منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2

العرض المتطور

  1. #1

    تدمير المئذنة وقتل الإنسان

    تدمير المئذنة وقتل الإنسان

    د. محمود نديم نحاس
    المآذن ليست من زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، لكنها صارت تراثاً إسلامياً عندما كبرت المدن وصار من الضروري أن يقف المؤذن على مرتفع ليصل صوته إلى أبعد مدى ممكن في زمن لم تتوفر فيه مكبّرات الصوت، وحتى مكبّرات الصوت اليوم فهي توضع عالياً ليصل صوتها إلى بعيد في زمن الضجيج أو التلوث الصوتي للبيئة، رغم أن الضجيج علامة على الحياة، في حين قد يكون السكون مؤشراً على الموت.وعلى مدى التاريخ وفي كل البلدان كانت المآذن مما اعتنى به بناة المساجد، فصارت المآذن معالم تاريخية وأثرية في غاية الأهمية دالّة على حضارات الشعوب، وسِمات الأمم، ومحددة لهوياتها.لم يكن غريباً أن يحزن الناس على مئذنة الجامع الأموي الكبير في حلب التي تم تدميرها قبل حوالي عشرة أيام. فقد كانت مَعْلَما رائعا من معالم الحضارة الإسلامية والهندسة المعمارية وفنونها. وقد سبق ذلك إحراق المسجد ومكتبته التاريخية التي تضم العديد من المخطوطات القديمة، رغم أن المسجد الأموي، الذي شيّده الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك سنة 96 هجرية (716م)، يُعَد ضمن الإرث الحضاري العالمي لمنظمة اليونسكو.نعم لقد أحرقه نقفور فوكاس إمبراطور الروم سنة 962م، فرممه سعد الدولة الحمداني. ثم اعتنى به وزاد في مساحته نور الدين زنكي، ولم يكن سلاطين المماليك أقل اعتناء فقد جعلوا له حارساً يحرسه طيلة اليوم. والمسجد في وضعه الحالي يعود إلى عصر الملك الظاهر بيبرس، ومئذنته الحالية المدمرة تم بناؤها بارتفاع خمسين متراً سنة 472هـ، وجُدّدت سنة 873هـ.ورغم حزننا على المسجد ومئذنته فإن حزننا على قتل الإنسان ليس له حدود، فسفك دم الإنسان أعظم بكثير من تدمير الآثار وفقدان العمران. نحزن ونتألم لإيماننا بقدسية حياة الإنسان وحصانتها (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا، وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)، هذا عن نفس واحدة فكيف بمئات الأنفس تُقتل يومياً في سوريا.فهل نستغرب أن يبكي الشعراء والكتّاب على عشرات الآلاف من القتلى وعلى أطلال سوريا وأطلال مئذنة حلب الشهباء، أقدم مدينة في التاريخ حسب قائمة اليونسكو لاقدم المدن؟ ولقد وقعتُ مؤخراً على قصيدة للشاعر عامر الدبك بعنوان”المتنبي يبحث عن حلب“، إذ إن الشاعر أبا الطيب المتنبي عاش في بلاط سيف الدولة الحمداني في حلب، فقال الشاعر على لسان المتنبي:أتيت أرى الشهباء لكنَّ خيبة *** أطاحت بأحلامي وأدمت صباحيافحطت سحابات من الحزن في دمي *** كأنِّي أرى ما لا يُرى في دمائيالقد بات فيها كلُّ شيء مشوها *** فقد ضيعوها واستباحوا تراثياكأنِّي بها أمست بقايا مدينة *** إلى الموت قد أمسى بها النجم هاوياطلولٌ وأشباحٌ ووهمٌ مخادعٌ *** وقطاعُ أحلام. كفى الموت شافياسأرحل.. لا شعري يعيد مدينتي *** ولا أدمعي تحيي دهورا خواليالعلي أرى الشهباء في قبر وحدتي *** فأبعثها.. فالقبر أمسى عزائياأضم بقاياها وأحيي رميمها *** وأطلقها بيضاء للحب ثانيا

  2. #2
    شكراً أخي الدكتور على هذه المعلومات المفيدة , تحياتي

المواضيع المتشابهه

  1. التدين وقتل الأبرياء
    بواسطة أ.د. محمود نديم نحاس في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-29-2019, 09:40 AM
  2. كلمات نقتل بها اولادنا
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى دراسات في أدب الأطفال
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 12-06-2015, 04:27 AM
  3. هل نقبل خيار التفاوض مع العدو الصهيوني
    بواسطة الناصر خشيني في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 07-15-2010, 06:08 AM
  4. الجزائر تبني المسجد الأعظم : المئذنة ناطحة سحاب
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى فرسان السياحة.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 04-12-2010, 07:42 AM
  5. الإعلام الإسلامي .. رحلة بين المئذنة والميديا / د.محمد الحبش
    بواسطة أبو فراس في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05-27-2008, 01:04 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •