زيدان خليل
الليل
ـ 1ـ
لايزال الليل يشرّد أعذاري
يفاجئني كل حينٍ بشتاء النوم
يسمّي الحلم المرافق غاباتي
صحراء مملحةً بالرمل،
وأنا لا أحلم إلا بكثيرٍ من وقتٍ
أنحني،أتموج فيه كالعشب
المنتصر على الظمأ
لايزال الليل يتجرع الغيرة
ويجرب الوخز كشجر الصبار.
كان عليه أن ينحني للفجر
المتدفق نبضه ليلدَ النهار
ـ2ـ
يراني قبالته ألهج بوجع الغياب
أغرر الشعر بتفاحةٍ،
فتغرغر عينيّ كالضباب
وأسائل لجَّة الماء أن أبدو
قريباً من مدح الماء..
وهو يشدو
يراني متشهياً أن يضمني تراب
ليرمم ما تصدع من ذاكرتي
وهي خارجة كعادتها من خراب
إلى خراب.
قلت لي أكثر من مرة
حين تكفلتني الحروف
تحملت الحراب.
ـ 3ـ
ينأى كهامش الوقت بأطرافه النافرة
يجذّر شرايين الرؤيا
في فضاء الذاكرة
وكلما أثنيت على احتمالات تقويمه
أو جلجلة تنجيمه
كان ردُّه كاضطراب الطقس
حين يجمع في سلة واحدة
تفاصيله الداشرة
وكلماتراءيت في لغته مجلّل الحرف
أومكسّر التأويل
كان في لغته أكثر احتقاناً
كشهقة قنديل.
ـ4ـ
لايزال الوقت منبسط الوقت..
تهرع إلى صدره الأوسمة!
ينهر صمتي،يرسم بخيط من قمره الغافي
مكان آنية الشعر
وحين يصحوأو يختلج أويخالجه جرس النوم
يتنبّه أنه ليل..وسيمضي
أنه ليل.. وسيأتي
أنه ليلٌ إن قلبنا حروفه
بقي ليلاً!
ـ5ـ
هذياني يمشي بسلالة التراب
تُغوي ثرثرته كثبان الرمل
واضطراب الشواهد كلما تعتقت
هذياني يضللني لأجدَ زرَّ الوضوح
فإذا ملت عن المعنى
سيهجرني كقبائل مطوقة بالظمأ والقفر
ويسأل ماذا تبقى له
إذا احتمى من هامش الغيم
بظل الطبن
هذياني تعقّل..
وابتكر لجسدك المتفتق مايستره
فكل احتمالات أن تمشي
تقاوم شهوة المشي.
ـ 6ـ
يخطئ الظل معناه
ويشتبك بخطوات لاتلائم مايراه
فإن كاشفته بقصيدة
كشفك كطريدة.
ـ7ـ
في إيقاع الصمت درة
تفتح للتائهين صرّة
لاتحزن إن غنّتِ الريح ماقلّب الحجر
أوراحت تأنس مالم تتعود
ففي داخل كلٍّّّّّّ منّا فكرة
وشيئاً ماتعودنا عليه.
ـ 8ـ
يتناوب على روح الكلمة
أكثر من معنى
وتنقل العين ذهول الحبر الناشّ من الحرف
يلتهب صمت المعنى الحقيقي
لتشبّ النار التي تشبق بقصبها
بكارة المجازي
ـ9ـ
تختال كالنبض في غيم الرؤيا
وفي هودج الليل تخبئ تاج براءتها
..من رأى لغتي الراكضة
كفرس الهواء
..من رأى لغتي العاقصة
أجساد النساء
تهرع الى كثافة الصمت لترتوي
..فمن رآها،
لغة تحكم مايجهش به بحر
وتراود الحياة كنحلة المعنى.
ـ 10ـ
مذ تعودت الليل بأطرافه النحيلة
وعّدْوَ الشعر من نجومه
وماتنثر من حبّ الضوء في سلة جميلة
مذ تعودت الليل بأشيائه المألوفة
وأكمام قمصانه الطويلة
منذ تعودته
دعوته الى مائدتي الخجولة.
ـ 11ـ
أحادث الحبر أن يحبل بفقاعاته
أن يحزّز قلقي بخدوش الحرف
أراهن شحوبي أن يطفئ سراجه
لأشعل قنديل المخيلة..
واعْطِه من نسغ الصمت
دمع السنبلة
..لم يكن الحبر سوى راشح الرذاذ
السائل الغربة أن تغترب
أن تخرج من حنجرة الوقت.
ـ 12ـ
ينحني كالريح المتقشفة في نسائمها
وإذا تدليت خيطا ًمن سقفه اللامسقوف
أدوِّر في أرضه عن وساده
أتكئ مثل هائمٍ عليها
وإذا دُلويَ دلى شهوة ظمئه في بئره
أفصحَ الماء عن شبقه؟