منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 1 من 1

العرض المتطور

  1. #1

    (جدلية العلاقة بين القومية والدين )الدور الوظيفي للدين في العرب (4)

    الدور الوظيفي للدين في العرب (4)حديثنا متواصل عن جدلية العلاقة بين القومية والدين (العروبة الإسلام نموذجاً): ما هو معلوم لدى المختصين في علم الاجتماع والعلوم الإنسانية ولا يريدوا التأكيد والتركيز عليه هو:تعريف الدين في المجتمعات الغربيةكما أن القوميون يُعرفون الإسلام بحسب تعاريف مدارس العلوم الاجتماعية وتاريخ الأديان في الغرب، التي تُركز على وظيفة الدين دوره الوظيفي في التطور الاجتماعي في المجتمعات الغربية أكثر من التركيز على حقيقة الدين ذاته. ذلك جعلهم يفرقوا بين العقيدة والشريعة ويضخموا دور العقل!ويمكننا إجمال المفهوم الغربي للدين: بأنه "وحدة الربط الميتافيزيقية بين الإنسان والعالم". أما الدور الوظيفي للدين فإنه "يؤدي وظيفة نظرية وعملية لأنه يحتوي نظرة كونية وأُخرى أنثروبولوجية، فهو يجيب على السؤال عن أصل العالم وعن أصل المجتمع الإنساني".لذلك يجد دارسي تاريخ الأديان في الغرب صعوبة في الفصل بين مفهوم الدين ودوره الاجتماعي، فالدين يقوم بدور الربط بين أفراد المجتمع حول فكرة معينة، أو أفكار، أو اتجاهات، أو أي عقيدة أيديولوجية تجمع بين أفراد أمة من الأمم. وفي العصر الحديث أصبحت الأفكار اللا دينية هي التي تقوم بدور الدين الوظيفي في الغرب.ويعتبر أرنولد توينبي أن انتصار العلم على الدين انتصاراً ساحقاً يشكل كارثة على العلم والدين معاً، وأن أخطر كارثة يواجهها العالم اليوم هي أن الجماهير - وخصوصاً الغربية- قد استعاضت عن الفراغ الديني بأيديولوجيات لا تفترق عن الأديان البدائية من حيث وثنيتها حيث عبادة الذات وإن تسترت تحت ستار القومية أو الاشتراكية ـ متمثلة في تأليه الدولة أو الحاكم. لذلك اعتبر يوسف الحوراني: أن الأفكار العلمية المعاصرة هي نوع من معطيات شبه دينية لعقائد جديدة في فهم العالم. معتبراً أن العقائد القومية والاجتماعية والسياسية، التي لا تزال تعيش في عصرنا وتخضع لعلاقات وروابط مثالية أو ميتافيزيقية لا تخرج عن كونها مظهراً جديداً من مظاهر الدين رافق تطور المجتمع من بدئه حتى الآن، والذي لا يخرج عن كونه حساً إنسانياً يتخذ أشكالاً مختلفة تختلف بين زمن وآخر، وبين أمة وأُخرى.ذلك ما جعل مالك بن نبي يعتبر الأفكار اللادينية التي سادت الغرب بعد ضعف واضمحلال سيطرة وهيمنة الكنيسة والفكر الديني النصراني "مفهومية دينية" في حقيقتها، حيث "أن الفكرة الدينية لا تقوم بدورها الاجتماعي إلا بقدر ما تكون متمسكة بقيمتها الغيبية ... أي بقدر ما تكون معبرة عن نظرتنا إلى ما بعد الأشياء الأرضية"، وعندما تَفقد هذه القيمة الغيبية، فإنها تترك مكانها، أو تعمل بواسطة بديلاتها اللادينية نفسها، وعلى ذلك فأي مفهومية تطرح نفسها بديلاً عن المفهومية الدينية، هي دين، وهذا ما يحدث في الغرب فالمادية مفهومية دينية في حقيقتها حينما تطرح نفسها بديلاً للدين.ذلك هو معنى ومفهوم الدين ودوره الوظيفي في التطور الاجتماعي حسب المفاهيم الغربية، وهو دور كل الأديان منذ فجر التاريخ كما جاء في ورقة (..)، وعليه: فإن فكرة القومية العربية بمفهومها الغربي العلماني هي مفهومية دينية بديلة عن الإسلام.ومن خلال المفهوم الغربي للدين فإننا لا نندهش في زمن بلغ فيه طغيان الرأٍسمالية وإعلاء شأن المادة وقيمة التملك على أي عقيدة دينية أو قيمة إنسانية، وسعيها لعولمة قيمها وثقافتها على العالم أجمع، لا نندهش بعد إعلان نيتشه عن "موت الله"، أي انتصار الإنسان في صراعه مع الإله على الإله نفسه، أن يُعلن العقلانيين أنه لا حاجة للإنسان لإله، فالإنسان في عصر التكنولوجيا والأقمار الصناعية وسفن الفضاء قادر على أن يصنع الإله الذي يريد؟!الإسلام منهج ونظام حياةذلك المنهج الغربي في فهم الدين انعكس على تعريف الورقة لمفاهيم مثل: الدين والهوية والقومية والثقافة والحضارة وغيرها، وجعلها تعتبر (الإسلام مكون ثانوي من مكونات الهوية الأكثر مرونة والأقل ثباتاً وتأثيراً وأكثر تغيراً في بنية الهوية القومية لأي مجتمع أو أمة، إذا ما قورن باللغة والتاريخ والجغرافيا والثقافة ... وأن أهم أسباب تعثر وفشل المشروع النهضوي الحضاري العربي الحديث هو الفهم المغلوط للدين الإسلامي والتوظيف المغرض له والخلط بين العقيدة كأيمان والشريعة كعقل)! وانتهت إلى: (أن العقيدة علاقة بين الإنسان وربه وليعبد الإنسان ما يشاء شجرة حجر حيوان أي شيء. وأن الشريعة مجالها العقل لأن وضع القوانين من اختصاص العقل وحده). ذلك الفصل بين العقيدة والشريعة يصلح في الأديان البشرية والوضعية التي يضعها البشر بعقولهم، فيختارون إلههم ويختارون شريعتهم وقوانينهم بعقولهم، ولا يصلح في الإسلام، لأنه ليس دين بشري!وحتى لا يفهم أحد رأي خطأ؛ أقول: أن الإسلام ليس له مشكلة مع العقل ولكن مع الفكر الذي يعمل العقل في مجاله، لأن العقل أداة والفكر مضمون يحتوي المعتقدات والآراء ورؤية الإنسان لذاته ومحيطه وكونه، ولا يتعدّى عمل العقل حدود ذلك المضمون، أي أن قدرة العقل محدودة بحدود معارفه وما يمتلكه من معلومات حول الموضوع الذي يتناوله في الوصول إلى استنتاجات قد تكون صواب وقد تكون خطأ لأن معرفة العقل ليست مطلقة! بمعنى آخر أن قدرة العقل على التأمل والربط والاستنتاج ليست نهائية ولا يقينية في أي موضوع وتبقَ نسبية - مع تحفظي على النسبية بعد الانتقادات التي وجهت لنظرية أينشتاين النسبية في العقود الأخيرة - وأن النهائي واليقيني هو علم الله تعالى، وما أُتيتم من العلم إلا قليلا! فلا يبالغ أحداً في قدرات الإنسان العقلية، وقدرة العقل على معرفة خير البشرية من شرها، ويشطح بعيداً في أحلامه واستنتاجاته ومحاولة تغليب علوم البشر على علوم الدين! ولا ننسى أن حِفظ العقل وسلامته من أي انحراف يخالف الفطرة السوية هو أحد أهم مقاصد العقيدة والشريعة الإسلامية معاً، ومعاً هنا أخص بها الذين يحاولون أن يفرقوا بين العقيدة والشريعة!لذلك مَنْ يريد فهم الإسلام عليه أن يفهمه كما أراده الله تعالى وليس كما أرادته مناهج وعقول البشر، والله تعالى أراد الإسلام منهج ونظام حياة للمسلم؛ عقيدة وشريعة، دنيا وآخرة، عبادة ومعاملة، عمل وجهاد، سلوك وأخلاق... ودعونا نوضح ذلك. في الإسلام كغيره من المناهج هناك ثلاثة أنواع من العلاقات:الأولى: علاقة الإنسان بربه، وهي العبادات.الثانية: علاقة الإنسان بنفسه، وهي الآداب والأخلاق.الثالثة: علاقة الإنسان بالإنسان والكون، وتبدأ من علاقته بوالديه وتنتهي بعلاقته بأقل مخلوقات الله.والنوع الأول والثاني قد يعلمهما الجميع؛ لذلك دعونا نُذكر بالنوع الثالث؛ ولنبدأ بالآية الكريمة التي يختزل القوميون معناها في العرب وحدهم من دون الأمة، وهي قوله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ). الآية تؤكد أن شرط الإيمان بالله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهما شرطا الخيرية لكل مَنْ يقوم بهما سواء العرب أو غيرهم، وطبعاً الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هما تشريع ينظم العلاقات بين الناس وليس عقيدة، وذلك تأكيد على خطأ الفصل بين العقيدة والشريعة في الإسلام!ودعونا نتأمل معاً سورة الماعون، قال تعالى: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ. فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ. وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ. فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ. الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ. وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ). السورة جمعت بين العقيدة والمعاملة والعبادة والأخلاق والسلوك وجعلتها صفات للذين يكذبون بالدين (الإسلام)، فأين الفصل فيها بين العقيدة والشريعة؟!.ومثلها قوله تعالى في سورة (الحاقة:33،34): (إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ. وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ). جمعت عقيدة وشريعة. وقوله تعالى: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ. قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ. وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ) (المدثر:42-44) جمعت عبادة وشريعة. أما المعاملات فنذكر على سبيل المثال: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (المائدة:1). وقال تعالى: (فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ) (التوبة:4). وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) (المائدة:8). العقود والعهود، القوامة والشهادة والقسط، ولا يجرمنكم واعدلوا، عقيدة أم شريعة ومعاملة وعلاقات إنسانية؟ هذا هو ديننا وإسلامنا رسالة الله إلى الناس كافة.
    التعديل الأخير تم بواسطة مصطفى إنشاصي ; 12-27-2023 الساعة 03:09 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •