الراقصة دينا في ساحة سعد الله!!!
بقلم فادي شعار(نقطة ساخرة من حلب الشهباء)
النشوةُ أخذتني يا أصدقائي سأدوِّن هذا التاريخ 21/أذار ، و أنسى عيد الأمهات ، ففي هذا التاريخ الحافل التقيت الراقصة المصرية المثقفة ماجستر فلسفة "دينا" في ساحةِ سعد الله الجابري في مدينةِ حلبَ الشهباء ، كم هو فخرٌ لي أن أحدثها و لكن حظي العاثر أنها كانت مهمومةً مغمومةً و ربما مكروبة ، مع أنها كانت محطةً لمعاكسةِ الشبابِ في صباها و موضعاً لإعجاب مع من درست معهم في كلية الآداب قسم الفلسفة ، و تصفيقاً من الأصدقاءِ بعد انتقالها للفن و الرقص و التمثيل ، و أما على الانستغرام فمتابعيها في تزايدٍ و على صفحتها في الفيس آلاف مؤلفة من المعجبين ، لكن حين التقيتها كان الهم قد جعل ظهرها محدودباً ، و حين استوقفتها ارتعشت عيناها ألماً و مرارة ، أردتُ أن أطلب منها توقيعاً على الاوتوغراف و لكنني عرفتُ من سياق حديثها أنها اعتزلت الفن و امتهنت في مدينتا الفاضلة وظيفة شريفة لتصبح رئيسة قسم في هيئة حكومية ، لم أتعرف على أسباب توظفها و لكن بما أنها ماجستير فلسفة ربما لها رأي فلسفي خاص و بحت بأن تركت الدنيا و ما فيها من مغريات و جاءت تنعش الاقتصادَ و السياحةَ في مدينةِ حلبَ بعد أن دمرتها الحرب العبثية :
ـ صباح الخير يا ملكة الهز ..ممكن توقيعك...
ـ أرجوك لا تقاطع حساباتي، ليس الوقت وقت التوقيع..
ـ أساعدك وأحسب معك فأنا في الحساب "جقل"
ـ ما ذا تعني بــ جقل
ـ أعني بأنني ثعلب ماكر أو ابن أوى أو ما يُعرف بالواوي..
ـ طيب أيها الماكر احسب معي أيها الشاطر..
ـ هاتي ما عندك
ـ في مدينتكم أقل كيلوغرام من أي صنف خضار 500 ليرة ، لذلك خصصتُ لعائلتي من راتبي 1200 ليرة أقل ما يمكن طبخه دون لحمة دون شحمة دون سمنة ، نأكل أكلاً صحياً سلقاً ،فكم يصبح المجموع أيها الواوي شهرياً؟
ـ 36000 ليرة والله شيء جميل أنك تأكلين.
ـ طيب احسب معي 6000 ليرة شهرياً باصات و ميكرو باصات ..
ـ يا مبذرة الشعب كله يمشي وأنت تركبين وسائل المواصلات حرام عليك..
ـ 5000 ليرة شهرياً مجموع فواتير الكهرباء و الماء مع الغاز و المازوت مع ضرائب الملكية و الرفاهية و هو مبلغٌ في الحد الأدنى و يضاف فوقها 6000 ليرة أمبير بدل الكهرباء ..
ـ طيب صار المجموع الكلي 53000 ليرة فأين المشكلة حتى الآن..
ـ المشكلة أني لم أحسب بعد المنظفات ومعجون الاسنان وشامبو سنان ولم أحسب التصليحات التي تباغتني فجأة من تصليح غسالة وشد برغي و لصق حذائي المهترئ ومصاريف الهاتف والجوال والانترنت.. المشكلة لم أحسب مصاريف أطفالي من كراريس و ملابس و حليب و حفاضات و..و...
ـ يا شيخة حاملة السلم بالعرض ليه ...
ـ نعم هو السلم الذي وقعتُ منه ثم عليه..، فكسر ضرسي و قصم راتبي عند معالجته ، نعم قصمه كما الشعرة التي قصمت ظهر البعير..
ـ شو بعير شو حمير ، أين ضمانك الصحي ..
ـ الضمان كي تحيا إما أن تسرق أو ترتشي أو أتسول من باب الجامع أو أن تقبل مساعدات منظمات الإغاثة أو أن تشتري زرنيخ مع مترين في المقبرة الحديثة مع شاهدة حجرية منقوش عليها "دينا" شهيدة الراتب و المراتب..
ـ سيدتي هذا كلام المتشائمين، و ألومك كل اللوم بأنكِ توظفتِ بعدما كنتِ راقصة بارعة ، و كانت هزة الخصر منكِ براتب الشهر، فالناس تتقدم لا تتراجع.......
رمقتني بنظرة وكأنها سمعت الحقيقة التي تودُّ سماعها منذ زمن بعيد، عندها نادت وسط الساحة بأعلى صوتها : معك حق أيها الجقل! الناس تتقدم لا تتراجع هذه فلسفتي كيف تركت هذا المبدأ؟؟!! رقصني ياجدع...
فنغمتُ لها مصفقاً بكفيَّ : هزي يا نواعم...
عندها فقط انفكَّت تقلصات عضلاتها بهزة من خصرها و أخذت مني الاوتوغراف و دوَّنت توقيعها و هي ترقص :
أعلن استقالتي من رئاسة القسم
وأفوض مهامي الإدارية وتنسيق حياتي المعاشية إلى خصري المحترم.
الراقصة دينا...21/آذار.