غزةوالضفة..وحاجتنا لمعيار موحد
أحمد أبورتيمة
abu-rtema@hotmail.com
لا أتفق مع الطريقة التي يناقش بها الحزبيون الأوضاعالمتردية في الضفة وغزة والتي تقوم على المقارنة بين الحالتين بهدف التهوين منأخطاء الذات والتهويل من أخطاء الغير..
المتحزب لغزة يقول انظروا إلى الضفة فإن فيها ظلماًوفساداً وخيانةً أكبر مما يجعل أخطاءناهينةً لا تقارن بأخطائهم، والمتحيز للضفة يقول انظروا إلى غزة ففيها تكميم للحرياتوالأفواه ولا أحد يجرؤ على التظاهر، أما نحن فنتظاهر على الأقل ونحرق صور سلامفياض!!..
الحديث بمنطق "نحن أقل سوءً من الآخرين" خطير لأنهمدخل لتبرير أخطاء الذات وباعث على التمادي فيها، فمن يستهين بأخطائه لن يعاني منقلق الضمير ولن يجد إلحاحاً منبعثاً من داخله يحثه على تغيير هذه الأخطاء..
الحق ليس مسألةًرقميةً بل هو مسألة مبدئية، والقرآن يؤسس لمنهج رائع وهو أنه يساوي قتل إنسان واحدبقتل الناس جميعاً، لأن القتل مرةً واحدةً يستهدف قيمة الإنسانية من أساسها، وحينتنتهك الحكومة كرامة إنسان واحد فهذا يعني أنها وضعت أقدامها على طريق انتهاككرامة أي إنسان بعد ذلك، أو حين تظلم شخصاً واحداً فهذا يعني أنها امتلكت القابليةلتظلم الناس كلهم إذا اقتضت الاعتبارات الأمنية ذلك.
الخطأ مدان في ذاتهبغض النظر عن أخطاء الآخرين.حين ننظر إلى من هم أسفل منا فهذه مقدمة للهبوط إلىدركهم والانجرار إلى مستواهم، أما حين ننظر إلى القيم العليا فوقنا فهذا محفز لنالمزيد من الرقي والصعود..
إن هناك معياراً واحداً للحق والعدالة، فالخطأ مدان أياً كانفاعله، وطريقة المؤمن في الحياة هي أن يعظم من شأن أخطائه لا من شأن أخطاءالآخرين، لأن أخطاءه هي التي تهلكه وليس أخطاء الآخرين، والمؤمن كما جاء في الحديثالنبوي الشريف هو الذي ينظر إلى ذنبه كأنه جبل واقع عليه، أما المنافق فهو الذيينظر إلى ذنوبه العظيمة كأنها ذباب يهشه هكذا وهكذا..
يقول المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد: "مثلما ندينالأعمال العدوانية التي يرتكبها الأعداء بغير وجه حق علينا ألا نتردد في إدانةحكوماتنا إذا قامت بغزو بلد أضعف"..ونقيس على هذه الحكمة الرائعة في حالتناالفلسطينية بألا نتردد في إدانة تنظيماتنا حين ترتكب الأخطاء ذاتها التي ندينهاحين ترتكبها التنظيمات الأخرى..
إن الأخطاء مدانة من حيث المبدأ لأنها أخطاء بغض النظر عنكميتها وبغض النظر عن فاعلها..
"يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء للهولو على أنفسكم..