هل نكتب على جدران الوطن بأصابعنا أم قلوبنا أم أرواحنا كل عام وأنتم بخير ؟؟.. ماذا نقول في دخول عام آخر رسمنا على صوته قبل أن يأتي أننا مسكونون بفلسطين أكثر من أي وقت مضى ؟؟.. أنفتح نبض القصيدة كي تنبت حلما وعصافير شوق وحكايات ذكرى ؟؟.. أم نروح في بحر الكلمة مصرين على أنّ الحروف روح تكبر على شاطئ الوطن وتصير حين تعانق كل زهرة من أزهار الوطن أكثر ميلا نحو الدخول في تفاصيل حب لامرأة مشغولة بوردة العشق وعبير الحنين وعلو قامة النهار ؟؟.. أم علينا أن ندرك قبل أن تطوي شهرزاد دفتر الصباح شهوة ليالينا كلها لقصة واحدة ممهورة بفصول وصولنا إلى السحر ، كل السحر ، في فلسطين ، ولا شيء غير فلسطين ..؟؟..
يضحكني الخيال الجامح المريض،حين يظنّ أنّ الوطن مفكرة تطوى ، وأنّ الأرض صورة تهدى ، وأن الهواء الفلسطينيّ أنفاس يمكن أن توزع على اللصوص القادمين من آخر الدنيا ..!!.. وأنّ الوقت الفلسطينيّ يمكن أن ينسى حين ندخل في لعبة التقسيم والطرح والتغيير والتبديل !!.. هذا الخيال المريض ينسى أو يتناسى أنّ البصمات التي حملتها فلسطين منذ أول التاريخ كانت لأب فلسطيني ، وجد فلسطينيّ ، وولد فلسطيني ، وحفيد فلسطينيّ ، وأنّ مثل هذه البصمات أكبر بكثير من قانون الامحاء لأنها هي التي أنبتت الشجر،ومدت الأرض بالروح،وعلمت البحر كيف يعطي الزرقة المتصلة بالسماء صفة الوجد الفلسطينيّ .. ومن شاء ، وهي ليست قصة خرافية ، فليسأل كل سمكة من أسماك بحرنا عن الأصل والفصل والتواصل مع البصمات ، ستحكي له بشكل ساحر أخـّاذ أنّ ماء البحر الذي يدعون أنه لا يحفظ البصمات ،ماء مركب من بصمات الفلسطينيّ ، وأن كل السمك لا يتنفس ويعيش في هذا الماء إلا لأنه يحمل هذه البصمات الفلسطينية رائعة الامتداد ، شديدة العطاء، رائعة البقاء والتواجد والحنان ..
بصمات الفلسطينيّ حكاية تحكى .. كلّ أرض فلسطين تعرف ذلك .. ومما تحكيه الجدات عن الجدات ، أنّ الأرض قبل أن تضمّ رفات أي إنسان تتأكد من هويته وتعطيه كل ذاتها حين تكون بصماته فلسطينية أو عربية .. وكما يقول العارفون بأسرار الأرض فإن التربة الفلسطينية تكره الغرباء الغاصبين لذلك تراها عند دفن الغاصب تعلقه خارج روحها !!.. وقد روى واحد من هؤلاء العارفين أنّ أحد الغرباء اكتشف شيئا بسيطا من هذا ، فظن أنه كلما حفر أعمق ليدفن أحد موتاه فسيكون داخل روح الأرض .. لكن هذا الغريب حمل ذات يوم كل ما يملك ومضى بعيدا وقبل أن يرحل سألوه لماذا ؟؟.. قال : مهما فعلنا ، حفرنا أو نبشنا ، ذهبنا عميقا أو بقينا على السطح ، فهذه الأرض أذكى من الخديعة إنها ترفضنا ما أن تتعرف على بصماتنا .. ولما اتهموا هذا الغريب بالجنون ، قال قولته الشهيرة : غدا ستعرفون،وعندها ستحملون أرجلكم وأرواحكم وأنفسكم،وتبتعدون قدر المستطاع لأن عذاب دفن الغريب في أرض لا تريده لا يمكن أن يماثله عذاب ..
إنه العام الجديد ، وبصمات الفلسطينيّ تزداد وضوحا ورسوخا وعمقا وبروزا ، ولأنها كذلك يصعب أن تكون فلسطين لغير صاحبها الفلسطينيّ مهما تطاول الخيال المريض واستبد!!.. هذه البصمات مكتوبة بالحب ، ممهورة بالوعد ، راسخة بالقسم والعطاء والدم .. كل قطرة دم كانت تزيد هذه البصمات إشراقا وتوهجا وإيمانا بأنّ الشمس الفلسطينية ستشرق لأنها عاشقة لبصمات كل فلسطينيّ..