منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 4 من 4

العرض المتطور

  1. #1

    التنوع الأحيائي والتوزان البيئي

    السلام عليكم
    قدمت قناة جوغرافيك دبي تقريرا عن تراجع التوازن البيئي اثر بدء انقراض الحيوانات الكبيرة بسبب الصيد:
    تراجع الشعاب المرجانية
    تراجع كميات حيوانات الرعي ومناطقها اشجار السرو بسبب ثقل وكثرة الحيوانات المستفيدة وهكذا...
    لم نجد سوى عدة مواضيع طرحت المشكلة بتفصيل نرجو ان تكون وافية:

    أهمية التنوع الأحيائي النباتي في البيئة


    د. عبدالبديع حمزة زللي


    أستاذ علم التلوث البيئي والتسمم البيئي بكلية العلوم


    ورئيس وحدة البحوث البيئية والصحية


    جامعة أم القرى ـ المدينة المنورة

    لقد خلق خالق هذا الكون جلَّت قدرته هذه الأرض، وأوجد فيها الإنسان، وأوجد فيها الكائنات الحيّة بمختلف أجناسها وأنواعها. فعالم النباتات يزخر بتنوع واسع من الأشجار الكبيرة الضخمة، والشجيرات الصغيرة والأعشاب المتنوعة، والكائنات الحيّة النباتية الدقيقة وعالم الحيوانات يشمل الحيوانات البرية والمائية والطائرة بمختلف أجناسها وأنواعها، وعالم الكائنات الحيّة الدقيقة يشمل الكائنات المجهرية التي لا يمكن رؤيتها إلاّ بواسطة المجاهر أي الميكروسكوبات ومنها البكتريا والطحالب والفطريات والفيروسات وغيره. ويتداخل عمل جميع هذه الكائنات الحيّة فتعمل مع بعضها لتكوَّنَ بذلك نسيجاً إحيائياً واحداً في البيئة تشدُّ مكوناته التي يتركب منها بعضها بعضاً، فإذا غاب أو نقص نوع أو جنس من هذه الكائنات، أثر ذلك الغياب أو النقص في قوة وثبات هذا النسيج الأحيائي.
    وتتميز المناطق الجغرافية المختلفة على هذه الأرض عن بعضها البعض بوجود أجناس وأنواع محددة من النباتات والحيوانات والكائنات الحيّة الدقيقة، فكل منطقة تتميز عن المنطقة الأخرى بكائناتها الخاصة بها.
    ويمكن أن نعرف مصطلح التنوع الأحيائي في البيئة في الآتي:
    هو وجود مدى واسع من الأنواع المختلفة في الجنس والنوع من الكائنات الحية، الموجودة أصلاً بصورة طبيعية في بيئة واحدة، لتضم بذلك هذه البيئة النباتات بمختلف أنواعها وأحجامها وأشكالها، وتضم أيضاً الكائنات الحيّة الحيوانية الفقارية كالحيوانات الثديية والطيور، والكائنات الحيّة اللافقارية كالديدان والحشرات، وتضم كذلك الكائنات الحيّة الدقيقة المجهرية كالبكتريا والفطريات والطحالب وغيره.
    هذا التنوع الأحيائي له دور مهم ووظيفة عظيمة، ولم يقف الإنسان على حقيقة أهمية ودور التنوع الأحيائي في البيئة بشكل دقيق إلا في السنوات الأخيرة من هذا القرن، خاصة بعدما عمل الإنسان بنشاطاته المختلفة على انقراض بعض أنواع الكائنات الحية النباتية والحيوانية، فحتى سنوات قليلة مضت، كان الانطباع لدى عامة الناس على التنوع الأحيائي أو التنوع الحيوي يقتصر على الناحية الجمالية في الطبيعة، غير أن التوسع في الدراسات البيئية، والتعمق في التخصص الدقيق المتعلق بعلاقات أنواع الكائنات الحيّة بعضها ببعض، قد أظهر الأهمية الكبيرة والدور العظيم الذي يقوم به التنوع الأحيائي في البيئة وحياة الإنسان، مما جعل اعتبار التنوع الحيوي كعنصر مرادف لجمال الطبيعة بعيداً جداً عن موقعه الأول، وجعله في آخر الاعتبارات.
    لقد دلت نتائج الدراسات والأبحاث البيئية أن انقراض نوع واحد من الأنواع الحيّة التي توجد في أي منطقة من المناطق على الكرة الأرضية يؤدي إلى تفكيك مكونات النسيج الأحيائي البيئي وخلخلته وإلقائه على حافة المجهول، ولا يقتصر أمر هذا الضرر على المنطقة التي يحدث فيها خلل التوازن البيئي فقط، وإنما ينتقل هذا الضرر إلى المناطق الأخرى المجاورة.
    إن الله ـ سبحانه وتعالى ـ قد خلق كل شيء في أرجاء الكون بقدر موزون، فكل شيء أوجده الله سبحانه وتعالى على هذه الأرض أو أوجده في الكون كله يخضع لعملية التوازن الطبيعي، وله وظيفة ومهمة يؤديها ويقوم بها في البيئة، ومن أجل أن تسير أمور الحياة بشكلٍ متناسق موزون، فقد جعل الله ـ سبحانه وتعالى ـ في هذا الوجود الآلية الطبيعية الذاتية التي تقوم بعملية التوازن الطبيعي، بحيث لا يطغى مخلوق على مخلوق آخر إلاّ بما قدره الله سبحانه وتعالى. ولقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة بوضوح في آيات قرآنية عديدة.
    ومن هنا نرى أن جميع الكائنات الحيّة النباتية والحيوانية والكائنات الحيّة الدقيقة بمختلف أشكالها وأنواعها وأحجامها لها دور مهم عظيم في البيئة، إذ إنها تتفاعل مع بعضها البعض تفاعلاً معقداً دقيقاً موزوناً، غير أن الإنسان ربما تدخل بشكل مباشر عن طريق نشاطاته المختلفة، وعمل على تغيير التوازن الطبيعي الذي أوجده الله ـ سبحانه وتعالى ـ في البيئة من أجل صالحه، وجميع الكائنات الحيوانية التي أوجدها الله في الأرض إنما هي وجدت من أجل المنفعة والمصلحة، وكلنا نعلم الدور الذي تقوم به الحيوانات، فهي على سبيل المثال إضافة إلى كونها من مصادر الغذاء للإنسان بشكل مباشر وغير مباشر، فهي أيضاً تلعب دوراً مهماً في النظام البيئي، وتساهم في المحافظة على بقاء مكونات البيئة الحيّة. لذا فإن عمل الإنسان بقصدٍ أو من غير قصد على الإخلال بهذا التوازن الطبيعي، وتسبب في انقراض أو نقص أو تزايد أعداد كائن حي ما يعيش في بيئة معينة، فهو بذلك يكون قد أثر على وجود الكائنات الحية الأخرى في هذه المنطقة، وتتأثر بذلك حياة الإنسان بشكلٍ مباشر وغير مباشر.
    وكي نقف على حقيقة هذا الموضوع، نأخذ مثالاً يوضح لنا هذا الأمر، فمثلاً ينتفع الإنسان والبيئة من طائر الغراب متى كانت أعداد هذا الطائر ضمن الحدود الطبيعية، فهو يخلصنا ويخلص الفلاحين من الحشرات الضارة التي تضر بالمحاصيل الزراعية، لأنه يتغذى عليها، كما يخلص البيئة من الجيف والحيوانات النافقة، ويدخل الغراب أيضاً في عملية التوازن البيئي الطبيعي حتى لا يطغى كائن على آخر، فهو يأكل بيض الطيور الأخرى وصغار الطيور ليحافظ بذلك على عددها ليكون ضمن الحدود الطبيعية في الظروف الطبيعية، ومهمة دور الغراب الذي يؤديه لنا في البيئة هو مثلٌ ينطبق على كل كائن حي آخر موجود في البيئة، فهو عنصر من عناصر التنوع الأحيائي في البيئة.
    ولنضرب مثالاً آخر يوضح لنا كيف يؤثر الخلل بالتنوع الأحيائي على البيئة وحياة الإنسان، فكلنا نعرف الأرنب، ذلك الحيوان الصغير الجميل الذي نربيه في مزارعنا. هناك أنواع منه برية تعيش في بعض الغابات، ومعروف للجميع أن هذه الأرانب تتغذى على الأعشاب والنباتات الصغيرة وجذورها، وتتكاثر هذه الحيوانات بسرعة، وبالرغم من ذلك تظل أعدادها في المدى الطبيعي الذي لا يؤثر في البيئة ويفسدها، لأن هذه الأعداد تخضع لعوامل التوازن البيئي الطبيعي الذي أوجده الله ـ سبحانه وتعالى ـ في البيئة، فوجود الحيوانات المفترسة التي تفترسها وتتغذى عليها، يحول دون تزايد أعداد الأرانب في البيئة إلى أعداد كبيرة تأكل الأخضر واليابس، وغياب أو نقص الحيوانات المفترسة يؤدي إلى تكاثر الأرانب في الغابات فتقضي على الكساء الخضري، فتتأثر حياة جميع الكائنات الحيّة الحيوانية والنباتية الدقيقة، وتختفي أو يقل وجودها في هذه الغابات، ويخسر بذلك الإنسان اقتصادياً، حيث يتعرض لخسارات مادية عظيمة، ويفقد عناصر كثيرة من العناصر التي يستخدمها في حياته اليومية لغذائه وكسائه وسكنه، ومستلزمات مصانعه.
    ولا يقتصر الضرر والأذى الذي يواجهه الإنسان من التأثير على التنوع الأحيائي المتعلّق بعالم الحيوانات وحسب، وإنما يشمل ذلك أيضاً التأثير على التنوع الأحيائي في عالم النباتات، فعلى سبيل المثال كلنا نعرف أن الغابات لا تحتوي على جنس واحد أو نوع واحد من النباتات، وإنما تحتوي على أجناس وأنواع عديدة جداً من النباتات المختلفة والمتنوعة، وهذا النظام البديع المكوَّن من هذه النباتات المتنوعة له دور عجيب في حماية الغابات.
    ومن هنا يبزر لنا شيء من أهمية وجود أنواع مختلفة ومتنوعة من الكائنات الحيّة التي خلقها الله ـ سبحانه وتعالى ـ في بيئاتنا الطبيعية، إذ سبق أن ذكرنا أن إنقاذ التنوع الأحيائي من الاضطراب والخلل، هو في الأصل حماية لحياة الإنسان، فانقراض نوع واحد من الكائنات الحيّة في بيئة ما، قد يعني خراباً ودماراً يحصل في البيئة ذاتها وفيما جاورها من بيئات أخرى، فكل هذه الكائنات ترتبط بسلسلة من التفاعلات المتصلة، ومتى انقطع جزء من السلسلة، سبَّبَ ذلك خللٌ في سلسلة التفاعلات، ونتج عن ذلك خسارات عالمية اقتصادية وصناعية وجمالية.
    إذاً فتنوع النباتات في البيئة وفي المزارع والبساتين، يحقق فوائد مختلفة. ومن أهم هذه الفوائد ما يلي:


    الفائدة الأولى: استمرارية وديمومة النفع والعطاء

    من المعروف أن لكل نوع من النباتات موسماً ووقتاً محدداً يثمر فيه، وينضج ثمره في هذا الموسم ليستفيد منه البشر وجميع الكائنات الحيّة، لذا فإن اختلاف أنواع النباتات يعمل على استمرار العطاء طوال العام، فنوع ينتج ثماره في الصيف، ونوع آخر ينتج ثماره في الشتاء، ونوع آخر كذلك ينتج في الربيع وهكذا.
    ونستشف من آيات القرآن الكريم ما يدلنا على أهمية تنوع الأشجار والنباتات في المزارع، إذ يقول سبحانه وتعالى في سورة الكهف آية 32 وآية 33: }وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا * كِلْتَا الجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَرًا|.
    يفسر ابن كثير رحمه الله قوله تعالى: }وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا| أن المولى سبحانه وتعالى قد ضرب للكفار والمؤمنين مثلاً برجلين، جعل الله لأحدهما جنتين أي بستانين من أعناب محفوفتين بالنخيل المحدقة في جنباتها وفي خلالهما الزرع وكل من الأشجار والزروع مثمر في غاية الجودة.
    ويذكر الرازي رحمه الله أن المقصود منه في هذه الآية عدة أمور: أحدها أن تكون أرض الجنتين جامعة للأقوات والفواكه، وثانيها أن تكون تلك الأرض متسعة الأطراف متباعدة الأكناف، ومع ذلك فإنها لم يتوسطها ما يقطع بعضها بعضاً، وثالثها أن مثل هذه الأرض تأتي في كل وقت بمنفعة أخرى، وهي ثمرة أخرى، فكانت منافعها دارة متواصلة.

    الفائدة الثانية:


    تنوع النباتات يفيد في حماية الزرع من الآفات:

    إن النقص في الثمار وقله محاصيل النباتات بعد انعقاد ثمرها، لا يكون غالباً إلا عندما تتعرض هذه النباتات لعاملين هما:
    * إصابة النباتات بالآفات والأمراض
    * نقص العناصر الغذائية
    وبوجود أنواع مختلفة ومتنوعة من النباتات في البيئة الواحدة، فإن نباتات هذه البيئة لا تتعرض في الغالب إلى هذين العاملين، وسبق أن ذكرنا أن حصر البيئة أو الحقل الزراعي على نوع واحد من النباتات يساعد في نشر الأمراض والأوبئة النباتية التي تعمل على نقص المحصول أو تقضي على النباتات تماماً، وقد أدت زراعة نوع واحد من المحاصيل على نطاق واسع في مساحات شاسعة في عدد من دول العالم إلى دمار محاصيلهم، إذ وُجِِدَ أن الجينات الممرضة تستطيع أن تقضي على المحصول بأكمله. وقد حدث ذلك في موجة الوبائيات لمحصول القمح الذي زُرع في الولايات المتحدة الأمريكية في فترة الستينيات من القرن الماضي. ومن ثم فإن زراعة أكثر من محصول واحد، يعتبر حماية للمحاصيل ضد الوبائيات.
    وعلى نطاق الغابات، فقد وُجد أن نباتات الغابات الطبيعية تفرز روائح منعشة ومواد مختلفة تختلف باختلاف النباتات تقوم بتثبيط نشاط ونمو البكتريا والفيروسات، فتعمل هذه الإفرازات على تخفيض عدد الميكروبات في هواء الغابة، ولذا فإن أعداد البكتريا في هواء الغابة يقل بقدر يتراوح بين 200 إلى 250 ضعفاً عن أعدادها في هواء المدن(1)، بينما وُجِدَ أن الغابات الصناعية التي زُرع فيها نوع واحد من الأشجار، وخلت من التنوع الأحيائي الطبيعي، وافتقرت تماماً للكائنات الحية النباتية والحيوانية ولم تعد تستوطنها إلا أنواع محددة من الطيور والحيوانات التي يمكنها أن تكتفي بهذا النوع من النباتات كغذاء رئيسي لها، قد أصبحت معرضة للآفات والأمراض نتيجة لقلة محتوى الهواء من المواد المؤثرة في نمو الميكروبات والتي تفرزها النباتات المتنوعة، ونتيجة أيضاً لتكاثر وانتشار الحشرات المسببة لأمراض الشجر وموتها، ولأن عناصر التوازن الطبيعي قد اختفت، لاختفاء الطيور والحيوانات التي تتغذى على هذه الحشرات.
    ومن هنا نرى أنه إضافة إلى الفائدة التي تجنيها البيئة من تنوع النباتات في الغابات والحقول الزراعية، والمتمثلة في تنوع الثمار واستمرارية العطاء والنفع، فإن الله سبحانه وتعالى المنعم ذو الفضل العظيم قد جعل هذا التنوع النباتي يحمي النباتات من الآفات والحشرات الممرضة، فيكثر العطاء ولا يتعرض للنقص والقلة.
    لو تأملنا في قوله تعالى: }كِلْتَا الجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئًا| لوجدنا أن الآية تشير إلى أن ثمار أشجار النخيل والأعناب والمزروعات المختلفة التي كانت تثمر وتعطي أُكُلها، لم تُنقص من ريعها ومحصولها شيئاً. وقد فسر ابن كثير والرازي رحمهما الله قوله سبحانه: }وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئًا| أي لم تنقص، والظلم النقصان، يقول الرجل ظلمني حقي أي نقصني.
    ومن هنا نرى أن هذه النباتات المتنوعة المنتجة والمغدقة بعطائها الجيد، لم تتعرض للعوامل التي تؤدي إلى نقص الثمار وقلة المحصول الزراعي، فتحققت الحماية بإذن الله لجميع النباتات التي كانت تنمو في المزرعتين، بتنوع النباتات.

    الفائدة الثالثة:


    العمل على زيادة خصوبة التربة

    لوحِظَ أن تربة الغابات الطبيعية ظلت مئات بل آلاف السنين خصبة غنية بالأملاح المعدنية والمواد العضوية، مغدقة بإنتاج ضخم من النباتات والأشجار الضخمة العملاقة، حيث أنتجت بعض الغابات أنواعاً من الأشجار يصل طولها إلى أكثر من 110 أمتار أي كعمارة طولها 37 طابقاً كأشجار الخشب الأحمر، وأنواعاً أخرى من الأشجار يصل سمك جذعها إلى أكثر من 12 متراً كأشجار السرو البسيط، وأشجار أخرى مقاومة لجميع الظروف القاسية كأشجار الأمبو التي تتحمل الظروف القاسية. إذ يمكنها مقاومة الجفاف ومقاومة الإصابة بالآفات الحشرية والعواصف الشديدة، ودرجات الحرارة العالية، ومقاومة أخشابها للحريق، والتي تتميز بميزة إعاقة قطعها أو نشرها(2)، ولوحظ أن تربة المزارع والحقول الزراعية تفقد خصوبتها وتضعف مع مرور السنين والأعوام بالرغم من أن الإنسان يتولاها بالرعاية والعناية. حيث دلت نتائج الدراسات والأبحاث أن استمرارية زراعة نوع واحد من النباتات يعمل على إضعاف التربة وتقليل خصوبتها، فعلى سبيل المثال وجد العلماء أن زراعة محصول واحد يستهلك الأملاح المعدنية والمواد العضوية الموجودة في التربة إذا زُرع في الحقل سنة بعد أخرى، ووُجِد أن زراعة أنواع مختلفة من المحاصيل في الحقل ووفق جدول منتظم يتيح فرصة تعويض معظم الأملاح المعدنية والمواد العضوية المستهلكة، كما يساعد في الحد من أمراض النباتات ودورة حياة الحشرات (3).
    ومن المعروف في علم النبات أن جميع النباتات تحتاج إلى عنصر النتروجين الذي يكون على هيئة مركبات معينة، ولابد من وجوده في التربة، ونجد أن بعض النباتات تأخذ أملاح النتروجين من التربة ولا تستطيع أن تعوضها، بينما تستطيع نباتات أخرى أن تخرج هذه المركبات وتفرزها في التربة، لذا فإن تنوع النباتات في البيئة يُتيح للتربة فرصة حقنها بمركبات النتروجين، وذلك بواسطة النباتات والكائنات الحيّة الدقيقة التي تستطيع أن تستغل غاز النتروجين الموجود في الهواء الذي نتنفسه، وتحوله إلى المركبات الأساسية الضرورية لنمو وتكاثر النباتات. وهكذا نلمس شيئاً آخر من فوائد تنوع النباتات في البيئة.

    الفائدة الرابعة: الحماية من الرياح والعواصف وتعرية التربة

    يؤدي تنوع النباتات في البيئة فوائد أخرى، ومنها حماية النباتات بعضها بعضاً من العوامل الفيزيائية التي تتلف النباتات والزرع، ومن أهم عناصر الحماية المتعلقة بهذا الشأن ما يلي:
    1 ـ حماية الزرع من الرياح والعواصف.
    تعتبر النخيل والأشجار عموماً كمصدات طبيعية ضد الرياح العاتية والعواصف الشديدة خاصة في المناطق المكشوفة التي تسود فيها الرياح الشديدة، ومن أجل حماية الزرع والمحاصيل الزراعية والحصول على محصول وفير وغير منقوص، فقد دلت دراسات علم الهندسة البيئة، وعلم الزراعة، أنه لابد من زراعة الأشجار حول المزارع والبساتين لتكون كأحزمة خضراء واقية تحمى المحاصيل، وتُحَسِّن الجو المحيط بالنبات، بتخفيض سرعة الرياح والعمل على تلطيف درجة حرارتها (4)، وأنه ينبغي اختيار الأشجار والنباتات التي تتحمل ظروف الطقس المحلي، ففي البيئات التي يسود فيها ارتفاع درجات الحرارة وظروف الطقس الصحراوي تعتبر النخيل من الأشجار التي تتحمل هذه الظروف القاسية والتي تفيد الزرع والمحاصيل الزراعية عند استخدامها كأحزمة خضراء تحفُّ البساتين والمزارع في المناطق المكشوفة.
    2 ـ تحمي التربة من التعرية وزحف الرمال عليها
    تتعرض التربة الخصبة للجرف الطبيعي عن طريق عوامل عديدة ومنها جريان مياه الأمطار على سطح التربة، والرياح الشديدة، وزحف الكثبان الرملية. وتستخدم الأشجار في المحافظة على البيئة، فهي تساعد في المحافظة على التربة، وتمنع من تعرية التربة بواسطة الرياح، كما تعيق جذورها انجراف التربة في حالة سقوط الأمطار الغزيرة، وجريان المياه بشده على سطح الأرض. وقد ساعدت أنواع كثيرة من الأشجار على إيقاف انتشار الصحارى، والوقوف أمام زحف الكثبان الرملية، فحالت دون زحف الرمال المتحركة إلى المناطق الزراعية وإلى المدن، وذلك عن طريق زراعة الأشجار والنباتات المختلفة في حواف المناطق الزراعية والمدن المعرضة لزحف الكثبان الرملية على هيئة شريط أو أكثر لتكون كحزم أخضر.
    لم يدرك الإنسان فائدة ودور الأحزمة الخضراء التي تحف المزارع والبساتين، ودورها في حماية الزرع والمحاصيل، وكيف تساهم في إعطاء محصول جيد بشكل واسع ودقيق، إلا في عصرنا الحديث، وذلك بعد أن توسعت علوم البيئة والزراعة، غير أن القرآن الكريم ومنذ أكثر من أربعة عشر قرناً قد أشار إلى هذه الحقيقة ودلَّ عليها قبل أن يقف علماء البيئة والزراعة على دور الأحزمة الخضراء، فقد بَيَّن لنا المتفضل المنعم الكريم ـ سبحانه وتعالى ـ أنه قد أنعم سبحانه على صاحب الجنتين، فحفَّ بستانيه اللتين احتوتا على الأعناب وأنواع المثمر بالنخيل فهو القائل سبحانه: }جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ|. وقال الزجاج (5) رحمه الله أن معنى }وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ| أي جعلنا النخل مُطيفاً بهما، يقال: قد حفَّ القوم بزَيْدٍ إذا كانوا مُطيفين به، وقال الرازي رحمه الله أي وجعلنا النخل محيطاً بالجنتين.
    وقد اختفت الحكمة من جعل النخيل تحف البستانين عن كثير من الناس، فجاءت نتائج الدراسات والأبحاث لتكشف النقاب عن شيءٍ من جوانب هذه الحكمة، فعرف الناس فوائد تنوع النباتات في المزارع والغابات، وعرف الناس أيضاً فوائد الأحزمة الخضراء، الأمر الذي أدى إلى التوسع في استخدامها في هذا العصر، ليس لتحمي المزارع والبساتين وحسب، وإنما لتحمي المدن كذلك من زحف الرمال. وقد دلت التجارب المختلفة المتعلقة بحماية المدن والقرى من زحف الرمال المتحركة بواسطة وسائل وطرق مختلفة أن إقامة الأحزمة الخضراء والتشجير عموماً قد أثبت جدواه وفاعليته، وأن هذه الطريقة تتميز بفاعلية جيدة في وقف زحف الرمال على جميع الطرق الأخرى، وتطبيقها يعتبر الأيسر مقارنة بالطرق الأخرى، حيث ظهر من هذه التجارب أن الوسائل الأخرى لا تعتبر إلاَّ إجراءات مؤقتة تؤدي إلى تثبيت الكثبان الرملية المتحركة بشكل مؤقت، بحيث أن التشجير وزراعة الكثبان الرملية المتحركة بالنباتات الرمليةPsammophytes التي تشمل الأشجار والشجيرات والأعشاب المتميزة بقدرتها على ملاءمة ظروف التربة الرملية والمناخ المتطرف وفقر التربة بالأملاح المعدنية والمركبات العضوية، والتي تتميز أيضاً بجذورها التي تنمو عميقاً إلى الطبقة الرطبة أو تنتشر على سطح الأرض، فتعمل بذلك على تماسك التربة.
    وتعتبر المملكة العربية السعودية من الدول الرائدة في مكافحة زحف الكثبان الرملية حيث أقامت مشروعاً يعتبر من أهم مشاريع مكافحة الكثبان الرملية في الوطن العربي وهو مشروع مكافحة الكثبان الرملية في الأحساء، الذي هدف إلى وقف حركة الكثبان الرملية وتثبيتها واستصلاح الأراضي التي فقدت أو تدهورت تربتها.
    3 ـ تحافظ على وجود الماء في التربة
    من المعروف أن نوع وتركيب جذور النباتات، وعمق امتدادها في التربة يختلف باختلاف النباتات، فبعضها يمتد على سطح التربة، والبعض يمتد في عمق التربة لمسافة قصيرة، والبعض الآخر يغوص كثيراً في عمق التربة. وجميع الجذور النباتية تترك في التربة ما تفرزه من مواد كيميائية عضوية أو ما يبقى منها من جذيرات وجذور ميتة وبقايا عضوية مختلفة، فتتحلل وتتفكك بواسطة الكائنات الحيّة الدقيقة، فيعمل ذلك على إضافة المواد أو المركبات العضوية في التربة وهو ما يصطلح عليه علمياً بزيادة المحتوى العضوي. وللمركبات العضوية قدرة عالية جداً على امتصاص الماء والإمساك به، ولجذور النباتات وخاصة تلك التي تمتلك جذوراً ذات قدرة عالية أيضاً على تخزين الماء بكميات كبيرة. وبهذا تعمل على زيادة المحتوى العضوي في التربة وجذور النباتات على زيادة كفاءة التربة للحفاظ على الماء فيها والإمساك به، عند مستوى السطح وفي أعماق التربة التي تصل إليها الجذور.
    لذا فإنه في حالة انقطاع الأمطار وانقطاع وصول الماء إلى النباتات، فإن النباتات المتنوعة تخدم بعضها بعضاً لتتحمل هذه الظروف القاسية، فتبقى النباتات حيّة زمناً أطول عند تعرضها لمثل هذه الظروف، ومن هنا فإن التنوع الأحيائي يسهم في المحافظة على استمرار الحياة في الغابات وفي البيئات الزراعية.
    ومما تقدم يظهر لنا النفع والفائدة من جعل أشجار النخيل على حواف البساتين، فهي تقوم بحماية الزرع من الرياح والعواصف، وتحمي التربة من التعرية وزحف الرمال عليها، وتحافظ على وجود الماء في التربة.

    الفائدة الخامسة: تنوع النباتات يوفر مأوى ومسكناً يُلائم تنوع الكائنات الحية:

    إن تنوع النباتات في البيئة لا يخدم الإنسان وحسب، وإنما يخدم جميع الكائنات الحية التي أوجدها الله سبحانه وتعالى في البيئة، فالأنواع المختلفة من النباتات توفر قوتاً ومأوىً يتناسب مع تنوع الكائنات الحيّة، حشرية وحيوانية وطيوراً. وقد يظن البعض أن توفر القوت والمأوى للكائنات الحية المختلفة يعني تحقيق وجود الأسباب التي تضر بالأشجار والنباتات وتؤذي البيئة. وهذا الأمر يبتعد عن الصواب، فليست كل الكائنات الحية التي أوجدها خالق الكون جلت قدرته في البيئة ضارة ومؤذية، بل إن الغالبية العظمى منها لها فوائد عديدة لا حصر لها تفيد الإنسان وتفيد البيئة.

    الفائدة السادسة: إعاقة انتشار الحريق

    أما الفائدة السادسة من تنوع النباتات في البيئة، فهي إعاقة انتشار الحريق في حالة اندلاعه أو احتراق أحد أو بعض النباتات، إذ إن التنوع الأحيائي الطبيعي في النباتات لا يسمح بسقوط أوراق جميع الأشجار في وقت واحد، فكل نوع تتساقط أوراقه في وقت موسمي محدد، ومن هنا فإن وجود نوع واحد من الأشجار في غابة ما، يعمل على تساقط أوراق كل هذه الأشجار في زمن وموسم واحد، فتتغطى أرض الغابة بطبقة سميكة من الأوراق التي تجف بعد ذلك، ومتى ما تعرضت لشعلة نارية أو برق، اشتعلت بسرعة، وتسببت في حريق الغابة. ولذلك يكون معدل الحرائق في الغابات التي تحتوي على نوع واحد من الأشجار أعلى كثيراً من معدل الحرائق التي تسجل في الغابات الطبيعية ذات التنوع الأحيائي الكبير، ومن هنا فإن تنوع الأشجار والنباتات في الغابة الصناعية أو الطبيعية يعتبر أفضل وسيلة تحدُّ من انتشار الحرائق في الغابات، حيث لا تتعرض جميع الأشجار في وقت واحد لتساقط الأوراق، فإذا ما اندلع حريقٌ عند شجرة جافة، فإن رطوبة واخضرار الشجرة المجاورة لها تشكل عائقاً أمام انتشار النيران.
    الفائدة السابعة: التخفيف من الجهد والعناء:
    إن تنوع النباتات لا يعمل على تساقط الأوراق على الأرض من جميع الشجر في زمن ووقت واحد، بل يختلف زمن سقوط أوراق النباتات حسب نوع النباتات، فلا تتراكم الأوراق وتتكدس بكميات كبيرة على الأرض. ووجود نوع واحد من النباتات في البيئة أو الحقل، يعني سقوط أوراقه في زمن واحد فيعمل ذلك على تراكم الأوراق بكثرة فيزيد ذلك من الجهد والعناء لمعالجة هذه المشكلة.
    الـهـوامـش:

    (1) مدخل إلى العلوم البيئية، العودات وزملاؤه، ص 258
    (2) الموسوعة العربية العالمية، مج 14، ص 51
    (3) الموسوعة العربية العالمية، مج 3، ص 148
    (4) هندسة البيئة، فاضل حسن أحمد، ص 537
    (5) معاني القرآن وإعرابه، الزجاج، أبو إسحاق إبراهيم بن السري، (ت 311هـ)، مج 3، ص284.
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #2

    رد: التنوع الأحيائي والتوزان البيئي

    المصدر:
    http://www.nooran.org/o\26\26-5.htm
    مواضيع داعمة:
    كانت على حافة الانقراض في القرن الماضي
    عودة الذئاب الرمادية الى البراري الامريكية
    * إعداد محمد الزواوي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    تناقصت أعداد الذئاب الرمادية بصورة حادة في الولايات المتحدة في العقد الماضي، مما حدا بالمسؤولين عن حماية البيئة إلى سنّ قوانين لعدم اصطياد الذئاب، وإنشاء محميات طبيعية للحفاظ عليها وزيادة نسلها، من أجل استعادة التوازن البيئي في المنطقة. ويرصد تقرير لجريدة الكريستيان ساينس مونيتور آثار زيادة عدد الذئاب الرمادية في الغرب الأمريكي على الحياة البرية والزراعية وعلى أعداد الماشية والأغنام في المنطقة.
    وقد كتب براد نيكروبوكر في تقريره أن المزارعين في الغرب الأمريكي قد سمح لهم الآن بإطلاق النار على الذئاب التي تتعرض لأغنامهم وماشيتهم، وذلك في منطقة جبال روكي الشمالية، بعد طول حظر لاصطياد أو قتل الذئاب بسبب تناقصها الحاد في الفترة الأخيرة، في حين يعترض الآن بعض المتخصصين في شؤون البيئة ومحبي الحيوانات على السماح بتصفية الذئاب، ولكن يشير التقرير إلى أن ذلك يؤكد أن الذئاب الرمادية التي كانت على حافة الانقراض في القرن الماضي قد تمكنت من تحقيق عودة صحية لها.. فقد كثرت أعداد الذئاب الرمادية التي كانت تعرض فقط في الحديقة القومية بمنطقة يلوستون في منتصف التسعينيات، وهو ما ينذر بتجدد المخاطر على الغزلان وذئاب البراري الأخرى التي كانت تسيطر على المكان في غياب الذئاب الرمادية، في حين يعد هذا خبرًا سارًا للسائحين في المنطقة الذين يتجمعون من أجل التقاط الصور لذلك الحيوان الأسطوري وسماع عوائه المتميز في منتصف الليل.
    ويقول التقرير إن عودة الذئاب الرمادية إلى المنطقة قد ساعدت على استعادة النظام البيئي ليصل إلى مرحلة تقترب من المرحلة الطبيعية، وهو ما يدفع البعض إلى القول بالسماح لتلك الذئاب بالعيش في مناطق أخرى أيضًا في الولايات المتحدة طالما أنهم لا يلتهمون أعدادًا زائدة عن الحد من الأغنام والماشية والحيوانات الأخرى التي يطاردها محبو الصيد في الولايات المتحدة.
    وقد صرح مسؤولون بالإدارة الأمريكية بأن الذئاب الرمادية تم حذفها من قائمة الفصائل المعرضة للانقراض في البلاد، كما قللوا من الحظر الذي كان مفروضًا على قتل الذئاب من الطائرات في ولاية آلاسكا بشمال القارة الأمريكية.
    ومنذ إغلاق الحدود الأمريكية تمحورت أهداف إدارة الحياة البرية حول المحاولات لإحداث توازن بين القيم البيئية المتنافسة في البرية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالحيوانات المفترسة التي تعتبر الحيوانات التي تتغذى على الاعشاب غذاء لها، سواء كانت ماشية أو حيوانات اللاما أو غيرها.
    وقد تربعت الذئاب على رأس قائمة سلسلة الفرائس والطعام في أمريكا الشمالية، فالذئب صائد ماهر يسيطر على كافة الأنواع الأخرى فيما عدا الإنسان، الذي طالما تعامل معه على أنه خطر كبير ومنافس له على الفرائس، كما سعى لاصطياده من أجل فرائه الكثيف.
    وقديمًا لم يكن لدى الإنسان القدرات الجسمانية التي تجعله يتفوق على الذئاب، سواء قدرته على الاحتمال والهرب أو الأنياب الفتاكة مثل الذئاب، ولكن كان لديه الأفخاخ الفولاذية ثم الأسلحة النارية التي أدت إلى رجحان كفة البشر على الذئاب بصورة كبيرة، حتى تم القضاء على الذئاب الرمادية نهائيًا في غرب الولايات المتحدة في ثلاثينيات القرن العشرين. ثم بعد ذلك بخمسين عامًا بدأت أعداد قليلة من الذئاب الرمادية الكندية في الهجرة جنوبًا بطول السلاسل الجبلية من ولاية إيداهو إلى ولاية ميتشيجان، مما حدا بالحكومة الفيدرالية الأمريكية إلى حمايتها بوصفها أنواعا مهددة بالانقراض، ثم بدأت الحكومة الأمريكية بالإسراع في حمايتهم للإبقاء عليهم في البرية بصورة طبيعية، ومحاولة جلب المزيد من الذئاب إلى البلاد.
    قصة نجاح غير متوقعة
    وبالرغم من أن أعداد الذئاب الآن لا تحتل سوى هامش ضئيل من أعدادهم الطبيعية في الولايات المتحدة، إلا أن الزيادة الأخيرة في أعدادها قد فاقت كل التوقعات.. ففي سلسلة جبال روكي الشمالية (إيداهو ومونتانا ووايومنج) هناك الآن ما يقرب من 825 ذئبًا، وفي إيداهو وحدها قد تضاعف العدد من 35 ذئبًا إلى عشرة أضعاف هذا الرقم. أما أعداد الذئاب الرمادية في مينيسوتا وويسكونسن وميتشيجان (يعرفون أيضًا باسم ذئاب الأشجار) فتصل الآن إلى أكثر من 3200 ذئب.
    أما في منطقة يلوستون، وهي المنطقة التي تم تنشئة 31 ذئبًا فيها فقد وصل الرقم الآن إلى 170 ذئبًا في 15 منطقة في المنتزه الذي أعد خصيصًا لذلك، (هناك 300 ذئب في النظام البيئي الذي يشتمل على تلك الحديقة)، والتي تبدو أنها ستحتضن أكبر عدد للذئاب في منطقة يلوستون. وقد صرحت وزيرة البيئة الأمريكية جيل نورتون بأن ما حدث (يعد قصة نجاح بيولوجية في الولايات المتحدة).
    ويصف علماء الأحياء الذئاب الرمادية بأنها عناصر (محورية) في البيئة، مما يعني أن انقراضها يمكن أن يؤدي إلى قلاقل بيئية كبيرة إلى درجة لا يمكن التنبؤ بها، ويقول ستيف وليامز مدير خدمات الحياة البرية والمائية الأمريكية إن (الحيوانات في البرية بمثابة معمل حي لدراسة كيفية تأثير حيوان مفترس من قمة الهرم البيئي على النباتات والحيوانات الأخرى بداخل النظام البيئي ككل).
    الذئب والغنم
    وعلى مدى عشر سنوات من بدء برنامج الحفاظ على الذئاب الرمادية عام 1995، قتلت مئات الأبقار والأغنام والماشية والحيوانات الأخرى، وفي بعض الأحيان قامت الجماعات المحافظة على البيئة بتعويض المزارعين عن خسائرهم في الماشية، كما قام مسؤولون حكوميون بنقل أو قتل الذئاب التي أصبحت ترى على أنها (مثيرة للمشاكل). ولكن بالنسبة للأفراد الذين يريدون قتل الذئاب التي استساغت طعم الحيوانات العاشبة فيجب حصولهم على تصريح حكومي بالقتل، وطبقًا للقوانين الجديدة يسمح للمزارعين بقتل الذئاب التي تستهدف الماشية أو الحيوانات الأخرى، كما أن الحكومة الفيدرالية من المقرر أن تنقل برامج تربية الذئاب وتطويرها إلى بعض الولايات والقبائل الهندية في المنطقة، وحتى الآن سيتم تطبيق هذا القانون على ولايتي إيداهو ومونتانا. ويقول المسؤولون إن الهدف من ذلك هو زيادة قدرة السكان المحليين على استهداف الذئاب التي تسبب مشكلات لهم والقضاء عليها، في الوقت الذي تحافظ فيه على الذئاب التي لا تدخل في الصراعات مع الأهالي في المنطقة وحمايتها. ويتفق أنصار البيئة على الرأي القائل بأنه يجب مراقبة أعداد الذئاب والتحكم فيها وقتلها في بعض الحالات، ولكنهم يشعرون بالقلق من المنظومة القانونية الجديدة التي تهدف إلى تحقيق ذلك.
    تقول نينا فاشيون نائبة رئيس جمعية المدافعين عن الحياة البرية إن (القوانين الجديدة تهدد الجهود الرامية إلى استعادة الأرقام الطبيعية للذئاب في الوقت الذي بدأت فيه الحكومة الأمريكية تحقيق بعض النجاحات في هذا الصدد)، ولكن مسؤولي الولاية لهم وجهة نظر أخرى.. فيقول جيم كازويل رئيس مكتب إيداهو للحفاظ على الأنواع إن (القانون القديم كان يهدف إلى مراقبة أعداد قليلة من الذئاب التي يتم الإشراف على توالدها وتناسلها، ولكن القانون الجديد يوفر مرونة كافية لإدارة الأعداد المتزايدة من الذئاب، والتي تجاوزت الخمسمائة ذئب رمادي في الولاية).
    ويشير التقرير إلى أنه بالرغم من تعافي الذئاب واستعادتها لبعض من أعدادها والذي جاء أفضل من المتوقع، إلا أن الذئاب الرمادية لا تزال غائبة عن 90% من المناطق التاريخية التي نشأت فيها ويفترض وجودها فيها، وبالرغم من تخفيف القيود على قتل الذئاب وعلاقاتها بالنشاطات الإنسانية في المنطقة، الا أن المسؤولين يقولون إنهم ينوون إدارة وحماية الذئاب كجزء مهم من المنظور العام للحياة البرية في الولايات المتحدة.
    وتقول السيدة نورتون عن نقل مسؤولية إدارة مشاريع الحفاظ على الذئاب من الحكومات إلى الولايات والقبائل: (سوف يقوم متخصصونا في علم البيئة بطرح الأسئلة الأكثر صعوبة) والتي تتعلق بصيد الذئاب والمتاجرة بفرائها.
    .....الرجوع .....
    http://www.al-jazirah.com/magazine/15032005/hj86.htm
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3

    رد: التنوع الأحيائي والتوزان البيئي

    الانقراض السادس


    المعلق :
    لا بدّ ان نعترف اننا نعيش مرحلة الانقراض السادس الكبير . واستنادا الى الإحصاءات فسيكون الإنفراض الأكبر الذي تشهده الأرض . ان زوال أشكال الحياة من حولنا آخذ بالإستمرار حسب توقعاتنا الشيء المهم هنا هو أننا غير ملمّين بتداعيات هذه المرحلة حيث ان ما سبقها من مراحل كان مختلفا تماما . لم يكن هناك زوال شامل لأشكال الحياة بسبب عامل الجنس الواحد . حصل الانقراض السابق نتيجة كوارث خارجية , تأثيرات نيزكية , و تصحّرهائل . ولكن لم يحدث أبدا ان كان أحد الأجناس سببا في انقراض الأجناس الأخرى .
    تعتبر هذه الشجرة فريدة من نوعها . فهي تعيش وحيدة وسط أرض قاحلة وتخضع بذلك لنظام الصحراء . نحن على مشارف تلال أراضي "دونّا " الرطبة في جنوب أسبانيا بجوار غابات الصنوبر حيث تهدد مظاهر التصحّر هذه المقاطعة .
    أدّت عوامل بيئية جديدة الى إختفاء العديد من الأجناس . فاختفت الحشرات والطيور والثدييات الصغيرة نظرا لندرة الأشجار والمياه .
    وبالرغم من ندرة ما جاور شجر العرعر وسط التلال الرملية إلا أننا نرى هذه الأشجار تنبت وتنمو بقدرة الله تعالى.
    خضعت الأرض لتغييرات جوية متتالية حدّدت عدد ونوعية كل جنس في كل مرحلة .
    ان مفهوم التنوع الإحيائي يعود الى غنى الحياة في أوقات وأمكنة محدّدة .
    انها مسألة حسابية تقيس تنوع الأجناس دون ان ننسى ان هذه الأجناس قادرة على التكاثر بإذن الله مع بعضها البعض . هناك فرق صغير بين الحشرات والنباتات والثدييات لأن كل كائن حي له أهميته ليس لأنه حي بل لأنه أحد مقومات الحياة .
    ان عدد الأجناس المتواجدة اليوم ليس محدّداً . هناك حوالي مليوني جنس غير ان هذه النسبة غير دقيقة اذا ما نظرنا الى العدد الإجمالي للكائنات التي تسكن كوكب الأرض .
    لا يعتمد العلماء النسب التقريبية إذ ان البعض يعتقد بوجود أربعة ملايين جنس على الأقل بينما البعض الآخر الأكثر تفاؤلا يقدّر العدد بأكثر من مائة مليون .
    وعليه تكون النسبة المرجّحة أربعة عشر مليون جنس حي .
    الخنافس الصغيرة السوداء , الأكثر شيوعا , تعتبرالأولى في مملكة التنوع الإحيائي فهي الأكثر عددا بين مجموعة الحشرات وكذلك أكثرهم قدرة على التكاثر .
    في القرون الماضية كانت الخنفساء بالنسبة للمصريين رمزا من رموز الخلود وفق عقيدتهم الباطلة ، فقد قُدِّرت أنواع الخنفساء بحوالي ثلاثماية وخمسين ألف نوع . فقد تفوق هذا الحيوان على بقية المخلوقات من حيث عدد أنواعه .
    إن وتنوع الأجناس الصغيرة وكثرة أنواعها لهو أحدى المعجزات الإلهية في خلق الكون ، فالحشرات لها دورها الضروري في هذه الحياة . فهي تستهلك المخلّفات البيولوجية وتؤكسد.
    التربة وتعتبر زاداً لمئات الأجناس من الطيور والزواحف والثدييات . وفوق هذا كله فهي مهمة للنباتات التي يتم تكاثرها بواسطة ملايين الحشرات التي تنقل اللقاح من زهرة الى أخرى .
    يعتقد بعض العلماء أنه كلما تضاءل حجم الكائنات الحية زادت أهميتها . هذا هو الحال بالنسبة للبكتيريا .
    هذه الكائنات الحية المجهرية تلعب دورا هاما في دورةالحياة , حيث تحوّل الحيوانات الميتة ومخلّفات النباتات الى مواد غذائية قيّمة للتربة .
    ما يحصل ان البكتيريا مؤهلة لاستهلاك عناصر كيميائية كالنيتروجين والفوسفور والكربون التي تعتبر مهمة للعديد من الكائنات . اذن هذا يفسر سبب غزو جيوش كبيرة من البكتيريا للمناطق الحية من الكوكب . ان حفنة صغيرة من التراب تحوي عشرة بليون بكتيريا .
    لعبت البكتيريا أيضا دورا مهماً على الأرض . فهي التي تسببت في دوران الأوكسيجين في الجو بحرية . و منذ ذلك الحين أصبح ممكنا الاستغناء عنها .
    رتشارد فورتي :
    في بداية تاريخ كوكب الأرض كان هناك نسبة ضئيلة من الأوكسيجين غير المتّحد كيميائيا ّ في الهواء .لذا كانت معظم المخلوقات وخاصة البكتيريا مؤهلة للنمو والتكاشر دون الحاجة الى الأوكسيجين . ولكن منذ أكثر من ألفين وخمسمائة مليون سنة أطلقت بكتيريا المركبات الضوئية والبكتيريا الخضراء-الزرقاء وكائنات أخرى , الأوكسجين في الهواء . قد يكون هذا الأمر بالتأكيد سامّا بالنسبة للمخلوقات القائمة بدون أوكسيجين
    إذاً المادة الملوِّثة أصبحت فيما بعد ضرورية جدا للحياة .
    ان آثار العديد من الكوارث الطبيعية مدوّن في السجلات الجيولوجية . نحن نعلم ان خمسة من أصل هذه الكوارث سببت انقراضات هائلة . وثلاثة منها على وجه التحديد كانت مدمّرة تماما .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    حدث أول إنقراض كما يعتقد العلماء منذ أربعمائة وأربعين مليون سنة خلال عصر الأُوردفيشي حيث إختفت نصف الأجناس . كان ذلك نهاية المرحلة الأولى للتغيير . ويعتقد الباحثون انه حدث نتيجة جليد هائل اكتسح الأرض .
    بعد ذلك بمئتي مليون سنة وخلال العصر البِرمي حدث أكثر الانقراضات خطورة .
    فقد قضي على أربعة وخمسين بالمائة من الفصائل و ستة وتسعين في المائة من الأجناس البحرية مما يعني القضاء على أعداد كبيرة من حيوانات المحيطات . لقد اختفت المفصليات مثلها مثل العديد من الحشرات والمرجانيات السائدة في ذلك الوقت . أحدث هذا الانقراض انعطافا جديدا نتج عنه عناصر جديدة مثل اليابسة . بعد ذلك بفترة قصيرة ظهرت الديناصورات . وأخيرا وبعد خمسة وستين مليون سنة حدث الانقراض الذي شهده الإنسان . في العصر الطباشيري الذي اختفت فيه الديناصورات انفسح المجال أمام الثدييات لتتكاثر وتتنوع ، وكل هذه الأحداث لا تزال في طور النظريات حيث لم يؤكد شيء من ذلك وإنما هو من باب التوقع والتخمين .
    نسب علماء الجيولوجيا والأحياء معظم أسباب الانقراضات إلى تغييرات في الطقس غيّرت الظروف البيئية . والدافع الأساسي كان تحطم النيازك والكويكبات القادمة من الفضاء والتي يوازي تأثيرها مئات القنابل النووية التي تسقط على الأرض .(الغاز النووي)
    أندرو نول :
    حسنا , اذا ما فكرنا في أسباب هذا التدمير البيولوجي نجد أنفسنا أمام ثلاثة أو أربعة إحتمالات . والإحتمال الأنسب قد يكون أحد النيازك الكبيرة وقد حدث ذلك منذ خمسة وستين مليون سنة حسب ظن العلماء في الوقت الذي انقرضت فيه الديناصورات . من ناحية أخرى فالأدلة التي تشير الى أي نوع من تأثير النيازك في نهاية العصر البِرميني محدودة جداً .
    أما الإحتمالات الأخرى فهي الإنخفاض الكبير في مستوى سطح البحر أو تغيّر كبير في معدّلات الحرارة ....ولكن كلا الإحتمالين لم يحلاّ المشكلة . ولكن هناك حدث آخر حصل في نهاية العصر البرميني والذي إعتبره الناس أهم حدث بركاني على الإطلاق في الخمسمائة مليون سنة الأخيرة والذي أدّى الى تغطية وسط " سيبيريا " بشكل كامل بالحمم البركانية على امتداد أكثر من كيلومتر واحد . هذا النوع من البراكين الضخمة قد يكون سببا لظواهر طبيعية أخرى في المحيطات والهواء . اذن قد يمكننا القول ان هذا الانقراض المميز جاء بسبب عوامل داخلية من الكوكب وليس من خارجه .
    حسب تصور بعض العلماء قد تبدأ عملية الانقراض بسبب تلّوث ما . فالبراكين والنيازك قد تهزّ الأرض وتحرّكها فينتج عن ذلك ارتفاع بعض المواد الكيميائية من قشرة الأرض الى الهواء . من بين هذه المواد ثاني أوكسيد الكربون - وهو الغاز الذي ينتج اليوم عن احتراق الزيوت – والذي كان ساما نظرا لكثافته المركّزة والذي فشل في تحملّه العديد من الأجناس .
    هذه الغيوم والغبار الكثيفة بدت وكأنها نوافذ لبيوت الزجاج النياتية . فقد سخنت الأرض وذاب الجليد وتعدّلت دورة المياه . فالنظام المائي حلّت محله الفيضانات والقحط المخيف .
    عانت النباتات كثيرا من تلك الظواهر . ومع مرور الوقت لم يبق نباتات كافية لإمتصاص ثاني أوكسيد الكربون وإفراز الأوكسيجين . هذه العملية تسمى "التمثيل الكلوروفيلي" ( التركيب الضوئي) والذي تعتمد عليه العديد من الكائنات الحية في التنفس . وهكذا انتشر التلوّث كبقعة زيت فعجزت الكائنات عن الدفاع عن نفسها ونتيجة الكوارث البيولوجية فإن وجوه الحياة كانت تتغير باستمرار وهذه أيضاً من النظريات المطروحة لمحاولة فهم كيف استقرت الحياة على الأرض كما نعيشها اليوم.
    ما يحصل عادة بعد اي إنقراض هو تفريغ كامل للأرض التي تمتلىء بعد ذلك ببوادر حياة جديدة ونمو أعداد من الكائنات . فمثلا كانت الديناصورات منتشرة على الأرض قبل انقراضها وكانت أنواعها تتراوح بين آكلي اللحوم والنباتيين وذوي الأحجام الكبيرة والوسط والصغيرة كذلك كان هناك حيوانات منها من يطير أويسبح أويختبىء تحت الأرض أو يتسلق الأشجار . ولكنها انقرضت وأتى بعدها وفي وقت قصير الثدييات من أكلة اللحوم والنباتات ومتسلقي الأشجار والسابحة والطائرة وغيرها......
    يظن العلماء أنه لم يحصل اي إنقراض قوي منذ خمسة وستين مليون سنة . فبدون الديناصورات والكوارث العنيفة ونسبة للطقس المعتدل بقيت أجناس الكائنات تقريبا بوضعها الحالي .
    كما يعتقد العلماء أن وجود الإنسان على الأرض كان في هذه المرحلة الطويلة، ومنذ ذلك الحين بدأ بالسيطرة على هذا الكوكب الحي.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ان التكيف مع البيئة الطبيعية ليس اختراعا حديثا بل هو مما أنعم الله به على الإنسان منذ وطئت قدماه الأرض . تتضارب آراء الباحثين بعلم الإنسان حول ما طرحه بعض مفكري القرن الثامن عشر بشأن "التوحّش الجيد " . فقد دافعوا عن الإنسان مؤكدين طيبته بالفطرة . وأوعزوا سبب أنانيته وطمعه الى الحضارة التي أبعدته عن المحيط الطبيعي الذي كان عليه البقاء قريبا منه . ولكن التصاق الإنسان ببيئته الطبيعية هو حالة عزلة أكثر منه حالة طبيعية . بعض المجتمعات أخلّت بالتوازن البيئي دون ان تقصد الإساءة الى الطبيعة . وبصرف النظر عن أهمية رمز الغابات والحيوانات بالنسبة للإنسان إلا ان حاجاته الضرورية للحياة طغت على تصرفاته في كثير من الأحيان.
    بمجرد وصول الإنسان الى اميركا انقرضت مجموعة كبيرة من الأجناس . فقد كانت تلك الحيوانات شهية , سهلة الصيد وغنية بالبروتيين . وبعد مرور مئات السنين ثم ألف سنة انقرض المزيد من أجناس الحيوانات وخصوصا الثدييات الكبيرة في شمال وجنوب أميركا . تكرر هذا الحدث أيضا في "نيوزيلاند" و "مدغشقر" مع وصول الإنسان اليها . وكذلك حدث هذا عندما وصل الإنسان الى أستراليا منذ ستين مليون سنة ......
    كغيره من الأجناس فإن الإنسان يحاول ان يحظى بأقصى مساحة ممكنة للعيش .
    ولكن مقارنة مع الحيوانات والنباتات فإنه أقل تشددا في امتداده نظرا لقدرته على التأقلم
    بمختلف الأجواء . هذه القدرات التي ميزه الله بها سمحت له بالاستفادة من مخلوقات أخرى والتغلب على الأمراض المميتة وتطوير تقنية جديدة لاستغلال ثروات الطبيعة . لقد ازداد الإمتداد السكاني بدون حدود . ففي العام الف وتسع مائة وتسعة وتسعين كان هنالك ستة بلايين نسمة أما في العام ألفين وخمسة وعشرين فستصل النسبة الى ثمانية بلايين. بينما حجم الأرض باقٍ على حاله فإن حاجة الإنسان للمساحة والطاقة والغذاء تزداد مع ازدياد نسبة الكثافة السكانية .
    أعراق مختلفة في المدينة .
    ازدحام الطرق الدولية
    السيارات –بوسطن....
    مصانع .....
    تخريب النظام البيئي .
    كل أشكال النظام البيئي معرض للاعتداء إما بسبب التمدن أو الزراعة أو استثمار ثروات المنطقة .
    الغابات أفضل مثال على ذلك كل يوم يُقطع حوالي نصف مليون شجرة موزعة على جميع انحاء العالم . وقلما يُصار الى استبدال نصف هذه الأشجار المعمّرة بأشجار جديدة غير قادرة إجمالا على تأدية نفس الوظائف .
    تعتبر الغابات أكثر المجالات تأهيلا لتوفير العناصر الأساسية . فهي الأكثر توفيرا للغذاء ومنها تتغذى معظم الكائنات الحية . انها بدون شك مأوى لعدد كبير من الأجناس حيث نصف الكائنات الحية تعيش في الغابة كما انها تعتبر عونا لسبعين بالمائة من العناصر الحيوية على الكوكب . ولكن قبل كل شيء تبقى الغابات هي الحل الأخير .
    إن أحد أعظم مشاكل هذا العالم هو نفاذ التربة . والغابات تثبت التربة وتحافظ عليها .
    وقد تكون الغابات اليوم العلاج الأمثل للتغيرات الجوية فهي بمثابة معدّل ليس فقط لثاني أوكسيد الكربون الذي نعرفه , ولكنها تعالج التلوّث الضوضائي والمائي وتلّوث التربة .
    كذلك فإن الأشجار زودها الله بنظام مراقبة وتخفيض للملوثات القوية كالزئيق والرصاص والقصدير .
    إن الحل الأمثل الآن هو حيازة أقصى عدد ممكن من الأشجار لأنها قادرة بإذن الله على بناء بيئة ملائمة للحياة . فهي تنتج المواد الخام وتعالج أسوأ الأمراض .
    ان البيئة والكائنات الحية لا تعاني فقط من الهجوم المباشر بل من التأثيرات المدمِّرة للملوّثات . وسلسلة الصخور المرجانية هي إحدى الضحايا .
    السلاسل الصخرية المرجانية من أجمل ما خلق الله على هذا الكوكب . فبمنأى عن جمالها المدهش فإنها تلعب دوراً هاماً في تنظيم الحياة في أعماق البحار حيث ان ربع الكائنات البحرية تستفيد من الحيوانات المرجانية . بالنسبة للإنسان فهي تعتبر مصنعا ضخما للأدوية مثل ال AZT المستخدم في علاج الإيدز . يعود وجود المرجان لخمسمائة مليون سنة حسب ظن العلماء وبرغم هذه الفترة القصيرة فإنه آخذ بالإختفاء . ان إرتفاع درجات الحرارة نتيجة بيوت النباتات الزجاجية, وتلوث البحار والمحيطات , والمبالغة في الصيد تحدّ من انتشارهذه السلاسل المرجانية في المحيط الباسيفيكي والهندي والبحر الكاريبي . انها تختفي بسرعة فائقة قد تؤدي الى اختفائها نهائيا بعد خمسين عاما ً .
    ليستر براون :
    إن أهم شيئين هما موازنة الكثافة السكانية والطقس . اذا استطعنا تحقيق هذين الشيئين فإن المشاكل الأخرى تحلّ نفسها بنفسها . ولكن في حال فشلنا فسنفشل في مواقع أخرى .
    فمثلا اذا لم نوفق في موازنة الكثافة السكانية والطقس فلن نستطيع إنقاذ النظام البيئي . وسيتغير كل شيء . عندها يجب ان نجلس ونقررونحاول اللجوء الى ما لدينا من احتياطات ولكن اذا تغير الطقس سيتغير النظام البيئي . اذن نحن أمام قائمة من الضغوطات التي ستسود العلاقة بين النظام الكوني والنظام البيئي على الأرض . ومن ضمنها التصحّر وزوال الأحراج , الإكثار من الجرف والرعي , تعرية التربة, ارتفاع مستوى ثاني أوكسيد الكربون , ارتفاع الحرارة , عواصف مدمّرة , انخفاض مستوى المياه , جفاف الأنهار , اختفاء الأجناس والحيوانات المرجانية .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    منذ خمسة عشر عاما تم رصد ظاهرة غريبة بين الحيوانات البرمائية في أنحاء العالم .
    ان الضفادع والغيالم آخذة بالاختفاء أو التناقص مع أنها مختلفةعن بعضها البعض ومتباعدة . ويبدو انها تتعرض لمرض ما حيث لا يوجد أسباب أخرى تبرر الانقراض . وقد توصل العلماء مؤخرا الى تفسير هذه الحالة .
    ان تناقص طبقة الأوزون وتغير الطقس نسبة الى إطلاق الغازات الملوِّثة وتعديل التربة بالمخصّبات الكيميائية هما السبب في الهجوم الكوني على البرمائيات .
    بول هوفمان :
    ان التغير العالمي في معدّل الحرارة خلال المائة سنة الأخيرة بلغ حوالي نصف درجة فاصلة ستة . انه تغييرضئيل جدا ً , فلماذا القلق ؟
    حسنا , ان سبب قلقنا هو نسبة التغير . ان التغييرات الجيولوجية كانت أكبر ولكن نسبةحدوثها كانت بطيئة لذا كانت لدى الكائنات الحية فرصة للتأقلم .
    في العام ألف وتسعمائة واثنين وتسعين وصل الى سواحل حوض المتوسط الأسبانية طحلب استوائي يسمى "كوليربا تاكسيفوليا " . هذا الطحلب لديه القدرة على التكاثر اينما كان وشهرته نابعة من خطره القاتل على الحيوانات والنباتات غير الإستوائية .
    ان وجود ال "كوليربا تاكسيفوليا" في حوض المتوسط يشكل تهديدا للأجناس المحلية التي قد تنقرض بوجود أجناس غريبة .
    في العام ألف وتسعماية واثنين وثمانين بدأت رعاية هذه الطحالب في حوض مائي في "موناكو" . نظرا لطاقتها الفريدة وقدرتها على التأقلم فإن فكرة وضعها في حوض الأسماك مثالية . بعد سنتين شوهدت للمرة الأولى على الجانب الآخر من نافذة الحوض المائي الشهير : يظهر انها خرجت من أنابيب ألصرف أثناء التنظيف وهكذا احتلت في العام ألف وتسعماية وأربعة وثمانين مساحة متر مربّع واحد من الحوض المتوسط .
    بعد مرور ست سنوات وجدت على مسافة خمسة كيلومترات من الحوض المائي .
    وبدأت بوادر الانقراض تظهر على امتداد الشاطىء الفرنسي . بحلول صيف العام ألفين كان الطحلب القاتل قد دمّر منطقة بحرية هائلة في أستراليا كما إكتُشف على سواحل "كاليفورنيا " . انها تحتل اليوم في حوض المتوسط مساحة سبعة آلاف هكتار وهذا يعتبر نمواً ملفتاً في خلال سنوات قليلة فقط . وحتى الآن لم تنجح وسائل إزالتها .
    حوض مائي في موناكو .
    القمر الصناعي .
    الطحالب .
    جزء من ردّات الفعل من مقابلة
    ......فجأة وصلت مخلوقات جديدة مكانها كان ذلك لصالحها على حساب الآخرين فقد حصلت على شروط بيئية مناسبة افتقدتها في موطنها الأصلي . لقد عرفت هذه العناصر كيف تستغل ميولها العدائية والإستعمارية . فاكتسحت تلك النباتات والحيوانات غير المهيأة أصلا لهكذا مواجهات استعمارية . أعتقد ان هذا يلخّص طبيعة هذه الكائنات . انها كائنات حية استعمارية تريد كل شيء لنفسها ولديها القدرة على التغلب على مثيلاتها .
    من الحالات الملفتة الطحلب القاتل في حوض البحر الأبيض المتوسط , الأرانب في أستراليا وشمال أميركا , والإربيان في أنهار أسبانيا . في أغلب الأحيان تحدث انقراضات نتيجة وجود غرباء في النظام البيئي ولكنها لا تسجل نظرا لعدم أهميتها .
    مثال على ذلك نذكر هذه الشجيرة في جزيرة صغيرة في "لابالما" في جزر الكناري .
    جاء انقراضها بسبب إدخال الماعز والأرانب الى هذا المحيط .
    بالرغم من أن اسم هذه النبتة "بينكوميا ايكسبيولاتا" غير معروف إلا ان قصتها تؤكد ان هذه الظاهرة عالمية .
    لا يعرف العلماء بالضبط الأجناس المنقرضة أو أعدادها نظرا لتضرر بيئتها , تغير أحوال الطقس ودخول أجناس غريبة مكانها . أكثر الأرقام احتمالا هو اختفاء سبعة وعشرين ألف جنس كل سنة . انها نسبة عالية جداً وتحدث بسرعة تفوق تلك التي هزّت الأرض في الماضي .
    هذه الأجناس السبعة والعشرين ألفا المفقودة كل سنة تعني ان سبعة وعشرين مليون جنس سوف ينقرض في ظرف ألف سنة وهذه النسبة ضئيلة جدا على الصعيد الجيولوجي مما يعني قد لاحقا فقدان الحياة على الأرض حسن ظن البعض هذا وقد أجمع العلماء على هذا الرأي . مما لا شك فيه اننا نعيش في أزمة أساسية , أزمة الانقراض . هذا يعني إنقراض الأجناس أسرع من الفترات السابقة التي شهدتها الأرض . فمثلا عندما انقرضت الديناصورات حصل الأمر فجأة من الناحية الجيولوجية ولكنها استغرقت مئات آلاف السنين وحتى مليون سنة حتى أكملت إنقراضها حسب ما نعتقد.
    ان مجموعة الأقمار الصناعية تراقب أحوال الأرض . من خلالها أصبح لدينا فكرة عن ثقب الأوزون وكم نفقد من الغابات سنويا .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    في العام ألفين وإثنين وضعت وكالة الفضاء الأوروبية أحدث جهاز فضائي " إنفيسات"
    على محور الأرض على بعد ثمانمائة كيلومتر من سطح الأرض . وهو قادر على فحص الكوكب في ظرف ثلاثة أيام فقط . يتميز "إنفيسات" بقوة التقاط عالية وأنظمة استكشاف متنوعة مما يسمح له بتحليل الفترات القصيرة والمتوسطة المدى لتداعيات الحرائق والتلوث الصناعي والحرارة العالمية وثوران البراكين . بسبب دقته ومعلوماته القيمة أصبح بإمكان العلماء توقع مستقبل أي نظام بيئي على كوكبنا باحتمالات خطأ نادرة .
    كلما كانت الصور الإشعاعية للأرض دقيقة كلما استفدنا من الأنظمة البيئية العاملة واستوعبنا مخاطرالدمار . اذن سيعي الإنسان أهمية الحالة الصحية للطبيعة , كما ان بعض العلماء بصدد تحديد القيمة الإقتصادية لأشياء مثل الهواء النظيف الذي لا يتمتع بأي قيمة اقتصادية حتى الآن .
    يقدّر الباحثون بأن تتوفر في الطبيعة كل عام بضائع للاستهلاك تفوق ما تنتجه جميع دول العالم . بالإضافة الى جميع أنواع الثروات الطبيعية كالأخشاب والماء المستخدمة لعدة اغراض تندرج في هذه المجموعة ثروات أخرى كالأوكسيجين الذي تنتجه النباتات والأشجار وامتصاص ثاني أوكسيد الكربون الذي تتأثر به المحيطات والغابات . أضف الى ذلك كميات الأدوية الكبيرة وأنواع البروتيين التي يحصل عليها الإنسان من الطبيعة.
    تقليد الإنسان (حديقة الحيوان.....)
    ليستر براون :
    سُجّل في صيف عام ألف وتسعمائة وثمانية وتسعين حدوث فيضان كبير في نهر "يانغتزي" في الصين . استمر لعدة أسابيع ووصفه الصينيون قائلين " لابأس ان هذا ظاهرة طبيعية لا دخل للإنسان بها " . لكن الحقيقة غير ذلك تماما . والسبب هو كمية الأشجار المزالة من محيط حوض نهر "يانغتزي" . ففي ذلك الوقت سُجّّل فقدان خمسة وثمانين في المائة من الغطاء الشجري في محيط النهر حيث يعيش أربعمائة ملايين نسمة . لذا عندما هطلت الأمطارلم تجد ما يوقفها ففاض النهر . ثم في أواسط شهر أوغسطس وبعد مرورعدة أسابيع على هذا الحدث عقدت القيادة الصينية مؤتمرا صحفيا قالت فيه :" لقد تأكدنا ان إزالة الأشجار ساهمت في هذه الكارثة . وعليه فنحن نعلن حظر قطع الأشجار في حوض نهر (يانغتزي) لأن الأشجار الواقفة تساوي قيمتها ثلاث مرات الأشجار المقطوعة ."
    ان التنوّع البيولوجي ليس موزعا بالتساوي على اليابسة والبحر ولكن قسما كبيرا من الأنواع موزع على عدد صغير نسبيا من المَواطن المنتشرة في العالم مع سيطرة واضحة في المناطق الإستوائية . هذا وقد قُدِّر ان ثلث النباتات المعروفة والفقريات تغطي مساحة أقل من إثنين في المائة من العالم .
    تعرف هذه الأماكن بالنقاط الساخنة الغنية بالتنوع .
    انّ وضعها الحالي الدقيق جعل العلماء وخبراء الطبيعة يضعونها في المصاف الأول في معركة الحفاظ على البيئة . ان انقاذها والحفاظ عليها يجب ان يكون على الأقل من الشروط الضرورية لسياسة العالم في الدفاع عن التنوع البيولوجي بالرغم من انها ليست كافية .
    ليستر براون :
    أعتقد انه من المفيد تنظيم محميات لحماية التنوع البيولوجي . انها إحدى أهم إهتماماتي التي أعتمد عليها بشدة وهي لا تتعلق مباشرة بعوامل النمو السكاني وتغيرات الطقس التي وبرغم ذلك لن نستطيع تجاوزها . فمثلا هناك أماكن في أفريقيا خصصت للمحميات والحدائق ولكن اذا استمر التزايد السكاني وجاع الناس أو ماشيتهم سيكون من الصعوبة إبعادهم عن هذه المحميات . مع العلم انهم يفعلون ذلك الآن . لا يمكنك قتل الناس لأنهم يريدون العيش
    تعتبر "كوستاريكا " واحدة من الأماكن المميزة للتنوع البيولوجي . فبالكاد تنتشر على مساحة إحدى وخمسين ألف كيلوميتر مربع نسبة خمسة في المائة من الأجناس الحية الموجودة على الأرض . ان "كوستاريكا " بمثابة شعاع أمل . فقبل فوات الأوان أوقفت حكومة "كوستاريكا" تدمير البيئة الطبيعية واستحدثت شبكة من الحدائق العامة .
    في الواقع ان تربتها المحمية تمثّل نسبة خمسة وعشرين في المائة من مساحتها .
    ما يميز "كوستاريكا" ان السكان المحليين أصبحوا معنيين بالأبحاث المتعلقة بهذه الأراضي وحمايتها . وذلك من خلال البرنامج المعهد الوطني للتنوع البيولوجي حيث يعمل السكان على جمع الأجناس التي فهرسها العلماء في جميع أنحاء العالم وتحرّوا عنها . ونشير ان العديد من هؤلاء العلماء يعملون في صناعة الأدوية .
    ان الدرس الذي تعلمه مؤيدو الطبيعة من "كوستاريكا" واضح وحاسم . ان العيش خارج الغابات لا يعني تدميرها لأن الأخشاب إحدى مئات الموارد المتجددة التي تؤمنها الغابات .
    إن الحوت الأزرق ودب الباندا والفيل الآسيوي والبوما الأميركية من الأجناس المشهورة . والتهديد بانقراضها حوّلها الى جهاز لحملة الدفاع عن البيئة .
    ومع ذلك فقد كُتب على هذه الحيوانات الانقراض لا محالة . وهناك مثلها الآلاف من الأجناس غير المعروفة التي لا تجد لنفسها مكانا مع الإنسان . واذا ما فرضت أحد الأجناس نفسها على حساب انقراض غيرها فإنها ربما يوما ما ستلقى نفس المصير .
    نحن الجنس الوحيد الذي يعرف ماذا يفعل كما اننا وحدنا على هذه الأرض نملك المعرفة العلمية لمحاربة
    الجهل المدمّر . أما ما تبقى فيعتمد على رغبتنا بالتعامل مع من يخدم مصالحنا والتأكد من الخاسرين الحقيقيين .
    نول :
    نحن الآن أمام مفترق طرق . ما سنفعله في العشرة سنين القادمة سوف سيؤثر على الكوكب لفترة مائة سنة من الآن . اذا اخترنا طريق اللامبالاة فإن التنوع سوف يتآكل بشدة في المائة سنة القادمة . اذا وقفنا مكتوفي الأيدي فسنفتقر الى الغابات وتنوع الحيوانات الكبيرة وبالتالي سنحظى برفقة الكائنات الحية التي تتدبر أمرها مع الإنسان كالثعالب والجرذان وغيرها من هذه الأنواع..... من ناحية أخرى فنحن قادرون أن نتحمل المسؤولية عندها فقط سيرى أحفادكم وأحفادي الفيلة ووحيد القرن في أفريقيا وستسود الغابات مناطق جنوب أميركا .
    ليستر براون :
    لم يسبق لأي جيل ان تحكّم بتغيير مناخ الأرض ليتسبّب بحدوث الانقراض السادس الكبير . فجميع الانقراضات التي حدثت منذ مئات ملايين السنين كان سببها إرتطام نيازك ضخمة أو ما شابه بالأرض . أما هنا فلم تصطدم النيازك بالأرض بل هناك نحن ومتطلباتنا الذين أثرنا على الأرض وما عليها.



    http://www.majddoc.com/main.aspx?function=Item&id=10445&lang=
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #4

    رد: التنوع الأحيائي والتوزان البيئي

    لمواد البلاستيكية والتوازن البيئي

    دكتور / مجدي مطاوع
    أستاذ كيمياء البلمرات
    بمعهد بحوث البترول

    فمن المعروف أن النظام البيئي كما خلقة الله في حالة اتزان ، بمعنى أنه توجد حالة توازن دائم بين جميع مكونات هذا النظام البيئي . وتتواجد في هذه البيئة كائنات حية منتجة وأخرى مستهلكة .
    وإذا تأملنا في البيئة من حولنا سنجد أن بعض الكائنات الحية المستهلكة تتغذى على بعض الكائنات الأخرى ، ثم تموت وتتحلل تلك الكائنات وتتحول إلى مواد عضوية بسيطة تتجمع في التربة وفي الماء وتتغذى عليها النباتات والحيوانات الأخرى . وسنجد النباتات تمتص غاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء الجوي الناتج من تنفس الكائنات الحية ومن تحللها أيضاً وتحوله إلى غاز الأكسوجين اللازم لعمليات التنفس لباقي الكائنات الحية وذلك في وجود الماء وضوء الشمس ، كما يقوم النبات أثناء تلك العملية بتصنيع المواد الغذائية اللازمة لحياة الكائنات الحية وهي العملية التي تعرف بعملية التمثيل الضوئي أو التمثيل الغذائي.
    وهكذا يسير الكون في دورة يعتمد كل ما فيه على الآخر ويتأثر ويؤثر فيه في نظام بيئي متكامل متوازن . وإذا ما حدث خلل في هذا التوازن عن طريق زيادة أو نقص إحدى مكونات هذه البيئة يحدث ما يعرف باسم الاختلال البيئي أو الاختلال في الميزان البيئي ولهذا الخلل تأثيرات عديدة متسلسلة على جميع مكونات البيئة .

    لقد أصبح للمواد البلاستيكية ومنتجاتها المنتشرة في الكون من حولنا بمساحات واسعة وصورة شاملة تأثيراً كبيراً علي البيئة ، حيث أصبحت تلك المكونات أحد المكونات البيئية الرئيسية التي فرضت نفسها علينا وتغلغلت في جميع مجالاتنا وأصبح التعامل معها أمراً حتمياً لا مفر منه . وبالرغم من المزايا المتعددة لتلك المواد البلاستيكية والتي فاقت مثيلاتها من المواد التقليدية الأخرى مثل المعادن والأخشاب والزجاج ، فلقد أثرت تلك المواد تأثيراً كبيراً على عملية التوازن البيئي ، حيث تسبب له خللاً واضحاً ، وإليك بعض الأمثلة على ذلك :

    • إن انتشار الألياف والأنسجة والأقمشة البلاستيكية الصناعية كبدائل للمنتجات الطبيعية والتي استغلت في صناعة المفروشات وأعمال التنجيد وفي فرش الأرضيات أدى إلى كارثة بيئية بالنسبة لحشرة العتة التي كانت تتغذى على المنسوجات الطبيعية التي اختفت ، وبالتالي انقرضت هذه الحشرة وأدت إلى اختلال في الميزان البيئي .
    • كما أن انتشار استعمال المراتب الإسفنجية البلاستيكية المصنعة من بولي اليوريثان الرغوي كبدائل للمراتب المصنعة من القطن الطبيعي وفي حشو الوسائد والمقاعد ساعد على حدوث خلل في التوازن البيئي عن طريق اختفاء جميع الحشرات التي كانت تتغذى على تلك المنتجات .
    • إن استعمال الألواح البلاستيكية المصنعة من راتنجات الفينول فورمالدهايد أو اليوريا فورمالدهايد أو الميلامين فورمالدهايد والمعروفة باسم الفورمايكا أو الميلامين كبدائل للأخشاب الطبيعية في عمليات الإنشاءات وصنع الأثاث وفي إقامة الحوائط والفواصل وفي أعمال الديكورات المختلفة ، أدى إلى اختلال في التوازن البيئي عن طريق اختفاء عديد من الحشرات والقوارض والحيوانات التي كانت تتغذى على الأخشاب الطبيعية.
    • استعمال كميات كبيرة من البويات البحرية البلاستيكية المحتوية على مادة ثنائي بيوتيل القصدير السامة لمقاومة الحشف المتكون على قيعان السفن والمنشئات البحرية ومنصات استخراج البترول ، تقتل كثير من الكائنات البحرية والدقيقة منها والأعشاب والطحالب ، ولقد أدى ذلك إلى كارثة بيئية لتلك الكائنات البحرية .
    • استعمال ا
    • إن استعمال كثير من البويات والورنيشات البلاستيكية أدى إلى كارثة بيئية بالنسبة للكائنات الحية الدقيقة التي كانت تتغذى على الزيوت النباتية مثل زيت بذر الكتان والتي كانت تستعمل فيما مضي في تصنيع البويات والورنيشات والتي اختفت حالياً .
    • إن دخول المواد البلاستيكية في أعمال العزل والطلاء مثل راتنجات الإيبوكسي ، وبولي اليوريثان ، وبولي الإسترات لكثير من الأخشاب والأساسات ، أدى إلى نفس الخلل في الميزان البيئي عن طريق اختفاء الكائنات الحية الدقيقة التي كانت تتغذى على الأخشاب الطبيعية الرطبة .
    • إن استعمال المنتجات البلاستيكية المصنعة من بولي الإثيلين وبولي البروبلين أو بولي الإستيرين أو بولي ( كلوريد الفينيل ) أو بولي الإسترات المشبعة في مجال تعبئة وتغليف السلع الغذائية أدى إلى كارثة بيئية لتلك الكائنات الحية الدقيقة والفطريات والميكروبات والجراثيم التي كانت تنمو على الأغلفة الورقية المصنعة من لب الأشجار بعد تعطنها في القمامة .
    • انتشرت الرقائق والغلالات والأفلام البلاستيكية المصنعة من بولي الإثيلين في المجال الزراعي لصنع وإقامة الصوبات والأنفاق الزراعية . كما انتشرت الغلالات السوداء في تغطية التربة بين الأشجار لمنع نمو الحشائش الضارة لها . وهذا التطور الكبير سبب خلل في الميزان البيئي عن طريق اختفاء عديد من الحشرات والديدان من التربة والتي كان يستفاد منها في زيادة خصوبتها . كما أثر اختفاء تلك الحشائش على بعض الحيوانات التي كانت تتغذى عليها.

    إن عملية اختفاء أو انقراض العديد من الكائنات الحية الدقيقة أو الفطريات أو الميكروبات أو الجراثيم أمر غير مرغوب فيه ، حيث اختفاؤها يعطي الفرصة لنمو وتكاثر نوعيات أخرى من الكائنات الحية أكثر شراسة وأكبر خطراً على صحة الإنسان والحيوان والنبات . ولعل العالم الآن يشاهد كثير من الأمراض والآفات الحديثة على بيئته التي قد يكون سبب انتشارها وشراستها يرجع إلى اختفاء بعض الكائنات الحية الأخرى التي كانت تتغذى عليها .

    http://www.plastics4arab.com/forum/archive/index.php/t-6654.html
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

المواضيع المتشابهه

  1. التنوع الثقافي والعولمة لـ أرمان ماتلار
    بواسطة راما في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-15-2013, 03:10 AM
  2. إلى روح شيخنا العلامة/صادق حبنكة الميداني
    بواسطة أسامه الحموي في المنتدى فرسان التجارب الدعوية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-27-2012, 12:38 PM
  3. التنوع و التناغم لدى عاطف الجندى
    بواسطة عاطف الجندى في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 09-18-2010, 02:10 PM
  4. نرحب بالاستاذ/هيثم اللحياني
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الترحيب
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 07-07-2010, 07:00 AM
  5. أنواع ومناطق التنوع البيولوجي
    بواسطة بنان دركل في المنتدى فرسان العلوم العامة.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-26-2006, 09:16 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •