الشاعر حميدان الشويعر
لا يذُكر النقد الاجتماعي والشعر الساخر في منطقتنا إلا ويكون ] حميدان الشويعر [ هو لب الحديث وزينة السمر ، وهو الشاعر الذي ما يزال حاضراً في ذاكرة المجتمع رغم مرور أكثر من 250 عاماً على وفاته .
وحميدان الشويعر أو ] حمد بن ناصر السياري الخالدي [ كما هو اسمه الأصلي شاعر عاش في القرن الثاني عشــر ببلدته " القصب " وكذلك في " وثيثا " ، ولا تعرف سنة ميلاده ومختلفٌ في تحديد سنة وفاته بين 1160هـ و 1178هـ و 1200 هـ ( 1786م ) ولعـل السنة الأخيرة هي المرجحة ، والثابت أنه عمّر حتى قيل " في مبالغة واضحة " أنه عاش 150 سنة .
ويوصف الشويعر بأنه : " قصيـر عظـل ورأسـه كبير ولحيته بيضاء ووجهه حسن ولا يخرج من المسجد إلا متأخراً ولا يجلس مع عامة الناس بل تجده مع الأمراء والمشايخ ، وفي المجلس لا يتكلم إلا بما فيه فصاحة وبلاغة وذكاء فلا يود مجالسه أن يسكت ، وعليه هيبة عظيمة وكريم وشجاع " .
ومن أعمق الذين كتبوا عن الشويعر د. عبـدالله ناصـر الفـوزان الذي اعتبره رئيساً لتحرير صحافة نجد المثيرة في القرن الثاني عشـر والتي تتخذ شعراً لها قوله :
أقول النصايــح واعدّ الفضايح
عن اللي فعلها ولا أخاف لايم
يقول الفوزان في كتـابه الذي الفـه عن حميدان الشويعر : " لقد كـان حميدان الشويعر صحيفة شفوية مثيرة ذائعة الصيت والانتشـار، يتخاطفهـا الناس فور صدورها ، ويتبادلون قراءتها ورواية أحداثهــا تضحكهم لشدة سخريتها " .
أهتم كثير من الكتاب بشعر حميدان وأفردوا له الصفحات ،واستطاعـوا رسم صورة بانورامية لحياة هذا الشاعر بداءً من نجد ثم ارتحاله إلى البصرة وعمله هناك حارساً لبساتين النخيل ثم مغـادرته للزبير ، وهي الرحلـة التي صوّرها في قصيدته الشهيرة :
ظهــــرت من الحزم اللي به
سيــــــد السـادات من العشرة
حطّــــيت سنــــــامٍ باليمنى
ووردت الرقعي مـــــن ظهـــره
ولقيت الجــوع " أبو مرسي "
بـــــــاني لـــه بيتٍ بالحجرة
عليـــــه غتيــــرة دسمــــال
وبشيـــتٍ منبقــــــرٍ ظهـــــره
حـــاكـــــاني وحــــاكيتـــه
وعطــــــاني علــــم لــه ثمرة
وتتطرق المصادر لضرب أحد الكبراء ويدعى "هلال" لمـانع أكبر أولاد الشويعر ، وتعويقه حتى أصبحت يده كالمغرفة، وتحريض الشويعر ولده لأخذ الثأر وهجائه لذلك الولد عند تهاونه في ذلك :
مانـــــع خيــــــّالٍ في الدكة
وظفــــــرٍ في راس المقصـــــورة
وإن صاح صيـــــــاحٍ مـن برا
توايـــــق هــــــو والغنـــدورة
اليمنى فيهـــــا الفنجــــــال
واليســــرى فيهــــــا البربورة
وإلى ظهــــــر يــــم السكـــة
تاخـــــذ جـــــوخته السنّـورة
وتكتمل حكايات الشويعـر بهربـه هـو وولده مانع من القصب بعد قتل الأخير لهلال بتأثير هذا الهجاء الأبوي الذي يصـل في بعض الأبيات لدرجة الوصف المخجل .
وترتسم الطرق في زمن قاس ، ويموت حميـدان الشويعر لتظل قصائده وأبياته المنفردة الشهيرة تسير مسرى الأمثال والنوادر والحكم .
ومن عيون شعر حميدان :
وبالناس من يجمع حلالٍ يدفنه
بجمـــــــالته وتجارته واكداده
ويفوز به غيره وينقــــل إزره
يوم الحساب إلى هلك ما فاده
*****
الى جاك الولد بيديه طيـــــن
وله غرس يحفــــر في جفـــاره
ترى هذاك ما ياخـــــذ زمان
الاّ هو جامـــــع له تجـــــاره
والى جاك الولد مطــرق خليج
ومن نوم الصفــــر عاشٍ صفاره
يبيــــع ورث امـــه وابــــوه
مـــدقٍّ مــــــــا تعيشه الفقاره
فاحـــذر يا اديب تحط عنده
لك بنت تمـــــوت بوسط داره
****
صديقي عــرفته الى ما لحظته
وأميّز عــــدوي وأفهـــم وسايم
حجــــاجه وعينه لمثلى دليل
وغبي المعرفة فلا هـــوب فاهم
أعــرف الدروس وكل الرموس
وادل المــــوارد بليــــــّا علايم
أقول النصــايح واعدّ الفضايح
عن اللي فعلها ولا أخاف لايم
ولا فـــــاتني كــل أمرٍ بغيته
محلّي تعلّى متـــون النعــــايم