منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: على الأريكة

العرض المتطور

  1. #1
    Junior Member
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    المملكة العربية السعودية - الجبيل
    المشاركات
    26

    على الأريكة

    على الأريكة .
    ـــــــــــــــــــ
    ألا ليت أني لم أر الأريكة ،،، ولم أرها .
    ولا باغتتني سورة تغتالني ،،، وآه من حُمَيّاها .
    كأني بِحَمَّارة القيظ أخطو حافيا ،،، أوّاه من رمضائها واها .
    لكالمَسّ أحسسته في النُّهى ،،، فجهدتُ في الرُّقى حينا ، وأخرى في رقاها .
    وكم نهدة صعَّدَتْها حسرة ،،، ومن خلال السُجُف أنظر ذا الزفرات فاها .
    فحارت بي الدنيا وحرت ُ بها ،،، فلا مُلجما لها ولا ناهيا فينهاها .
    فادْلَهَمّ ظلام واستوثق سواد ،،، فتلك دنياي ولم أدرِ ما دنياها .

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
    ثم عوى الذئب وقال : ما خطبك يا حسين ؟
    قلت : أهلا أبا سرحان ،،، وما الذي جاء بك الساعة ؟
    قال : كنتُ في الجوار ، فسمعتك تترنم بكلمات ما هي بشعر !! غير أنها لذيذة فأطربتني فأحببتُ المثول بين يديك ،،، لآنس ثم آنس .
    قلت : هل أنت خرجت مني ! أم أنا خرجتُ منك ؟؟؟ .
    قال : كلانا تَخَلّق بعضه من بعض ،،، أو كلانا كنُطاف أُصْهر في رحم كريمة ، فأجنّت بعد أن علِقَتْ ، فتقبَّب البطن ، فبلغ الأجل ، فخرجتَ أنت وخرجتُ أنا .
    قلت : اقترب ،،، أريد أن أبعثك سفيراً .
    قال : إلى أين ؟
    قلت : إلى الورقاء .
    قال : متى ؟
    قلت : الساعة ،،، وعلى أن ترجع عليّ بخبرها بعد ساعة ! .
    قال : وكيف أسْفُر بينك وبينها في ساعة ؟ .
    قلت : شأنك يا ذئب .
    قال : فأين عِفْرِيْتُ سُليمان !!! لِيُقلّني ؟؟؟ .
    قلت : لا عفريت لديّ ،،، وهيا انطلق ،،، .
    ــــــــــــــــــــــ
    فانطلق يمرق الأرجاء ،،، كالسهم يتخلل الأحشاء ،،، ثم بعد ساعة عاد بالأنباء .
    فقال : جئتك من سبأ بنبأ ،،، فهل لي من أجر ؟
    قلت : لقد حلّ ذبح ذاك الحَمَل ،،، ولك منه ما شئت ،،، فهاتِ ما عندك ؟
    قال : رأيت العجب العجاب ،،، ورأيتُ امرأة تطوف بصحن دارها ،،، فقلت ستقعد ،،، فلم تقعد ، حتى ظننتُ أنها ستطوف ما طاف الحجيج ،،، .
    ثم أرسلتْ نظرة إلى أريكة كانت هناك ،،، فسحبتها رجلاها إليها ، ثم أدارت ومسكت المتّكئين براحتيها ، وجعلت تجلس بأناة وتؤدّة حتى أسلمت ظهرها للمسند ،،، وهي مديرة فمها ، شاخصة بصرها كأنها تتأمّل حدثا ما بمُخّها .
    قلت : وماذا بعد ؟
    قال : جلستْ ، واتّسَدَتْ يدها ، فجعلت راحتها على أيسر الحنك ،،، فضاق الخدّ وزاحم اللّمى حتى استدارت كخاتم من عقيق أحمر .
    ثم أسدلتْ الجفنين على مُقلها ، فاحدودب ظاهرها ، ثم احمرّت رسومها ، فتبللتْ أشفارها ، فهتنتْ ما تيسر لها من تهتان .
    وقد راع النظر من الأشفار ما يشبه ذيل الطير بجودة نَسَقه وحسن نظْمه ، غير أنه غاص في البحر يسترزق لينال قُوْته ،،، ثم أقلع والماء يتقطر منه ،،، فتجلّت صورة الأشفار مُتحدية الوصف والتشبيه .
    ولعلّ الدمع بعد أن رضي بالأشفار ميزاباً ، جعل يَجِدّ في رسمه المراجيع ، حتى تآلف واقترن بصاحبه عند الحنك ،،، ثم جعل ينهمل ويقرّ في كأسٍ كان مزاجها .... الورقاء .
    ثم راع النظر ألم اللّمى ،،، وعطشها للبكاء ، فكانت ترعد وترعد ، ولا زالت ترعد حتى هزّ القلب من جانبها باعث ،،، وحتى كِدتُ أن أجهش ، غير أنها سبَقَتْ فأجهشِتْ من خلال أوتار أرّقها الشجو .
    ثم راع النظر وضع جبينها على الساعدين ، فتدلّى الشعر الحالك مظفوراً من هنا ، ومنفوشاً من هناك .
    أما المظفور ، لكأنه الحبل الممرُوْر ، ولو شاءت أن تُطَوِّحه وتضرب به ، لكان أوْجع من السوط ! لفرط شدته وقوته .
    وأما المنفوش ، فبما تذبذب قامت به اليد التي اتسدتها ما بين الحنك تارة وجانب الرأس أخرى ،،، فانتفش .
    ثم راع النظر بعد أن أراحت صدغها الأيمن على ظاهر كفيها ما احمرّ من ذرفها ، وما جاد به الشأنان .
    فأطلتُ النظر ، وإذا العين حمراء ، فأرتني الدمع أحمرا ، والدمع في حقيقته لا حمرة فيه ،،، وإن كادت لتتهالك نفسي لجسامة الأثر وسطوة الحزن ، لولا أن تداركني تماسك كنتُ أعدّه من مقوماتي كذئب .
    ثم راع النظر عقارب شعرها المبتلة عرقا ودمعا ، وهي تداعب صفحة خدّها وطرفا من أنفها ، مولدة ما يشبه الحكّة ، فتحكّه ثم تتبعه شهقة تسلب النفس وتزهق الروح ، وإن كادت لتزهق لولا بقية من العمر إلى أجل مُغَيّب في ملكوت السماء .
    ثم راع النظر بعد رشدها قيامها وإدبارها ، حيث ذكرتُ قول الأعرابية التي وصفت إحدى الحسان لأحد الملوك قائلة ( مَهِيْل الرّمل من ردفها ) ،،، أما والذي أمات وأحيا ، والذي أمره الأمر ،،، لكأني أرى الأعرابية وأسمع قولها الساعة .
    ثم ذهبت تسير تلتمس الماء لتغتسل بعد أن قرّح الدمع عينيها ،،، ففعلتْ .
    ثم راع النظر إقبالها ، وقد استحر الحسن واستفحل !!! فهممتُ أن أتوارى ،،، غير أنها رأتني فتدثّرتْ ثم قالت : من ؟؟؟
    قلتُ : الذئب .
    قالت : ذئب يوسف ؟
    قلت : نعم .
    فاقتربتُ منها وقلت : ما هذا البكاء يا ورقاء ؟
    قالت منكرة الأمر : لم أبكِ !!! .
    ابتسمتُ وقلت لها : ( ما استتر من قاد الجمل ) !!! .
    ولكن ،،، حسبكِ الآن ،،، فأنا الذئب ولا زلتُ ( أسْتَفُّ التراب ولا أخضع لأحد على باب ) ،،، فكفكفي .
    فقالت : من أرسلك يا ذئب ؟
    قلت : آه ،،، ذكرت الآن من الأمور ما هي عاجلة ، وعليّ أن أذهب ،،، ألا تُشَيِّعيني بدعوات منبعها القلب ومحطّها السماء ؟
    قالت : في أمان الله وحفظه
    ـــــــــــــ
    وها أنا ذا يا حسين ،،، فأين الحمَل ؟؟؟ .
    قلت : أحسنت يا ذئب ،،، ودونك الحمل ، ولكن دعني أعالجه ذبحا بِدَجّ أوداجه أولا .
    ثم كل منه حتى تشبع ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، .

    ــــ إنتهى ــــــــ
    حسين الطلاع
    13/6/2009 م .
    المملكة العربية السعودية - الجبيل

  2. #2

    رد: على الأريكة

    حرفك ممتع يا اخي حسين الطلاع
    تحيتي وتقديري
    تثبت....ظميان غدير

  3. #3
    Junior Member
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    المملكة العربية السعودية - الجبيل
    المشاركات
    26

    رد: على الأريكة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ظميان غدير مشاهدة المشاركة
    حرفك ممتع يا اخي حسين الطلاع
    تحيتي وتقديري
    تثبت....ظميان غدير
    أسعد الله أيامك أخي ظميان غدير
    وأنت أجمل وأرق .
    أخوك : حسين الطلاع

  4. #4

    رد: على الأريكة

    كان نصا طيبا موفقا وجميلا جدا
    سلمت لنا
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  5. #5
    Junior Member
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    المملكة العربية السعودية - الجبيل
    المشاركات
    26

    رد: على الأريكة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريمه الخاني مشاهدة المشاركة
    كان نصا طيبا موفقا وجميلا جدا
    سلمت لنا
    وما الطيب والجمال إلا من قاريء النص الذي أحسن القراءة فأوعى ،،، وعبّ منه فأروى .
    سلمكِ الله أختنا العزيزة ، وحفظكِ بما يحفظ به عباده الصالحين
    ـــــــــــــــــــــــ
    حسين الطلاع

المواضيع المتشابهه

  1. وسائد الأريكة
    بواسطة بنان دركل في المنتدى فرسان الأشغال اليدوية.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 01-18-2007, 11:31 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •