بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم الباحث القدير بوبكر ,
أحييك وأحيي الروح الإسلامية والعربية التي تأصلت بروحك المؤمنة , وبعقلك الراجح , وبأسلوبك المحبب للقراء .
لقد قرأت موضوعك هذا والذي كتب عام 2013 وقدمته لنا الأخت ريمه الخاني , اليوم , لإعادة التفكير به , أو على الأقل لمناقشته نقاشاً موضوعياً بعيداً عن التعصب أو المجاملة , ومن خلال كلماتك نود أن نضع النقاط على الحروف لتعم الفائدة لموضوع حساس كهذا وهو موضوع ( النقد في الفكر العربي المعاصر ) ,ونناقش الآن , الفقرة الأولي التي تقول فيها بداية :
(النقد في الفكر العربي المعاصر.. الطابع العام
مصطلح الفكر العربي المعاصر شامل لكل أنماط التفكير في الثقافة العربية الإسلامية الراهنة، وفي جميع قطاعات الحياة في عالمنا العربي والإسلامي، ونعني بذلك التفكير السياسي والتفكير الاقتصادي والتفكير الديني والتفكير التربوي والتفكير العلمي والتفكير الإعلامي والتفكير الأدبي والتفكير الفني والتفكير الفلسفي والتفكير النقدي وغيره، والنقد بصفة عامة من فعل التفكير، ومنه جاء الفكر النقدي، والتفكير النقدي يلازم كل أنماط التفكير الإنساني، فهو منهج وأسلوب، يتحدد بقيّم ومبادئ وأصول، ووسائل وسبل )،
ومن هنا نقول : كيف بنا نستوعب الشمولية بالطابع العام لمفهوم مصطلح الفكر العربي ؟ ومن هو العالم الفذ الذي يستطيع أن يتوغل بمثل هذه الشمولية الدقيقة ليخرج لنا بنقد صائب ينحو نحو التقييم الفعلي لمفهوم النص من جميع جوانبه ؟ (خاصة عندما يكون النقدي ملازماً لكل أنماط التفكير) فهل يتوجب على الناقد المعاصر أن يلمّ بكل أنواع التفكير من علمي وسياسي واقتصادي وديني وفني وفلسفي ونقدي وغيره ؟
إني أرى أن ذلك من باب المستحيل على مثقف يستطيع أن يلم بكل هذا العلم وكل هذه الثقافات الإنسانية ليعطينا نقداً إيجابياً ــ شاملاً ــ نستفيد منه في حياتنا المعاصرة , بل قد يجر مثل هذا النقد إلى نفور الكاتب وهجر البحث وبخاصة عندما يرى أن بحثه سيخضع لكل أنواع النقد المذكورة أعلاه , فكل ناقد يتناول صاحبه المجهر الميكروسكوبي ليعرف عورات أو حسنات المادة المطروحة للنقد فيعني ذلك أننا سنموت جوعاً وعطشاً وعراء وجهلاً وتخلفاً وانطواء في صحراء قاحلة مملوءة بسراب النقد الشامل العام الذي لا يفيدنا بشيء بقدر ما يضر بمصالحنا كبشر نصيب ونخطئ .
ألا يكفي أن يتناول الناقد موضوعاً سياسياً مثلاً ليعطينا ــ بصدق ــ خلاصة ما جنح إليه الكاتب ويرشدنا ويرشد الكاتب بمواطن الضعف أو القوة في النص لتجنب الغث ونتمسك بالسمين ؟ دون أن ينقده نقداً فلسفياً وأدبياً ونحوياً وفنياً , لأننا نتجه بفكرنا إلى مادة لا تحتاج إلى الشمولية بباقي أنواع النقد , نحن نطمح إلى فكرة سياسية فقط , ونود منها :
صدق الخبر , وجوانب الضعف المجتمعي أو قوته , وجوانب الاستراتيجية المطروحة لهذا الموضوع , ويبشرنا بالنصر أو الخيبة وذلك بتحديد وتقليص جوانب النقد , لكي لا نصل إلى متاهات النقد الشامل , فما رأيك أخي بوبكر بهذا ؟؟؟
عندما يؤلف الباحث كتاباً دينياً في ( الصوم وفوائده ) مثلاً , فلا ينبغي أن يكون المؤلف ( سياسياً أو طبيباً خاصاً أو جراحاً أو نحوياً أو متخصصاً في علم النفس , بل يكفي أن يطرح الموضوع بما يهتم به المسلم في شهر رمضان بالصوم ويدلي بدلوه نحو الأحاديث الشريفة وآيات القرآن الذي يستنتج منها فائدة الصوم لكل مسلم , وعندما يتقدم الناقد لنقد هذا الكتاب موضوعياً فيكفيه أن يتناول بنقده مثالب البحث وتشجيع الكاتب على الكتابة بروح رياضية , ويتلمس الهنات بخفة ورشاقة وتلميح دون تجريح , فما أكثر الأخطاء في كل الكتب الصادرة عربية أو أجنبية , ولو حرص الكاتب على أن يخلو كتابه من الهنات لما صدر كتاب قط .
أشكرك دكتور بوبكر , ونرجو توضيح ما أشرنا إليه وبارك الله بك .