الأديبة العالمية رنا قباني.. الجرأة والعراقة والانفتاح
الدكتورة رنا صباح قباني أديبة وشاعرة وباحثة وإعلامية سورية جريئة.. ولدت عام 1958 في دمشق، في بيئة محافظة على قيم التربية الإسلامية، ومنفتحة على قيم الغرب الفكرية، وأسرة عريقة أنجبت عدداً من الكتّاب والفنانين والشعراء والسياسيين، فجدّها الأكبر هو أحمد أبو خليل القباني مبدع المسرح الغنائي العربي في مصر والشام، وعمّها هو الشاعر الكبير نزار قباني.. ووالدها هو الدبلوماسي الدكتور صباح قباني مؤسس التلفزيون السوري عام 1960، وأحد مؤسسي الإذاعة السورية ووزارة الثقافة وسفير سابق لسورية في الولايات المتحدة الأميركية، وجدها لأبيها هو الوطني المعروف والصناعي الشهير توفيق القباني، أما والدتها فهي السيدة مها النعماني ابنة السيدة سلوى الغزي المتحدّرة من أقدم العائلات الدمشقية والتي كان منها فوزي الغزي واضع أول دستور سوري عام 1928وسعيد الغزي الذي تقلّد رئاسة الوزراء أكثر من مرة.
وقد تأثّرت رنا كثيراً بشخصية جدتها سلوى التي كانت من أوائل النساء الرائدات في العمل السياسي والنهضوي فهي من مؤسِّـسات (جمعية يقظة المرأة الشامية) خلال الحكم الفيصلي، كما كانت إحدى الموقّعات على النداء الوطني الشهير الذي وجهته نساء الجمعية لحث الرجال السوريين على صدّ الجيش الفرنسي الزاحف نحو دمشق لإسقاط فيصل والملكية العربية الوليدة ومباشرة انتداب فرنسا على سورية.. تلقّت دراستها الابتدائية في نيويورك، حيث تفتّحت موهبتها الشعرية وهي في السابعة، والإعدادية والثانوية في دمشق، ثم التحقت بجامعة (جورج تاون) في واشنطن، حيث نالت شهادتي البكالوريوس والماجستير بدرجة شرف، ثم انتسبت إلى جامعة كمبردج في بريطانيا، وحصلت على شهادة الدكتوراه في الفلسفة والآداب الانكليزية عام 1986 بأطروحة عنوانها (أساطير أوروبا عن الشرق ـ لفِّقْ تسدْ).
تزوّجت عام 1980 من الشاعر الفلسطيني محمود درويش، لكن هذا الزواج لم يستمر طويلاً، ثم تزوّجت من الكاتب السياسي الإنكليزي (باتريك سيل) وأنجبت منه ولدين.. من آثارها الأدبية: (الطريق إليك The Road to you (شعر باللغة الانكليزية، صدر عام 1973 وكان عمرها خمس عشرة سنة.. وكتاب أساطير أوروبا عن الشرق، وكتاب رسالة إلى الغرب..
اهتمت دور النشر العالمية بكتابها (رسالة إلى الغرب) فترجم إلى اللغات الألمانية، والدانماركية، والهولندية، والتركية، والعربية، وحين ترجمه والدها الدكتور صباح قباني إلى اللغة العربية، وصدر عن دار الآداب في بيروت عام 1991، ودار الأهالي في دمشق عام 2000، توالت تعليقات النقّاد على الكتابين والإشادة بهما في عشرات المقالات في الصحف والمجلات السورية والعربية... منذ أن استقرت الدكتورة رنا قباني في لندن، أخذت تمارس الكتابة الثقافية والسياسية في أهم الصحف والمجلات البريطانية التي تكلفها باستمرار بمراجعة الكتب الحديثة ذات العلاقة بالتاريخ العربي والإسلامي أو التي تتناول الجوانب السياسية في قضايا الشرق الأوسط، ومن أبرز الصحف التي كتبت فيها: «التايمز، الغارديان، الاندبندت، والأوبزرفر، والهيرالد تريبيون، والديلي تلغراف، ونيوستيتمان».. بالإضافة إلى بعض الصحف العربية التي تصدر في لندن مثل: «الحياة» و«الوسط» وغيرهما..
كما كلّفها التلفزيون البريطاني بإعداد وتقديم مجموعة من البرامج الوثائقية، كان من أهمها (توق إلى الإيمان) الذي تناولت في حلقاته الأربع أوضاع الجالية الإسلامية في بريطانيا، وطلب منها التلفزيون نفسه عام 1995 الذهاب مع فريق تلفزيوني إلى سورية، لإعداد برنامج عن الجولان المحتل، وبالفعل جاءت إلى سورية وقامت بتغطية قضية الجولان وأجرت حوارات مع الذين شرّدهم العدوان الإسرائيلي، بعد أن دمّر بيوتهم في الهضبة، واحتل أراضيهم، واستفاضت في الحديث عمّا تعرّضوا له من مظالم، وأبرزت إصرارهم على العودة إلى ديارهم، مهما طال أمد الاحتلال الإسرائيلي.. وقد أحدث البرنامج ضجة كبيرة في بريطانيا و«إسرائيل» لدى عرضه على الشاشات البريطانية يوم 28-5-2005، لأنه قلب الصورة التي كانت وسائل الإعلام تحاول رسمها عن الجولان من وجهة النظر الإسرائيلية.
المصدر :جريدة تشرين