نعمة وأي نعمة وهبت لك أيها الإنسان ؟

[أسعد الأطرش]

توطئة : قال الله جلّ وعلا : (وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ . ) إبراهيم (34) المتأمل في لفظة ( نعمة) في الآية الكريمة , يدرك أنها دوحة عظيمة مترامية لا حدود لها يتقلّب فيها هذا الإنسان متمتّعاً بنعم الله التي أفاضها عليه , وقد غطت كل أبعاد حياته , ليله ونهاره , نومه ويقظته , حلّه وترحاله , سلمه وحربه , صحته ومرضه ... فمنها الظاهر المرئي لي ولك ولنا جميعاً ومنها الخفي الّذي لا يشعر به إلاّ القليل : (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ . ) لقمان (20) وثمّة نعمة عمّت البشر قاطبة , وهذا مقتضى العدل الربّاني , ألا وهي نعمة اللسان , الذي امتنّ الله به على الإنسان , فقال : (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ . ) البلد (9) فحديثي إليك حول اللسان هذه النعمة التي أساء استخدامها كثير وكثير من الناس , والقليل القليل رعاها حق رعايتها .
اللسان وما أدراك ما اللسان : لقد ورد ذكر اللسان في كتاب الله أربعاً وعشرين بالألفاظ التالية :
1- لسان – بلسان – بلسانك : 9 مرات في الآيات التالية :
(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ . ) النحل (78) (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ . ) المائدة (103) (وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا . ) مريم (50) (وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ . ) الشعراء (84 ) (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ . ) إبراهيم (4) (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ . ) الشعراء (195) ( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا . ) مريم (97) (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ . ) الدخان58 2 - لساناً : 3 مرات : في قوله تعالى :
( أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) . ) البلد . (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ . ) القصص (34)
(وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ . ) الأحقاف (12)
3- ألسنتهم - بألسنتهم : 6مرات , في الآيات التالية :
- (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ . ) آل عمران (78) . ( وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ . النحل (62)- (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . ) النور (24) - (مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا.) النساء (46) - (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا . ) الفتح (11) - (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ . ) الممتحنة . (2)
4- ألسنتكم – بألسنتكم : 3 مرات , في الآيات التالية :
(وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ . ) النحل (116)(وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ . ) الروم (22) (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ . ) النور (15)
5- لساني : 2 مرتين في هاتين الآيتين : (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي . ) طه (27) (وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ . ) الشعراء (13)
6- بألسنة : مرة واحدة : (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا) الأحزاب (19) . لاحظ معي عقب هذه الجولة في رحاب القرآن العظيم في عالم اللسان , أنه ذكر بعدد ساعات يومك أربعاً وعشرين مرّة بحث لا تكاد تخلو ساعة من كلام تتكلّم به وهو مسجّل في صحائف أعمالك ( وإنّ عليكم لحافظين . كراماً كاتبين . ) هذا وأعلم أن اللسان في جميع القرآن ورد بمعنيين اثنين : اللغة التي نتكلم بها نحن البشر أيّاً كانت . العضو المخبوء في فم كلّ منا نحن البشر جميعاً . وكلنا نعلم أن اللسان سلاح ذو حدّين , فإما أن يرفع صاحبه إلى أعلى درجات الجنة في الآخرة , وإمّا أن يهبط به إلى قاع النار . أخرج البخاري من حديث عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في نار جهنم.)
وظائف اللسان : وظائف اللسان الكبرى والتي تندرج تحتها أعماله كافّة أربع وظائف هي :
1- البيان : أي الإفصاح عن مكنون القلب , فاللسان بريد القلب ورسوله , قال الله تعالى : (الرَّحْمَنُ .عَلَّمَ الْقُرْآَنَ . خَلَقَ الْإِنْسَانَ . عَلَّمَهُ الْبَيَانَ . ) - الرحمن .
2- الذكر : ومراد به الذكر القولي والّذي أمرنا به في قوله تعالى : ( فاذكروني أذكركم ..) .
3- قول الحق : أينما كنت وحيثما كنت في البيت , والشارع , والدائرة الحكومية , ومجلس القضاء , في ميدان المعاملات والأسواق , أمام الرؤساء والقادة وصنّاع القرار . وبذلك أمرنا : ( وتواصوا بالحق . )
-4 الدعوة والتبليغ : ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ . ) يوسف (108) هذه وظائف اللسان الرئيسية كما أعتقد وكل ما يخطر بذهنك من وظائف مندرج تحت واحدة من هذه ولابدّ .

آفات اللسان : هنا مكمن العطب , وإساءة استعمال هذه النعمة , مما يجعلها نقمة عليك أيها الإنسان . فما هي آفات اللسان ؟ لقد عدد العلماء الأفاضل للسان آفات كثيرة , اطلعت عليها وعرفتها , وبعد التأمل فيها بان لي أن ثمّة كلمة واحدة تحيط بها كلّها , أظنك تتطلّع لمعرفة هذه الكلمة , أقول لك هي : خبيث الكلام . وإلى ذلك أشار بيان الله عزّ وجلّ , فقال : (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ . ) إبراهيم (26) وقد آن لنا أن نذكر طائفة من آفات اللسان المندرجة تحت ذلك الأصل الكليّ المشار إليه : - 1-الكفر : (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ . ) التوبة (74) ولا يخفى على اللبيب أن الردّة تكون بلفظ كلمة الكفر .
2- الشرك : والذي تحتج به المشركون على الله تعالى ولا يغنيهم ذلك شيئاً , (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ .) الأنعام (148)
3- النفاق : وهو جار على ألسنة المنافقين : (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا . ) الفتح (11) قولهم بألسنتهم ما ليس في قلوبهم إشارة واضحة وقرينة قوية على نفاقهم , لأن اللسان نضح بخلاف في القلب .
4- الكذب : ( وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ . ) 75آل عمران (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ . ) المجادلة (14) كذب على الله وكذب على الناس كما ترى .
5- الغيبة : ( ذكرك أخاك بما يكره . ) وقد نفّر منها القرآن أشدّ التنفير (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ . ) الحجرات (12) وهي والكذب مادة اللسان هذه الأيام .
6- النميمة : (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ . ) القلم . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخل الجنة قتّات . ) أي نمّام .
7- السب والشتم : إلى خطورته على الدين والعقيدة أشار النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر . ) وعنه نهى القرآن ولو كان لآلهة المشركين حتى لا يسبّوا الله عزّ وجلّ : (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . ( الأنعام (108)
8- 9- 10 -11اللعن والبذاءة والطعن والفحش في القول : وهذا كلّه ليس من شأن المؤمن , لأون من خوارم الإيمان . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس المؤمن بطعّان ولعّان ولا فاحش ولا بذيء . )
12- : اللغو , وهو ما لا نفع فيه من الكلام , وقد نزّه الله عنه عباده المؤمنين فقال : ( والّذين هم عن اللغو معرضون . ) المؤمنون 3
13- : القول على الله بغير علم : (إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ . ) البقرة (169) وهذا تحذير واضح من القول في دين الله بغير علم من أيّ كان . هذه أهم بل أكثر آفات اللسان التي فشت في عالم الناس فلنحذرها فهي الطريق إلى الهلاك والخسران .
عبوديات اللسان : رحى العبودية مدارها على خمسة عشر قاعدة من كمّلها فقد أكمل العبودية لله,وهذا القواعد موزعة على القلب واللسان والجوارح ( الأعضاء) وعبوديات اللسان خمس , عقد لها ابن القيّم رحمه الله فصلاً في كتابه النفيس , مدارج السالكين , أنقله بأمانة لأهميته , قال رحمه الله : ( فصل وأما عبوديات اللسان الخمس :
فواجبها النطق بالشهادتين وتلاوة ما يلزمه تلاوته من القرآن وهو ما تتوقف صحة صلاته عليه وتلفظه بالأذكار الواجبة في الصلاة التي أمر الله بها ورسوله كما أمر بالتسبيح في الركوع والسجود وأمر بقول ربنا ولك الحمد بعد الاعتدال وأمر بالتشهد وأمر بالتكبير , ومن واجبه رد السلام وفي ابتدائه قولان ومن واجبه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعليم الجاهل وإرشاد الضال وأداء الشهادة المتعينة وصدق الحديث .
وأما مستحبه فتلاوة القرآن ودوام ذكر الله والمذاكرة في العلم النافع وتوابع ذلك وأما محرمه فهو النطق بكل ما يبغضه الله ورسوله كالنطق بالبدع المخالفة لما بعث الله به رسوله والدعاء إليها وتحسينها وتقويتها وكالقذف وسب المسلم وأذاه بكل قول والكذب وشهادة الزور والقول على الله بلا علم وهو أشدها تحريماً .
ومكروهه التكلم بما تركه خير من الكلام به مع عدم العقوبة عليه .
وقد اختلف السلف هل في حقه كلام مباح متساوي الطرفين على قولين ذكرهما ابن المنذر وغيره أحدهما أنه لا يخلو كل ما يتكلم به إما أن يكون له أو عليه وليس في حقه شيء لا له ولا عليه , واحتجوا بالحديث المشهور ( وهو كل كلام ابن آدم عليه لا له إلا ما كان من ذكر الله وما والاه .)
واحتجوا بأنه يكتب كلامه كله ولا يكتب إلا الخير والشر.
وقالت طائفة بل هذا الكلام مباح لا له ولا عليه كما في حركات الجوارح .
قالوا لأن كثيرا من الكلام لا يتعلق به أمر ولا نهي وهذا شأن المباح .
والتحقيق أن حركة اللسان بالكلام لا تكون متساوية الطرفين بل إما راجحة وإما مرجوحة لأن للسان شأنا ليس لسائر الجوارح وإذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان تقول اتق الله فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا وأكثر ما يكب الناس على مناخرهم في النار حصائد ألسنتهم . وكل ما يتلفظ به اللسان فإما أن يكون مما يرضى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أولا فإن كان كذلك فهو الراجح وإن لم يكن كذلك فهو المرجوح . )
احذر لسانك واحفظه تحفظ نفسك من النار : أكثر من الدعاء سائلاً الله مولاك أن يسدّد لسانك , كما كان يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول : ( وسدّد لساني .) ويحذر صلى الله عليه وسلم الأمة أن حصائد اللسان تكبّ الإنسان في النار على وجهه , عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله أخبرني عن عمل يدخلني الجنة و يباعدني عن النار ؟ قال - لقد جئت تسأل عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه : تعبد الله لا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت , ثم قال : ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جُنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار , وصلاة الرجل في جوف الليل ثم تلا - تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُون*فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونََ .السجدة16-17... ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟ - قلت : بلى , يا رسول الله قال " رأسٍ الإسلام , وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد " ثم قال : ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ " فقلت بلى يا رسول الله , فأخذ بلساني وقال - كف عليك هذا - فقلت : يا نبي الله , وإنا لمؤاخذون بما نتكلم ؟ فقال- ثكلتك أمك , وهل يكب الناس في النار على وجوههم - أو قال - على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ؟! - رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح .
لفتة من الإعجاز العلمي في اللسان : اللسان عضو عضلي يتحرك في جميع الاتجاهات ويساعد على تقليب الطعام ودفعه عند البلع . كما أن الغدد اللعابية زوج منها تحت اللسان , والزوج الثاني تحت الحنك والزوج الثالث الغدتان النكفيتان وهذه الغدد تفرز اللعاب الّذي تصبه داخل الفم عبر قنوات خاصّة مما يسهل عملية البلع . كما يوجد على السطح العلوي للسان (3000) برعم تذوّق موزعة على أطراف ومؤخّرة اللسان أما وسط اللسان فلا توجد فيه براعم تذوّق أبداً . وهذا العدد الكبير من البراعم خلقه الله لنا من أجل أن نميز بين طعوم الأغذية الخمسة, الحلو والمر والحامض والمالح والقابض.وعند هذه اللفتة الإعجازية نسدل الستار على الحديث حامدين الله الّذي أحسن وأبدع وأتقن غاية الإتقان بما يذهل العقول ويبهر الأبصار .

[ريمه الخاني]

السلام عليكم
حقيقة لو وزنا فقط نعمة البصر التي تعتمد عليها معظم بل كل نشاطاتنا الإنسانية لرجحت كفتها على بقية النعم...
جزاك الله خيرا

[أسعد الأطرش]

بسم الله الرحمن الرحيم
وعليك السلام أم فراس . تعليقك جميل لفت الأنظار إلى نعمة البصر ولكن لم تعلقي على الموضوع بشيءمن حيث التقويم العلمي المعرفي . شكراً لك .

[ناهد حسن]

أحطت بجوانب الموضوع العديدة
من عدد ذكر كلمة اللسان في القرآن وربطها بساعات اليوم
وفائدة اللسان وآفاته
موضوع مميز
جزاك الله خيرًا وجعله في ميزان حسناتك
عيد سعيد
تقبل الله من الجميع

[أسعد الأطرش]

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليك أختنا في الله , أكبر فيك هذه القراءة الهادئة للموضوع حيث جاء تعليقك عليه راقياً يدل على ملكة عقلية في المناقشة والحوار , قوّمت الموضوع تقويماً حاز إعجابي . أشكرك وجزيت خيراً .