الفوضى قوة
كما أن الطاقة الجنسية ضرورة للتكاثر والبقاء فلا يجوز التخلص منها حتى لو استغلها كثيرون في طريق خاطئ، كذلك فإن الفوضى ضرورية للإبداع مع ما يظهر من مساوئها للناس.
هل يمكن أن نفصل بين الطاقة الجنسية وبقاء الجنس البشري فنقول إننا نريد التكاثر لكن بدون هذه الطاقة الجنسية الآثمة!
لقد حرم الإسلام الاختصاء حتى لو كان بنية التبتل والتعفف!
كذلك لا يمكن أن يكون الإبداع إلا من طريق الفوضى
إن فرض مسارات محددة وقوالب صارمة وإلزام المبدعين بها تقتل إبداعهم..
حدثني صديقي عامر بأنه شكا إلى خبير نفسي أنه لا يستطيع العيش إلا في أجواء الفوضى فيترك كتبه ودفاتره دون ترتيب، ويلقي ملابسه يميناً وشمالاً.
طمأنه ذلك الخبير بألا يقلق فهذه اللا مبالاة هي سر قوته، وشخصيته التي تتمرد على النظام في البيت هي ذاتها التي لن يسعها إلا أن تتمرد على القوالب والأنماط التقليدية في المجتمع..
كثيراً ما نقابل في حياتنا أشخاصاً أذكياء جداً لكنهم لا يعتنون بمظهرهم الخارجي فثوب أحدهم مهلهل وحين يسير في الطريق يبدو وكأنه يحدث نفسه فيسخر الناس منه ويظنون به جنوناً لأنهم فارغون فلا يلتفتون إلا إلى المظاهر الشكلية.
أعرف عالماً من العلماء لم أعرف حتى اللحظة من هو في مثل علمه وسعة اطلاعه، ولكن مع غزارة علمه فإنه يكثر من الأخطاء النحوية، وأنا أعلم يقيناً أن هذا اللحن ليس لجهله بقواعد النحو، إنما هي اللا مبالاة التي تتسم بها شخصيته، فقد استغرقته الأفكار العميقة حتى لم يعد يبالي بالقواعد والأبنية اللغوية التي يتقيد بها الناس.
هذه اللا مبالاة في شخصيته هي ذاتها التي صنعت منه العالم والمفكر، ولو حاولنا فصل هذا المكون من شخصيته لفصلنا عنه كل إبداعه وعبقريته..
إن الفوضى قوة جبارة لو أننا أحسنا التعامل معها ووجهناها في اتجاهات مفيدة..