| بالذي أعز اليهود بمنشا و النصاري بابن نسطورس , وأذل المسلمين بك إلا نظرت في أمري ؟ |
وقد بدت سياسة التسامح التي اتبعها ( الفاطميون ) ! واضحة منذ وصول ( الخليفة ) ! المعز إلي مصر فقد طلب إليه أفرهام السرياني البطرق الثاني والستين أن يمكنه من بناء كنيسة أبي مرقورة بالفسطاط وكذلك الكنيسة المعلقة بقصر الشمع فكتب سجلا يمكنه من ذلك وأطلق له من بيت المال ! ما يصرفه علي هذه العمارة , فتصدي الناس للأقباط ومنعوهم من البدء في عملية البناء فجاء المعز وأشرف بنفسه علي بناء أساس الكنيستين , ثم أمر ببناء كل الكنائس التي تحتاج إلي عمارة دون أن يعترضه أحد علي ذلك ولما كان ولده الخليفة العزيز بالله متزوجا من نصرانيه علي المذهب الملكاني فقد جعل أخاها أرستس Arenius بطركا للملكيه بمصر , الأمر الذي ساعد علي توطيد العلاقة بينه وبين بيزنطة ..
واستمرارا لروح التسامح الديني هذه ! عهد العزيز بالله في أعقاب وفاة ابن كلس ( الذي كان يهوديا ثم غدا شيعيا إسماعيلي ) إلي عيسي بن نسطور النصراني بتولي دواوين الدولة ( المصريه) في سنة 348هـ / 994 م واستناب علي الشام يهوديا يدعي منشا بن إبراهيم القزاز مما مكن لأهل الذمة في زمانهما , وأثار حفيظة المسلمين السنة عليهما , ووجد أهل الفسطاط - مركز المقاومة السنية في مصر - في ذلك فرصة سانحة للتعبير عن سخطهم علي هذا الوضع فيروي لنا ابن الجوزي أن أهل الفسطاط جعلوا امرأة ( ربما تمثالا علي هيئة امرأة ) تعترض طريق الخليفة وتقدم له ورقة فيه : (( بالذي أعز اليهود بمنشا و النصاري بابن نسطورس , وأذل المسلمين بك إلا نظرت في أمري ؟)) وقد اضطر الخليفة أمام تذمر أهل مصر من هذا الوضع إلي القبض عليهما وأخذ من ابن نسطورس ثلاثمائة ألف دينار ....
[ د . أيمن فؤاد سيد - الدولة الفاطمية في مصر تفسير جديد - صـ 155-156 . بتصرف ]
*ع *