من أين أبدأ ؟

[الدكتور ضياء الدين الجماس]

بسم الله الرحمن الرحيم
من أين أبدأ ؟
د. ضياء الدين الجماس
من أينَ أبدأ والحروفُ ضرامُ ؟ = وشواظُها جمرُ اللظى وسهام
تغلي كبركانٍ يموج بجمره = في جوفه دوامَةٌ ورُكام
والبوح من حمَمِ الجحيم به اكتوى = سفح الجبال بما احتوى وأنام
فاصبر على جمر الجهول وحرقه = حتى ولو قذَفَ الأُوارَ لئام
والـْجُم لسانك وانتظر بَرَدَ الندى = في الأفق غيثٌ ماطرٌ وغَمام
واستمطر الرحَمات يهطل بردها = يطفى السعير إذا همى الإلهام
وابدأ ضيوفك بالزهور وعطرها = خيرُ البداية بسمةٌ وسلام
بَسْمِلْ بقلبك مستدراً نبعَه = يسقِ البرايا ماؤه الدوّام
كن مستعينا ًبالذي فتق النوى = ولئن هداك ستنجلي الأوهام
لا تستوي الحسنى وسيئةُ الهوى = ادفع بما هو نافعٌ ويُرامُ
فإذا الذي انتحلَ العداوةَ مصلحٌ = وإذْ العدَاوَةُ بهجةٌ ووئامُ
والله أجدرُ أنْ يكون حليفَ مَنْ = يدعوه وهْو الناصرُ العَلّام
فيمدُّ حرفَك من بحار علومه = تعلو بها أفقاً ونِعْمَ مَقام
هو مبدِئٌ بدأ الوجود بقول"كن" = فتألقت بجماله الأقلام
بعثَ المغيثُ محمداً يروي الظما = فالقَطرُ منه سقاية ومُدام
وكتابُه بحرٌ بسبعة أبحر= وكلامه لا يعتليه كلام
فيه البصائر للقلوب ترى بها = فيرى الطريقَ مهاجرٌ وهُمام
نورٌ على نورٍ يشعشع في السما= فاستيقظت عينٌ سَهَتْ ونيام
في الكون تشرق شمسُه كمنارة= تجرى به ما دارت الأيام
ووقوده زيتٌ يضيء بذاته = فأنار كوناً نوره الإسلام
هي أمة شرعت بناء حضارة = والمصطفى مصباحها البسّام
والله يحفظُها بحصنِ قلاعه = ويذودُ عنها قائدٌ ضِرْغام
تبقى على مرِّ الزمان ظَهيرةً = حتى يُلفّ الكونُ والأنسام

[نورا]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لا شك أن الشاعر الدكتور ضياء الدين الجماس شاعر متمكن
فلا ينطلق بشعره بطلاقة وبراعة فحسب والحرف يجري منه أبياتا وأبيات
بل تتألق قصائده بفاتحة وختام متألقين يضيفان على القصائد جمالا وإبهارا
وكذلك أظن أن الشاعر ـ كل شاعرـ قد يبدأ بالغزل وينتهي بالحكم والفخر.. وشعر الحكمة يخبر عن تجارب وسرعة بديهة وإتقان
خلفية الشاعر الثقافية والدينية تبرز من خلال ما تمنحه بصمتها الخاصة فيما يكتب ـ لذلك طالما أرغب في نصح الناشئين "اقرأوا وانتقوا ما تقرأون"ـ
شخصية الشاعر أو القاص أو الأديب وفكره وعلمه لا بد أن تلقي بضوئها بين السطور لتضيئها أو لتجعلها شاحبة
ومهما أدلى أدباء أنهم يكتبون عن غيرهم، فإنهم يكتبون بأقلامهم وأرواحهم وزاوية من زواياهم.
أبيات عديدة رأيتها جميلة في قراءة أولى، تغريني بقراءة ثانية وثالثة، ليس لأني وجدت الشعر في متناول قراءتي كقارئة للحرف والجمال بين السطور
فقط بل لأن فيها من تصوير وفكر وشفافية الروح بقالب سهل ممتنع يجعلني أرغب في العودة للقراءة
والواقع مثل هذه الأشعار تدحض الأفكار المزعومة أن الشعر يحتاج لحب (هيام)وقلب متجدد..!!
ببساطة الحب الإلهي ذلك النور الإلهي في قلب المؤمن يضيء بنوره على كلمات فيها النقاء...
وبصراحة إني سعيدة لأني وجدت شعر الحكمة في أشعاره .. الحكمة أحب القراءة لها بطبعي وأرى أنها تتصدى لموجة (التحرر) الأدبي... لا أريد قول التحرر من الحس الأدبي الأنيق الشفاف؛ إذ تحول كتَّاب إلى غازلني أغازلك.
موجة نرجو لها الانحسار ليبقى ما هو حقا عذب
وإني لست من النوع الذي يقصي الغزل كلون أدبي.. قد أراه احساسا طبيعيا يخوض فيه الشاعر
لكن لعله يقدمه بما يليق به من ترفع عن اسفاف بل يسمو به بحس إنساني شفيف

القصيدة التي جاءت على بحر الكامل في 34 بيتًا احترت أيها أنتقي منها؟
لكنني تمنيت أن تقرأها الأجيال إن ودوا القراءة يوما وخرجوا ـ الله يسامحهم ـ من دائرة الواتس والفيسبوك!
كل أبنائي كل ذلك الجيل المغيب في دائرة الترفيه وكل الطلبة الذين لا يعرفون من القراءة الواعية والمطالعة إلا مقررات دراسية
وتمنيت وأنا أقرأ غير قصيدة لشاعرنا أن يضاف بعض منها لمناهجنا التي بحاجة للدعم بما هو جديد
ونافع، لنقول على الأقل، أن الأدب الجاد والأصيل حي يرزق وها هو و نحن نقدمه بما يستحق.
هذه قراءة عمومية، وودت لو سمح وقتي بتقطيع الأبيات والأشطر وقتي قصير.
وتحياتي لك.

[الدكتور ضياء الدين الجماس]

ناقدتنا الكريمة الفاضلة نورا حفظها الله تعالى
لا تعلمين كم بلغ سروري وأنا أقرأ حروفك المضيئة تعليقاً على هذه القصيدة المتواضعة
ليس لأن في كلماتك إضاءة صادقة فقط ولكن لأنني وجدت من يعي ما أقول ويدرك أبعاده وأعماقه.
ولا يأتي ذلك إلا من تجانس الطبائع والآفاق.
أكرر شكري واحترامي العميق لشخصك الكريم
وأدعو لك بالنجاح وتحقيق أعلى المراتب في الدارين
آمين

[الدكتور ضياء الدين الجماس]

نسخة عن القصيدة بخط ربما يكون أوضح لبعض القراء مع بيان النقاط الرئيسية في حكم القصيدة.

بسم الله الرحمن الرحيم
من أين أبدأ ؟
د. ضياء الدين الجماس
من أينَ أبدأ والحروفُ ضرامُ ؟ = وشواظُها جمرُ اللظى وسهام
تغلي كبركانٍ يموج بجمره = في جوفه دوامَةٌ ورُكام
والبوح من حمَمِ الجحيم به اكتوى = سفح الجبال بما احتوى وأنام
فاصبر على جمر الجهول وحرقه = حتى ولو قذَفَ الأُوارَ لئام
والـْجُم لسانك وانتظر بَرَدَ الندى = في الأفق غيثٌ ماطرٌ وغَمام
واستمطر الرحَمات يهطل بردها = يطفى السعير إذا همى الإلهام
وابدأ ضيوفك بالزهور وعطرها = خيرُ البداية بسمةٌ وسلام
بَسْمِلْ بقلبك مستدراً نبعَه = يسقِ البرايا ماؤه الدوّام
كن مستعينا ًبالذي فتق النوى = ولئن هداك ستنجلي الأوهام
لا تستوي الحسنى وسيئةُ الهوى = ادفع بما هو نافعٌ ويُرامُ
فإذا الذي انتحلَ العداوةَ مصلحٌ = وإذْ العدَاوَةُ بهجةٌ ووئامُ
والله أجدرُ أنْ يكون حليفَ مَنْ = يدعوه وهْو الناصرُ العَلّام
فيمدُّ حرفَك من بحار علومه = تعلو بها أفقاً ونِعْمَ مَقام
هو مبدِئٌ بدأ الوجود بقول"كن" = فتألقت بجماله الأقلام
بعثَ المغيثُ محمداً يروي الظما = فالقَطرُ منه سقاية ومُدام
وكتابُه بحرٌ بسبعة أبحر= وكلامه لا يعتليه كلام
فيه البصائر للقلوب ترى بها = فيرى الطريقَ مهاجرٌ وهُمام
نورٌ على نورٍ يشعشع في السما= فاستيقظت عينٌ سَهَتْ ونيام
في الكون تشرق شمسُه كمنارة= تجرى به ما دارت الأيام
ووقوده زيتٌ يضيء بذاته = فأنار كوناً نوره الإسلام
هي أمة شرعت بناء حضارة = والمصطفى مصباحها البسّام
والله يحفظُها بحصنِ قلاعه = ويذودُ عنها قائدٌ ضِرْغام
تبقى على مرِّ الزمان ظَهيرةً = حتى يُلفّ الكونُ والأنسام

============
أهم محطات الحكمة في هذه القصيدة المتواضعة :
1- التزام الحلم والصمت على جهل الجهول واللئام.
2- الاستعانة بالله تعالى والبسملة والبدء بالابتسامة والسلام
3- الاستشهاد بالحكمة القرآنية ( لا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن* فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم).
4- بيان بعض أسماء الله الحسنى واختياره للنبي محمدا صلى الله عليه وسلم هادياً لهذه الأمة برسالة الإسلام التي ستبقى حتى قيام الساعة ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك)

[الدكتور ضياء الدين الجماس]

إلى الشاعرة الناقدة نورا حفظها الله تعالى

لقد نقلت مشاركتك عن هذه القصيدة لأحد المنتديات التي نشرت فيها القصيدة
شعر الحكمة/ د.ضياء الدين الجماس - الصفحة 2 - منتديات رواء الأدب

http://www.rabitat-alwaha.net/moltaqa/showthread.php?p=1007520&posted=1#post1007520

[نورا]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أستاذي الكريم الدكتور ضياء الدين.. أسعدك الله في الدارين
أسر قلبك بالمسرات لما أتحفتني به من جميل القول وتبر ثقة رجوت ربي أن أكون عندها أيها الكريم
قد لا أكون شاعرة وإن تكن لي محاولات متأتة وكتبت بعض خواطر وإني إلى كتابة النثر بإنواعه والنقد أميل
ولكن ما هناك بأس في تعلم الجديد وإن كنت ممن يتعلم على مهل...
بالمناسبة ابنتي المصون يرعاها الله ويحفظها لي من كل مكروه وقرة عيني ومهجة قلبي تدرس الطب أيضا
وأتمنى أن تكون برجاحة عقلك..

عدا عن ذلك، إني أعتذر للخطأ في عدد الابيات التي ظننت أنها 24 ثم أردت التصويب إلى 23 فأخطأت وسهوت
لا بأس من التصويب ممن لهم ذلك وقد انتهت قترة التعديل

سعيدة جداً، بنشر المشاركة في رواء الأدب.. كنت قد مررت به مرورا خفيفا أما ملتقى رابطة الواحة هممت أن أشترك به
لكنه لا يقبل إلا الأسماء الصريحة

إني جازمة أقر أن ما كتبت في حقك ـ وحق كل حرف هادف حكيم ـ قليل ضئيل من كثير كبير
و هذا المنتدى الهادئ يضم روعة من المثقفين الملتزمين فيسعدني دائما أنا أقرأ وأرجع
وعادة ما عدت للقراءة في أماكن أعجبني فيها ولو قلم واحد! فإني أقرأ الفكر وليس للأماكن..

عطر الله جمعتكم بالذكر الحكيم وحبانا الله وإباكم بقلب سليم.
جزاك الله خير الجزاء.

[الدكتور ضياء الدين الجماس]

ناقدتنا الأديبة نورا
نور الله قلبك بنوره الذي لا ينطفي أبدا وحفظ الله لك ابنتك ورباها وأنشأها على ما يحب ويرضى .. آمين
أشكرك من أعماق قلبي على صدق القول والعاطفة.
وهذه من خصال المؤمنين الصادقين مع الله تعالى (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ).
فائق تحياتي واحترامي.