السؤال:أبو معاذ المكي
بسم الله الرحمن الرحيم

كثيراً ما تأملت وتعجبت في هاتين الآيتين التي في سورة مريم وأنا مستيقن أن هناك حكمة من الله سبحانه وتعالى في التفريق بين يحيى وعيسى عليهما من الله السلام, فالذي أحببت أن أطرحه في هذا الموضوع ألا وهو: ( ماهي الفوائد التي تستنتج من الفرق بين هاتين الآيتين ) هل أن يحيى عليه السلام لديه أبوين فلذلك الخوف من أنه يكون عصي أكثر من أنه يكون شقي وأما عيسى عليه السلام فبدون أب فالخوف من أن يكون شقي أكثر.
وهل يستنتج أن كثيراً من الأطفال الذين يأتون بدون أن يروا أبائهم وخاصةً إخواننا الذين في رعاية الأيتام هم أكثر جبروتاً وشقاوةً في المجتمع فلذلك ذكر الله أن من النعمة التي أنعمها على عيسى عليه السلام أنه لم يجعله جاراً شقياً فلذلك كان الإعتراف بالنعمة من قبل عيسى عليه السلام أم أن هناك حكم كثيرة غير ذلك؟؟؟
العلم عند الله لكن الذي أتمناه أن يشاركنا كل شخص لديه معلومة ولو بسيطة من أقوال العلماء وتفاسيرهم عن سر التفرقة بين هاتين الآيتين لعل الله أن ينفعنا بذلك وتعم الفائدة على الجميع وأسأل الله العلي العظيم أن يوفقنا لما يحب ويرضى وجزاكم الله خيرا.
ملتقى اهل الحديث.
************
الحمدلله وجدت فائدة من فوائد الشيخ أحمد الكبيسي عن العصي والشقي
أسردها كما فهمتها ثم أنسخ لكم:
قال العوام بن حوشب في تفسير ابن أبي حاتم عن "جبار" في هذه الآية : إنك لا تكاد تجد عاقا،إلا تجده جبارا..انتهى
قال الله تعالى عن عيسى عليه السلام (ولم أكن جبّارا شقيّا ) بينما عن يحيى عليه السلام (ولم أكن جبّارا عصيّا)
فأفرد الله عيسى عليه السلام بنفي الشقاء
ذلك والله أعلم لأن عيسى وأمه عليهما السلام خصصهما الله بالرعاية الكاملة من غير شقاء فمن الأنبياء من عذّب أو قتل أو فُتن إلا عيسى عليه السلام قال الله عنه (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم ) وقوله (بل رفعه الله إليه) بينما يحيى عليه السلام قطع رأسه وهذا شقاء
وعن مريم عليها السلام كان رزقها يأتيها وهي في المحراب فيسألها زكريا عليه السلام من أين لك هذا؟ (هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب)
وهو مثله مثل باقي الأنبياء معصوم من العصيان أي من الذنوب فشمل النفي يحيى عليه السلام وقال عنه (ولم أكن جبارا عصيا) أما عيسى فخص بنفي الشقاء
فقال تعالى عنه (ولم أكن جبار شقيّا)
كلام الشيخ الكبيسي:
"الفرق بين قوله تعالى في قوله عن سيدنا يحيى (وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا) وسيدنا عيسى (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا) ما الفرق؟ سيدنا يحيى تعرف كالأنبياء معصوم من العصيان. وجبار هو الذي لا يرى لأحد حقاً عليه أي لا يعطي صاحب حق حقه هذا جبار. وطبعاً الأنبياء كلهم يعطون الحق من أنفسهم. (عصياً) الذنوب الأخرى فسيدنا يحيى يقول أنا لست جبارًا أنا أعرف الحقوق وأعطي من نفسي الحقوق وأعطي كل ذي حق حقه فلست جباراً في الأرض (إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (19) القصص). عصياً معصوم، سيدنا عيسى له شخصية فسيدنا عيسى على خلاف كل الأنبياء فكل الأنبياء فيهم فتنة وعذاب وعذبوا عذاباً شديداً وتعرفون تاريخ الأنبياء منهم من سجن ومنهم من قُتِل ومنهم من صُلِب والخ ما عدا السيدة مريم وسيدنا عيسى حفظهم الله عز وجل من كل ما يؤذيهم حفظاً وهذا معنى قوله (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا) الشقاء كان معدوماً من سيدنا المسيح وأمه عليهم الصلاة جميعاً. ولذلك أنت لاحظ طبعاً قبل كل شيء حكاية قتلوه وصلبوه هذا كله كلام فاضي (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) تصور رب العالمين أنزل واحد على هذا الذي جاء يقتله على نفس صورة عيسى فقُتِل ذلك العدو وسيدنا عيسى رفع إلى السماء (بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ). (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159) النساء) ما في واحد لا يؤمن بأن سيدنا عيسى حيّ إلا ويراه قبل موته (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا). إذاً الشقاء منفي عن سيدنا عيسى وأمه تماماً فالرعاية كاملة كما قصها القرآن الكريم في عدة سور. يعني السيدة مريم يأتيها رزقها رغداً من كل مكان حتى سألها زكريا عليه السلام أنى لكِ هذا؟ من أين يأتيك هذا الطعام؟ قالت (هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37) آل عمران). حينئذٍ هذا الفرق بين عصيًا وبين شقيًا سيدنا عيسى وأمه عليهما السلام حماهما الله عز وجل من أي شقاء وكل ما في غير هذا من بعض الكتب التي تؤول وتقول وتجتهد والتحريف المعروف والأناجيل كثيرة والعداء المستحكم عند اليهود لسيدنا عيسى وأمه جعل هذه القصة يدخلها السفه والأكاذيب التي صارت في التاريخ عقيدة عندهم. ورب العالمين قال (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) (بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْه) حينئذٍ هذا الفرق بين شقيا وبين عصيا. "
موقع اسلاميات
__________________
قال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى : "إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محروم مكبل، كبلتك خطيئتك"