منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 1 من 4 123 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 33

العرض المتطور

  1. #1

    موسوعه المذاهب الفكرية المعاصرة

    موسوعه المذاهب الفكرية المعاصرة
    لغالب عواجي
    موسوعه المذاهب الفكرية المعاصرة


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي




    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    المبحث الأول: معنى المذاهب الفكرية


    المذاهب جمع مذهب وهو ما يذهب إليه الشخص ويعتقده صواباً ويدين به سواء أكان ما يذهب إليه صوابا في نفس الأمر أو كان خطأ، ومعنى هذا أن المذاهب تختلف باختلاف مصادرها وباختلاف مفاهيم الناس لها من دينية وغير دينية وما يتبع ذلك من اختلاف في فنونها من فقهية أو لغوية أو رياضية أو علوم عقلية تجريبية أو فلسفات أو غير ذلك.
    ويجب معرفة أنه لا يخلو إنسان أو مجتمع من مذهب يسير بموجبه مهما اختلفت الحضارة أو العقلية للشخص أو المجتمع.تمشيا مع سنة الحياة ومع ما جبل عليه الإنسان الذي ميزه الله عن بقية الحيوانات بالعقل والتفكير وحب التنظيم والسيطرة على ما حوله وابتكار المناهج التي يسير عليها إلى آخر الغرائز التي امتاز بها الإنسان العاقل المفكر عن غيره من سكان هذه المعمورة
    وقيل لها مذاهب فكرية:
    نسبة إلى الفكر الذي تميز به الإنسان عن بقية المخلوقات التي تشاركه الوجود في الأرض، ويعرفه بأنه صنعة العقل الإنساني ومسرح نشاطه الذهني وعطاؤه الفكري فيما يعرض له من قضايا الوجود والحياة سواء أكان صوابا أو خطأ.
    وقد نسبت المذاهب إلى الفكر لأنها جاءت من ذلك المصدر وهو الفكر أي أنها لم تستند في وجودها على الوحي الإلهي أصلا أو استعانت به وبما توصل إليه الفكر من نتائج جاءته إما عن طريق الوحي أو التجارب أو أقوال من سبق أو أفعالهم، وقد تكون تلك النتائج صحيحة وقد تكون خاطئة في نفس الأمر.
    وأما بالنسبة لاستنادها إلى الوحي فقد لا يكون ذلك بل ربما كانت تلك الأفكار محاربة له فتنسب إلى مؤسسيها فيقال الفكر الماركسي أو الفكر الفلسفي اليوناني أو الفكر الصوفي أو غير ذلك من الأفكار التي تنسب إما لشخصيات مؤسسيها أو لبلدانهم أو لاتجاهاتهم وغير ذلك. ومن هنا يتضح أنه إذا أطلق لفظ الفكر فإن المراد به هو ما يصدر عن العقل من شتى المفاهيم والمبتكرات الدينية أو الدنيوية.
    ومن هنا سميت مذاهب فكرية نسبة إلى المذهب الذي تنسب إليه كل طائفة ونسبة كذلك إلى أفكارها التي تعتنقها مبتكرة لها أو مقلدة، وقد انتشرت في العالم أفكار عديدة باطلة سندرس إن شاء الله أهمها ونبين مفاهيم تلك الأفكار عند أهلها مع الإشارة في المقابل إلى الفكر الصحيح عند المسلمين وبيان معينه الفياض.



    المذاهب الفكرية المعاصرة لغالب عواجي 1/41


    يتبــــع

    المصدر: مملكة شاعر


    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #2

    رد: موسوعه المذاهب الفكرية المعاصرة

    نشأتها في الغرب


    ليس في المذاهب الفكرية الضالة ما يغري العقلاء باعتناقها إلا أنه كما يقال: " لكل بضاعة سوق ولكل صائح صدى" وقبل أن نبدأ بذكر الأسباب لابد أن يعلم القارئ أن المذاهب الفكرية منشؤها وموطنها المضياف هو الغرب النصراني الذي تهيأ له ما لم يتهيأ لغيره من الدول من أسباب الاندفاع إلى الثورات العارمة على كل الأوضاع والمعتقدات نتيجة أحوال تعيسة أفرزتها أسباب مجتمعة أدت إلى ظهور مذاهب فكرية عديدة كما يظهر الطفح الجلدي على المريض. ومن تلك الأسباب ما هو ظاهر ومنه ما هو خفي.
    أما الأسباب الخفية:
    فقد تعود إلى أمور سياسية في أكثرها من حب السيطرة والتوسع وانتشار مواضع النفوذ وكذلك الرغبة في الانفلات من كل القيود التي كانت قائمة في ظل حكم رجال الدين النصراني ثم ملء الفراغ الذي أحس به الأوروبيون بعد إقصاء الدين ورجاله والرغبة في إشغال الناس بأي جديد في المعتقدات وخلط الأمور وربما توجد أسباب أخرى هي أهم من هذه الأمور تحتاج إلى بحث وتدقيق ووقت بعد التأكيد على أن أبرزها كان بسبب الرغبة في الانفلات من قبضة رجال الدين النصراني وخرافاتهم، وكذلك سوء الأحوال في الحياة الأوروبية المتمثلة في الحالة الاجتماعية والثقافية والدينية التي كان يعيش الأوروبيون في عهود سيطرة رجال الكنيسة من عداوات وتنافر ومن انتشار الجهل والخرافات الجاهلية ومن بعد عن الدين الصحيح، وكذلك اختلاط المفاهيم الفكرية الدينية النصرانية – الخرافية أساسا – وإظهارها بالمظهر الديني مما كان له الأثر البالغ في تشجيع أصحاب الآراء الثائرة على الدين النصراني على اختراع الآراء المضادة له وإلصاقها بالدين في البداية والتي نشأت في أشكال مذاهب ونظريات مختلفة بعد ذلك مقتدية بانحراف الديانة النصرانية من الأساس وقيامها على يد بولس اليهودي الوثني، الذي أقام النصرانية على مفاهيم بشرية وقوانين وضعية مملوءة بالتناقضات والخرافات التي كانت محل ازدراء أصحاب العقول الناضجة وتبرمهم منها سواء كانوا في الغرب أوفي الشرق بعد أن فقد النصارى إنجيل عيسى عليه السلام بعد رفعه على أنه لم يكن ظهور الخرافات وحدها هي التي أزعجت الأوروبيين بل كان لزوال طغيان رجال الكنيسة الحافز القوي لظهور مختلف الأفكار والمذاهب بعد الإطاحة بطغاة الكنيسة وتخلص الناس من قبضتهم الفولاذية، فإن كل شيء له رد فعل، فإن الأوروبيين وهم في مرحلة جديدة ماسة إلى كل الآراء لسد الفراغ ببديل عن الدين النصراني وتحقق بعد ذلك ما يقال من أن " لكل صائح صدى" فإنه بعد انفلات الناس عن قبضة الكنيسة وتحولهم إلى مارد جبار ما كان أحد يظهر رأيا إلا وجد من يستمع له ويأخذ به في البناء الجديد للحياة الأوروبية وأن يكون فيه إسهام في زيادة الابتعاد عن قبضة رجال الكنيسة وقد انضاف إلى تلك الأسباب أيضا ما قام به رجال الكنيسة قبل الإطاحة بهم من الوقوف بحزم وكبرياء أمام كل المفكرين من علماء الغرب والحكم عليهم بأنهم هراطقة يجب قتلهم لردتهم – كما يرى الجامدون رجال الكنيسة – فأي عالم كان يظهر رأيا جديدا في أي شيء في هذا الكون يخالف عقلية رجال الدين كان يعتبر قوله كفرا وردة فقامت المذابح لكل من كان يتصف بأنه حر أو مفكر وقتل الآلاف لأتفه الأسباب إلى أن تغلب الثائرون ومرغوا أنوف رجال الدين النصراني الخرافي في الوحل وقامت على أنقاضه مفاهيم ومذاهب شتى.
    أما عصر سلطة الكنيسة هذا فسوف يتضح لك بعض حقائقه من خلال ما يلي بعد أن تعرف معنى الهرطقة.الهرطقة:
    أساس التسمية في بداية إطلاقها هو بنز أطلقته الكنيسة على كل مخالف لهم في باطلهم للبطش به. ومعناها عندهم الكذب والفجور والخروج عن الدين والمراد بها الفتك بمن ينسبون إليه هذه التسمية ولاستباحة دمه " فرأي يراه عالم في الكون هرطقة، ومحاولة فهم الكتاب المقدس لرجل غير كنسي هرطقة، وانتقاد شيء يتصل بالكنيسة هرطقة، ومساعدة واحد من هؤلاء أو الرضا عن اتجاهه هرطقة... وهكذا". ولقد كان من ضحايا هذا البنز كثير من المفكرين منهم من أحرق حيا ومنهم من أحرقت كتبه ومنهم من سجن وعذب عذابا شديدا مثل:
    1ـ " ويكلف" الذي نبش قبره وأحرقت جثته.
    2ـ " جون هيس" عميد جامعة براج الذي أحرق حيا.
    3ـ "لوثر كنج" وقد عانى الكثير منهم.
    4ـ " كلفن".
    ثم تتابع المفكرون إلى أن استطاعوا انتزاع سلطة الكنيسة وإخفات أصوات رجالها.
    أما عصر سلطة الكنيسة:
    فهذه السلطة برزت في القرون الوسطى حين كانت أوروبا تعاني من انتشار الجهل وسيطرة الخرافات بسبب سيطرة رجال الكنيسة وشدة قبضتهم على أتباعهم إذ كانوا بمثابة الدولة الطاغية فقرروا لأنفسهم صلاحيات لا حدود لها صلاحيات دينية وسياسية فوق ما يتصور العقل فلا حق إلا ما قرره البابا وأعضاؤه ولا باطل إلا ما أبطلوه ولا حلال ولا حرام إلا ما جاء عنهم، والويل كل الويل لمن حاول الخروج عن قبضتهم في أي ناحية دينية كانت أو دنيوية فإنه ينال عقابا لا هوادة فيه تحت بنزه بالهرطقة التي اخترعوها لتبرير جرائمهم بالمخالفين كما عرفت.
    ومن الأمثلة على مظاهر ذلك الطغيان وعلى مدى صلاحيات رجال الدين في تلك الحقبة التاريخية ما يلي:
    1ـ اختراعهم الأسماء التي يستحلون بها دماء مخالفيهم ومنها تسمية الهرطقة.
    ولقد تسلط رجال الكنيسة على كال من حاول أي نوع من إصلاح مفاهيم الكنيسة الخاطئة ورموه بالهرطقة وكان من أولئك الرواد في مجابهة الكنيسة وكل ما يتعلق بها وكانوا ضحية هذا البنز من تقدم ذكر أسمائهم.
    2ـ فرض هيمنة رجال الدين على كل شيء دنيوي أو أخروي فربطوا كل شيء بأيديهم فلا ينال ما عند الله إلا بإرضائهم وطاعتهم.
    3ـ فرضوا على الناس احترام وطاعة رجال الدين طاعة عمياء قائمة على الذل والخضوع المطلق والاستسلام وعدم الاعتراض في أي أمر كان.
    4ـ قرروا أنه لا يستطيع الإنسان أن يصل إلى ملكوت الله إلا عن طريق واسطة وتلك الواسطة هم رجال الدين البابوات فهم و حدهم الذين فوضهم الله تعالى وعلى لسان المسيح – وقد كذبوا على الله عز وجل وعلى المسيح.
    5ـ لم يجوزوا لأي شخص كان، مهما كان ذكاؤه وعلمه، أن يجرؤ على تفسير الكتاب المقدس إذا لم يكن من أعضاء مجلس البابا.
    6ـ جعلوا من مراسيم العبادة المتقبلة عند الله والطريق إلى قبول التوبة الاعتراف بالخطأ أمام الكاهن الذي بيده محو وغفران الذنوب فور سرد المخطئ لأخطائه سرية أو جهرية وهو على كرسي الاعتراف الذي شبه دائرة المباحث العامة.
    7- أنشأوا فكرة صكوك الغفران وجعلوها من أهم ما ينبغي أن يفكر فيه الشخص لمستقبل حياته الأخروية، وهي في حقيقتها حيلة لنهب أموال الناس بالباطل، ولولا أن الناس قد سلبوا حتى مجرد التفكير لما قبل أحد منهم هذه المهزلة ولكن الذي يعتقد بوجود ثلاثة آلهة من السهل أن يقبل كل مستحيل وقد عرفت أنهم احتكروا كل شيء من الأمور الدينية والدنيوية وجعلوها قصرا عليهم وبالتالي فليس على الإنسان إذا أراد السعادة في الدنيا والآخرة إلا أن يقدم الهدايا العينية والنقدية والأموال المفروضة عليه وغير المفروضة ويشتري صكوك الغفران بأي ثمن يكون ويتحبب إلى رجال الدين ويتودد إليهم وهم يتولون ما يهمه لمستقبل حياته في الآخرة أو إرضاء الله عنه حسب زعمهم بسبب الصلاحيات الممنوحة له من المسيح عليه السلام وحاشاه من أكاذيبهم.
    8ـ فرضوا على الناس نظام السُخرة والعشور وذلك بأن يعملوا في الأرض التي تملكها الكنيسة يوما كل أسبوع بدون أجر وأن يدفعوا عشر أموالهم هبة لرجال الدين الذين أصبحوا يأكلون ولا يشبعون.
    9ـ وقف رجال الدين ضد العلم وحقائقه النظرية والتجريبية موقفا عدائيا لأنه خارج عن نطاق الكتاب المقدس الذي أعطى البابوات صلاحية التدخل في كل أمور الحياة ونشأ عن هذا الموقف العداء المستحكم فيما بعد بين الدين الذي لا يعترف بالاختراعات التجريبية ويعتبرها هرطقة وبين العلم الذي شق طريقه وسط تلك الظلمات ونجح.
    10ـ تبنت الكنيسة أفكارا ونظريات في علوم الجغرافيا والأحياء وغيرها وقدستها ولم تسمح لأحد بمخالفتها وحكمت على من خالفها بالكفر والإلحاد وإباحة دمه.
    وكان من نتيجة تلك الصلاحيات والهيمنة الكهنوتية أن عاش رجال الدين. البابا وأعضاؤه، عيشة البذخ والتهتك والفجور فوق ما كان يعيشه الأباطرة والملوك وحينما قوي الفكر الحر لرجال العلم والتجارب كان لهؤلاء حسابا قاسيا مع رجال الدين، ابتلى الله الظالمين بعضهم ببعض سنة الله ولن تجد لسنة الله تحويلا.
    ولقد تبرم بعض كبار أتباع الكنائس من طغيان رجال الكنيسة من أصغر رتبهم إلى أكبرها ومدى ما وصلوا إليه من جرائم واستهتار بالقيم والأخلاق وبذخ لا حد له وحتى تكون الشهادة منهم على حد قوله تعالى: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا} [يوسف:26] فقد قالت عنهم "كاترين السينائية " كما ينقل عنها "ول ديروانت ": "إنك أينما وليت وجهك سواء نحو القساوسة أو الأساقفة أو غيرهم من رجال الدين أو الطوائف الدينية المختلفة أو الأحبار من الطبقات الدنيا أو العليا سواء كانوا صغارا في السن أو كبارا لم تر إلا شرا ورذيلة تزكم أنفك ورائحة الخطايا الآدمية البشعة إنهم كلهم ضيقو العقل شرهون.. تخلوا عن رعاية الأرواح.. اتخذوا بطونهم آلهة لهم يأكلون ويشربون في الولائم الصاخبة حيث يتمرغون في الأقذار ويقضون حياتهم في الفسق والفجور".
    كما يصفهم "ماستيشو" بأنهم: " خدم الشيطان منغمسون في الفسق واللواط والشره وبيع الوظائف الدينية والخروج عن الدين ويقر بأنه وجد رجال الجيش أرقى خلقا من رجال الدين".وبعد أن ذكر " ديوارانت " ما سبق ذكر كذلك أن سجلات الأديرة احتوت على عشرين مجلدا من المحاكمات بسبب الاتصال الجنسي بين الرهبان والراهبات"
    11ـ أنشؤوا محاكم التفتيش:
    ومحاكم التفتيش أسوأ وصمة عار ارتكبها رجال الدين في حق العلم التجريبي والفكر الحر والناس عموما، فلقد كان الجهل والغباء والعناد سمة عقول الباباوات وأعضاء مجالسهم ينظرون إلى كل جديد بعين الريبة والتخوف على مراكزهم الدينية أن تذهب بها فكرة أو حركة أدراج الرياح ليقينهم بأنها قائمة على شفا جرف هار لذلك طلب الراهب " ثور كماندا" إنشاء التفتيش لمقاومة العلم والفكر الحر والنظريات العلمية وكل من يخالفهم، فتم ذلك الكابوس فعاش رجال الفكر في خوف شديد ولم يجرؤ الكثير منهم أن يعلن نظرياته واكتشافاته خوفا من سلطة الكنيسة التي كانت لا ترحم أحدا خالف ما قررته.ولقد كانت تلك المحاكم سيفا مسلطا على رقاب أصحاب الفكر وعلى المسلمين بعد ذلك بخصوصهم فحكمت في المدة من عام 1481م – 1499م أي في حدود ثمانية عشر عاما على عشرة آلاف ومئتين وعشرين شخصا بأن يحرقوا وهم أحياء فأحرقوا وعلى ستة آلاف وثمانية وستين بالشنق فشنقوا وعلى سبعة وتسعين ألفا وثلاثة وعشرين شخصا بعقوبات مختلفة فنفذت "
    وكان أبرز العلماء الذين حاكمتهم الكنيسة في العصور الوسطى " جاليليو" الذي قال "بدوران الأرض حول الشمس" وقال كذلك "بأن السماء أكثر من سبعة كواكب " مخالفا ما جاء في رؤيا يوحنا في سفره الذي اضطره البابا " أريان الثامن" إلى أن يجثو على ركبتيه وهوفي السبعين من عمره وأن يعلن عن رجوعه عن آرائه وأنها هرطقة.وصفة اعترافه هكذا " أنا غليليوفي السبعين من عمري سجين جاث على ركبتيه وبحضور فخامتك وأمامي الكتاب المقدس الذي ألمسه الآن بيدي أعلن أني لا أشايع بل ألعن وأحتقر خطأ القول وهرطقة الاعتقاد أن الأرض تدور" ومثله " بافون" الذي أعلن عن رجوعه عن رأيه في تكوين الأرض مما يخالف ما جاء في قصة موسى. وصفة رجوعه " أعلن إقلاعي عن كل ما جاء في كتابي خاصا بتكوين الأرض" وحمله عن كل ما جاء به مخالفا لقصة موسى وكذا " جيورد أنو برونو" الذي أحرقته الكنيسة حيا وذرته في الرياح و" شيكو داسكولي" الذي كان له شهرة في علم الفلك بجامعة كولولينا الذي أحرقته الكنيسة حيا في لفورنسا، و" دي رومينس" الذي قال إن قوس قزح ليس ميثاقا بين الله وبين خلقه وليس قوسا حربية بيد الله ينتقم بها من عباده إذا شاء كما قرره الكتاب المقدس بل هو من انعكاس ضوء الشمس في نقط الماء. فجلب إلى روما وحبس حتى مات ثم حوكمت جثته وكتبه وحكم عليها وألقيت في النار. وهذه الأهمية لقوس قزح إشارة لما جاء في خرافات الكتاب المقدس من أنه علامة لله يتذكر به أهل الأرض فلا يجعل المطر عليهم طوفانا يغرقهم به كما أفادته النصوص الآتية من سفر التكوين.وكلم الله نوحا وبنيه معه قائلا: "وها أنا مقيم ميثاقي معكم ومع نسلكم من بعدكم. ومع كل ذوات الأنفس الحية التي معكم. الطيور والبهائم وكل وحوش الأرض التي معكم من جميع الخارجين من الفلك أيضا بحياة الطوفان ولا يكون أيضا طوفان ليخرب الأرض وقال الله هذه علامة الميثاق الذي أنا واضعه بيني وبينكم وبين كل ذوات الأنفس الحية التي معكم إلى أجيال الدهر وضعت قوسي في السحاب فتكون علامة ميثاق بيني وبين الأرض فيكون متى أنشر سحابا على الأرض وتظهر القوس في السحاب إني أذكر ميثاقي الذي بيني وبينكم وبين كل نفس حية في كل جسد فلا تكون أيضا المياه طوفانا لتهلك كل ذي جسد فمتى كانت القوس في السحاب أبصرها لأذكر ميثاقا أبديا بين الله وبين كل نفس حية في كل جسد على الأرض" وقال الله لنوح "هذه علامة الميثاق الذي أنا أقمته بيني وبين كل ذي جسد على الأرض" ومن المفكرين الذين شملهم عقاب رجال الدين" لينيوس" الذي استطاع بتحليله للماء أن يعرف سبب احمراره وأنه يرجع إلى تكاثر نوع من الجينات فيه. ولكن حينما علم بذلك رجال الكنيسة ثاروا عليه وناصبوه العداء لأن التعليل عندهم لذلك هو أن ذلك خارقة من الخوارق الربانية، تحدث عند غضب الله تعالى وقد اضطر " لينيوس" إلى التراجع خوفا من رجال الكنيسة
    ومنهم " كوبرنيوكس" الذي كانت له آراء فكرية تخالف ما عليه الجامدون من رجال الكنيسة الذي أفلته الموت من قبضتهم ولكنهم لعنوه وهوفي قبره وصادروا كتبه وأحرقوها وحرموا قراءتها.ومنهم " نيوتن" الذي تبنى القول بقانون الجاذبية فقد عوقب من قبل الكنيسة لأن هذا القول معناه من وجهة نظر الكنيسة انتزاع قوة التأثير من الله عز وجل إلى قوى مادية
    ومنهم " بلاج" الذي أظهر رأيه في أن الموت كان موجودا قبل آدم عليه السلام وقامت لذلك ضوضاء وجلبة وانتهى الأمر بصدور أمر إمبراطوري بقتل كل شخص يعتقد ذلك ولعل السبب في هذا الحكم هو اعتقادهم أن الموت إنما وجد من أجل خطيئة آدم فوجوده قبل آدم يعتبر أمرا لا مبرر له وعبثا وأن الخطيئة كانت موجودة قبل آدم.
    وغير هؤلاء كثيرون لقوا مصارعهم قتلا وحرقا وشنقا وسجنا مؤبدا إلى الموت بسبب ما كانوا يعلنونه من اكتشافات أو آراء علمية قابلة للتجربة والبحث يستحق صاحبها المكافأة إن كانت صادقة أو عدم الاهتمام بها إذا كانت غير صحيحة لكن حكم الكنيسة يختلف.
    ولهذا فقد شُلت الحركة الفكرية في أوروبا زمنا طويلا إلى أن جاء القرن الخامس عشر وبدأ المفكرون ينفضون عن الناس غبار جاهلية البابوات وطغيانهم فنادى " مارتن لوثر" بحركته لإصلاح الكنيسة سنة 1483م- 1546م واعتبر صكوك الغفران من وسائل الذل والعبودية التي يجب أن تنتهي ثم جاء بعده كالفن سنة 1509م – 1564م على نفس الاتجاه ورغم أن حركة لوثر ومن سار على طريقته غيرت كثيرا من المفاهيم الخاطئة واعتبرت العقل مصدرا من مصادر الفهم أيضا إلا أنه يلاحظ أن تلك الحركات لم تتحرر من تعاليم الكتاب المقدس بل جعلته مصدر الحقيقة فيما يتصل بالإيمان وله الكلمة الأخيرة ولو خرجوا عن هذا لكانوا على جانب من الإصلاح والتحرر من الخرافات.
    ومن أسباب قيام المذاهب الفكرية في الغرب ما أحس به الأوروبيون من التخلف الذي كانوا يعيشونه والغبن الفاحش الذي كانوا يعاملون به وقد كان من الأسباب التي أيقظتهم على هذا الواقع المؤلم هو اتصال الغربيين عن طريق طلب العلم في البلدان الإسلامية واحتكاكهم كذلك بالمسلمين عن طريق التجارة أو غير ذلك من الأسباب التي جعلتهم يطلعون على الأوضاع تحت ظل الإسلام والأوضاع التي يعيشونها في ظل حكامهم ورجال دينهم.
    ومنها ما قام به مفكرو الغرب من نبش الحضارات القديمة وإحياء الفلسفات اليونانية والاستفادة منها لقيام نظريات ومفاهيم سموها جديدة لإغراء الناس بها كالديمقراطية والعلمانية الرأسمالية وغيرها من الأفكار التي أرادوا أن يسدوا بها فراغ بعدهم عن الكنيسة.
    ومنها مكائد اليهود وحبكهم المؤامرات لإثارة الفتن في عامة العالم الغربي لتغيير كل المفاهيم السائدة في ذلك الوقت وتحطيم كل ما كان معاديا لليهود والانتصاف من كل من أسهم بأي نوع من الأذى لليهود حتى تم لهم ما كانوا يخططون له فقامت الثورات التي تسفك فيها الدماء والثورات التي يداس فيها الدين وتداس الأخلاق وجميع النظم المخالفة لليهود.
    وواقع الغرب اليوم أقوى شاهد على هذا.


    وإذا كان ما تقدم يدل على أسباب انتشار المذاهب الفكرية في أوروبا فما هي أسباب انتشارها في العالم الإسلامي


    يتبــــع

    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3

    رد: موسوعه المذاهب الفكرية المعاصرة

    هل يصح نسبة الفكر إلى الإسلام فيقال الفكر الإسلامي؟


    يبدو أن هذه المسألة التبس أمرها على بعض طلاب العلم فمنهم من منع هذا على الإطلاق، ومنهم من لم ير به بأسا، والذي يبدو والله أعلم أنه يجب معرفة أمر مهم وهو التفريق بين إطلاق كلمة (الفكر الإسلامي) مرادا به التشريع الإسلامي ذاته وأنه ناتج عن فكر وبين الحديث عن ما أنتجته عقول علماء الإسلام في شتى ميادين العلوم وأن إطلاق كلمة الفكر الإسلامي على الإسلام ومبادئه الإلهية إطلاق غير دقيق بل ليس بصحيح فإن الإسلام ليس فكرا ناتجا عن اجتهاد أحد وإنما هو تشريع إلهي أنزله الله على نبيه صلى الله عليه وسلم.
    أما إذا أريد بالفكر الإسلامي ما كان ناتجا عن اجتهاد وذكاء عقول المسلمين وإنجازاتهم في الأمور القابلة لذلك فلا حرج في إطلاقه إن شاء الله تعالى ومن هنا فلا يصح أن يفهم أن عبارة الفكر الإسلامي المقصود بها الإسلام ومبادئه الأساسية أو أن يكون بهذا المفهوم قابلا للمقارنة بينه وبين الأفكار الوضعية الفكرية كأن يقال مثلا المقارنة بين الفكر الإسلامي والفكر الغربي أو الشيوعي أو أي فكر كان في قضية كذا فإذا أريد بحث قضية ما بين الإسلام وبين غيره فلا يجوز أن نبحثها على ضوء الإسلام على أنه يمكن التوافق بينهما أو التقارب بل على أن الإسلام يقول فيها حكمه الحق والعدل كما أمر الله تعالى سواء وافق الأفكار الأخرى أو خالفها دون أن نتكلف في الجواب أو نتملق أحدا لتقريب الفكر البشري الوضعي إلى حقيقة الإسلام ومبادئه تحت تسمية شمول الفكر الإسلامي ونحو ذلك من العبارات التي قد ينخدع بها المسلم من حيث لا يشعر فينجر إلى تمييع الحكم الإسلامي المبتكر تناديا بإنارة العقل وحل المشكلات وزيادة ثقافة المسلم وتوسيع مداركه وإشعاره بالجد في العمل وتحذيره من الغفلة أو اتباع الخرافات أو التحذير مما يقوله أعداء الإسلام من شبهات باطلة ودس كاذب على الله تعالى أو على رسوله صلى الله عليه وسلم أو على كتاب الله تعالى أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم فيجب أن تكون الكتابة كذلك فإنها حينئذ تكون قد مثلت جانبا من جوانب التفكير العلمي الممدوح وقدمت صفة من صفاته المتعددة وخدمة مشكورة في بناء وإثراء الفكر لدى المسلمين عامة في شتى المجالات الدينية والدنيوية.
    أما إذا كانت الكتابة بغير علم ولا هدى أو يراد بها التملق أو الخداع أو تقريب الأفكار الباطلة إلى الإسلام فإنها لا يحق لها الانتساب إلى فكر علماء الإسلام وجهودهم كما فعله الكثير ممن كتب في هذا المجال عن تطور الإسلام ومرونته أو تقاربه مع الأديان الأخرى بزعمهم أو كانت في شؤون سياسية بعيدة عن منهج الإسلام ويحاول كاتبها أن يلوي أعناق نصوص الإسلام لتنسجم مع رغبته في تقرير فكرته تلك فإنها عمل شخصي وليس هو المطلوب لإثراء العمل الإسلامي فهناك من يحاول أن يقدم الإسلام على أنه مرن جدا بحيث تتوافق نصوصه مع كل ما هب ودب من الأفكار ولا شك أن هذا خطأ فاحش وهناك من يقدمه على أنه سياسة أو اقتصاد وهناك من يقدمه على أنه ثقافة اجتماعية أو أنه حركات ثورية صاخبة أو أنه زهد وعبادة وانزواء عن الناس.. إلى غير ذلك من الأمور التي وقع فيها الكثير عن قصد وعن غير قصد وهذه التجزئة لمفهوم الإسلام قاصرة وغير مفيدة ولا تمثل حقيقة الإسلام الشاملة ومزاياه العديدة التي طرقت كل جوانب الحياة تحت عموميات شاملة وقواعد يسبح في ظلها الفكر الإنساني في شتى مجالات قدرته على أنه – لا محذور أن نقتصر على إشباع جزئية ما وتقديمها على أنها من صميم الإسلام إذا كانت كذلك في مقابل الرد على من يزعم أن الإسلام لم يتطرق إليها أو أن المسلمين لا يعرفونها ولكن مع بيان أن الإسلام شامل وكامل في بيان جميع القضايا وأن تلك الجزئية إنما هي نقطة في محيط الإسلام مع ربطها ربطا وثيقا بالنصوص المؤيدة أو المانعة وذلك لئلا نستدرج في التوسع فنتقول على الإسلام ونتكلف التدليل ليتوافق مع الأفكار البشرية الوضعية ولا ريب أن الإسلام قد تطرق إلى كل ما يهم البشر في حياتهم ولا ريب كذلك أن المسلمين كانت لهم جهود في خدمته قدموها ابتغاء مرضاة الله ونفع البشر من خلال اطلاعهم على مزايا الإسلام وخصائصه العظيمة التي كانت قابلة لكل ما يستجد في أذهانهم من علوم دينية أو دنيوية مستحدثة بحكم أن الإسلام هو آخرالديانات والمهيمن على الدين كله. وفي النهاية أعتقد أن ترك التعبير بكلمة المفكر أو الفكر الإسلامي واستبدالها بكلمة التفكير عند المسلمين هو الأفضل.
    يتبــــع

    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #4

    رد: موسوعه المذاهب الفكرية المعاصرة

    كيف دخلت الحضارة الغربية بأفكارها بلدان المسلمين


    لقد كان أساس دخول الحضارة الغربية إلى البلاد الإسلامية وانتشار أفكارها المختلفة هو شعور حكام المسلمين بتفوق الغرب عليهم في شتى المجالات التنظيمية والاقتصادية وخصوصا ما يتعلق بالنواحي العسكرية والنظم التي تسير بها الجيوش والحاجة إلى السلاح الذي كان بيد الغرب حينما صنعه الغرب النصراني والمسلمون في سبات عميق ومن هنا برز الشعور القوي لدى هؤلاء الحكام بضرورة مد اليد إلى الغرب لشراء الأسلحة التي تزخر بها المصانع الغربية وتم ذلك فنشأت حاجة أخرى وهي طلب من يقوم بالتدريب عليها وكذلك طلب من يقوم بصيانتها ولا بديل عن الغرب الأوربي في ذلك بطبيعة الحال فاستقدموا المدربين والمهندسين والمستشارين من شتى دول الغرب ثم برزت حاجة أخرى وهي توفير الكتب والمدرسين والمدارس للنشء الجديد في الدول الإسلامية الذين أريد منهم أن يكونوا دائما عدة للجهاد وتم ذلك ولكن لا يخفى عليك أخي القارئ من هم الذين سيقومون بتلك المهام كلها للنشء الجديد فالدول الإسلامية في بداية الصحوة من نومها ولا تملك شيئا من ذلك فكان آخر الأمر أن ارتموا أمام خبراء الغرب الذين أتوا بكل ما أمكنهم لتغريب العالم الإسلامي – وفي أولهم الجيوش – ومن هنا بدأت عجلة التغريب تعمل في العالم الإسلامي وبدأ الكثير من حكام المسلمين يتبعون سنن الغربيين في كل شيء بدؤوا ينظرون إلى التعاليم الإسلامية وإلى القيم الإسلامية نظرة ضعيفة فيها نوع من تفضيل للحياة الغربية عليها وكانت تركيا هي المثال القوي المخزي على هذا السلوك في آخر الدولة العثمانية إلى أن تسلمها العلماني الملحد مصطفى كمال أتاتورك الذي سلخها من كل شيء يمت إلى الإسلام بصلة – كما هو معروف من تاريخه الشنيع – ثم ابتعث كثير من المسلمين أبناءهم للدراسة في الدول الغربية ليتعلموا شتى الفنون التي كانت تنقصهم كضرورة ملحة جديدة ولكن بعد أن رجع هؤلاء إلى بلدانهم لم يقف في وجوههم أي حاجز لرفع علم الحضارة الغربية في بلدانهم والمناداة ليلا ونهارا وسرا وإعلانا بالانضمام التام إلى الحياة الغربية واللحاق بركبها الذي كانوا يرونه سفينة النجاة ومصدر فخرهم وإعجابهم، وبدأ هؤلاء ينفخون في أذهان المسلمين المبادئ الغربية والعادات الاجتماعية عندهم – متخذين من بعض القضايا ذريعة – لتوصيل الحضارة الغربية إلى الأذهان، مثل زعمهم أن حجاب المرأة ظلم لها وأن المسلمين ينقصهم الدعوة إلى الحريات، حرية الكلمة، وحرية العقيدة، والدعوة إلى منع الطلاق وتعدد الزوجات ووجوب تعليم المرأة ومشاركتها الرجل جنبا إلى جنب في ميادين العمل وكذا الدعوة إلى العودة إلى الحضارات القديمة التي كانت قائمة قبل الإسلام وإلى السلوك الإسلامي – وغير ذلك من الأمور الكثيرة التي نفذوا من خلالها إلى إنقاد التعاليم الإسلامية في مكر وخديعة {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:30]
    ولقد افتتن بعض المسلمين بالحضارة الغربية وبريقها اللامع لأسباب حملتهم على ذلك تمنوها في مجتمعاتهم فلم يجدوها كحال الحرية التي رأوها في العالم الغربي في الظاهر فتمنوها دون رؤية ولا نظرة ثاقبة في حقيقتها ومآل أمرها ولعل الأوضاع التي يعيشها المسلمون في بعض الأماكن تحت بعض الأنظمة التي تتظاهر بالإسلام من عدم الاهتمام بحرية الفرد ولا المجتمع وسوقهم إلى ما يراد بهم طوعا أو كرها دون مراعاة كرامة أحد والتعسف المقيت في معاملتهم لعل هذه الأوضاع أيضا كانت من الأمور التي شجعت أولئك الذين فتنوا بالحضارة الغربية بكل ما فيها من حسن وقبيح إلى المناداة بها ومعلوم أن هذا الوضع ليس مبررا لترك الدين وما يأمر به أو ينهى عنه لا من قريب ولا من بعيد فإنه يمكن معالجة هذه الأوضاع السيئة حين توجد بطرق كثيرة غير الحضارة الغربية والحرية الشخصية التي أصبحت يراد بها العري والخناء وعدم الحياء في ظل تلك الحضارة المادية الزائفة فإن الإسلام لم يهمل حلول أي مشكلة تتعلق بحياة الناس دينية حكاما أو محكومين وتاريخه يتحدث بذلك في صوره المشرقة ففي الإسلام ليس للحاكم إلا تنفيذ الشرع الإلهي على الجميع وإذا خرج عن الدين ونادى بالكفر البواح فلا طاعة له أيضا وإذا ظلم رعيته فإن الله تعالى له بالمرصاد ويحاسب كذلك عن تصرفاته في أموال المسلمين ولا يستبد برأيه ولا يكتم حريات الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ولا يحكم لنفسه بحكم ينتفع به بظلم الناس إلى غير ذلك من الأمور المعروفة في الإسلام أي أن الحاكم ليس له مطلق الاستبداد كما يتصور الجاهلون بالإسلام قياسا منهم على ما اخترعه رجال الكنيسة باسم الدين النصراني فإن الإسلام يُوجِدُ في قلب الحاكم الملتزم به الشفقة والرحمة والتواضع ويؤكد على أنه يسأله الله يوم القيامة عن كل تصرفاته وبذلك يكبح جماحه ويهذبه.

    ويتضح مما تقدم أن الغرب النصراني لم يعد يهتم بمقارعة المسلمين وجها لوجه مناظرات ومجادلات حول الأسس الإسلامية التي قام عليها بناء الإسلام في قلوب أتباعه لم يعد الغرب يهتم بذلك.
    1ـ لأنهم يئسوا من زحزحة المسلمين عنها بالكلية عن طريق النضال الفعلي أو الفكري.
    2ـ لأنهم اكتشفوا طرقا جديدة تختصر لهم المسافة الفارقة بين الحضارة الغربية والحضارة الإسلامية وكان لهذا الاكتشاف وزنه وفائدته بالنسبة للغرب ومن هذه الطرق متابعة الأفكار الغربية التي قبلها المسلمون وتنميتها في صدورهم وإطرائها بالمديح، وزينوا لهم أن البداية والنهاية تكمن في تقبل المسلمين للتطور والتجديد في جميع النواحي السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية... إلخ
    وأصبح مثل الغربيين ودعائهم بالنسبة لبث تلك الأفكار في العالم الإسلامي أصبح مثلهم أشبه ما يكون بالمزارع الذي يتعاهد ما بذره كل يوم في الوقت الذي فتحوا فيه شهية المسلمين للوصول إلى كل المغريات التي تزخر بها الحضارة الغربية الجديدة ولم يقف الغرب عند حد الوصول إلى تحقيق هذا الهدف بطريقة منفصلة لدى المسلمين بل عملوا جهودهم على أن يصبح هذا الهدف هو الاتجاه العام لدى كل المسلمين وبالتالي تكون النتيجة من وراء تحقيقه هو إقامة علاقات مشتركة على قدم المساواة بين الغرب وبين العالم الإسلامي بعد توحد الأفكار والأهداف ومن ثم تذويب العالم الإسلامي في بوتقة الحضارة الغربية إلى الأبد فإن المغلوب ينظر دائما إلى الغالب بعين الإجلال والهيبة ويحب محاكاته في كل تصرفاته سيئة كانت أو حسنة وطبيعة صاحب الهزيمة النفسية أنه لا يفرق بين الغث والسمين في تعامله مع المنتصر.
    قصور خطير:
    ظهرت النتائج لدى العالم الإسلامي في صورة شنيعة يمثلها قصور المفكرين والعلماء المسلمين في الإحجام عن دراسة العالم الغربي بجد وبيان أفكاره والأخطار التي ستحل بالأمة الإسلامية إن لم يضعوا حدا لذلك الغزو. لم يحصل هذا مع شدة حاجة أبناء المسلمين إلى تفهمه والحذر منه بل إن الذي حصل هو ضد هذا وهو اشتغال بعض المفكرين دارسي الإنجليزية من المسلمين بترجمة كتب أولئك في ميادين القصص الغرامية العابثة والأخبار التافهة وفي مغامرات بعض أقطاب الغرب وسيرهم التي تمجد أقطابهم وتوحي للقارئ بعظمة أولئك في شتى الميادين أو ما كان منها يوحي بحياة العصبية والوطنية والقومية والتعالي على الآخرين والعودة إلى الافتخار بما عفى عليه من حضارات قديمة بزعمهم وأنه يجب العودة لها تحت أشكال متعددة وساعدهم أصحاب الأموال الغربية بكل ما يحتاجونه لتحقيق ذلك ولعل القارئ قد سمع في الإذاعات الغربية خصوصا لندن ومونت كارلو وواشنطن لعله سمع ما حصل من الاحتفال المهيب في أول هذه السنة 1419هـ بترميم تمثال " أبي الهول " وأنه بلغت تكلفة ترميمه عشرة ملايين دولار وإن العمل استمر في ذلك قرابة عشر سنوات وكان الاحتفال بالانتهاء منه يوما مشهودا حضره رئيس الدولة وعدد غفير من الوجهاء والأعيان وسفراء بعض الدول العربية وسفراء الدول الغربية وتبرع" روكفلر " المليونير اليهودي بمبالغ هائلة – غير مشكور عليها – للبحث عن الآثار الفرعونية وبنى معهدا لأجل ذلك على نفقته لسد الحاجة إلى الفنيين لنبش الآثار الفرعونية في الوقت الذي كان الشعب المصري في أمس الحاجة إلى المساعدة المالية لسد ما دمرته البراكين التي ثارت فيه وأصبح كثير من السكان بدون مأوى ولا غذاء إلا من بعض المساعدات التي كانت تذكر إذاعة القاهرة أنها لا تكفي لإعادة الأمور إلى حالتها الطبيعية وليس هذا فقط فقد أتخموا العالم الإسلامي بالدعوة إلى إحياء ما يسمونه الفن بجميع أشكاله وإيجاد كل ما يتطلبه الأمر من بناء مساكن ومدارس وإيجاد مدربين.. إلخ وقد تحقق الكثير من إحياء هذا الفن الذي كان أكثره موجه لتدمير الأخلاق الإسلامية والعفة ونزع الحياء من وجوه الفتيان والفتيات الناشئين وانتعشت حركة الفن هذه حتى أصبحت ذات رسالة – كما يعبرون عنها – وأصبح تحقيقها يعتبر – على حد زعمهم – رسالة ومفخرة وطنية يجب تمجيدها وتقديسها وحينما تتم المقابلة بين أحد الفنانين في الإذاعة يقول له المذيع: ماذا تتمنى فيقول: أتمنى على الله أن يوفقني لإكمال الرسالة؟!
    والقارئ يدرك السبب من وراء هذا الاهتمام من قبل الغرب بجوانب الفن المزعوم والإنفاق السخي على نبش الآثار لأنهم عرفوا أن هذه الأمور هي مقصد الكثير من الناس للتسلية وأنها ذات أثر جذاب على كل الناس مهما كان التفاوت بينهم في المعرفة والأعمار أيضا ومن الغريب أن تسمع كثيرا من وسائل الإعلام عند المسلمين يأتي مصدر البرامج فيها إما تمثيلية غربية أو ترجمة لكاتب غربي أو خدمة لكتاب غربي كذلك حتى ليخيل للسامع العادي أن الحضارة الإسلامية لا شأن لها إلا بالمساجد وإقامة الصلاة فيها فقط وأنها لا بديل فيها عن تلك البرامج الغربية وهذا الظلم للحضارة الإسلامية سببه جهل أبناء الإسلام وكيد أعدائه فأصبح الإسلام بين أمرين أحلاهما مر بين جهل أبنائه وكيد أعدائه.
    الدعوة إلى خلط الفكر الإسلامي بالفكر الغربي بدعوى تقارب الحضارتين والسير معا لخدمة الإنسانية
    قال الله تعالى {وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَآءِ لَيَبْغِيِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [ص:24] وإذا كان الخلطاء يبغي بعضهم على بعض وينتج عن ذلك شر وظلم في الأمور الدنيوية فما بالك إذا كان في الأمور الدينية حين يراد خلط الحق بالباطل فما الذي سيحصل من ذلك؟
    إنه يحصل نتاج مشوه ومشئوم لا خير فيه، وظلم صارخ لا عدل فيه وتقارب الحضارتين هو وجه آخر لدعوى الأديان فكيف يتجاهل هؤلاء الدعاة الغربيون ومن سار على طريقتهم من أتباعهم في العالم الإسلامي من دعاة التغريب كيف يتجاهل هؤلاء الفرق الهائل بين الدين الحق والدين الوضعي وهو فرق يمثل الفرق بين الحق والباطل والعلم والجهل فأنى يجتمعان؟
    إن التقارب الذي يدعو إليه أصحاب الفكر الغربي إنما يراد به جر المسلمين إلى الغرب وذوبان الشخصية العزيزة للمسلم في خضم التيار الغربي بما يملكه الغرب من وسائل الإغراء التي لا حد لها ولعل هذه الدعوة نبعت من جراء تراخي قبضة المسلمين على دينهم والإسفين الذي دقته الحضارة الغربية الحديثة وقوة التغريب المتنامي في العالم الإسلامي على أيدي المنصّرين والمستشرقين وأتباعهم من المحسوبين على العالم العربي أو الإسلامي، ثم إحساس هؤلاء بهذه الفجوات في المسلمين ومن هنا وقر في أذهان أولئك الكتاب وجميع القائمين على حركة التغريب أنه يجب توجيه كافة الإمكانيات والجهود وتجييش الكل لخدمة تلك البذور النامية في أذهان المسلمين نحو حب الحضارة الغربية وأنها السبيل الوحيد للمسلمين إذا أرادوا التقدم والعيش الكريم بزعمهم وأقطاب الغرب والتغريب كلهم يشترطون - بالقول أحيانا وبالفعل أحيانا أخرى- لهذا التواصل والاندماج أن يتم بعيدا عن حقيقية الإسلام التي سار عليها في عهوده السابقة وأن يتم على فلسفة عصرية جديدة بزعمهم وهي خدعة ظاهرة يراد من ورائها عدم الاهتداء بتعاليم الإسلام الثابتة.
    ومن المعلوم مسبقا أنه لو صار تقارب الحضارتين على هذا الأساس لكان الخاسر فيها هم المسلمون بدون شك حتى ولو كان التقارب أيضا على دعوى النعرات الجاهلية من قومية ووطنية أو تسامح ديني وما إلى ذلك فالنتيجة واحدة على حد قول الشاعر:
    من لم يمت بالسيفِ مات بغيرهِ تعدَّدت الأسبابُ والموتُ واحدُ
    فإن الهدف الأخير للغرب هو استعمار بلدان المسلمين وعودة جنودهم إلى ثكناتهم السابقة ومحو الشخصية الإسلامية من القلوب ولقد تفوق الغرب على غيره بحسب الترتيب وإحكام الخطط بمكر ودهاء وهو أمر واقع وظاهر وما حصل الآن من استعمار الغرب للعراق العربي المسلم مما يندى له الجبين ويثير في النفوس الأسى والحزن والإحباط الشديد.
    نتيجة خطيرة:
    الذي يبدو – والله أعلم – أن الحضارة الغربية ستلتف على العالم الإسلامي نهائيا ما دامت أوضاع المسلمين بهذا الحال من الفقر والتقهقر وعدم الاستفادة من العقول ومما أودعه الله في داخل الأرض من الخيرات العظيمة وما داموا بهذا التفرق الشنيع وما دام اسمها " الدول النامية" فلن يمكنها الوقوف أمام الحضارة الغربية العاتية التي استحوذت على كل ما يتطلع إليه البشر من التفوق في سائر الفنون من اقتصاد وصناعة وتجارة وطب وغير ذلك من الأمور التي سترضخ المسلمين لهم طوعا أو كرها للحصول على أجزاء منها – وليس كلها – فإن من احتاج إلى شيء خضع له والإنسان أسير من أحسن إليه وأعتقد أن ما يتبجح به بعض الناس من أن العالم الإسلامي بخير ولا ينقصهم أي شيء أعتقد أن قائله إما أن يكون جاهلا يريد تثبيط المسلمين وإلهائهم عن النظر إلى واقعهم الضحل كما أعتقد أن ثالثة الأثافي على المسلمين هي هذه الثغرة الهائلة التي فتحها نظام العراق البعثي الصليبي الذي أعطى الغرب المتربص الضوء الأخضر والفرصة السانحة لتغلغل أفكارهم وانتشار حضارتهم ونصرانيتهم بكل صلف وكبرياء وقد أصبح العراق في عهد طواغيته اليوم المثل الثاني – بعد فلسطين – على إذلال المسلمين وانكسار شوكتهم.
    ومما يلاحظه القارئ الكريم أن الدعوة إلى تقارب الحضارة الإسلامية مع الحضارة الغربية أحيانا تأتي هذه الدعوة في شكل طلب صداقة – صداقة الذئب والحمل – أو علاقات حميمة بين الإسلام والمسيحية في مقابل وقفة الجميع ضد التيار الشيوعي وأنه يجب أن توجه كل الجهود ضده فهو العدو المشترك وقد انكشفت هذه الخدعة بسقوط الشيوعية وأحيانا تأتي بدافع حب تطوير الشعوب إلى التقارب ومدارسة الجوانب والأمور التي يجب أن يقفها الجميع ضد الإلحاد ما لم يكن ذلك التقارب على حساب الإسلام أو هضم حقوق المسلمين إلا أنه تبين أن العالم الغربي وضمن نفوذه السياسي والاقتصادي ليس إلا والأدلة على هذا كثيرة من أقواها وقوف الغرب إلى جانب الشيوعية عندما يحاط بها وعداؤهم السافر للإسلام والمسلمين وخصوصا في هذه الأيام من هذه السنة 1422هـ بعد فتنة التفجيرات التي وقعت في أمريكا في نيويورك وواشنطن حيث أخرجت أضغانهم على الإسلام والمسلمين فصرحوا بكل وقاحة بأن عدو حضارة الغرب هم المسلمون والإسلام المتخلف بزعمهم ولأن الكفر ملة واحدة فإنك تجد أن أعداء الإسلام دائما يقفون إلى جانب بعضهم بعضا في محاربة انتشار الإسلام وحصاره ورميهم له بأنه غير متطور ويجب تطويره كشرط أساس لمسايرته الحضارة الغربية ولا تسأل بعد ذلك عن هذا التطور الذي يدعون إليه ولا عن نتائجه الوخيمة وعن الشر الكامن في مبادئه ولا عن قيمة المجتمعات الإسلامية في ظل هذا التطور المزعوم فأين إذاً الدعوة إلى تلاحم النصرانية والمسيحية ضد الإلحاد ما داموا لا ينظرون إلى الإسلام إلا بهذه النظرة الظالمة.
    ومن هنا وقع الكثير من الكتاب المسلمين – بحسن نية – في بعضهم وبمكر ودهاء في أكثرهم من دعوى مسايرة أحكام الشريعة الإسلامية للأحكام الوضعية الغربية لكي يتم بناء هذا التمثال الهزيل ثم ركبوا كل صعب وذللوا لتحقيق هذا الادعاء الباطل المستحيل فما من قضية غربية إلا ووجد لها من بعض كتاب المسلمين من يقول "أن الإسلام أيضا قد اشتمل على بيانها فلا ينبغي أن يعاب وأصبح الإسلام كأنه مذنب يحتاج إلى المحامين عنه لامتصاص أخطائه وذنوبه أمام الحضارة الغربية حسب دفاع هؤلاء ولا شك أن دعوى مثل هذا التطور هو قتل للإسلام على تؤدة وأنه لن يتم إلا إذا تخلى المسلمون عن دينهم نهائيا".وهذا الصنف من المحامين خُدِعُوا في أنفسهم وخَدَعوا غيرهم فقد أوقفوا أنفسهم للاعتذار عن الإسلام أمام كل قضية يخالف فيها الإسلام ما نادت به الحضارة الغربية العصرية فحينما ظهرت الاشتراكية قالوا والإسلام أيضا فيه اشتراكية بل وافتروا أن مؤسس الاشتراكية الإسلامية هو الصحابي الجليل أبو ذر رضي الله عنه وحاشاه من إفكهم وحينما ظهرت الديمقراطية قالوا والإسلام أيضا ديمقراطي وحينما وجد تعدد الأحزاب قالوا والإسلام لا يمنع هذا، وحينما ظهر دعاة تحرير المرأة وأن لها حق الانتخاب والوصول إلى الحكم قالوا والإسلام أيضا قرر لها هذا وتكلم هؤلاء عن الإسلام بما لم يحيطوا بعلمه منهم الماكر المخادع ومنهم من كان عن حسن قصد كي يدفع عن الإسلام تهمة عدم التطور وصفة الرجعية التي وصفوا بها الإسلام كذبا وزورا وهو دفاع المتقهقر غير الواثق بدينه ونصاعته لا دفاع المتيقن الثابت.
    يتبــــع



    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  5. #5

    رد: موسوعه المذاهب الفكرية المعاصرة

    أسباب انتشار المذاهب الفكرية في العالم الإسلامي

    عرفت مما سبق أنه إذا كان للغرب من وجهة نظرهم ما يبرر قيامهم بالثورات على الدين – والمقصود به الدين النصراني الوثني الخرافي بطبيعة الحال – ولهم ما يبرر قيامهم بالثورات على رجال ذلك الدين ولهم كذلك ما يبرر نشوء مختلف المذاهب الفكرية بينهم إذا كان لأولئك مبررات في كل ذلك سواء أكانت مبررات مقبولة أو غير مقبولة فما هو المبرر لقيام تلك الأفكار والمذاهب في بلدان من أغناهم الله بالإسلام وأعزهم به في الدنيا والآخرة وشهد له إعلام الغرب من الموافقين ومن الحاقدين بأنه خير دين ينظم الحياة كلها وأن تعاليمه ونظمه فيها السعادة وحل كل المشكلات بطرق لن يهتدي إلى مثل عدالتها أحد من البشر؟!!
    إنه لأمر غريب أن يتطفل أحد من المسلمين على موائد الغرب الآسنة ليبحث فيها عن النجاة والسعادة في الوقت الذي يرى بأم عينيه ما يعانيه الغرب من الشقاء والحرمان والحياة اليائسة.
    {أَفَحُكمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة:50]
    {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا} [النساء:139]
    نعم إنه لا مبرر لقيام تلك المذاهب في ديار المسلمين ولكن قد حصل ذلك شئنا أم أبينا فما هي أسباب ذلك؟ إن أعظم أسباب تأثر بعض المسلمين بما عند أعداء الإسلام إنما يعود إلى:
    1ـ جهل هؤلاء بدينهم وما يحويه من مفاخر وما يحويه من شمولية كاملة حيث شهد الله تعالى له بهذا في كتابه الكريم بقوله:

    {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} [المائدة:3] فمن رد هذه الشهادة فلا شك في جهله وكفره وخروجه عن ربقة الإسلام وجماعة المسلمين وأنت تعلم أن هذا الجهل من هؤلاء يعود إلى أسباب كثيرة إما لتفريطهم وإهمالهم وإما لتربيتهم وإما لاختلاطهم وإما لغير ذلك من الأسباب الكثيرة.
    2ـ جهلهم بحقيقة ما تحمله تلك المذاهب الضالة من بؤس وشقاء وأنهم تأثروا بها دون معرفة لحقيقتها المخزية وما تحمله من دمار أخلاقي واقتصادي واجتماعي وديني وكل شيء يمت إلى الطريق الحق والصراط المستقيم فأصبح حالهم تنطبق عليه هذه المقالة "حبك الشيء يعمي ويصم" ولا يمنع أن هؤلاء عملاء مأجورين أيضا ما أكثر أولئك الذين باعوا دينهم وضمائرهم.
    3- من الأسباب أيضا رغبة هؤلاء في الانفلات والتحلل من كل القيم والأخلاق والعادات الحسنة والفضائل ورغبتهم في العيش على الطريقة الغربية يعيشون كما تعيش البهائم ويأكلون كما تأكل الأنعام دون أن يقف في طريقهم أي مانع شرعي أو عرفي.
    4ـ نشاط أعداء الإسلام وقوة عزمهم على إفساد عقائد المسلمين وإخراجهم من دينهم بأنواع الدعايات والمغريات.
    5ـ بذل المساعدات المالية وتحبيب الحياة الغربية إلى قلوب المسلمين وتنفيرهم من حياتهم الإسلامية وبث الدعايات ضد الإسلام وحكام المسلمين وعلماء الإسلام قاطبة فقد صوروا لهم الإسلام أنه هو الواقف حجر عثرة في طريق تقدم المسلمين ونهوضهم ووصولهم إلى صنع الطائرات والصواريخ و... إلخ وصوروا لهم علماء الإسلام أنهم متخلفون وجامدون إلى غير ذلك من أنواع الدعايات الخبيثة التي سرت في عروق كثير من جهال المسلمين.
    6ـ تأخر بعض بلدان المسلمين في مناهجهم التعليمية حيث أقصيت كل الدراسات – إلا القليل - التي تبصر المسلم بما يبيته له الغرب على أيدي عملائه من المنصرين والمستشرقين ومن وافقهم ممن يدعي العروبة أو الإسلام.
    7ـ الضعف النفسي الذي أصاب المسلمين وانبهارهم ببريق الحضارة الغربية ورغبة المغلوب في تقليد الغالب ومحاكاته لجبر ما يحس به من ضعف الشخصية أمامه.


    8ـ الضغوط الشديدة التي يتعرض لها ضعفة المسلمين باستمرار في أكثر من بلد إسلامي وإملاء الكفار لأفكارهم على تلك الشعوب لتقبلها راغبة أو راهبة وغير ذلك من الأسباب الكثيرة التي تضافرت لتهز من كان في قلبه مرض هزا عنيفا. ولكننا على يقين أن الحق سيبقى وأتباعه سيبقون إلى نهاية هذا الكون بإخبار الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بذلك

    يتبــــع

    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  6. #6

    رد: موسوعه المذاهب الفكرية المعاصرة

    كيف نقف من الحضارة الغربية وأفكارها؟


    لقد جاءت الحضارة الغربية كالسيل المزبد تريد أن تجتث كل شيء في طريقها صالحا أو غير صالح دون تمييز جاءت وهي تحمل مزيجا هائلا من العقائد والطبيعة والعمران والاجتماع والتجارب المختلفة في شتى الاتجاهات والفنون إنها خليط يحير العقل حيث يقف أمامها متسائلا هل أرفض تلك الحضارة برمتها أم آخذ منها وأترك لها؟ ذلك أن أخذها يعني الاستسلام لها بكل ما فيها من خير أو شر وأن مصير الأمة الإسلامية سيكون هو نفسه مصير الغرب في تعامله وفي جاهليته وأن يتحمل تلك الأخطار التي تهدد المجتمعات الغربية في أخلاقها وفي كل سلوكها كما أن تركها يعني تفويت منافع ومصالح نحن في أمس الحاجة إليها إذاً فما هو الحل الذي ينبغي أن يسلكه الشخص الذي يريد الحفاظ على دينه وقيمه الإسلامية والاستفادة كذلك من الحضارة الغربية؟!!والجواب فيما يلي بالإيجاز الخيار الأول: أي رفض الحضارة الغربية برمتها
    هذا الموقف غير سليم ولا يؤيده العقل ولا الواقع لأنه يؤدي إلى انعزال العالم الإسلامي وانطوائه وبعده عن الأسباب التي تقويه اقتصاديا وحربيا أيضا وذلك لما أودعه الله في العالم الغربي من أسباب القوة المادية المشاهدة التي لا يجهلها أحد في الوقت الذي تأخر فيه العالم الإسلامي ولم يحققوا ما أراده الله منهم من التقدم المادي وأسباب القوة كما في قوله تعالى: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} [الأنفال:60] بعد أن دعاهم إلى استعمال عقولهم وشحذ أفكارهم للاستفادة من كل شيء لا يصطدم مع دينهم الذي ارتضاه لهم وأخبرهم في أكثر من آية أنه سخر لهم كل ما في هذا الكون وجعله هبة لهم كما أرشدهم إلى بعض أدوات القوة كرباط الخيل الذي يساوي الآن الطائرات والسفن الحربية وإلى الحديد الذي هو قوام الصناعات الحربية وغيرها قديما وحديثا وغير ذلك من أنواع القوة المادية كما أن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أسوة حسنة، فقد كانوا يبادرون إلى الاستفادة من أي خبرة فيها نفع لهم وقوة للإسلام كحفرهم الخندق بمشورة سلمان الفارسي وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبيِّ أن يتعلم لغة اليهود واشتراطه صلى الله عليه وسلم على بعض الأسرى أن يعلم أولاد المسلمين الكتابة وغير ذلك مما فيه نفع المسلمين وزيادة قوتهم ولن تجد قطرا من الأقطار منطويا على نفسه غير مستفيد من خبرات الآخرين في شتى المجالات التي لا تتعارض مع دينه إلا وجدت ذلك القطر متخلفا في كل شؤونه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ووجدت الجهل والخرافات قد طغت على أهله كما تطغى الفيضانات على ما حولها بل ووجدت ذلك القطر يتنفس الصعداء بين فترة وأخرى في شكل عصيان مدني وتمرد عسكري وشغب بصور مختلفة لما يحسه أهله من الغبن في عيشتهم المتخلفة والقلق الذي يساورهم على مستقبلهم ومستقبل أولادهم من بعدهم إلا أن هذا لا يعني أن يفتح العالم الإسلامي ذراعيه للحضارة الغربية بكل ما فيها من سلبيات لا تقرها الشريعة الإسلامية كما فعل الكثير من المسلمين سواء أكان ذلك في شكل أفراد أو جماعات أو دول فلقد لهثوا للحاق بركب الحضارة كما يسمونه دون تروٍّ وتأنٍّ فكانت العاقبة ما يراه كل مسلم من تفشي الأوضاع الفاسدة وانتشار الرذائل الغربية بشكل واضح في أكثر الأقطار الإسلامية إلا من رحم الله تعالى وهم قليل بالنسبة لغيرهم فأقصي الحجاب للمرأة وخرجت سافرة بل ولا يسترها إلا القليل من الثياب التي تجعلهن كاسيات عاريات وأحيانا شبه عاريات ولم يعد للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كثير من ديار المسلمين أي مكان فيهم لابتلاع ما يسمونه بالحرية الشخصية له وانتشار الجريمة بشكل رهيب وقس على ذلك شؤون الحياة المختلفة التي يسبح فيها العالم المادي ومن تأثر به على طريقة عيشة البهائم. ولا أظن القارئ في حاجة إلى ذكر أسماء تلك البلدان الإسلامية التي غمرتها الحياة الغربية بكل ما فيها من عهر وسخافة ومجون تحت أسماء براقة خادعة كالتطور والإنسان العصري والتقدمي وما إلى ذلك. فكانت النتيجة أن أدخلوا رؤوسهم في الحياة الغربية على رجل واحدة لأن الهدم أسهل من البناء فهدموا دون بناء فقد حققوا سيئات الغرب ورذائله ولم يتمكنوا من تحقيق الجانب الآخر المشرق المتمثل في تلك النهضة الجبارة في ميدان الصناعة التي تزخر بها بلا د الغرب.
    الخيار الثاني: وهو أخذ الحضارة الغربية على علاتها ما طاب منها وما خبث:
    يعبُّها كلهفة الظامئ المتلهف إلى الماء العذب دون التفكير في الفوارق الطبيعية بين تلك الحضارة وحضارة الإسلام في السياسة والتفكير والنظم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وسائر السلوك كما حصل في تركيا بعد أن تأخر خلفاؤها في القوة المادية والقوة الدينية وتمالأ عليها الأعداء من كل جانب حيث سقطت فريسة الحضارة الغربية على يد زعماء افتتنوا بما عند الغرب من التقدم المادي والإلحاد الذي لا حد لجماحه.
    لقد واجهت تركيا الضعيفة طوفان الحضارة الغربية القوية دون تبصر ووعي وبعقلية غير متفهمة للأوضاع الجديدة بل تواقة إلى العلمانية الملحدة خصوصا وقد برز شباب كانت ثقافتهم غربية تماما ينظرون إلى الإسلام وإلى تعاليمه على أنه عقبة كأداء في سبيل رقيهم وتقدمهم وأن على الحضارة الغربية أن تقوم على أنقاضه راضية مطمئنة كما شاء لها أولئك الثائرون أمثال" أتاتورك" وأتباعه الذين نادوا بإلحاق تركيا بالحضارة الغربية في ذلك ما وسعهم من الدعاية لهذا الاتجاه وقلبوا ظهر المجن لكل حضارة يمت إليها الأتراك بصلة وخصوصا الحضارة الإسلامية وأتاتورك هو الشخصية الهامة التي كان عليها وزر تحويل تركيا إلى ركاب الحضارة الغربية وهو أعدى أعداء الإسلام في وقته عاقبه الله بما يستحق.ووجد كذلك مفكرون متحمسون للحضارة الغربية ونشرها بكل ما فيها من إيجابيات وسلبيات مثل " سيد أحمد خان" الهندي و" قاسم أمين" المصري صاحب كتاب (تحرير المرأة) وكتاب (المرأة الجديدة) و" طه حسين" الذي كان من كبار المتعصبين للحضارة الغربية ومن كبار المفاخرين بها وكان يود لو أن العالم الإسلامي كله وخصوصا مصر تنسلخ من كل ماضيها وتتقدم باحترام لتتقمص الحضارة الغربية بكل ما فيها
    وعلى مستوى أولي الأمر من الرؤساء مثل " الحبيب بورقيبة" الذي ظهر إلحاده وعداؤه للدين الإسلامي ولنبيه العظيم في تصريحاته التي كان يلقيها في المناسبات مثل تهجمه على القرآن الكريم ووصفه له بالتناقض وتهجمه على الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه بدويُّ يجوب الصحراء ويؤمن بالخرافات وغير ذلك من كفرياته وقد طلب إليه كثير من العلماء منهم الشيخ ابن باز – رحمه الله – أن يتوب ويرجع إلى الإسلام.
    والحاصل أن هذا المسلك مرفوض ولا ينبغي للمسلمين أن يقعوا فيه فإن طريق الحضارة الغربية مملوء بالمخاطر الأخلاقية والدينية والعاقل من اتعظ بغيره وقد أسفر الصبح لذي عينين.
    الخيار الثالث: وهو الأخذ من تلك الحضارة بحذر وترو دون اندفاع:
    فلا ينظر إليها على أنها هي المثل الأعلى للحياة أو المورد العذب وإنما ينظر إليها على أنها متاع الحياة الدنيا وأنه سيفارقها أو تفارقه فهي عرض زائل مهما بدت في المظهر الأنيق والصور الخداعة البراقة.
    فيعتقد المؤمن اعتقادا جازما أن الحياة السعيدة إنما هي الحياة الآخرة التي جعلها الله ثوابا لأوليائه وأن ما وجد على ظهر الأرض من أنواع المتع المباحة فإنما هي عون له من الله على الاستعداد لتلك الحياة يتمثل قول الله تعالى {وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص:77] فيجمع بين الدنيا والآخرة أو يجعل الدنيا في يده لا في قلبه فلا يفتتن بها افتتان من يسمون أنفسهم أصحاب التجديد الذين لا هم لهم إلا الحياة المادية وزخرفها أو جماعة التغريب الذين ينظرون بكل تقديس واحترام إلى الحضارة الغربية على أنها هي كل شيء في هذا الوجود.

    لا حرج على المسلم أن يستفيد من أي أمر لا يتعارض مع دينه، لا حرج عليه من أن يستفيد من مصانع الغرب وآلاته المختلفة ما دام ذلك لم يصل إلى أن يكون على حساب دينه وقيمه أو تقليدا أعمى لا يفرق فيه بين المفاهيم الغربية والمفاهيم الإسلامية كما هو حال كثير من الأقطار الإسلامية مع الأسف ولذلك لا يحتاج الشخص إلى تفكير عميق أو دقة ملاحظة كي تتبين له تلك الأوضاع التي تردت فيها تلك الأقطار عن وعي أو عن غير وعي حيث كانوا كحاطب ليل أو كتلميذ صغير أمام أستاذه ينظرون إلى الغرب بكل انبهار ونسوا أنهم يملكون ما لا يملكه الغرب من القيم والمبادئ الإلهية التي لا يوجد لها مثيل في تنظيم الحياة البشرية من جميع الجوانب ونسوا كذلك أنه يجب أن يكونوا هم القدوة للغرب المتحير في سلوكه المتخبط في جهله وأن تقدمهم إنما هو ظاهر من الحياة الدنيا وأن السعادة كلها في أيدي المسلمين لو أرادوا تحقيقها حينما يعتزون بدينهم ويوصلوه إلى تلك القلوب الخاوية والأفكار البالية في العالم الجاهلي فيرتوون من معينه الفياض ويخرجون من حياة الفسق والفجور والظلم والطغيان إلى عدل الإسلام ونوره المشرق دائما.

    يتبــــع


    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  7. #7

    رد: موسوعه المذاهب الفكرية المعاصرة

    انتشار فساد الأخلاق والقيم

    لقد رزء العالم الغربي والشرقي من تبعهم في أعز ما يجب الحفاظ عليه في السلوك وهي القيم والأخلاق الطيبة التي ميز الله بها الإنسان عن الحيوانات، لقد كانت البشرية - فيما عرف من تاريخهم - في غاية الحفاظ على التمسك بالأخلاق والحشمة والحياء بل منذ أن طفق آدم وحواء عليهما السلام يخصفان عليهما من ورق الجنة والتمسك بالأخلاق الحسنة والبعد عن سيئها فطرة في النفوس حتى إذا اجتالت الشياطين من اجتالته من حثالة البشر فإذا بالأمر ينعكس تماما بعد أن انتكست أخلاقهم وفسدت فطرهم وتردوا في مهاوي الضلال وتنكروا للفضيلة بل رأوها عارا وتخلفا ورأوا الثياب التي هي زينة للإنسان كالريش للطائر، رأوها تأخرا، فنبذوها في مجامع عامة تسمى نوادي العراة حيث وصلوا فيها إلى ما لا تصل إليه الحيوانات، وصدق قول الله تعالى عليهم:
    {أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} [الأعراف:179].
    لقد تمالأ الشرق والغرب كلهم بقيادة اليهودية العالمية على إفساد أخلاق المسلمين ونشر الرذائل بينهم بكل وسيلة، وما أكثر تلك الوسائل التي دخلت كل بيت – إلا من رحم الله – امتلأت بها البيوت والأسواق والواجهات، فلا ترى أمامك ولا عن يمينك ولا عن يسارك إلا دعوة فاجرة وصورة ماجنة وفحشا ورذائل في تخطيط دقيق ودعايات براقة وزخرف من القول، ولك أن تعجب حينما تقرأ في أساطير الملاحدة أن الإنسان كان في بداية حياته عاريا لا يعرف اللباس ولا ستر العورة، ثم ترقى قليلا قليلا إلى أن عرف اللباس، وبعد فترة – ولحاجة في نفس يعقوب – عادوا ونادوا بأن ترك المرأة لباس الحشمة وخروجها شبه عارية أو عارية هو التقدم بعينه والرقي الحضاري، هكذا ودون إبداء أي تعليل لهذه النقلة الغربية، وأصبحت المرأة سلعة رخيصة للرجل يقضي منها حاجته متى أراد، وأصبحت هي عارية والرجل يلبس الثياب الفضفاضة وهي تعاني الحر والبرد في سائر جسمها – اللهم ما تستر به السبيلين – والرجل يلبس لكل حالة لبوسها في دعة وسكون.
    وانتشرت محلات الخمور التي تزكم الأنوف تحت حماية القوانين الوضعية – وما دامت الخمر أم الخبائث فماذا تتوقع من وجود الخبائث التي شب عليها الصغير وشاب عليها الكبير، ولك أن تسأل عن عدد المجرمين وعدد المجانين والمعتوهين، وكم عددهم في المستشفيات وفي السجون، إنها أعداد تبعث الرعب والأسى على مستقبل هذه البشرية.
    وانتشر الزنا بصورة تتنزه عنها الحيوانات، وظهر عالم من الأولاد غير الشرعيين، وبنيت بيوت الدعارة علنا وتحت حماية القانون، بل وصارت بعض الحكومات السافلة تطلب من الزانيات زكاة مال فروجهن من البغاء، ولم يسمعوا قول الشاعر:
    ومطعمة الأيتام من كسب فرجها لك الويل لا تزني ولا تتصدقي
    ووجدت في بعض مطارات الدول الإسلامية العربية بطاقات لدعوة السياح إلى كيفية معاشرة الزانيات، ووجوب التأكد من صلاحية بطاقاتهن الشخصية خوفا من مرض الإيدز؟ ! !، وقد جاء في الحديث الشريف ما معناه أنه ما انتشر الزنا في قوم إلا سلط الله عليهم عقابا لم يكن في أسلافهم، وقد عرفنا هذا العقاب في زماننا إنه مرض نقص المناعة " الإيدز" الذي جعلهم يجرون جثث موتاهم إلى المقابر كل يوم دون أن يجدوا له الدواء المضاد، ولن يجدوا إن شاء الله إلى أن تتطهر الأرض من رجسهم رغم تبجحهم بأنهم وصلوا في القوة إلى حد أنهم يخلقون الخلق عن طريق التناسخ وإلى حد أنهم يستطيعون إجبار السحاب على إنزال ما به من المطر في المكان الذي يريدون.. إلى آخر غرورهم. وانتشر الربا وعاد الناس إلى تطبيق العقيدة الجاهلية الأولى فيه حيث كانوا يقولون إنما البيع مثل الربا، فقامت البنوك الربوية الشاهقة البناء ونشطت الشركات في ابتلاع أموال الناس تحت مسميات مختلفة خادعة ودعايات براقة وصار من بقي فيه عرق ينبض ببقية خافتة من الخوف أو الحياء يسميه فائدة ليتحاشى تسميته ربا، مع أن هذه الحيلة قد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم عنها مبكرا حيث ذكر أنه سيأتي أقوام يستحلون الخمر والحرير والمعازف ويسمونها بغير اسمها ، وهذا هو الحاصل في زماننا، دخل إباحة الزنا تحت تسمية " الحرية الشخصية "، ودخل إباحة الربا تحت تسمية " الفائدة"، ودخل قتل كبار السن ومن لا يريدونه تحت تسمية " الموت الرحيم"، ودخل رفض الدين وتركه تحت تسمية " حرية الأديان " أو "حرية التدين"، ودخلت قلة الحياء ونبذ الحشمة تحت تسمية " التقدم" وترك الماضي، ودخلت أشياء وأشياء كثيرة لا تحصى تحت تسميات كاذبة وعناوين خادعة، ويا ويل البشرية من شر أشرارهم.
    وانتشرت ظاهرة المساحيق والماكياجات التي أثقلت ظهور كثير من الرجال والنساء لتذهب فائدة قيمتها إلى بنوك اليهود، وغيروا خلق الله وغرروا ودلسوا واختفت حقائق كثيرة وظهرت أمور غريبة تنذر بشر مستطير ومصير مظلم لا يدري عاقبته إلا الله تعالى.
    كما انتشرت ظواهر سيئة في جميع نواحي الحياة من غش وكذب وجشع لا حد له واستغلال القوي للضعيف، وماتت – أوفي طريقها – أخلاق وفضائل كانت عند الناس في قمة أولوياتهم، كفضيلة الكرم، والإيثار، والتواضع، والشهامة... وأخلاق كثيرة لم يعد لها وجود في أذهان كثير ممن مسخت فطرهم المذاهب الفكرية الضالة من اشتراكية ورأسمالية وعلمانية وغيرها من المذاهب المادية التي جنت على القائمين بها قبل غيرهم حينما جعلتهم يعيشون في فوضى وقلق واضطراب يصل إلى حد الجنون، لا يحسون بهدوء ولا راحة نفسية ولا عاطفة حب نحو الآخرين – غير المجاملات العابرة – وجوههم مقطبة، وأفكارهم شاردة، ولم يعد للرحمة تلك المكانة التي تبوأتها قبل ظهور قرن الشيطان فوق المذاهب الفكرية، ولم يعد للعدل والإنصاف أي مكان يحط رحاله فيه – إلا القليل – وذهب حتى ذكر أولئك الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة – وجاء الجيل الذي لا يأكل الوالد في مطعم ولده أو الولد في مطعم أبيه إلا بدفع القيمة نتيجة حتمية لإعراضهم عن هدي الله عز وجل واتباعهم لأهواء الضالين وقراصنة المال الذين لا يتكلمون إلا في المال، ولا يضحكون إلا للمال ولا يعملون إلا للمال، ولا يعطون شيئا إلا ليأخذوا ما هو أثمن منه، وحق للضعفاء والفقراء أن ينشدوا مع الشاعر قوله:
    ذهب الذين إذا رأوني مقبلا



    هشوا إليّ ورحبوا بالمقبل
    وبقيت في خلف كان حديثهم


    ولغ الكلاب تهارشت في المنزل

    إن من المؤسف والداعي للرثاء حال الذين يتهجمون على النظام الإسلامي في الأخلاق والسلوك العام والخاص، إننا نرثي لحال أولئك الذين لا يعرفون عن الإسلام شيئا وهم يناصبونه العداء، نرثي لجهلهم ونرحم حالهم وشقاءهم.
    ونكون أشد حزنا لحال من يدعي الإسلام وهو يحاربه ويتهجم على نظامه الاجتماعي عن جهل أو عن معرفة، فحينما نسمع من يدعي الإسلام ثم يقول عن قتل القاتل إنه وحشية، وعن قطع يد السارق إنه همجية، وعن عقوبة الزنا بقسميها أنه تدخل في الحرية الشخصية، وعن الحجاب أنه ظلم للمرأة وطمس لها، وعن الحشمة والعفة والوقار أنه من مخلفات الماضي البغيض المتخلف، وعن أشياء أخرى كثيرة حث الإسلام على التمسك بها أو الانتهاء عنها يقول عنها أنها غير صالحة في زماننا، أو أنها كانت لقوم مضوا وانتهوا وانتهت معهم تلك المفاهيم.
    إن حال هذا المتحذلق يدعو للرثاء ولا حزن عليه، لأنه يعيش في دوامة مطبقة من الجهل، إنه بحق كما يقول المناطقة " حيوان ناطق " إنه يقلد ما يقوله أعداء الإسلام حرفيا كما تقلد الببغاء الأصوات التي تسمعها، وفوق ذلك يرى نفسه أنه متحضر ومتطور، وأنه بلغ السماء طولا والجبال ارتفاعا، ولا يدري أنه قزم حقير ضئيل على حد قول الشاعر:
    مثل المعجب في إعجابــــــه



    مثل الواقف في رأس الجبل
    ينظر الناس صغارا وهوفي


    أعينهم صغيرا لم يـــــــزل

    وحينما ينبري بعض الكتاب السفهاء أو بعض الكاتبات السفيهات ليتباكوا على النظام الأخلاقي الذي أرشد إليه الإسلام بأنه غير حضاري، إنما هم أدوات في أيدي أعدائهم وأعداء دينهم، باعوا ضمائرهم بل ودينهم بثمن بخس وليس لهم عند الله – إن لم يتوبوا – من خلاق.
    والذين يجتهدون في نشر الخلاعة والمجون في وسائط الإعلام المختلفة إنما هم عبيد لليهود وخدم لهم من حيث يشعرون أو لا يشعرون، وحينما يدعون إلى تأخر الزواج بين الشباب والشابات إلى ما بعد فتور فوران الشهوة فيهم، وبالتالي يقدمون لهم كل وسائل الإغراء لاقتحام الشهوات الجنسية، إنما هم يطبقون جزءا من المخطط المرسوم لمحو الفضائل وإشاعة الفواحش، لأن المنافقين والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف، لأن فطرهم انعكست وصار العالي سافلا والسافل عاليا في نظرهم. والذين يدعون إلى تحديد النسل لئلا يحصل الانفجار السكاني بزعمهم، وبالتالي فلا يجدون لقمة العيش أو يدعون إلى الحد من الإنجاب محافظة على رشاقة المرأة وتألقها إنما هم مخادعون كاذبون ينفذون جزءا من المخطط اليهودي، إذ أن اليهود والنصارى يشجعون تكاثر النسل بينهم، وقد سمعت من إذاعة إسرائيل أنهم احتفوا واحتفلوا بامرأة أنجبت ثمانية أولاد وكرموها وأعطوها عدة جوائز.
    ومثلهم دعاة منع الحمل بدون ضرورة أو الإجهاض بلا سبب أو الدعوة إلى خروج المرأة للعمل سافرة متبرجة مبدية زينتها لكل من هب ودب وتضحك مع هذا وتميل إلى هذا، وهذا يمدحها وهذا يضرب على كتفيها استحسانا لها أو لعملها وهي تمشي العنجهية مشية العسكري في طابور التدريب عارية أو شبه عارية.
    وكذلك احتقار الحياة الأسرية والعيش مع الأولاد وتهوين الخيانات الزوجية، وما إلى ذلك من الرزايا التي وصل إليها دعاة الأفكار المنحطة التي غزت كل بيت في ديار المسلمين إن أخطأته واحدة أصابته الأخرى ولابد. ومن الظلم الصارخ والغش المبين تشويههم لصورة الإسلام الناصعة، فقد ربطوا كل صورة من صور التأخر والتخلف الحضاري والمدني بالتمسك بالإسلام أو ترك مذاهبهم التي هي حبل النجاة بزعمهم، فربطوا كل صورة من صور التقدم والنهوض والعيش الرغيد بالتمسك بمذاهبهم وأفكارهم، وقد رأيت في بعض الاحتفالات ببعض الذكريات الخرافية أنهم يأتون بكلام عن الحضارة الغربية وتفوقها، وثم تأتي طائرات تهز الأرض ثم يخلفها رجل عربي يركب حمارا، وأحيانا يركب جملا وعليه أغراضه، ثم تتكرر مناظر كثيرة كأنها تقول انظروا إلى ما عندنا أيها المسلمون وانظروا إلى ما عندكم، وإذا جاز لنا أن نعذرهم لأنهم لم يقرأوا قوله تعالى: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ}[الأنفال:60] وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف)) ، وغير ذلك من النصوص التي يجهلونها، إذا جاز لنا أن نعذرهم، فبأي وجه نعذر من يدعي الإسلام ويقرأ تلك النصوص ثم يرجع باللائمة على الإسلام وتعاليمه وكأنه يقول لم يمنعنا من صناعة هذه الطائرات إلا أن نتخلى عن ديننا لنصبح أمة صناعية؟ ! !، أو نتخلى عن عاداتنا الشرقية – كما يسميها الغرب – أي نتخلى عن ديننا ونظامه في السلوك لنصبح في قمة التطور.. إنها أماني بلا برهان، وحجة العاجز الذليل، فهل الإسلام منعهم وأقام السدود والحواجز بينهم وبين أي مصدر فيه قوة المسلم أيا كان، أليس الإسلام قد دعا إلى القوة واعتزاز المسلم بدينه ويعمل يده واستغنائه عن غيره من المسلمين فضلا عن أعداء الإسلام ؟
    لقد انصب اهتمام أعداء الإسلام، أعداء الأخلاق الفاضلة والسلوك الحسن على نشر فساد الأخلاق وضياع القيم، فلماذا؟ ! ! !
    يأتي الجواب تلقائيا لأنهم يعرفون أن في فساد الأخلاق وضياع القيم تفتيت للروابط الاجتماعية كلها فتنتشر الرذائل التي تعجل بهدم كيان ذلك المجتمع الذي تنتشر فيه، حيث ينتشر الكذب والغش وقطع صلة الأرحام والعداوة والبغضاء والتهاجر وعدم الثقة بين الناس واختفاء الأمانة وانتشار الدعارة والفجور.. ومساوئ كثيرة هي أشبه ما تكون بالمسامير في النعش.
    وتنتشر الرشوة بكل مظاهرها سرا وجهرا بين أصحاب النفوس الضعيفة فتضيع الحقوق وتختل موازين العدل بين الناس، ولهذا فسدت ضمائر كثير من الموظفين، فتجد المظلوم يصبح ظالما وصاحب الحق يصبح معتديا وباذل الرشوة يصبح صادقا محقا ناهيك عن اختلاس الأموال العامة بمجرد الحصول عليها بأي سبيل إذ لا رادع يردعه عن ذلك.
    كما ينشأ عن فساد الأخلاق الاحتكارات المحرمة شرعا والإثراء
    عن طريقها وكذا تهريب المخدرات للحصول على المال من جهة، ولإفساد حياة المسلمين من جهة أخرى، لأن فساد الأخلاق هو فساد الفضائل، قال شوقي:
    وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
    يتبــــع


    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  8. #8

    رد: موسوعه المذاهب الفكرية المعاصرة

    الآثار السيئة للمذاهب الفكرية » المبحث الثالث: نشر الفساد عن طريق استخدام النساء

    هذا الموضوع الحديث عنه ذو شجون، والحاجة إلى معرفته ملحة، وقد قيل " ما لا يدرك كله لا يترك كله"، وبالإيجاز فقد انطلق أعداء الإسلام إلى هدم الإسلام عن طرق كثيرة، من أبرزها حربه عن طريق النساء مستخدمين وسائل لا تكاد تحصر
    وفي هذه الأيام يردد الإعلام الغربي ما يسمونه بمحاربة فساد الاتجار بالبشر، أي عن طريق نشر البغايا، ويذكرون أن القائمين على هذه التجارة يكسبون ملايين الدولارات.
    قتل الاحتشام عن طريق إغراء الفتيات بشتى الأزياء الفاجرة تحت الدعايات الباطلة بأنهن سيحزن على إعجاب الرجال و على الجمال وعلى الدلالة على أنهن متقدمات متحضرات، ثم عن طريق موضة أنواع الماكياجات التي ستعود أثمانها كلها إلى البنوك اليهودية الربوية.
    بادر أعداء الإسلام إلى تعليم المرأة وفتح الباب لها على مصراعيه وفق خطة مدروسة لإخراج الفتاة المسلمة عن دينها، وتم لها ذلك، حيث تخرج الدارسة وهي على وفق ما جاء في المخطط المبيت لها وليس على وفق ما أراده الإسلام لها في حثه على تعليمها. قال زويمر: " تعليم المرأة بؤبؤ عيني "، والإسلام يوجب على المرأة أن تتعلم، ولكنه التعليم الذي ينفعها في دينها ودنياها.
    التأثير على المرأة المسلمة في مجال الفنون الجميلة وزينة المرأة وكيفية وصولها إلى إغراء الرجل، لأنها تأثرت بما استخدمه الغزاة من وسائل الإعلام القوية (سينما – مسرح – قصص هادفة – صحف – مجلات – إذاعة – تلفزيون) وغير ذلك كلها تضافرت وصدق بعضها بعضا للتأثير، فأغرمت بالرسم والنحت والأزياء والموسيقى والتمثيل والتصوير، وشراء أدوات تلك الفنون بباهظ الأثمان.
    التركيز الجاد من قبل أعداء الإسلام على انتشار الاختلاط بين الجنسين وسفور المرأة، وتم لهم هذا،
    وكانت له نتائج وخيمة، الأمر الذي أدى إلى هدم الأخلاق والآداب الإسلامية بسبب ضعف الوازع الديني، والدعاية القوية العارمة لتهوين أمر الفاحشة ونبذ الحجاب، فالتهبت الغرائز الجنسية وعرضت الصور الماجنة في كل وسيلة إعلامية يصدق بعضها بعضا.
    وسبب هذا التكالب منهم على هذا المسلك هو معرفتهم التامة بأن الاختلاط والسفور هما من أقوى الأسباب لانهيار المجتمعات وتمييعها وقتل هممها.
    ولقد تكاثرت الضباء على خراش، وبلغ السيل الزبى وانفلت الأمر من أيدي ولاة الأمر من الآباء والحكام في ثورة عارمة معلنة أو غير معلنة، وقد جعل المخدوعون من المسلمين نصب أعينهم هذه المقالة الحمقاء " متى نلحق بركب الدول المتقدمة " ظانين أن هذه القبائح هي التي تنقصهم.
    وكان من جراء تلك الموجة العارمة أن نسي الرجل المسلم والمرأة المسلمة أن وراءهم حسابا وعقابا أخرويا لاستحلالهم ما حرمه الله عليهم فاتجهوا لإشباع شهواتهم الحيوانية، ولم يعد التماسك الاجتماعي بينهم قويا، بل تآكل، ثم حدث أن تفاخر كل من الرجل والمرأة في اقتناء أجمل الثياب وسائر المظاهر، ثم اتجهوا إلى أدوات التجميل التي تصنعها المصانع اليهودية والنصرانية، وانتشرت الفتن والخيانات وفقدت الحشمة والحياء بين الجنسين، وقد انتشرت خديعة كبرى يرددها كثير من الناس دون أن يعرفوا مصدرها الخبيث، وهي خديعة أن النساء المحجبات هن الداعرات والداعيات إلى الفواحش، وحيلة أخرى وهي أنهن يردن إخفاء قبحهن، بينما السافرات لا يتعرضن لأي أذى سائرات لا يلتفتن لأحد ولا يلتفت إليهن أحد، واثقات من أنفسهن، وتمت هذه الحيلة على كثير من النساء المسلمات فنبذن الحجاب خوفا من هذه الدعاية الكاذبة الضالة المضلة.


    وقد اخترع أعداء الفضيلة لتقوية هذه الحيلة طرقا شيطانية منها:
    توجيه بعض العاهرات الفاجرات أن يتسترن بمثل الألبسة التي تتستر بها المؤمنات العفيفات الشريفات وأن يسرن في الأسواق العامة ويتعرضن للفساق، وهن في هذه الألبسة الساترة المزورة، فيظن من لا يعرف سر هذه المكيدة أن الأمر على حقيقته. ويراد من وراء هذه المكيدة إعطاء الأدلة على أن المحجبات فاسقات، وكذلك لمضايقة المحجبات أيضا من ناحية أخرى. توجيه فريق من الفساق المأجورين أن يتعرضوا للمتسترات العفيفات في الطرقات العامة ويؤذونهن في عفافهن بفسق من القول أو الغمز أو اللمز أو اللمس.. الخ .
    ويراد من هذه المكائد مضايقة المحجبات كي ينبذن الحجاب، ومن المتوقع أن المرأة المسلمة إذا لم تكن عندها حصانة كافية من المعرفة بالإسلام ومعرفة بثواب الصابرين من المتوقع لها أن تنهار أمام تلك الضغوط كلها، وهو ما حصل بالفعل حتى أصبحت بعض النساء تستحي أن تلبس ثياب الحشمة وكاد أن يتحقق ما توقعه الفاجر " فرويد" من أنه لابد من التركيز على ذم الحشمة عند النساء حتى تصبح عيبا في نظرهن.
    يتبــــع



    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  9. #9

    رد: موسوعه المذاهب الفكرية المعاصرة

    قضية المرأة في النظم الجاهلية وفي الإسلام

    لم تكن المرأة في يوم من الأيام في عصر خير القرون تمثل مشكلة تتطاحن حولها الآراء، بل كانت جوهرة مكنونة لها احترامها
    كأم أو أخت أو زوجة أو بنت، ولها حقوق وعليها واجبات معروفة في غاية البساطة، وعاش الرجال والنساء في غاية من المودة والتفاهم يكمل بعضهم بعضا دون أن يقف أحدهم في طريق الآخر {لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ} [النساء:32] وتعاليم الإسلام تظلل الجميع وتبين لكل منهم منهجه وطريقه إلى أن ظهر قرن الشيطان في أوربا، فإذا بالمرأة تصبح نهبا مشاعا بين الرجال وإذا بها تمثل مشكلة مفتعلة شغلتها وجلبت لها الشقاء وجعلتها تواجه الرجل وتقف في طريقه، بل وتشتبك معه في جوانب كانت في غنى عنها، وخدعها القائمون على إلقائها في معترك الحياة أيما خديعة، ولم يتركوا لها الفرصة للتفكير والتروي، بل صاحوا بها على عجل لترمي بنفسها في هذا الخضم، وليكن ما يكون، واستعجلت ونفذت ما خططوه لها وبدأت حياة الشقاء والكر والفر مع الرجل في دوامة لا نهاية لها، فلا هي تستطيع أن تخرج منها، ولا هي قادرة على إكمال ما رسم لها، ولا زالت تكابد الهموم والغموم في ظلام دامس، وكثر الحديث عن المرأة وتضاربت فيها الآراء بين جاد وهازل ومخادع، حتى كادت حقوق المرأة أن تضيع بين هؤلاء المتعاركين، وكثرت فيها المؤلفات وأصبحت مادة دسمة لكل متحذلق ومتزلف، واحتارت المرأة كثيرا أمام هذا الضجيج من حولها – ولابد لها أن تحتار – فهي لا تدري إلى أي ناعق تسمع، ولا إلى أي جانب تميل، كل يصيح بها إليَّ إليَّ النجاة عندي.
    وتفنن الكتاب والممثلون والمغنون والرسامون والصحفيون والمذيعون، تفنن هؤلاء وغيرهم في وسائل إغرائها وجذبها،
    ولقد ارتابت كثير من العاقلات في أمر هؤلاء، هل هذا كله ناتج عن حب وعطف عليها؟ أم أنه ناشئ عن مؤامرات لا يعلم مداها إلا الله؟، و على أي حال فلا نجاة للمرأة ولا مفر من أن تسقط في أي فخ عاجلا أم آجلا إن لم تتداركها رحمة الله تعالى فتعود إلى رشدها.
    ولم تكن هذه الحيرة عامة – ولله الحمد – لجميع النساء، بل هناك قسم نجاهن الله من تلك الحيرة وشعرن بالسعادة تغمرهن، وأخذن يندبن حظ من لم تدخل تلك السعادة الغامرة، فأين هي تلك السعادة التي تبدد كل تلك الشكوك والقلق، وأين هي السعادة التي تسكت أفواه أولئك الذين ينوحون عليها من كل جانب ويذرفون دموع التماسيح؟ إن تلك السعادة بدون ريب وجدنها في الإسلام، وجدنها بكل هدوء وأناة وقناعة تامة، ولعل القارئ يدرك معي أن الحديث حول المرأة ذو شجون، وأنه يحتاج إلى مجلدات، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك كله، كما تقدم، وإليك أخي القارئ نبذة موجزة نافعة إن شاء الله لبيان ما وقع عن أحوال المرأة قديما وحديثا.
    المرأة في النظم الجاهلية مظلومة ظلما فاحشا
    لم تجد المرأة – ولن تجد - في جميع النظم من الإنصاف ما وجدته في الإسلام، والأدلة على ذلك كثيرة من الواقع ومما دون حول قضية المرأة في النظم الجاهلية، ومن تلك الأدلة:
    جاء في أقدم النظم الجاهلية وهي شريعة حمورابي الذي يرجع إلى سنة 23 قبل الميلاد، جاء فيها:
    " أن من حق رب الأسرة بيع أفراد الأسرة أو هبتهم إلى الغير مدة من الزمن ".
    وفيه " أن الزوج إذا طلق زوجته فإنها تلقى في النهر، وإذا أراد عدم قتلها نزع ثوبها عن جسمها وطردها من منزله نصف عارية إعلانا منه بأنها أصبحت شيئا مباحا لكل إنسان"، فلتسمع الجاهلات المعاصرات.
    (ج) وفيها "أن المرأة إذا أهملت زوجها أو تسببت في خراب بيتها تلقى في الماء".
    (د) ونص قانونه على أن " الزوجة التي ترمى بالزنا بدون دليل عليها وتناولتها ألسنة الناس تلقى في النهر وتغطس في الماء، فإن عامت على وجه الماء كانت بريئة، وإن غطست اعتبرت آثمة"، أي أن المتهم مدان إلى أن تثبت براءته حسب هذه المفاهيم الجاهلية، وهذا الحكم في المقذوفة – بدون دليل – أنها ترمى في النهر أمر عجيب، وأعجب منه الحكم لها بالبراءة إذا طفت على الماء ميتةّ!!.. هكذا حكم الجاهلية، وأين هو من حكم الله تعالى،
    وما الذي ستستفيد منه إذا طفت ميتة بريئة.
    2- كانت المرأة لا قيمة لها في القانون الصيني الذي قرر أنه: "ليس في العالم شيء أقل قيمة من المرأة".
    وفي القانون اليوناني كانت القاعدة أن المرأة تدخل ضمن ممتلكات ولي أمرها قبل الزواج، وتدخل ضمن ممتلكات زوجها بعد الزواج.
    وكانت قيمة المرأة عندهم كما سجلها "ديموستين" هي قوله: "إننا نتخذ العاهرات للذة، ونتخذ الخليلات للعناية بصحة أجسامنا اليومية، ونتخذ الزوجات ليكون لنا أبناء شرعيون".
    وفي بلدان إيطاليا كانت الزوجة تعد خادمة في المنزل، وعليها أن تجلس على الأرض بينما يجلس الرجل على المقاعد، وخارج البيت إذا ركب زوجها الحصان، فلابد أن تسير على قدميها خلفه مهما كان بعد المسافة.
    وفي القانون الهندي عدة قوانين منها:
    لا يجوز للمرأة في أي مرحلة من مراحل حياتها أن تجري أي أمر وفق مشيئتها ورغبتها حتى ولو كان ذلك الأمر من الأمور الداخلية لمنزلها".
    "المرأة في مراحل طفولتها تتبع والدها، وفي مراحل شبابها تتبع زوجها، فإذا مات تنتقل الولاية إلى أبنائه أو رجال عشيرته الأقربين، فإن لم يكن له أقرباء تنتقل الولاية إلى عمومتها، فإذا لم يوجد لها أعمام تنتقل إلى الحاكم".
    (ج) وكانت شرائعهم تقضي أيضا بأن تحرق الزوجة نفسها مع زوجها إذا مات، وقيل إنهن في الهند كن يفعلن هذا حتى إن الزوجة تتحايل وتتظاهر بالموت لتحرق مع زوجها، إلى أن منعتهن بريطانيا من ذلك زمن احتلالها للهند.
    وسبب هذه الإهانة للمرأة في القوانين الهندية بينه قانون "مانو" بقوله: "إن مانو عندما خلق النساء فرض عليهن حب الفراش والشهوات الدنسة والتجرد من الشرف وسوء السلوك، فالنساء دنسات، وهذه قاعدة ثابتة عندهم".
    وفي القانون الروماني كما في الألواح الإثني عشر أن المرأة لا أهلية لها، لأن أسباب انعدام الأهلية عندهم هي: (صغر السن – الجنون – الأنوثة)، وفيه أن رب الأسرة يحق له أن يبيع زوجته وابنه وابنته كما يحق له أيضا النفي والتعذيب، بل والقتل إذا شاء، أي كما تذبح واحدة من غنمك أو تبيعها.
    وفي القانون اليهودي: عند بعض فرقهم البنت بمنزلة الخادم ولأبيها أن يبيعها، ولا إرث للزوجة ولا للبنت.
    وفي قانون الأحوال الشخصية في إسرائيل : "إذا توفي الزوج ولا ذكور له من زوجته فإنها تصبح زوجة لشقيق زوجها أو لأخيه من أبيه، ولا تحل لغيره إلا إذا تبرأ منها"، كما نصت عليه التوراة، وعندهم الحائض نجسة لا تلمس ولا تلمس إلى أن تطهر وتضع خرقة حمراء على فراشها.
    وعند النصارى ليس في الإنجيل أي نص ينظم الحياة الاجتماعية، ولذا يعتمد أتباعه على ما جاء في التوراة، ويخالفون اليهود في طهارة الحائض.
    لا يزال حق المرأة مهضوما في الدول الغربية رغم مناداتهم الكاذبة بإنصاف المرأة فهي مظلومة في احترامها، ومهضومة في تكليفها بالعمل والاكتساب، وكانت المادة
    (213) من القانون الفرنسي تقضي بإلزام المرأة طاعة زوجها وأن تسكن معه حيث يسكن، كما يقضي هذا القانون بإلزام الزوجة بعدم التصرف في أموالها إلا بإذن كتابي من زوجها.
    وآخر تعديل للقانون سنة 1942م هو الإذن الضمني بأن تثبت أن الأموال التي تتصرف فيها ليست ملك لزوجها، ولا هي من الأموال المقدمة منها للمساهمة في نفقات الأسرة، ولا هي من الأموال المختلطة بين الزوجين.
    وقال "هربرت سبنسر" في كتابه (علم الاجتماع) : "إن أوربا حتى القرن الحادي عشر الميلادي كانت تعطي الزوج الحق في أن يبيع زوجته، فجعلت حق الزوج قاصرا على الإعارة والإجارة وما دونها".
    وفي إنجلترا يسمح القانون ببيع الزوجة حتى سنة 1805م، وكان الثمن محددا بست بنسات آنذاك، وقد حدث أن باع رجل إنجليزي زوجته سنة 1931م بخمسمائة جنيه، وفي مرافعات المحكمة قالوا له إن قانون بيع الزوجات قد ألغي سنة 1805م، وأخيرا حكمت عليه المحكمة بالحبس عشرة أشهر.
    وفي القرن الخامس انعقد مجمع ماكون المسيحي المقدس للنظر في حقيقة المرأة هل هي جسم بلا روح، أم لها روح كالرجل، وكان قرارهم أن المرأة لها روح شريرة غير ناجية من العذاب، عدا أم المسيح.
    وصرح بعض علمائهم بأن أجسام النساء خطيئة ومن عمل الشيطان وأنه يجب لعنهن! !
    وفي سنة 586م انعقد مؤتمر في فرنسا للبحث هل المرأة من البشر أم لا؟ وخرج القرار أنها إنسان خلق لخدمة الرجال فقط. كما أنه في الدول الغربية تفقد المرأة اسمها وحريتها ونسبتها إلى أبيها بمجرد الزواج إذ تنتسب إلى زوجها .
    وفي عصور أوربا المتأخرة أصبحت مشكلة كبرى تتطلب حلولا وقام الخادعون لها بالدعوة إلى حرية المرأة، ومساواتها بالرجل.. فهل نالت الحرية فعلا؟!! وهل حصلت على المساواة؟ !!
    أما الحرية التي يمنون بها على المرأة فهي حرية زائفة عبر عنها المتظاهرون في الصين حينما كانوا يصيحون "لا حرية عندنا إلا في الجنس"، فقد فتحوا لها باب الحرية الجنسية على مصراعيه تعاشر من تريد وتترك من تريد، وأعطوها حرية التبرج والرقص لتكون في متناول أيديهم، وأعمالا أخرى دون طموح كثير من النساء الشريفات، كما أعطوها حرية العمل لكي تكدح وتتعب مثل ما يكدح الرجل، وحملوها بأعمال هي من طبيعة الرجال، ولم يرحموا نعومتها وتكوينها الجسدي، ولهذا كثرت شكاوى النساء في مجتمعاتهم من قساوة الرجال وغلظ طباعهم، كما شكين من إرهاقهن بالعمل المضني، وشكين من اختفاء العاطفة الأسرية ومجابهة الشدائد كل واحدة بمفردها وجها لوجه، وما أكثر المنتحرات احتجاجا على سوء أوضاعهن، وتبين لهن أن المناداة برفع مستوى المرأة والعناية بها والتملق لها إنما هو موجه إلى من كان عليها مسحة من ملاحة، وأما اللواتي لم يحظين بالجمال والرشاقة والحيوية فالويل لهن، وعليهن أن يندبن حظهن. تقول إحدى الموظفات في أحد مطارات أوربا إني لأعجب من الإسلام كيف جعل أتباعه يهتمون بالمرأة إلى حد أن الأخ يؤثر أخته ويدافع عنها ولو أدى إلى موته، ثم قالت وأنا لي أخ لا يراني أحيانا إلا في السنة مرة، وقد يسلم بيده من بعيد ويمضي.
    أما زعمهم المساواة بين الرجل والمرأة، فلها قصة قديمة، وذلك أن المرأة كانت تعمل إلى جانب الرجل، ولكنها كانت تأخذ أجراً أقل منه لضعفها عن الجهد الذي يبذله الرجل، واستمر الحال إلى أن نبهت – أو تنبهت – المرأة إلى هذا الغبن فطالبت بمساواتها بالرجل في الأجرة واستمر الطلب وقوي مع مرور الوقت،
    ومن هنا نشأ طلب المساواة بين الرجل والمرأة.
    ثم تُنُوسي أساس الطلب وتطلعت المرأة إلى أبعد من ذلك، فإذا بها تدفع إلى ما لا يتفق وفطرتها وطبيعتها وشمخت بأنفها وأخذ الغرور منها كل مأخذ وظنت أنها مثل الرجل تماما فقلدته ومسخت أنوثتها، حلقت رأسها وأبعدت عنها الحلي، الذي أخبرنا الله تعالى أن المرأة تنشأ فيه، وقلدته في الصوت والمشية والحركات فكانت هي الخاسرة من حيث لا تشعر إذ نظر إليها الرجل على أنها لحم على ظهر وضم، فأعرض عنها واستهان بها فأخذت هي التي تبادله بالمغازلة ومراودته عن نفسه، ولم يبق لها عرق واحد ينبض بالحياء، وذلك عند الكثيرات في ظل هذا التيار الجارف.
    إلى أن اكتشفت بعض العاقلات الحالة على حقيقتها، فهالها الغبن الفاحش الذي وصلت إليه المرأة على أيدي ثعالبة الشر، وأن الدعوة إلى مساواة المرأة بالرجل في كل شيء إن هي إلا مهزلة ونفاق وخدع لا حد لها، وأنه يستحيل أن تتساوى المرأة والرجل الذي لا يحس بما تحس به المرأة في الحمل والولادة، وضعف القوى في المرأة وما تتعرض له من تقلبات نفسية ومواقف وشدائد فوق ما تتحمله من أعمال كلفها بها الرجل تنوء بكاهلها وتعجل لها الهرم والشيخوخة أبعدتها عن الزوج المؤنس والأولاد الذين يجلبون لها السرور والهدوء والراحة في بيتها وأخرجتها إلى عالم الصخب والضجيج وهدير الآلات والمشاكسات التي تحصل عادة بين أرباب العمل.
    وإذا كان ما قدمنا عن حال المرأة في أوربا والدول التي تدعي التقدمية والحضارات غير العربية السابقة، فماذا عن المرأة في المجتمع العربي قبل الإسلام وبعده؟
    الواقع يدل على أنها في الجاهلية لم تكن شيئا يذكر، وإن كان حالها أحسن حالا من المرأة عند الأمم الأخرى، لأن تقاليد العرب في المروءة والشهامة كانت تحتم حماية المرأة والذود عنها، ومع ذلك فقد هضمت في جوانب عديدة سنذكرها فيما يلي مقارنة بحاله في الإسلام. –
    مقارنة بين حال المرأة في الجاهلية وحالها في الإسلام:


    تبين لنا مما تقدم أن المرأة في الإسلام لم تكن تشكل قضية تتطلب الحلول أو احتدام الخلاف حولها، وذلك لوضوح أمرها، فلها مكانتها ولها حقوق وعليها حقوق وواجبات
    وأمور أخرى ستراها أخي
    يتبــــع


    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  10. #10

    رد: موسوعه المذاهب الفكرية المعاصرة

    ستراها اخى القارئ من خلال عرض حالها فيما يلي:

    ولادة البنت في الجاهلية وفي الإسلام : يعرف القارئ الكريم أن الجاهليين كانوا يكرهون ولادة البنات ويتبرمون منها ويسود وجه أحدهم من الغيظ ويختفي عن مقابلة الناس حياء من ولادة البنت، ثم يأخذ في التفكير العميق هل يبقيها حية تتجرع أنواع الإهانة حتى تموت أم يعاجلها بالعقوبة فيدفنها في التراب حية دون أدنى مبالاة، وقد وصف الله هذا الحال بقوله تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ، وبعد هذا قال الله تعالى في الحكم عليهم: }أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ{ [النحل:58، 59]، إنها إساءة إلى الله تعالى، وإلى أم المسكينة، وإلى تلك المسكينة التي وجدت من دون اختيارها، وإلى المجتمع كله. }
    وقال تعالى: عن دسها في التراب – أي دفنها حية - : { وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ} [التكوير:8 -9]، وهو تهديد شديد، ويعود سبب تلك الكراهية لها إلى أن حياة الجاهلية كانت قائمة على الغارات والسلب والنهب، والبنت لا تستطيع ذلك فكرهوا ولادتها وتعللوا بخوف العار.
    2- كان حكم الجاهلية يقضي بأن المرأة لا إرث لها من مال والديها ولا أحدا من أقاربها، بل الذي يختص بالمال كله هو الرجل فقط، ولكن حكم الله تعالى: {لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا} [النساء:7] فجعل المرأة ترث من المال مهما كان قليلا أو كثيرا بقدر نصيبها الذي بينته السنة أتم بيان.
    3- كانت المرأة تورث كالمتاع أو كالحيوانات التي يتركها الميت لورثته، هكذا حكم الجاهلية، ولكن حكم الإسلام يختلف تماما إذ حكم بأن هذا لا يحل، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا} [النساء:19].
    4- كانت المرأة تعامل كقطعة من جماد لا اهتمام بها ولا نظر لمشاعرها، فقد كان الرجل يجمع بين الأختين في الزواج دون أي اعتبار لما تحس به كل منهما من الغيرة والتعذيب النفسي، ولكن الله في القرآن الكريم جعل هذا العمل من المحرمات المؤبدة في حياة كل منهما تحت رجل واحد، حيث قال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء:22] إلى أن قال تعالى {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا} [النساء:23].
    5- كانت المرأة لا تملك الانفصال عن زوجها ولو طلقها مائة مرة، فجعلها الإسلام طلقتين فقط، وفي الثالثة تنتهي عشرتها مع زوجها.
    6- كان الرجل يعدد الزوجات حسب ما يريد، فجعلها الإسلام أربعا فقط مع أمن الجور والاستطاعة الكاملة.
    7 – كانت المرأة لا رأي لها في اختيار الزوج الذي تريد، بل تزوج مكرهة.
    8- كانت المرأة إذا مات عنها زوجها ينكحها ولده من غيرها دون أي اعتبار لما كانت تتمتع به في حياة زوجها من منزلة ودون اعتبار لزوجة الأب التي هي بمنزلة الأم، فأبطل الله هذه الفعلة القبيحة وحرمها بقوله تعالى {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً } [النساء:22].
    ثلاث صفات قبيحة لهذا السلوك البهيمي.
    9- كانت المرأة التي تقع أمة لشخص بأي سبب تقهر وتهدر كرامتها، بل تصبح سلعة رخيصة معروضة إذ كان سيدها يكرهها على البغاء ليثرى على حساب عفتها، فأبطل الله ذلك فقال تعالى { وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [النور:23] فحرم الله ذلك السبيل الجائر إلى الأبد.
    كما أنه لم يكن للمرأة أي حقوق أو دور مع الرجل في الأمور المهمة، فلا يسمع لها رأي، ولا يقام لها وزن، وإنما هي لمتعة الرجل فقط، فجاء الإسلام الذي أعطى المرأة حقوقا لم تنلها في حياتها لا من قبل ولا من بعد في غير الإسلام، فقد بين الله في كتابه الكريم وفي سنة نبيه أن المرأة هي بخلاف ما كانت تتصوره الجاهلية، فهي تماما مثل الرجل في أشياء كثيرة تأملها فيما يلي:
    أولاً: أصل الخلق: تحدث الله في القرآن الكريم عن الأصل الذي تكاثر منه الإنسان وجعل المرأة شريكة الرجل في تكوين ذلك الأصل وجعله نعمة توجب على الإنسان التقوى والمراقبة، قال الله تعالى { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى} [الحجرات:13]، وأن الذكر والأنثى خلقا من نفس واحدة، قال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَآءً}
    [النساء:1].
    ثانيا: أن كلا من الرجل والمرأة سواء في اعتبار كل منهما هبة ومنحة من الله تعالى، قال تعالى {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَآءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [الشورى:49-50].
    ثالثا: سوى الله في القرآن الكريم كذلك بين الرجل والمرأة في الاستقلال في المسئولية الشخصية، وهذا يتمثل في الأمور الآتية:
    1- تحميل المرأة مسئولية تصرفها في الدنيا كالرجل سواء بسواء، قال تعالى: { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَآءَ بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [المائدة:38].
    2- ترتيب الجزاء في الآخرة على العمل الفردي من الرجل والمرأة طاعة كان أو معصية، قال تعالى عن الطاعة: { فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ }
    [آل عمران:195].
    وبالنسبة للمعصية قال تعالى: { لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا } [الأحزاب:73 ].
    3- سوى بينهما في إباحة كسب المال بالطرق المشروعة رغم اختلاف طبيعتهما وأرشد كلا منهما إلى تحري الفضل والخير من الأموال بالعمل دون التمني والتشهي، وأنه ليس للرجل أن يسلب المرأة مالها ولا العمل الذي يتناسب مع طبيعتها، كما أنه ليس للمرأة أن تطمع فيما وراء مؤهلاتها الطبيعية، قال تعالى: {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [النساء:32].
    ومعنى ما فضل الله به بعضكم على بعض: أي تمني النساء أن يكن رجالا أو تمني بعضكم أموال البعض الآخر.
    4- سوى بينهما في استحقاق الإرث بحكم الصلة التي تربط كلا منهما بالموروث، فقال تعالى {لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا } [النساء:7].
    وبهذا أبطل ما كان متعارفا عليه قبل الإسلام من حرمان المرأة والصغير من الميراث، وإن كان نصيب الرجل أكثر من المرأة في الميراث، فذلك لما كلفه به الإسلام من النفقة عليها والقيام بشؤونها، و على هذا فإن نصيب المرأة وإن كان يبدو قليلا لكنه كثير، إذ أن ما تأخذه سيكون باقيا لها بخلاف الرجل فإن ما يأخذه سيذهب في الإنفاق على النساء و على كل من يعول الرجل، فقليل يبقى خير من كثير يزول.
    5- وسوى بينهما في توجيه الخطاب عندما تحدث عن الآداب العامة ووجوب مراعاتها مثل غض البصر، وحفظ الفرج، وعدم إبداء المرأة لزينتها، فقال تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا } [النور:30-31]
    وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَآءٌ مِّن نِّسَآءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات:11].
    وسوى بينهما في التكافل الاجتماعي، فاعتبر المرأة طرفا مساويا للرجل، ولها نفس التأثير وعليها نفس التبعة، يقول تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة:71].
    وسوى بينهما عندما هدد من يعمل على إيذاء المؤمنين والمؤمنات، {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}
    [الأحزاب:58].
    وسوى بينهما في طلب الاستغفار من الرسول صلى الله عليه وسلم لكل منهما، قال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} [محمد: 19].
    ومن تكريم الله للمرأة ولطفه بها أن أوجب الإسلام على الرجل أن يقوم بالإنفاق على وليته، والزوج على زوجته، فهو مسئول عن مسكنها وكسوتها ومطعمها ومشربها على قدر طاقته، قال تعالى: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق:7]، وهذا بخلاف البهائم فإن الأنثى هي التي تقوم بالإنفاق على نفسها و على أولادها. ومن تكريم الله للمرأة أن جعل الرجل قيما عليها ومسئولا عنها، فهو الذي يقوم بكل ما تحتاج إليه مما لا تقدر عليه، وقد جعل الله للرجل درجة عليها ليقوم بالتوجيه والإرشاد، قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء:34]، ولم يقل سبحانه "بما فضلهم عليهن"، ولعل ذلك إشارة إلى أن هذا التفضيل ليس إلا كتفضيل بعض أعضاء الجسم على بعضها الآخر دون أن يكون ذلك احتقارا للمفضول كتفضيل اليد اليمنى على اليد اليسرى مثلا، أو كتفضيل العقل على البصر، ونحو ذلك مما اقتضته الحكمة الإلهية .
    ومن تكريم الله للمرأة في الإسلام كذلك أن جعلها راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، ومنحها كل الحقوق التي تليق بطبيعتها وبما يقوم به صلاحها، ولقد شهد الكثير من الكفار أن الإسلام أعطى المرأة فوق ما كانت تحلم به، وأنها سعيدة جدا في ظل حضارته الوارفة.
    هذا هو الوضع السليم للمرأة في الإسلام، وظلت على هذا الخير إلى أن جاءت الحضارة الغربية الجارفة فإذا بالمرأة تخدع عن هذا الخير وتنزل إلى الحضيض دون أن تشعر حيث نفخوا في روعها أن الحشمة والعفة والحجاب وبيت الزوجية والاقتصار على تربية الأولاد فقط في داخل بيتها وعدم مشاركتها الرجل في العمل جنبا إلى جنب نفخوا في روعها أن كل هذا وما يشبهه من مظاهر عدم انفلات المرأة، أنه تأخر ورجعية إلى الوراء، وأن اقتحام المرأة كل ميدان هو التقدم، فالرقص والاختلاط، وكشف العورة، ونبذ الحياء، كله أدلة قوية على السير في الطريق العلماني السليم بزعمهم، طريق تقدم المرأة وحريتها في ظل الحضارة اللادينية.
    وما نسمعه اليوم من المناداة الملحة في أكثر البلدان الإسلامية إلى تقديم المرأة وإلى دخولها في الحكم أقوى دليل على أن النية مبيتة، بل إن البلدان الإسلامية أصبح الحكم عليها بالتقدم أو التأخر عند الغرب يقاس بمدى استهتار المرأة بكل القيم الفاضلة ونبذ الحجاب والانفلات عن الدين.
    وانهالت على المرأة المدائح تلو المدائح لجرأتهن على اقتحام الميادين التي كانت للرجال، وأخذ الكتاب والمفكرون في الصحف والإذاعة والتلفزيون وكل وسائل الإعلام يطالبونهن بالمزيد من هذه الجرأة التي لا حد لها عندهم حتى تصورت أنها علت فوق منزلة الرجل وظنت أنها وصلت إلى خير، بينما هي في الواقع مظلومة ظلما فاحشا في ظل هذه الحضارة اللادينية، فأصبحت تعاني من الهموم والمتاعب وإرهاق العمل مثل ما يعانيه الرجل، رغم طبيعتها الضعيفة، وقد أدركت كثير من النساء زيف تلك الدعايات الكاذبة التي بهرجها دعاة تحرير المرأة، وجأرت كثير من نساء العرب المثقفات بالشكوى من وضعهن، وتمنين لو أنهن يعشن عيشة النساء المسلمات كما صرحن بذلك.
    وعن الحياة التعيسة التي تعيشها المرأة الأوروبية بعد أن زج بها أدعياء الحضارة والتقدم من العلمانيين اللادينيين في كل معترك الحياة، وبعد أن أصبحت سلعة معروضة بأرخص الأسعار، لا هم لها إلا استرضاء الرجل، وهو أيضا لا هم له إلا الاستمتاع بها إن كانت ذات جمال وكمال، والويل لها إن لم تكن كذلك. عن تلك الحياة التعيسة تقول الكاتبة الإنجليزية " آني رود " : " إذا اشتغلت بناتنا في البيوت خوادم أو كالخوادم خير وأخف بلاء من اشتغالهن في المعامل، حيث تصبح البنت ملوثة بأدران تذهب برونق حياتها إلى الأبد. أيا ليت بلادنا كبلاد المسلمين حيث فيها الحشمة والعفاف والطهارة رداء الخادمة والرقيق الذين يتنعمان بأرغد عيش، ويعاملان معاملة أولاد رب البيت، فلا يمس عرضهما بسوء. نعم إنه عار على بلادنا الإنكليز أن تجعل بناتها مثلا للرذائل بكثرة مخالطتهن للرجال، فما بالنا لا نسعى وراء ما يجعل البنت تعمل ما يوافق فطرتها الطبيعية كما قضت بذلك الديانة السماوية وترك أعمال الرجال للرجال سلامة لشرفها " .وتقول الكاتبة " اللادي كوك" : "إن الاختلاط يألفه الرجال، ولهذا طمعت المرأة بما يخالف فطرتها، و على قدر الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنا، ولا يخفى ما في هذا من البلاء العظيم على المرأة. فيا أيها الآباء لا يغرنكم بعض دريهمات تكسبها بناتكم باشتغالهن في المعامل ونحوها ومصيرهن إلى ما ذكرنا، فعلموهن الابتعاد عن الرجال إذ دلنا الإحصاء على أن البلاء الناتج من الزنا يعظم ويتفاقم، حيث يكثر الاختلاط بين الرجال والنساء، ألم تروا أن أكثر أولاد الزنا أمهاتهن من المشتغلات في المعامل ومن الخادمات في البيوت، ومن أكثر السيدات المعرضات للأنظار، ولولا الأطباء الذين يعطون الأدوية للإسقاط لرأينا أضعاف ما نرى الآن، ولقد أدت بنا الحال إلى حد من الدناءة لم يكن تصوره في الإمكان حتى أصبح رجال مقاطعات من بلادنا لا يقبلون البنت ما لم تكن مجربة، أعني عندها أولاد من الزنا فينتفع بشغلهم، وهذا غاية الهبوط في المدنية، فكم قاست هذه المرأة من مرارة الحياة حتى قدرت على كفالتهم، والذي اتخذته زوجا لها لا ينظر لهؤلاء الأطفال ولا يتعهدهم بشيء يكون ويلاه من هذه الحالة التعيسة نرى من كان معينا لها في الوحم ودواره والحمل وأثقاله والفصال ومرارته " .وتقول " أجاثا كريستي " أشهر كاتبة إنجليزية للمؤلفات البوليسية: " إن المرأة الحديثة مغفلة، لأن مركزها في المجتمع يزداد سوءا يوما بعد يوم، فنحن النساء نتصرف تصرفا أحمقا لأننا بذلنا الجهد الكبير في السنين الماضية للحصول على حق العمل والمساواة في العمل مع الرجال، والرجال ليسوا أغبياء، فقد شجعونا على ذلك معلنين أنه لا مانع مطلقا من أن تعمل الزوجة وتضاعف دخل الزوج، ومن المحزن أن نجد بعد أن أثبتنا نحن النساء أننا الجنس اللطيف، أننا نعود اليوم لنتساوى في الجهد والعرق الذي كان من نصيب الرجل وحده " .وفي استفتاء لمعهد غالوب في أمريكا تقول النتيجة: " إن المرأة متعبة الآن، ويفضل 65% من نساء أمريكا العودة إلى منازلهن: كانت المرأة تتوهم أنها بلغت أمنيتها في العمل، أما اليوم وقد أدمت عثرات الطريق قدمها، واستنزفت الجهود قواها فإنها تود الرجوع إلى عشها لاحتضان أفراخها .بل وصل الحال بدعاة العلمانية الغربية إلى أن يعتبروا الفضائل رذائل، والعفة مشكلة فقد " انزعجت السلطات التعليمية في اسكوتلانده بسبب موجة الزواج التي تعصف بالمدرسات، فقد تبين أنه خلال عام 1960م عينت 1463 مدرسة في اسكوتلانده، وفي نهاية العام تركت ألف منهن الوظيفة للزواج، وقالت السلطات إن الزواج يهدد النظام المدرسي " .
    وهؤلاء الذين ينزعجون من تزويج النساء يشابهون انزعاج قوم لوط حينما دعاهم عليه السلام إلى الطهارة والعفة، فاعتبروا دعوته جريمة، كما قال تعالى مخبرا عن ذلك : {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} النمل [:56].
    وكان لوقوف دعاة الشر في وجه فطرة المرأة آثاره السلبية، فقد ارتفعت نسبة الانتحار بين النساء في تلك المجتمعات، وارتفعت نسبة الطلاق بينهن، بل وارتفعت نسبة السرقات بين النساء دون أن يكن في حاجة إلى المال، وإنما إلى الانتقام من المجتمع الذي أوصلهن إلى تلك الحالة التعيسة. أقدمت الممثلة الشهيرة "مارلين مونرو" على الانتحار رغم بهرجة الحياة التي كانت ترى عليها، وقد كتبت قبل أن تنتحر هذه النصيحة لبنات جنسها تقول فيها: "احذري المجد.. احذري من كل من يخدعك بالأضواء، إني أتعس امرأة على هذه الأرض، لم أستطع أن أكون أما، إني امرأة أفضل البيت والحياة العائلية الشريفة على كل شيء.. إن سعادة المرأة الحقيقية في الحياة العائلية الشريفة الطاهرة، بل إن هذه الحياة العائلية لهي رمز سعادة المرأة، بل الإنسان.. "، وتقول في النهاية: " لقد ظلمني كل الناس، وإن العمل في السينما يجعل من المرأة سلعة رخيصة تافهة مهما نالت من المجد والشهرة الزائفة" .وقد كتب بعض الأطباء في " فيينا " تقريرا عن نسبة محاولات الانتحار بين الفتيان والفتيات قال فيه : "وقد لوحظ أن النساء أكثر محاولة من الرجال، ففي عام 1948م كان عدد المحاولات من النساء 381، وهذا يوافق 61ر58% من المجموع، وفي عام 1956م كان العدد 590 أي بنسبة 73ر56%، وفي عام 1959م كانت النسبة 92ر55%، كما لوحظ أن نسبة المحاولات من الفتيان والفتيات الذين تتراوح أعمارهم بين 14 عاما، و20 عاما ترتفع باستمرار، فعند الفتيان كانت النسبة في عام 1948م 5ر6%، وفي عام 1956م كانت 53ر6%، وفي عام 1959م كانت 81ر6%. وأما عند الفتيات فالتصاعد مخيف، ففي عام 1948م حاولت 50 فتاة الانتحار، وهذا يشكل نسبة 69ر7% من مجموع محاولات الانتحار في ذلك العام، وفي عام 1956 حاولت 89 فتاة الانتحار، وهذا يشكل نسبة 55ر8%، وفي عام 1959م حاولت 150 فتاة الانتحار، وهذا يعني نسبة 20ر14%، وهذا يعني أن كل تسعة أيام توجد ست محاولات انتحار، أربع منها من جانب الفتيات، واثنتان من جانب الفتيان" .
    وقالت إحدى الكاتبات الألمانيات: " أتمنى أن أعيش مع رجل ناجح حتى ولو كانت له عشر زوجات " لأنها لا تعرف أن للرجل أن يجمع بين أربع زوجات فقط في الإسلام عند حاجته لذلك.
    ومع كل ما سبق فإنه من المؤسف ما تلاحظه – أخي القارئ – من استشراء ذلك الداء العضال الذي أصيب به الغرب في أخلاقهم وفي سلوكهم الاجتماعي، من المؤسف أن ينتقل ذلك كله إلى ديار المسلمين الذين أصبحوا أشبه ما يكونون بتلك القرية التي ضربها الله مثلا بقوله تعالى: {وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ}
    [النحل:112].


    ومما يجدر التنبيه إليه قضية الفوارق بين الناس وما هو الصحيح في النظرة إليها.

    يتبــــع


    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

صفحة 1 من 4 123 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. موسوعه كامله عن زيت الزيتون وفوائده وخصائصه
    بواسطة عبدالله جنينة في المنتدى فرسان الطب البديل.
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 04-18-2009, 12:18 PM
  2. التقريب بين المذاهب
    بواسطة السيد مهدي في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 04-30-2008, 02:39 PM
  3. موسوعه الام والطفل
    بواسطة noureldens في المنتدى فرسان الأم والطفل.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-04-2007, 06:35 AM
  4. موسوعه مواقع تعلم اللغه الانجليزيه
    بواسطة noureldens في المنتدى foreign languages.
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 11-21-2006, 07:31 AM
  5. موسوعه مواقع للانترنت
    بواسطة noureldens في المنتدى فرسان تطوير المواقع.
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 09-30-2006, 02:56 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •