منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2

العرض المتطور

  1. #1
    مثقفة فلسطينية خريجة لغة انكليزية
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,213

    جُمانة الشغّالة ... في الميزان

    جُمانة الشغّالة ... في الميزان
    جمانة شغالة إندونيسية . وهي زوجة السائق الخاص لإحدى العائلات .كنت أراها عند صديقة لي . ودائما أراها متعبة وتعمل بتباطؤ . فقد بلغت من العمرالخامسة والخمسين . ثم أصيبت بمرض السكري .:سألت صديقتي مرة:أما آن لهذه المسكينة أن ترتاح ؟؟أجابتأولادها بالجامعة , كان الله في عونها .آخر مرة سألت عن جمانة، ابتسمت صديقتيوقالت : جمانة ارتاحت وجلست فيمنزلها . قلت يحق لها فقد تعبت كثيرا ً .لمعت عينا صديقتي ببريق غريب تفاجأتمنه . وابتسمتْ ابتسامة أغرب .قلت : ماوراءك ؟قالت : جمانة حققت هدفها ,فهدأ بالها واطمأنت نفسها فتوقفت عن العمل .قلت : وما كان هدفها ؟ تعليم أولادها ؟ هل تخرجوا ؟ذهبتْ إلى أحد الأدراج وأخرجتْ منه صورة مسجد جميل أنيق صغير كتب على:حَجَر رخامي كبير في مقدمته عبارة بالخط الأسودمسجد جمانة قلت ُ : ما هذا ؟قالت : هذا هو هدف جمانة الذي حققتهلقد كان هدفها أن تبني مسجدا ً من تعبها وعرقهاليكون صدقة جارية لها وبركة فيحياتها وبعد مماتها . عندما سمعت الخبر دارت بي الدنيا ولفت .وصغرت نفسي أمام عيني . أحسستأنني قزمة أمام عملاق : اسمه جمانة الشغالة ...جمانة الشغالة وضعت لنفسها أهدافا ً سامية نبيلة أخرويةوليس مجرد هدف اوحلم حلمت بهوتقاعست ثم تمنت ان يفتح الله لها أبواب الرزق لتحققه . بلأتبعت الهدف سعيا ً حثيثا ً , وعملا ً دؤوبا ً . وهمة لا تنقطع .وانا الآن أتساءل :إذا كان هذا هو هدف شغالة أمية غير عربية .فما هي أهدافنا نحن العرب الذيننقرأ القرآن بمهارة ونفهم مافيه . نحن الذين تعلمنا .وأنعم الله علينا بنعم كثيرة ما هي أهدافنا ؟؟؟؟!ـــ بناء منزل أكبر من منزل أختي!ـــ شراء سيارة أفخم من سيارة أخيــــ توسيع تجارتيــــ تعليم أولادي الطب والهندسة ليقولوا : أم الطبيب وأم المهندســــ التخريب على صاحبتي , أو نسيبتي , أو قريبتي ,أو جارتي , أو كلهنوإفساد هنائها , وإظهارها بأنها فاشلة وأنني أنجح منها !ــــ هدفي الأكبر حاليا ً عرس قريبتي القادم : سأرتدي فيه أغلى الملبوساتوسأتزين بأثمن المجوهرات .. حتى أبدو فيه أجمل الحاضرات .!ــ شغلي الشاغل وجل اهتمامي أن أقبع في منزلي : أمضغ اللبان وأتشدق بالكلامعلى هاتف أو نت ,وأصرخ بوجه جمانة أخرى أحتقرها وأهينها بعقلي الفارغونفسي المريضة .!ومن يدري !! قد تكون عند الله أفضل مني وأرفع منزلة تعسا ً لنا ولأهدافناتعسا ً لنا ولحضارتنا المزيفة!!!!!تعسا ً لعقولنا التي تعفنت وتجرثمت وتآكلت قصة جمانة جرتني لموضوع هام جدا ً .جعلتني أتفكر في الموازين ..والمفاضلات :مَن ْ أفضل ُ مِنْ مَن ْ ؟؟؟بعبارة أخرى :مَن الخاسر ؟؟ ومَن الرابح ؟؟هناك موازين الدنيا وهي حسية , مرئية , مادية , آنية .وهناك موازين الآخرة وهي موازين أخروية , إيمانية , غيبية .من سيحدد الرابح والخاسر ؟؟:لنشاهد هذه الأمثلة
    سمية أم عمار : يعذبها أبو جهل حتى تموت*:والرسول صلى الله عليه وسلم يصبرهم ويقولصبرا ً آل ياسر فإن موعدكم الجنة . صهيب بن سنان أعطى قريش كل ما يملك ليهاجر ويلحق **برسول الله فيقول له الحبيب المصطفى : ربح البيع يا أبا يحيي !!ابن ملحان : يدخل الرمح في ظهره فيخرج من بين ثدييهفيقول فرحا ً : فزت ورب الكعبة . ذو البجادين : أخذ عمُه كل أمواله .وعندما مات***وأدخله رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبره قال :اللهم إني أمسيت عنه راضيا ً فارض َ عنه . يقولابن مسعود : يا ليتني كنت صاحب الحفرة . هؤلاء في نظر أهل الدنيا خاسرون .ولكن بموازين الآخرة ربحوا الفردوس الأعلى . لو نظرنا إلى قصة ماشطة ابنة الفرعون . فقد آمنت بالله ربا ً فألقاها فرعونالمتأله في الزيت المغلي مع أبنائها , وما تراجعت عن عقيدتها .في موازين أهل الدنيا : ربح الفرعون وخسرت الماشطة .أما موازين الآخرة فتقول غير ذلك . في الحديث الشريف :مر الرسول صلى الله عليه وسلم برائحة طيبة فقال:ما هذه الرائحة ياجبريل؟قال: هذه رائحة ماشطة وأولادها .تعبق رائحة الماشطة في السماء والفراعنة يتجلجلون في أصل الجحيم . وأحيانا ً يكون الربح في الدنيا هو عين الخسارة في الآخرة ..فكل ربح من حرام هو خسارة مهما كبر وعظم .في قصة الغلام والساحر والملك .قصة أصحاب الأخدود , كلنا نعرفها . قالالملك : باسم رب الغلام .مات الغلام . إلا ان الناس صاحوا صيحة واحدة : آمنا برب الغلام .لقد ربح الملك ومات الغلام . ولكن ربحه كان عين الخسارة حتى في الدنياقبل الآخرة . فقد خسر ملكه وشعبه وكل شيء . وربح الغلام :ولو عدنا إلى قصة جمانةفي موازين دار الفناء جمانة خاسرة : خسرت صحتها , وأرهقتها في العمللتبني مسجدا ً لا يعود عليها في الدنيا بربح أو ريع .ولكن ميزان دار البقاء يقول ان جمانة هي الرابح الأكبر . فقد جعلت لنفسهاصدقة جارية تدر عليها الربح الوفير بعد مماتها .. حيث ستأتيها الأرباحتتوالى .. مادام المسجد قائما ً يرفع فيه ذكرُ الله . ويمجدُ فيه اسمهأما الخاسرة الحقيقية فهي التي تجلس لتحتقر جمانة وأمثالها , تظلمهموتسومهم سوء العذاب . فتمنع عنهم الخير وحتى حقوقهم تمنعها . وتجلبلهم البؤس والشقاء . من تفعل ذلك خاسرة حتى ولو كان بين يديها خدموحشم . وتحت تصرفها المليارات . ولن ينفعها كل ذلك شيئاما نفع فرعونٌ موسى تأليهُه لنفسه : فأغرقه الله في اليم . وحشره في جهنموجعله عبرة وموعظة للناس في الدنياما نفع قارون َ أموالُه التي تنوء بحمل مفاتيحها العصبة أولو القوة ..فخسف الله به وبداره الأرض لن ينفعنا يوم القيامة مال ولا بنونإلا من أتى الله بقلب سليم .القلب السليم هو إخلاص النية وتحديد الهدفان تكون النية لله والهدف هو الآخرة مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ-مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ[الشورى 20] فأي حرث نريد ؟ حرث الدنيا أم الآخرة ؟منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرةاستغرب الصحابة وقال بعضهم : ماكنا نعلم أن بيننامن يريد الدنيا حتى نزلت هذه الآيةفماذا نريد ؟ علينا ان نحدد هدفنا ومسارنا . علينا تحديد الغاية والاتجاهفالاتجاه الصحيح هو التوجه إلى الله فهو الغاية وهو الهدفولو كان الهدف لغير الله فلن تنفعنا عبادتنا ولو كانت أمثال أُحُدلن تنفعنا صلاتنا ولا صيامنا ولاً صدقاتنا ستكون سرابا ً ووهمافهيا بنا نفر إلى اللهدعونا نفر من نوايا مهزوزة , وأهداف مشوشة , وتكالب على الدنيا إلى نواياثابتة , وأهداف محددة علوية , وتفان ٍ في طلب الآخرة .دعونا نفر من كبريائنا وعنجهيتنامن مظاهر الدنيا التي أكلت قلوبنامن جاهلية عفنة سيطرت على عقولنا .هيا بنا نفر إلى اللهعسى أن يقبلناويرفع قدرناويُعلي شأننا .


  2. #2
    Senior Member
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    الدولة
    البصرة-العراق
    المشاركات
    1,840
    أختي الأستاذة شذى دائما ما أكرر في كل مواضيعي حسن التوكل . وحسن التوكل شيء عظيم حيث تقدمين نقسك قربانا لله تبارك وتعالى وتصبحين مهيأة لأمره ورهن اشارته وهنا ستكون العاقبة الى خير . نظرنا الى حسن مافعلت جمانة ولم نطلع على سريرتها نسأل الله لها الخير .
    وعن نفسي فأنا أفضل أن أنفق مالي في كفل يتيم أو عون فقير فالمسلمون في دولنا ليسوا بحاجة إلى مساجد بل بحاجة الى تكافل مودتي واحترامي

المواضيع المتشابهه

  1. جمانة الشغّالة ... في الميزان
    بواسطة نادية مغربية في المنتدى فرسان التجارب الدعوية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 03-16-2011, 08:37 PM
  2. الأحزان موسمي
    بواسطة نجلاء نصير في المنتدى فرسان النثر
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 01-17-2011, 09:36 PM
  3. عامُ الأحزان
    بواسطة أبو المغيرة في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 03-05-2010, 03:58 PM
  4. الموروث الشعبي في الميزان ..
    بواسطة فراس الحكيم في المنتدى فرسان الأبحاث التاريخية
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 06-23-2009, 02:57 PM
  5. زوبعة من الأحزان
    بواسطة مصطفى الطنطاوى في المنتدى فرسان الخواطر
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 10-14-2007, 04:20 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •