منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 10 من 10

العرض المتطور

  1. #1

    التمرد على اللغة العربية في تونس

    بسم الله الرحمان الرحيم
    التمرد على اللغة العربية في تونس
    أن تكون ابن وصاحب لغة الضاد فإن هذا يعني أنك إنسان يسهم في صنع المؤسسة اللغوية التي تعد منجزا بشريا.. فاللغة العربية خصوصا هي الإنسان بأبهى تجلياته التي أرادها الله له أن تكون. اللغة العربية لها 12 مليون و 300ألف مفرد، رغم أن الخليل بن أحمد الفراهيدي قدر أن اللغة العربية في جذورها لا تقل عن 120 مليونا من الكلمات، لأن كل حرف من الثمانية والعشرون يتعامل مع بقية الحروف.. بينما ثاني لغة بعدها لها 600 ألف مفرد.
    فإذا تخلى التونسي عن لغته بوظائفيتها فإنه يفقد جزءا كبيرا مما يعتمد عليه في تصنيفه في الدائرة الإنسانية، سيتحول بعدها إلى مخلوق فقط.. ربما يفقد إنسانيته بفقدانه وظيفة اللغة السامية التي أرادها الخالق تبارك وتعالى.
    رغم أن اللهجة التونسية أغلبها لغة عربية مقارنة مع لهجات مغربية ومشرقية، إلا أن اللهجة التونسية لها مفردات لغوية غريبة تنفرد بها، فهي ملغمة بمفردات إما معجمية تحيل للماضي البعيد أو مفردات لها جذور حضارية.
    وهناك فرق شاسع بين اللهجة التونسية والمشرقية وحتى المصطلحات التي يقع تعريبها فيها اختلافات، إذ يستعمل لدى المشارقة مصطلح التوظيف بينما في تونس التشغيل، وعوضا عن استعمال مصطلح الراتب يستخدم في تونس مصطلح الأجر، وبينما يستخدم لفظ الزراعة في المشرق يستخدم في تونس لفظ الفلاحة.
    ويَرَيَان، المفكر البشير الإبراهيمي والباحث في علوم اللغة رضا كشتبان أن اللهجة التونسية هي الأقرب إلى اللغة العربية، وفي هذا يقول كشتبان: "إن هناك اختلافا بين لغة التداول بالمشرق العربي وبلاد المغرب لا من حيث اللهجة فقط وإنما أيضا في مستوى المعجم، حيث تتميز لغة المغرب بمفردات غريبة في نظر المشرقي لارتباطها بمصادر لسانية وعائلات لغوية عديدة غير مألوفة بالمشرق".
    لكن أعتبر أن هناك تمرد على اللغة العربية في تونس وخاصة في وسائل الإعلام )وهو مقصود( يصل أحيانا إلى مرحلة من اللعب بالمفردات والتبسيط التي لا يمكن أن تقدم شيئا من هدفها التداولي، ألا وهو الإفهام الذي يلغي العزلة، لأن اللغة عموما تهدف في النهاية إلى فك العزلة عن الإنسان.
    و رغم هذا التمرد على اللغة العربية غير أن اللهجة التونسية مهما ابتعدت عن القاعدة )اللغة العربية(، فإنها لا تصل إلى حد الإنفلات كما هو في دول عربية أخرى.
    إن مفهوم التعريب في تونس منذ ثلاث عقود تقريبا يختلف عن مفهومه ودوره في عهد المزالي مثلا، فهو لا يحصن الناشئين من السيل الغامر من الثقافات الأجنبية غير الملائمة لطبيعة الحياة العربية... ويسري ذلك على آداب السلوك في نطاق الأسرة ومؤسسات التعليم والعمل.
    ورغم أنه اتخذ قرار )مع وقف التنفيذ( منذ أكثر من ثلاثة عقود يلزم الإدارة التونسية على استعمال اللغة العربية في مختلف الوثائق والمراسلات الإدارية، إلا أن اللغة العربية مازالت بعيدة عن الإدارة التونسية.
    أما المحيط فحدث ولا حرج، )المحلات التجارية، اللافتات الإشهارية..( رغم أن بعض هذه المحلات لا علاقة لها بالأجانب أو بالسياح.
    ومن "المضحكات المبكيات" أن بعض المحلات التجارية الصغيرة (عطار ـ خياط ـ حلاق ـ ميكانيكي... الخ....) توجد في أحياء شعبية أو في قرى نائية حيطانها الأمامية مكتوب عليها ليس باللغة العربية أو الفرنسية، إنما بلهجة ركيكة لايفهمها إلا كاتبها !!
    زد على ذلك مايستعملونه في معاملاتهم اليومية خاصة إرسال الإرساليات القصيرة عن طريق الهاتف الجوال..
    وصلتني رسالة نصية عن طريق هاتفي الجوال من أحدهم مكتوب فيها (jak ali) ومعناها جاءك علي؟ وعند لومي له لأني أعرف مسبقا أن هاتفه يمكنه من الكتابة باللغة العربية، رد بأنه بطيء في الكتابة باللغة العربية.
    أعتبر أن هذا تخلف سببه الأكبر الإعلام التونسي.. لأن اللغة المعتمدة في وسائل الإعلام السمعية البصرية (التلفزيون، الإذاعة)، تمثل أكبر إساءة للغة العربية. فإلى جانب أنها خليط بين العامية الفصحى والعامية فإنها لا تخلو في أحيان عديدة من استعمال اللغة الفرنسية.
    الناظر في طريقة التخاطب بين التونسيين لا يحتاج إلى عناء كبير للإقرار بضعف متكلم اللغة العربية، فلا تختلف تقارير الخبراء في وصف اللغة العربية بأنها تعاني اليوم ضمورا بين أهلها وذويها، وفي دارها، وتعيش وضعا يعطل وظائفها الطبيعية ويجعلها تبدو مجردة من المعلومات الواردة.
    فإزمة العربية في تونس، أزمة وضع (في التعليم والإدارة والإقتصاد)، وأزمة متن (معاجم وقواعد ونصوص)، ووظيفيات في الحياة العامة والإدارة، ومفاد هذا الكلام أن التواصل بالعربية، باعتباره هدفا من تعليم اللغة، لم يتحقق، وأن التداول بالعربية بين أهلها لم يتحقق، الشيء الذي يؤكد وجود خلل يشكو منه الدرس اللغوي العربي في تونس.
    يقر الدستور التونسي برسمية اللغة العربية في تونس، فهي اللغة الناطقة بلسان أهلها، والشاهدة على ذويها. إلا أن وضعها لا يعكس ما صرح به الدستور.
    طرح الشاعر علاء نعيم الغول في ديوانه )حين يشبهك الغجر( إشكالية التعديل على النظام اللغوي، يتمثل في ترك الترقيم لذهن القارئ، وعمل على امتداد 105 صفحات، هي مجموع القصائد دون حواش، سمح الشاعر لنفسه بإقصاء الترقيم عن نصه، باستثناء نقطة يتيمة في نهاية القصيدة. لذلك يقال: "توقف الإستشهاد بالشعر العربي في اللغة"..
    وعلل أنه لايطمح أن يقرأ ديوانه كل من هب ودب، وإنما يريد أن يقرأ ديوانه سوى من يتكلم العربية، بل من تخصص فيها، ولا يهمه إن لم يجد قراء له.
    اختلطت عندنا الرغوة باللبن الفصيح بعد أن أمعنا في التركيز على اللهجة العامية، والتي هي تمرد على اللغة العربية لأنها بناء غير مألوف. أجد صعوبة في إقناع الناس داخل تونس أني تونسي عند مخاطبتي إياهم بالعربية، ورفضي في كثير من الأحيان النطق بكلمات باللهجة العامية مثل "كرهبة" والتي في الأصل هي السيارة، ولا أدري من أين أصولها رغم بحثي عنها طويلا.
    واغتنم الإستعمار الجديد عن طريق عملائه في الداخل تغافل الشعب عن الدفاع عن اللغة العربية، فخطط لاغتيالها وتحجيم دورها، حتى تصبح لغة ميتة كاللاتينية لا يتعلمها الناس إلا للدراسات التاريخية، فتكونت عند التونسي قناعة بأن لغتنا الوطنية لا تصلح لتدريس العلوم، ولا يصدق بأن الجامعة الإيطالية في روما تدرس العلوم بالإيطالية، ولا يستوعب أن كثيرا من الأساتذة الإيطاليين يقرون بأن لغتهم أقل ثراء من العربية، بل كل اللغات أقل ثراءا من العربية، والعربية وهي أم اللغات وأثراها لا تدرس بها العلوم، وهناك من يعتقد من بين طلبتنا أن هاته البلدان تدرس العلوم مثلنا باللغة الأجنبية.
    تحدث عالم المستقبليات الدكتور المهدي المنجرة رحمه الله قبل موته عن أسباب النهضة والخروج من التخلف، وعرف المنجرة التخلف على أنه عدم الإهتمام بالعنصر البشري، وقدم لنا حلولا عملية إنطلاقا من دراسته للتجارب العالمية، خصوصا تجربة اليابان التي درسها قبل بحثه العلمي، وقال بأن أركان التنمية ثلاثة: محاربة الأمية والدفاع عن اللغة العربية والبحث العلمي.
    أخاف أن نفقد حتى لهجتنا الفصحى التي يتكلمها آباؤنا وأجدادنا، وتعوض بأخرى بعيدة عن العربية مكتوبة باللاتينية تشبه المالطية الحالية.
    أكثر ما يزعجني اليوم وأنا في غربتي، أن شبابنا داخل تونس بدأ يفقد الثقة في لغته الأم.. وكأنهم يمشون على أرض لا تشبههم.. وشوارع لا تعرفهم.. وأنهج ليس لهم فيها جيران عرب.. ومدارس لم يتعلموا فيها كتابات عربية.
    في بلدي تونس اليوم هناك تشنج بالشارع وسباب بلغة لم أتعود عليها، بل لا أفهمها ولا أريدها.. ومقهى يغمز لي أن قهوته ليست عربية، مكتض من الصباح حتى المساء، مريدوه لا يعرفون أن غيرهم حوى "الحاوي".
    هذه ثورتي صنعها الصمت، وأتمنى أن يلد ذاك الصمت ثورة حكايات باللغة العربية...

  2. #2
    مابحدث في تونس له صلة في مكان آخر يهمل فيها تعريب المصطلحات ، ويماثل هذا التمرد وقلة الوفاء والإخلاص.
    ومنكم نستفيد.
    وحسبنا الله ونعم الوكيل.
    رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء
    رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ
    **************
    قال ابن باز رحمه الله
 :

    لباسك على قدر حيائك
    وحياؤك على قدر ايمانك

    كلما زاد ايمانك زاد حياؤك
    وكلما زاد حياؤك زاد لباسك

  3. #3
    شكرا أخت راما
    لكن لنا دور حيوي ومهم وهو توعية المجتمع

  4. #4
    موضوع حساس جداً وبارك الله بك أخي على هذا الجهد .

  5. #5
    مرور سريع ولي عودة إن شاء الله

  6. #6
    أخي الأستاذ فتحي العابد , أشكرك أولاً على صراحتك وغيرتك على اللغة العربية , وبما أنك أخي كاتب فأنا أثق بأنك تتذكر الماضي في السبعينات وما قبلها وما بعدها حين ظهرت نخبة سيئة من المثقفين المتمردين يحاولون تبديل الحروف العربية بحروف لاتينية , بحجة أن اللغة العربية ليست لغة علم , بل هي لغة أدب وسلوك , فمثل هؤلاء الجهلة بدينهم وقيمهم لا يعتد بأقوالهم , فماتت حماستهم قبل أن تولد , لأن اللغة العربية هي لغة القرآن ومن يرد طاعة الله فليقرأ القرآن بحروفه وكلماته ويعرف معانيه السامية بلاغة وبياناً وتفسيراً في المبنى والمعنى , هذا إن كان مسلماً حقاً , ومن هم دون ذلك فهؤلاء هم أعداء أنفسهم وأعداء عروبتهم وإسلامهم , ولولا عداء أهل الأرض للإسلام لتعلموا جميعهم لغتنا العربية , لأنها أرقى اللغات وأفصحها وأعذبها نطقاً في مخارج حروفها وعذوبة لفظها وموسيقا لحنها,
    وما تكلمت به يا أخي العربي في تونس , تستطيع الوصول إلى الجزائر والمغرب , وإلى لبنان , ثم لتصل إلى البلاد العربية , التي تفضل شعوبها المخاطبة باللهجة عن المخاطبة بفصيح الكلام , وهذا هو الجهل بعينة , ثم إن تشجيعنا نحن العرب للهجات واضح تماماً , وهو بمثابة تشجيعنا لشعراء العامية , علماً أن العامية لا تغني عن الفصيحة شيئاً .
    واعلم يا أخي العربي بأن أعداء اللغة العربية لن يناموا , وأعداء المسلمين سيضاعفون عداءهم , ولكن الله حافظ دينه ولغته وقرآنه إلى أن تقوم الساعة .
    شكراً لك مرة ثانية , مع أغلى التحايا


  7. #7
    للعلم , إن لغتنا العربية الفصيحة تتقهقر للوراء بسبب عدم عناية فقهاء اللغة باللغة نفسها , وضعف التلاميذ في قواعدها , أشكركم .

  8. #8
    لا أخت آمنة ليس قلة اهتمامنا
    بل هو مرض وعقدة اتجاه الآخر...

  9. #9
    السلام عليكم أخ غالب
    لم نعترف حنى اليوم بأننا أكثرنا الحديث عن الآخر وأهمية التواصل معه بلغته، بدعوى تقليص عدد الأعداء...

  10. #10
    أملنا هو بقاء لغتنا حية إلى يوم يبعثون , وشكراً لك أخي الأستاذ فتحي العابد

المواضيع المتشابهه

  1. أشتات في تعليم اللغة اللغة العربية وتدريسها (1)
    بواسطة eleanorsj18 في المنتدى فرسان اللغة العربية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-15-2019, 02:50 PM
  2. مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-08-2013, 06:57 AM
  3. ((الثورة التونسية المباركة أم الثورات العربية))((والشعب التونسي رائدها وفي تونس وجوه ضاحكة مستبشرة)
    بواسطة محمد اسعد بيوض التميمي في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 12-31-2011, 01:15 PM
  4. أثر اللغة العربية في اللغة الإسبانية
    بواسطة ملده شويكاني في المنتدى فرسان اللغة العربية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-28-2010, 11:48 AM
  5. بيان لجنة التمكين للغة العربية ومجمع اللغة العربية بدمشق
    بواسطة ملده شويكاني في المنتدى فرسان اللغة العربية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04-06-2010, 05:26 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •