منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3

العرض المتطور

  1. #1

    أزمة قراءة أم أزمة كتاب؟

    أزمة قراءة أم أزمة كتاب؟
    بقلم: سري سمّور
    هل لدينا مشكلة أو أزمة قراءة حقا؟ هذه مشكلة يؤكد وجودها خبراء ومتابعون وأساتذة جامعيون؛ بل إن بعضهم يقدّر معدل الوقت الذي يخصصه الإنسان العربي للقراءة بعشر دقائق سنويا فقط!
    وانتشرت مقولة:أمة إقرأ لا تقرأ، في مختلف الأوساط الثقافية والتعليمية وصولا إلى أحاديث الناس فيما بينهم، وقدم بعضهم أسبابا مختلفة لتراجع أو شحّ القراءة والاطلاع لدى الفرد العربي، منها، على سبيل المثال لا الحصر، ثورة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، لا سيما انتشار القنوات الفضائية، وشبكة الإنترنت، خاصة مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر، وميل الفرد إلى متابعة هذه الوسائل والتعامل معها، وتـفضيلها على الكتاب، بل لربما خلقت عنده نوعا من الفتور أو حتى النفور من الكتاب.
    ومع أن الكتاب الإلكتروني هو من مخرجات تكنولوجيا المعلومات الحديثة، وارتباطه بالإنترنت شبه عضوي، إلا أن وجوده لم يحسّن حركة القراءة كثيرا، حتى مع وجود بيئة صديقة للقارئ والقراءة وفرها الكمبيوتر اللوحي(الآيباد).
    من وجهة نظري فإن الأزمة هي أزمة كتاب، أكثر منها أزمة قراءة، وأحد أهم أسباب الأزمة وأبرزها هو الميل نحو قراءة الجمل المختصرة والقصيرة، وهو ما توفره مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة تويتر(140 حرفا كحد أقصى للتغريدة الواحدة)، وحتى في فيسبوك الذي يتيح للمستخدم كتابة منشور(بوست) طويل، إذا أراد، فإن القارئ ربما يشعر بالملل والعجز عن التركيز بعد السطر الثالث، أو الخامس، وحين تلجأ لوضع رابط لمقال معين في مواقع التواصل فإن المتابع قد يفتح الرابط لكنه قد لا يقرأ المقال كاملا...هناك من يرى أن النزوع إلى الاختصار، سواء إجباريا مثلما هي بيئة تويتر، أو اختياريا مثلما هي بيئة فيسبوك -لمعرفة من يكتب أن القارئ سيمل سريعا- تحفز العقل، على عصر الأفكار وتـقديمها بكلمات قليلة، بدل الإسهاب والإطناب، وقول ما يلزم، وما لا يلزم، وتساعد على تـثـبيت المعلومة في الذهن؛ وبالنسبة لي أرى أن الفكرة ليست جديدة تماما، فمثلا أوراق التقويم اليومي(الروزنامة) يوجد على كل ورقة منها معلومة دينية أو علمية أو سيرة ذاتية مختصرة لأحد المشاهير، أو حكمة أو أبيات شعر مختارة أو حديث عن مناسبة تتوافق مع تاريخ معين...إلخ وهي ورقة صغيرة مساحتها حوالي 30 سم2 ومعدل ما يكتب عليها حوالي 100 كلمة؛ ففكرة التغريدات ليست جديدة، لكن التقنية تطورت.
    ولكن هذه الاختصارات لا تغني عن القراءة المفصلة، والرجوع إلى الكتب والمراجع؛ فحتى القرآن الكريم فيه سور قصيرة، وأخرى طويلة، وفيه آية الدَّين وهي أطول آية في الكتاب العزيز، وهي في أطول سور القرآن الكريم، سورة البقرة/ آية 282 فهذا حال كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فكيف مع كلام البشر الموسوم بالنقص، مثلما يقول العماد الأصفهاني؟
    ولكن لو جمعنا ما يقرأه المفسبكون والمغرّدون، خلال ساعتين من نشرات وتعليقات، نرى أنه لا يقل عن عشر صفحات كحد أدنى، وهم أنفسهم من يشعرون بالملل الشديد عند قراءة صفحتين من كتاب، هذا عوضا عما يقرؤونه على الشريط الإخباري المتحرك على شاشات الفضائيات المختلفة، والرسائل التي تصل إلى أجهزة هواتفهم المحمولة، ناهيك عن تصفحهم السريع لمواقع إنترنت معينة حسب ميول الشخص...فالشخص يقرأ كثيرا، من حيث عدد الكلمات والسطور، ولكن ليس من كتاب، سواء أكان الكتاب ورقيا أم إلكترونيا، مما يضع علامة استفهام كبيرة حول ما يطرح عن أزمة القراءة، بالمعنى المجرّد، وما يقوم به البعض بنفي صفة القراءة عن الفرد العربي عموما؛ فالعربي يقرأ كثيرا، ولكن ليس من الكتب؛ وهنا قد يقول قائل إن القراءة هنا سطحية، ولا يقرأ الفرد أفكارا مفيدة، أو معلومات ذات قيمة تذكر؛ وهذا أيضا حكم يفتقر إلى الدقة، فمثلا أنا عادة عند كتابة مقال أقوم بتقطيعه إلى فقرات وجمل قصيرة أنشرها على صفحتي في فيسبوك، ولست متفرّدا بهذه الطريقة، وهناك من يقرأ، وهناك من يقتطعون جملا وعبارات من كتب قيّمة وينشرونها بذات الطريقة، فكثير مما ينشر على فيسبوك وتويتر مقتطع من كتب ومقالات، وليس مجرد عبارات وجمل سطحية، ولا ننفي أن البعض يميل للأمور السطحية والفكاهات أكثر من الأفكار العميقة، والحكم والمعلومات المفيدة، والعبارات الرصينة، لكن نسبتهم ليست فوق الحد الطبيعي، وميولهم لا تمنعهم من مطالعة وقراءة ما يخالف هذه الميول.
    فهل بات القارئ يحبذ (الوجبات السريعة) أو تناول(الطبق) على دفعات، تماما مثل تناول المريض جرعات الدواء؟ وإذا كانت الإجابة نعم، فما السبب؟ أرى أنه للإجابة على السؤال لا بد من النظر إلى الكتب، والتدقيق في أسباب عزوف ونـفور الفرد عن قراءتها والانتفاع بها وبمحتوياتها، مثلما يقبل على قراءة ما ينشر على الفيسبوك وتويتر، وشاشات الفضائيات؛ والأسباب كثيرة ومتنوعة، ولا شك أن التربية والتشجيع على القراءة عامل مهم؛ وأنا شخصيا أحرص على ابتياع مجلة مطبوعة شهريا لطفلتيّ(10 و 8 أعوام) تحوي قصصا قصيرة ملونة ومعلومات مختلفة ومسابقة ثـقافية، وأقوم بأخذهما إلى مكتبة البلدية العامة وتحديدا إلى الجناح المخصص للصغار، مرة في الأسبوع، فتقومان بالقراءة لمدة ساعة، وتستعير كل منهما بعض القصص المصورة، والنتائج جيدة ولله الحمد، وطبعا طفلتيّ مثل باقي الأطفال تتابعان قنوات الأطفال المتلفزة، وتلعبان ألعابا إلكترونية على الإنترنت، وتلهوان وتلعبان مع بقية الأطفال، فليس بالضرورة أن تلغي عادة القراءة ما بات من يوميات الطفل ونشاطاته المعتادة الأخرى، وأنا أطرح تجربتي الشخصية لأنني رأيت أنها نجحت، وقدمتها لغيري فنجح أيضا.
    ولكن مع أهمية الاهتمام المنزلي بحض الطفل على القراءة، فهناك واجبات في ذات السياق تقع على عاتق المدارس وسائر المؤسسات التربوية والتعليمية، فمثلا لماذا لا يعلن عن جائزة مالية، ومالية بالذات، لمن يقرأ أكبر عدد من الكتب ويلخصها من الطلبة، من ضمن قائمة مختارة من الكتب، ولماذا لا يكون هناك نشاطات لمناقشة كتب معينة؟أعرف أن هناك نشاطات ومنتديات تقوم بذلك، ولكنها ليست ضمن المنهج الرسمي غالبا، ونجاحها متواضع، ومن يتفاعلون معها عددهم لا زال قليلا جدا.
    والأمر المهم، وربما أهم من كل ما سبق، هو الكتاب نفسه، وطريقة إخراجه وتـقديمه إلى القارئ؛ في الدول الغربية التي فيها نسبة قراءة مرتـفعة، هناك شركات مختصة بإخراج الكتب وترتيبها وطباعتها بطريقة تجذب القارئ وتشدّه وتحضه على الاستزادة، ولا تشعره بالملل؛ ولعلنا نلاحظ أن كتابا في الغرب من تأليف مسؤول عسكري أو أمني سابق، أو موظف أو طبيب أو حتى بائع بسيط يكون مكتوبا بلغة رشيقة جاذبة للقارئ، وكأن من خطّه صحافي متمرس، أو أديب عتيد، ومن المؤكد أن النص الذي نـقرؤه ليس هو النص الأصلي، من حيث ترتيب الأفكار، وعرض العناوين لكل فصل، والتعبير عن الفكرة بجمل معينة...إلخ.
    فهناك كتب تفرغ منها رفوف المكتبات، ليس بسبب محتواها فقط، بل لطريقة عرض وتنسيق الفصول، وانسيابية الأفكار، ورشاقة اللغة، والدعاية هنا ليست حاسمة تماما، فكثير من الكتب، حظيت بدعاية وترويج، ولكن القارئ فوجئ أن الدعاية كانت أكبر من قيمة الكتاب الحقيقية، وما أضافه من أفكار ومعلومات، والقارئ ليس غبيا...ولكن الأفضل هو دعاية موزونة للكتاب مع ترتيبه وإخراجه وطباعته بأسلوب جاذب للقارئ ، حريصا على تشويقه وتجنب ضجره وملله...والساحة العربية لا تزال تفتقر إلى هذا الأمر، والحجة الجاهزة لتبرير هذا الافتقار باتت مكرورة ومستهلكة:العرب لا يقرؤون!
    هناك انجذاب عربي في السنوات القليلة الماضية للروايات، قراءة ومناقشة، وحتى تأليفا من قبل الشيوخ والشباب، وشراء واقتناء، أو استعارة، وهو أمر جيد، ويجب ألا ينظر له على أن سطحية، أو مجرد (برستيج ثقافي) وفعلا هناك روايات عربية أو أجنبية مترجمة إلى اللغة العربية تستحق عدد القرّاء الذي حازته، وهذا ينم على أن هجران الكتب نسبي، ويمكن علاجه، والإقبال على الروايات يزيد من تأكيد فكرتي:لدينا أزمة كتاب أكثر منها أزمة قراءة وقرّاء!
    ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
    الأربعاء 22 رمضان 1434هـ ،31/7/2013م
    من قلم:سري سمور(أبو نصر الدين)-جنين-أم الشوف/حيفا-فلسطين

  2. #2
    والله طرحت قضية هامة نعاني منها ومن جيلنا الذي تعود القراءة السريعة.
    تحيتي
    mustafa2.wordpress.com

  3. #3
    ((((( فمثلا لماذا لا يعلن عن جائزة مالية، ومالية بالذات، لمن يقرأ أكبر عدد من الكتب ويلخصها من الطلبة، من ضمن قائمة مختارة من الكتب، ولماذا لا يكون هناك نشاطات لمناقشة كتب معينة؟أعرف أن هناك نشاطات ومنتديات تقوم بذلك، ولكنها ليست ضمن المنهج الرسمي غالبا، ونجاحها متواضع، ومن يتفاعلون معها عددهم لا زال قليلا جدا. )))))
    أخي الكريم , أنا أشكرك جداً وأتمنى لأم الشوف أن تنتج من أمثالك ما يكفي لتوعية أمتنا العربية , صغاراً وكباراً.
    موضوعك هام جداً ,ولكن لمن ؟ إنه لمن يريد ثقافة محسنة وثقافة عالية , قد لا توجد على الشبكات الإلكترونية , ولكن علينا أن نعلم بأن لكل زمان رجاله ونظامه وتطوره , ومهما حاولنا نقد الجديد فلا بد من ضرورة وجوده , وعلينا أن نمسك العصا من منتصفها ـ إن كنا نود الإنتماء إلى الثقافة والمثقفين , بمعنى , علينا ( بالغوغل ) فهو صديقنا الذي لا يمكن الاستغناء عنه لما به من معلومات زاخرة بالمعارف المتنوعة ) ومع أن بعض هذه المعلومات تحتاج إلى الدقة وإلى مصادرها المجهولة , إلا أنها أيضاً نافعة , وقليل منها ( سامة ) لا يفقه القاريء المبتدئ أبعاد فعالية هذا السم , ثم أعود لأقول ((( لا بد من الكتاب ) الذي يظهر مؤلفه واتجاهه وثقافته , فهو مصدر من المصادر الموثوقة لأن ثقافتنا هي التي اختارته .
    وبالنسبة لي : اتبعت فكرتك بالجائزة لمن يقرأ أكثر ,من أبنائي وأحفادي , ونجحت الفكرة , حين ألفت لهم كتاباً يشمل صورهم وصور آبائهم , ولكل واحد من الأبناء والأحفاد ( قصيدة شعرية ) أذكِّره بالدين والأخلاق الحميدة ) وبعد طبع الكتاب وصدوره ( وضعت لهم سؤالاً ونريد من يجيب عليه ) ومن يرسل الإجابة صحيحة فله جائزة نقدية , وبدأت المسابقة , فما من أحد يلم بالقراءة , إلا كان يحاول العثور على الإجابة , وكانت الإجابات الصحيحة كثيرة , وقمنا بعملية القرعة , في حفل عائلي خاص , وسلمنا الفائز الأول جائزته , ثم الفائز الثاني فالثالث , ونجحت التجربة في قراءة الكتاب كله عن طريق التحفيز للقراءة برغبة أكيدة .
    وأشكرك على موضوعك أخي وبارك الله بك .


المواضيع المتشابهه

  1. أزمة ثقافة واخلاق! أم أزمة مربين؟
    بواسطة ميسم الحكيم في المنتدى فرسان الأم والطفل.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 01-25-2014, 06:34 PM
  2. أزمة قراءة أم أزمة كتاب؟
    بواسطة سري سمّور في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-28-2013, 04:23 PM
  3. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-14-2013, 10:24 PM
  4. أزمة أدباء .. لا أزمة أدب
    بواسطة محمد جاد الزغبي في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 11-21-2012, 01:05 PM
  5. مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 12-24-2010, 02:43 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •