منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 4 من 4

العرض المتطور

  1. #1
    محاضر في جامعة الشلف الجزائر
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    المشاركات
    419

    حول أزمة الجزائر المعاصرة

    * حول أزمة الجزائر المعاصرة
    تعيش البلدان العربية وشعوبها وضعا واحدا مأزوما يتميّز بالتخلف والانحطاط والتردي المستمر في جميع مناحي الحياة، استبداد وفساد وتبعية وغيرها حتى أنّ الأمل في تنمية حقيقية أصبح شبه مقطوع على الأقل في الحاضر، ودرجة التخلف تعلو وتضعف من بلد إلى آخر بحسب ظروف كل بلد المادية والبشرية، الجزائر وضعها التاريخي حديثا متميزا بتعرّضها لأكبر وأخطر وأطول استعمار في العصر الحديث، لم يكتف باحتلال الأرض ونهب الثروة الطبيعية بل انتهك الأعراض وامتهن الكرامات وشرّد وجوّع وقهر وامتص الدماء وقتل وجرّب أبشع صور استغلال الإنسان للإنسان واجتهد مستخدما كل الوسائل والسبل لطمس مقومات الهوية الجزائرية العروبة لغة وثقافة وتاريخا، والدين الإسلامي، والانتماء الإقليمي الجغرافي والانتماء التاريخي العربي الإسلامي، وكان لهذه الممارسات والأفعال تأثيرا سلبيا على حياة المجتمع الجزائري وعلى ثقافته، لكن لم تستطع صرفه خارج سياقه التاريخي والثقافي، فالجزائر رغم ما مرّ عليها من محن ما زالت جزائرية بالوطن والمواطن وعربية أمازيغية في تألف وانسجام ووئام ومسلمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

    حبا الله أرض الجزائر الكثير مساحة وموقعا استراتيجيا وثروة طبيعية هائلة وتنوعا جغرافيا متميزا وطاقة بشرية هامة، الأمر الذي جعلها ومازال مطمعا للطامعين في نهب خيراتها، ولما عصفت الثورات العربية التحررية بالبلدان العربية التي كانت ترزح تحت نير الاستعمار، صنعت الجزائر ملحمة من أكبر الملاحم التي عرفها العصر الحديث ضد الاستعمار الفرنسي وضحّت بأكثر من مليون ونصف مليون شهيد، واستردت استقلالها عن فرنسا، لكنه استقلال منقوص غير كامل ومكتمل وما يقال عن الجزائر يقال عن أي بلد في العالم العربي والإسلامي وقع تحت وطأة الاستعمار الغربي، تخلى الاستعمار عن الأرض لكن لم يتخلى عن الوصاية وعن الحكم وعن السياسة وعن الاقتصاد وعن الثقافة وغيرها، وعلى الرغم من انتهاج الجزائر للنظام الاشتراكي وموالاتها للاتحاد السوفيتي آنذاك وهو هروب نحو الأمام في اتجاه الخضوع لاستعمار آخر غير مباشر وصارت الجزائر تعيش أكثر من استعمار الاستعمار التقليدي في صوره الغير مباشرة والاستعمار الجديد باسم الاشتراكية والشيوعية الطوباوية، وفشلت الاشتراكية في عقر دارها وفشلت في الجزائر ولم تحل مشكلة التخلف والاستبداد والتبعية أنها شأن البلاد الأخرى التي ارتمت في أحضان سياسة المعسكر الشرقي وتظاهرها بعدم الانحياز في وقت كان فيه الاتحاد السوفييتي يملك قوة اقتصادية وعسكرية لم تدم طويلا حتى تهاوت وتهاوى معها القطب الشرقي ليبقى القطب الغربي بمفرده في الساحة العالمية.

    خرجت الجزائر بعد سقوط المعسكر الشرقي من مرحلتها الاشتراكية منهكة اقتصاديا ومفلسة سياسيا ولا ينسجم وضعها السياسي والاجتماعي والاقتصادي مع كيانها الثقافي والديني والتراثي عامة، لعدم تناسب النظام الاشتراكي فيها مع خصوصيتها التاريخية والثقافية، وللتداعيات الخطيرة والسلبية التي نتجت عن سياسة الحزب الواحد وما تركته على الانسجام الاجتماعي من جراء التوزيع المختل للثروة وما سببه ذلك من تمايز طبقي ومن تفكك في أواصر الترابط بين الجزائريين بسبب كثرة الفقراء وحقدهم على ناهبي الثروة وأصحاب الفساد وممارسي الاستبداد، وانتهى الأمر إلى ثورة أو ربيع عربي بالتسمية الغربية سبقته ديمقراطية شكلية ومزيفة تمت فيها مصادرة اختيار الشعب الجزائري، وتأكد أن "الديمقراطية المعاصرة في الجزائر وفي غيرها من البلاد المتخلفة تعني اللاعب هو الرابح هو الحكم والقاضي ومن دون هذا يتوقف اللعب ويحسم العسكر الأمر لمن هو الكل في الكل".

    الجزائر المعاصرة تعاني مشاكل عديدة وخطيرة زادت في تعميق أزمتها ربما أكثر من بلدان أخرى عربية وإسلامية، بعضها موروث من الاستعمار وبعضها محلي خاص وبعضها إقليمي والبعض الآخر مرتبط بالمستجدات التي يشهدها العالم والتحديات المعاصرة وما أكثرها، مجتمع يستهلك ولا ينتج ولا يبدع، يعيش على النفط والاستيراد، يستورد الطعام واللباس والمركب وكل لوازم وشروط الحياة، ولو لم يملك ثروة طبيعية هائلة لوقع فيما وقع في الكثير من بلدان العالم مثل الصومال، مصيره هذا جاء بسبب سياسة الحزب الواحد التي تقوم على الوصولية والتملق والمحسوبية والرشوة وكل مظاهر الفساد والاستبداد حتى أن من بين النكت التي قيلت الشعب يحفظ قسما وهو النشيد الوطني ويرددها في المناسبات وفي المؤسسات والكبار في الحزب الواحد والدولة يتقاسمون الثروة فيما بينهم مفارقة خطيرة تعيش بها كافة شعوب وبلدان العالم العربي للأسف في اقتصادها، شعوب غنية جدا بثروتها الطبيعية مثل الجزائر فيها نسبة البطالة مرتفعة ونسبة الفقر عالية الزراعة شبه منعدمة، لا توجد سياحة رغم تنوعها الجغرافي وجمال مناظر الطبيعة فيها، ثرية بدينها وثقافتها وقيّمها يعيش أبناؤها أزمة قيم أزمة أخلاق أزمة ثقة في النفس وبين الذوات وبين الراعي والرعية، والبديل عن هذا هو العودة إلى مكارم الأخلاق وتمثلها شعورا ووعيا وروحا وممارسة كل في مستواه وقبل كل شيء الحرص كل الحرص على غرس مكارم الأخلاق في الناشئة التي نتحمل نحن ومن سبقنا كل في مستواه مسئولية فشلها في الحاضر وفي المستقبل لعدم الاضطلاع بالدور التربوي المنوط بنا نحوها.
    *رد على سؤال في منتدى فرسان الثقافة لماذا لم تنهض الجزائر بعد الاستقلال؟
    http://boudji.extra-blog.net/

  2. #2
    أخي الحبيب الدكتور بوبكر , وصفك حول الأزمات العربية كان وصفاً في منتهى الدقة , وهذه معاناة لا بد من التخلص منها بأي وسيلة كانت , لا بد أن تأتي الأجيال الواعية التي تعرف ما لها وما عليها , نحن يا أخي نعيش في عصر يختلف كلياً عن العصر التركي وما بعده من ظلام دامس وخرافات تأصلت في نفوس شعب جله جاهل , لا يؤمن إلا بالخرزة الزقاء لتمنع الحسد , وما شابه ذلك من سحر وغيره , نحن نعيش الآن مرحلة انتقالية فيها يتصارع الحق مع الباطل , ولا يظل الجاهل جاهلاً طيلة عمره ,ولا يظل الاستبداد قائماً ,ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع , ونحن كذلك , سننهض بديننا الحنيف , وبقوة أبناءنا الشجعان , من غير يأس , وكم أعجبتني في قولك , وكأنك تؤكد أقولي بعبارتك الآتية : (((( فالجزائر رغم ما مرّ عليها من محن ما زالت جزائرية بالوطن والمواطن وعربية أمازيغية في تألف وانسجام ووئام ومسلمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. )) وما تقوله عن الجزائر الأن , فقله عن الأمة العربية كلها . وهذا هو الأمل يا دكتور بوبكر , لك ألف ألف تحية من أخيك غالب الغول

  3. #3
    السلام عليمن مافهمته من الكاتب الإسلامي "مالك بن نبي"لدى قراءتي لعديد من كتبه التي تبين مدى عمق الازمة التاريخية العربية ,وهي اننا توهمنا اننا طردنا الاستعمار ,بينما هو باق بأسافينه التي منها الحكومات المزيفة والمتواطئة ,والتي مازالت تخدم الاستعمار بطريقة ما,ناهيكم عن ولوجه من خلال ثقب باب الإعلام والصحافة ,والمنابر الدينية مثل تونس التيس رزحت تحت نير الإفتاءات الغريبة والتي تطوي ضمنها جماعات غير عربية حقيقية .الحديث يطول والألم عميق عميق.
    شكرا لك دكتور.
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #4
    ينقل لقسم الأبحاث الفكرية.
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

المواضيع المتشابهه

  1. أزمة قراءة أم أزمة كتاب؟
    بواسطة سري سمّور في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 08-22-2016, 08:35 AM
  2. أزمة ثقافة واخلاق! أم أزمة مربين؟
    بواسطة ميسم الحكيم في المنتدى فرسان الأم والطفل.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 01-25-2014, 07:34 PM
  3. أزمة قراءة أم أزمة كتاب؟
    بواسطة سري سمّور في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-28-2013, 05:23 PM
  4. أزمة أدباء .. لا أزمة أدب
    بواسطة محمد جاد الزغبي في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 11-21-2012, 02:05 PM
  5. مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 12-24-2010, 03:43 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •