اسمي ميادةكنت في صالة الانتظار في أول موعد مع طبيب الأسنان الجديد حيث كنت قد انتقلت لهذه المدينة مؤخراً.كانت شهاداته معلقة على الحائط المقابل..قرأت الاسم الكامل بكثير من الفضول والدهشة. فقد تذكرت فجأة ذلك الشاب الجميل, الطويل ذا الشعر الداكن, والذي كان يحمل نفس الاسم في مدرستي الثانوية وفي نفس صفي قبل ما يقارب الخمسين عاماً أو يزيد.هل يعقل أن يكون هذا الطبيب هو ذاك الشخص الذي كنت أحمل بعض المشاعر تجاهه في ذلك الوقت, بالطبع من طرف واحد؟!.لكن كل تلك الأفكار تبخرت في اللحظة التي رأيته بها!.. فهذا الطبيب الأصلع، إلا من بعض الشعر الأشيب, ذو الظهر المنحني، والذي تملأ وجهه التجاعيد العميقة, أكبر بكثير من أن يكون زميل صف لي في تلك الفترة.قام بفحص أسناني, ومن ثم بدأ بعلاجها.. وبعد أن انتهت الجلسة قمت بسؤاله إذا كان قد التحق بنفس الثانوية سابقاً ؟قال صائحاً، وبكثير من الفخر والاعتزاز: نعم .. أنا كنت أحد طلابها، وكنت من المتفوقين فيها.سألته: متى تخرجت منها؟أجاب: في عام1968.. ومن ثم أردف قائلاً: ولكن لماذا تسألين؟!قلت له: لقد كنتَ أنت في صفي في تلك الفترة !نظر إليّ عن قرب متفحصاً وجهي.. "هذا الرجل البشع !!العجوز !!الأصلع ..ذو التجاعيد، والظهر المنحني، والبطن الكبيرة.. أبو شعرتين شايبتين، قليل الحياء!!"وسألني:*ذكريني يا مدام.. ما المادة التي كنتِ تدرسينها لنا في تلك الفترة؟*