منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 15

العرض المتطور

  1. #1
    Moderator
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    فلسطين - رام الله
    المشاركات
    355

    بئس المآل لهكذا { آل }... قـصّة خريف الطواغيت وأعوانهم

    الطاغية كلّ طاغية مهما علا جاهه وعظم سلطانه يبقى ضعيفاً في نفسه ، لكنّه يستقوي بمن مالأه وتواطأ معه من أبناء جنسه ؛ من أعوان الظلم والظلام ،الذين خرّبوا آخرتهم خدمة ً لدنيا غيرهم ، وباعوا دينهم نصرة لسلطان غيرهم ، وهجروا طهر الضمائر والذمم ، وداسوا كلّ المبادئ والقيم ، لقاء متاع دنيويّ زائل!
    ولمّا كان ذلك كذلك : فمن استعرض الآيات القرآنية الكريمة في قصّة موسى وفرعون وجد أن الظاهر على مسرح الأحداث هم آل فرعون فقد كانت لهم في ميدان الظلم والاضطهاد الصولة والجولة ؛ فبينما فرعون كان طاغية العصر ، و كتلة الشرّ التي تدبّ على الأرض ، غير أن لائحة الاتهام القرآنية ما فتئت تُفصح وتَفضَح وتقول : ( آل فرعون } وما ذاك إلا لأنهم هم آلة البطش الفرعونية ، وهم الأداة الآثمة الطيّعة التي سُلّطت على رؤوس العباد ، وتفانت في أداء هذه المهام ؛ مهام الجرم والإجرام ! وذلك على كافّة الأصعدة ؛
    فآل فرعون :
    هم اللسان الفرعونيّ المفاوض : { ولمّا وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنّا الرجز لنؤمننّ لك ولنرسلنّ معك بني إسرائيل } (الأعراف 134)
    وهم اللسان الفرعونيّ المعاند الرافض : { وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين } (الأعراف 132)
    وهم اللسان الفرعونيّ المُدلّس المُغرض : { وقالوا يا أيّه الساحر آدع لنا ربّك بما عهد عندك إننا لمهتدون } (الزخرف 49)
    وهم اللسان الفرعونيّ المعترض المحرّض : { قال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك ؟ قال سنقتّل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون } (الأعراف 127)
    وهم اللسان الفرعونيّ المكذب : { كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذّبوا بآيات ربهم } (الأنفال 54)
    وهم اللسان الفرعونيّ الإعلاميّ المستنفر : { فأرسل فرعون في المدائن حاشرين،إنّ هؤلاء لشرذمة قليلون ، وإنهم لنا لغائظون }(الشعراء 53-55)
    وعلى هذا الصعيد صعيد التنظير الإعلاميّ غدا آل فرعون بوقا إعلاميّاً فرعونياً محضاً تجلّى فيها قول فرعون { ما أريكم إلا ما أرى } (غافر29) فهي تنعق بمقولاته صباح مساء ! ولا أدلّ على ذلك من وقوفك على هاتين الآيتين { قال للملأ حوله إنّ هذا لساحر عليم ، يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون } (الشعراء 34،35) ففي هذه الآية القائل هو فرعون ، بينما تأمّل مَن القائل في هذه العبارة { قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون} (الأعراف 108،109) ففي السياق الثاني لم ينسب القول الى فرعون بل إلى ملئه ، ففرعون قد ألقى بمقولاته هذه مرّة ، فتلقفها هؤلاء وطاروا بها وصاروا ينعقون بها كلّ مرّة !
    وآل فرعون هم العقل الفرعونيّ الجحود : { كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله } (الأنفال 52)
    وهم القلوب الفرعونيّة العمياء : { وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها } (الزخرف48)
    وهم الآذان الفرعونيّة الصمّاء : { فلمّا جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون } (الزخرف47)
    وهم العين الفرعونيّة الراصدة : { وإنا لجميع حاذرون } (الشعراء 56)
    وهم العين الفرعونيّة المتعـقّبة : { فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوّاً وحَزناً } (القصص8)

    وهم اليد الفرعونيّة الناكثة: { فمّا كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون } (الأعراف 135)
    وهم كذلك اليد الفرعونيّة الباطشة : { وإذ نجّيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبّحون أبناءكم ويستحيون نساءكم } (البقرة 49)
    وهم القـدَم الفرعونية العابثة المُطارِدة ،التي تطارد الحق وأنصاره : { فأتبعوهم مشرقين } (الشعراء60)، { فأتبعهم فرعون وجنوده بغياً وعَدْوا } (يونس90)
    وهم بذا النفوس المستكبرة المجرمة : { فاستكبروا وكانوا قوماً مجرمين } (الأعراف 133)
    فاستناداً إلى ما سبق يكون فرعون قد حقّق في هؤلاء الآل منظومته ، وصبغهم بصبغته ، تماماً كما صرّح لهم بالقول : { ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد } (غافر29) وبذا غدا مجمل القول في هؤلاء : إنهم فرعون قلباً وقالباً ، كيف لا وقد بات آلُ فرعون يدَ فرعون التي يبطش بها ، ورجله التي يعبث بها ، ولسانه الذي يقذف بالغيب ، وعينه التي يرصد بها للمصلحين كلّ درب ، وأذنه التي صمّت عن سماع الحق، وعقله المفكّر في استعباد الخلق ، وقلبه العُـتُـلّ ، ونفسه التي شُحنت بالفساد والغِـل .. وبذا تحوّل هؤلاء الآل إلى آلة ؛ آلة فرعونيّة مسخّرة للبطش والتنكيل ، تعترض بالذبح والسبي والتقتيل سبيل كلّ جيل إثر جيل ، فاستحقوا بذا من الله تعالى الأخذ الوبيل، { فأخذناه أخذاً وبيلا } (المزمّل 16)
    ولمّا كانت محكمة العدل الإلهية لا تطارد الظلمة وتخلي ساحة أعوانهم وبطانتهم وأدواتهم الآثمة فصكّ الإدانة طال الجميع { إنّ فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين } (القصص 8 ) فلائحة الاتهام لم تبرّئ ساحة أحد منهم ؛ من الظالم وأعوانه ، من المجرم وأشياعه ، من الطاغوت ومن التف حوله فـنصره وآزره ، فالكل مُدان ، والكل – لقاء صنيعه - سيذوق غصّات الذلّة، ويتجرّع مرارة الهوان ؛ لذا دارت على أعوان الظلمة دائرة السّوْء ، وصاروا عرضة للاستهداف الإلهي ّ النفسيّ والجسدي ؛ فكان أن حلّت بآل فرعون في الدنيا سني الجوع والجدب : { ولقد أخذنا آل فرعون بالسّنين ونقص من الثمرات لعلهم يذّكرون } (الأعراف 130)
    وعُكّر عليهم صفو العيش ورغده : {فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمّل والضفادع والدم آيات مفصّلات} (الأعراف 133)
    وأصبحوا عرضة للغيظ والكمد ممّن استضعــفوهم : { ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمّة ونجعلهم الوارثين ،ونمكّن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون } (القصص 5،6)
    وحلّت بساحتهم الفواجع {وحاق بآل فرعون سوء العذاب} (غافر45) وقوله تعالى : { فغشيهم من اليمّ ما غشيهم } (طه78) وقوله : { ولقد جاء آل فرعون النّذر كذبوا بآياتنا كلها فأخذناههم أخذ عزيز مقتدر } (القمر 41)
    وتبعتهم النقمة الإلهية إلى قبورهم ليمسهم من عذاب القبر ما يمسّهم ، مع ما يرتقبهم من هولٍ يوم القيامة ! {النار يعرضون عليها غدوّاً وعشيّاً } (غافر46) هذا في قبورهم ، ثمّ { ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب } (غافر46)
    وهكذا فقد واكبت الظلمة وأعوانَهم لعنة في الحياة الدنيا ، مع ما يرتقبهم من فضيحة وخزي وعار يوم يقوم الأشهاد : { وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين } (القصص 42)
    وبعد : فمن تأمّل النصوص القرآنية يجد أن كتاب الله تعالى فصّل في عاقبة أدوات الظلمة ؛ آل فرعون ، وأجمل في عاقبة فرعون ، فمشهد عاقبة فرعون أجمله الباري بقوله : { حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} (يونس 90) في حين جاء التفصيل في عاقبة آل فرعون على نحو ما أسلفنا ! ووراء ذلك التفصيل حِكَم جمّة ، من أهمّها : لقطع توهّمات المتوهّمين ، وتخرّصات المتخرّصين ، وتأويلات الجاهلين ، وانتحال المبطلين من أنّ آل فرعون ليس لهم من الأمر شيء ، إنما هم مسيّرون من قبل فرعون ، وليسوا بمخيّرين فقد يُلتمس لهم العذر ، ويرفع عنهم الجُناح والتثريب ! فجاءت التفصيلات في هذه الآيات البيّنات لتدحض ذلك كلّه وتصدع بأنه : لا عذر لأحد ولا ذريعة له البتّة في الولوغ بدماء الشعوب ، والتورّط بتكميم أفواههم ، وكبت حريّاتهم ، واستباحة كرامتهم ، والسّطو على أموالهم وأعراضهم ... فلا ترخّص في شيء من هذه الحرمات ، دقّ أو جلّ ، كثر أو قلّ !
    وإلا فكان يسع هؤلاء ما وسع سحرة فرعون ؛ ففي سحرة فرعون أسوة حسنة لأعوان الظلمة ؛ فقد أصبح القوم سحرة ، وأمسوا عند ربهم شهداء بررة ، فما أن بان الحق وانقشع عنه الغبار، غبار تدليس المدلّسين حتى خرّوا لله ساجدين ، ورفضوا أن يظلّوا أدواتٍ آثمة في أيدي الظلمة المستبدّين ...
    فانظر عزيزي القارئ إلى واقعنا المعاصر ! وألحِق الشبيه بالشبيه ، والمثيل بالمثيل ، وقِس النظير على النظير ، ثمّ ارتقب فيهم بعد ذلك سنّة العزيز القدير ؛ فقد عقّب المولى على عاقبة آل فرعون بقوله { أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزّبر } (القمر43) هكذا جاء التعقيب الإعلاميّ القرآنيّ على ما حلّ بآل فرعون، ثمّ اعذرني بعد ذلك للإطالة ! فملابسات الواقع حتّمت عليّ مثل هذه الإطلالة !

  2. #2
    Junior Member
    تاريخ التسجيل
    Sep 2011
    الدولة
    ادنبرة
    المشاركات
    11
    فهي إذاً روعة الإطلالة .. ومتعة الإطالة ... جزاك الله خيراَ على الفائدة النادرة ,المميزة والقيمة
    أم أحمد

  3. #3
    اللافت في الامر ان الإنسان يبدأ مشواره الحياتي بسيطا متواضعا ودودا ..ثم يتحول فجاة إلى وحش!هل تبجيل من حوله ساعد ام بذرة الانحرافهذه موجوده من قبل؟
    مرور سريع
    مع التحية
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #4
    Moderator
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    فلسطين - رام الله
    المشاركات
    355
    بعد التحية للأستاذة الفاضلة ريمه الخاني : أثمّن لك كثيراً جهودك ومتابعتك القيّمة لما يكتب في هذا المنتدى العامر، ولعلّ مقالتي القادمة بإذن الله تعالى والتي تحمل إسم ( البشريّة بين حصانتين ) لعلّها تجيب على تساؤلك الكريم .... شكراً لك أستاذتي

  5. #5
    Moderator
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    فلسطين - رام الله
    المشاركات
    355
    أشكر لك أم أحمد تفضّلك بمتابعة وقراءة المواضيع ... وبارك الله فيك على هذا الأدب الرفيع

  6. #6
    حقا إنه لتحليل رائع جدير بأن يفهم وحري بان يؤخذ ولقد أسرتنا بعمق الدلالات وعظيم الآيات البينات
    جزاك الله خيرا استاذنا الفاضل د عيد دحادحة وفتح الله علينا وعليك

  7. #7
    Moderator
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    فلسطين - رام الله
    المشاركات
    355
    خالص الشكر والتقدير لشخصك الكريم عزيزي الدكتور أبو أنس على مواكبتك الوفيّة لما أكتب ، وعلى تعليقاتـك البهيّة التي لا تـنضب !

  8. #8
    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تغمركم , أخي د. عيد , راق الموضوع الّذي طرحت , وأعجبني مضمونه غاية الإعجاب بل حاز قناعتي العلمية والفكرية , أنت يا أخي من روّاد البحث وحملة الأقلام الواعية . نعم فلنلحق الشبيه بالشبيه , وتيار التغيير ماض لأنه بيد الله والشعوب وسيلة إليه وهي التي تجني ثماره في نهاية الرحلة . جزاك الله خيراً وفتح علينا وعليك . طاب يومك بإرضاء الله .
    وما بكم من نعمة فمن الله

  9. #9
    Moderator
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    فلسطين - رام الله
    المشاركات
    355
    ... وبطلّتك وتعليقاتك على مقالاتي أشرُف وأسعـَد ، يا أخي الحبيب الأستاذ أسعد ، وأشكرك من الأعماق على طِيب قِـيلِك ، واللهَ أسألُ أن أكون عند حسن ظنك ، وأحبَّـكَ اللهُ الذي أحببتني فيه ، فقد تعارفنا وتآلفنا من وراء حجاب ، فتعانقت بذا أرواحُنا ، فاللهَ أسألُ أن ييسّر لنا اليوم الذي تتعانق فيه أجسادُنا ، في ساحات الأقصى المبارك ، حينما تدخلون علينا الباب ، بابَ العز والتمكين ، فاتحين محرّرين بإذن الله ربّ العالمين !

  10. #10
    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , ذوق رفيع وأدب عال فاحت به تلكم الكلمات المعبرة عن مكون قلبك أخي الكريم عيد دحادحة , هكذا آثرت أن أخاطبك بصفاء القلب بعيداً عن عالم الألقاب , لا لشيء إلاً لأني أحبك .
    وما بكم من نعمة فمن الله

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. خريف الغضب
    بواسطة محمد عيد خربوطلي في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-24-2014, 02:34 PM
  2. شر الطواغيت.....
    بواسطة مصطفى السنجاري في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 04-03-2012, 07:10 AM
  3. خريف العمر
    بواسطة يونس محمود يوسف في المنتدى فرسان النثر
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 07-19-2009, 08:40 PM
  4. برق في خريف
    بواسطة د. حسين علي محمد في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 05-01-2008, 08:07 PM
  5. خريف سويسرا
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان السياحة.
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 12-01-2007, 05:16 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •