5. #5
    محاضر باللغة العبرية ، عميد متقاعد
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    1,068
    الاخ فراس .. كل عام وانت بالف خير وحياك الله ورعاك وعندي استفسار لو سمحت: هل المقصود بالاستشهاد
    على الموضوعات الواردة في هذا القسم ؟ مع التقدير

المواضيع المتشابهه

  1. تشويه لأقطاب السلفية.. صورة "الدولة" في "دابق" .. "لايُسأَل عما يفعل وهم يُسألون‎
    بواسطة محمود المختار الشنقيطي في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-02-2015, 08:46 AM
  2. هذا ما قيل عن كتابي "الحرب والسلام في الشعر العربي والشعر العبري"
    بواسطة د. فايز أبو شمالة في المنتدى ركن اللغة العبريه
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-14-2014, 03:37 AM
  3. إن العقل قادر على تشويه صورة الواقع
    بواسطة راما في المنتدى حكايا وعبر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-24-2011, 04:34 PM
  4. شرح خاصية الpatch maker الرهيبة لحذف اى جزء من صورة بدون تشويه فى الفوتوشوب الجديد
    بواسطة سارة الحكيم في المنتدى فرسان التصميم والابداع.
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 06-09-2011, 06:18 PM
  5. الحرب وانعكاساتها في الادب العبري المعاصر / مع نماذج عبرية مختارة ومترجمة
    بواسطة عبدالوهاب محمد الجبوري في المنتدى ركن اللغة العبريه
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04-09-2011, 09:57 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •