بقلم/ حسام الدجني
تكتسب ذكرى استشهاد خليل الوزير أبو جهاد هذا العام أهمية كبيرة، ويعود ذلك لانسداد الأفق السياسي الذي تقوده قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح. بالإضافة إلى ما وصلت إليه الحالة الوطنية الفلسطينية من ضعف وانقسام وتشرذم.
لم يكن أبو جهاد لوحده من يؤمن بأن الكفاح المسلح هو الطريق نحو التحرير، فالعديد من قادة الشعب الفلسطيني الِأحياء منهم والأموات، ما زالوا يؤمنون بطريق الكفاح المسلح كعنوان للتحرير. وهذا ما دفع إسرائيل لأن تدرس بعناية فائقة عندما تتخذ قرارات التصفية الجسدية، فقامت وما زالت تقوم باغتيال كل من يحمل فكر المقاومة المسلحة، وتركت من تعتقد فيهم تبني خيارات التسوية، فـ(إسرائيل) لا تؤمن بالسلام، وإنما تؤمن باستسلام الطرف الفلسطيني، ولذلك وصلت المفاوضات لطريق مسدود، وقد تنهار بأي لحظة حتى لو تم التمديد لتسعة شهور أخرى، وكأننا في مقامرة سياسية على أشلاء ما تبقى من وطن.
عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمود العالول, وفي شهادته لبرنامج الجريمة السياسية الذي تقدمه فضائية الجزيرة، قال: مشاريع التسوية التي كانت تطرح سياسياً، أبو جهاد كان ضدها تماماً، كان لديه توجه واضح هو مسألة الكفاح المسلح، لا يوجد لديه مرونة سياسية، لم يكن أبو جهاد يتحدث في ذلك كثيراً، فإن أراد إلغاء أي مشروع كان يقوم بعملية فدائية.
وحسب شهادة زوجته, إنتصار الوزير أم جهاد، فقد أكدت أن اغتيال زوجها كان بمثابة اغتيال الكفاح المسلح، وهذا ما أثبتته الأحداث التي تلت مرحلة اغتياله.
اغتيل أبو جهاد، ولكن ما زالت ذكراه حاضرة في عقول محبيه، فعندما نتحدث عن مجد الثورة الفلسطينية نذكر خليل الوزير أبو جهاد، وعندما نتحدث عن الزمن الجميل لحركة فتح، نتحدث عن زمن خليل الوزير أبو جهاد، ورفاقه، وهذا كله يؤكد صوابية فكره السياسي والجهادي.
وتأتي ذكراه هذا العام، وكأن أبو جهاد في ذكراه يرسم معالم وخيارات الرئيس أبو مازن في المرحلة المقبلة، ليقول له: اترك التفاوض، واعزل الاحتلال، وراهن على وحدة الشعب وعناصر قوته، واذهب للمؤسسات الدولية كخطوة استراتيجية لمقاضاة قادة الاحتلال، واعمل على إشعال انتفاضة شعبية تبدأ سلمية وتتدرج نحو استعادة الكفاح المسلح، فحينها ستستعيد فتح مجدها، والقضية الفلسطينية رونقها، ولن يكون مكان لأصحاب الأجندات المشبوهة وتجار الحروب، وسيتحمل الاحتلال تبعات احتلاله.
تربط "أبو جهاد" علاقات مع العديد من الدول والأحزاب، وكان يسخّر تلك العلاقات لدعم وتطوير قدرات المقاومة الفلسطينية، وتدريب عناصرها، وتميزت علاقاته بالإيرانيين، وجلس مع مرشد الثورة الإيرانية الخميني, وكان ذلك في يوم 13/10/1979م، وكان برفقة "أبو جهاد" في هذا اللقاء الشهيد سعد صايل أبو الوليد، في مشهد يعبر عن عبق الثورة والثوار، حيث جلس الحضور برفقة المرشد على الأرض.
رحم الله "أبو جهاد"، وكل شهداء فلسطين، وأحيا فكره الجهادي من جديد روح ووجدان قيادات وكوادر حركة فتح، وتحديداً في ظل انسداد الأفق السياسي، والهجمة الشرسة للاحتلال، لنستعيد البوصلة من جديد على إيقاع وأنغام فكر خليل الوزير الجهادي.