عاوز بوسة و بس!!!! بقلم فادي شعارإذا كانت قاعة المشاهير الأمريكية قد خلـَّدت الممرضة الأمريكية ذات الأصل الأفريقي "ماريا اليزا ماهوني" كشخصية مميزة ، فلا بد أن يأتي يوماً أن تخلد تلك القاعة الممرضة "حورية حيــَّروني" كشخصية استثنائية في الربيع الأمريكي..
فالممرضة "حورية حيــَّروني " خريجة مدينة بوسطن الأمريكية من مدرسة التمريض :
ويليام إف كونيل (The William F. Connell School of Nursing).
و الممرضة "حورية" هي نفسها زوجة الفنان الكوميدي ملك خشبة المسارح في المدينة ، و الذي خرج مع أول طلقة رصاص من مدينة بوسطن الأمريكية نازحاً عن زوجته و ابنه ،،، باحثاً عن عمل بعد أن شــُلـَّت الحركة الفنية للمدينة ، فكانت تلك الهجرة بذرة الخلاف مع زوجته ...
و مع ذلك فالحنين يقتل صاحبه ، كيف لا يحنّ إلى صراخ زوجته ، و شياط طبيخيها ، و إلى عفرتة ابنه الذي اقترب سن التغير و الانقلاب الربيعي ؟!!
و كيف لا يقلق عليهم و الأنباء و الوكالات الإخبارية تنقل دمار بوسطن أقصد إعمار بوسطن و نعيم شعبها..!
و بصعوبة بالغة يتصل الزوج بعد أن تعذرت الاتصالات مع آلام مخاض المدينة ، و ولادتها من أشلاء أبنائها الذين يذبحون على أيادي الغادرين المارقين ...
و على الهاتف بعد السلام : اشتقتُ لكِ يا ملاك الفخذة و اللحمةِ ...أغار عليك من النسمةِ.. عاوز بوسة منك و بس ...يا بسمتي...
ترد الزوجة "حورية حيروني " : حرام عليك يا شيخ...أتظن أنك على خشبة مسرحك تمثل لي دور المشتاق المغازل ... أم دور الغيور من دماء المصابين ،، أم أنك خرجت لتـُنـَظِرَ علينا في الفضائيات و الصحف و المجلات...
الزوج : أنا فنــَّان .. فنــَّان ... من حقي أن أسبَّ و أؤيد و أعارض من الخارج ، و في الحمَّام ، و في أي مكان ...إنكِ لا تدركين دور الكوميديا الساخرة... بوسة و بس ، و ستدركين الدنيا كلها خس!!...
الزوجة حورية : من بعيد و من غربتك تدندن يا حبة عيني ...من غير ما تعيش يوماً واحداً من مآسي بوسطن ...و بعدها عاوز مني بوسة تضرب بـــ هـــ الماركة !!.
الزوج : اسمحي لي فأنا خسرت في بوسطن عملي و فني ,, يعني أنني أعيش مأساة شعبي ، و إن كنتُ بعيداً بجسدي عن وطني....
الزوجة : أناسٌ خسروا أعظم مما خسرته ,أموالهم بيوتهم , أرزاقهم , خسروا أرواحهم ، أبناءهم ، نساءهم أهلهم ... و طحنوا في العراء ، و بين أوتاد الظالمين ، و في خيم العناء و الألم ...و مع ذلك صامدون ,انزل بينهم ، و اعرف همهم...
الزوج : و لكن شهرتي لا تسمح لي أن أفتح بسطة أو أعمل على سيارة تكسي أو ميكروباص ...ليس تكبّراً معاذ الله و لكن طبيعتي و سيكولوجيتي...
تقاطعه زوجته : و لكن أن تعمل أفضل من أن تختلط عليك الحقائق... فساقطوا الإعلام يريدون أن يروِّجوا سقوط عزة مدينتا ، و يلمِّعوا صورة مغول بعباءة الطهر...عذراً أيها الفنـَّان أحترمُ فنــَّك و أحترم رأيك بالتتارِ و الحاقدين ،، و لكن لو أن ابنك أقاموا عليه الحدَّ لمجرد أنه يعارضهم في الفكر لا لشيء آخر ,, هل ترضى لابنك أن يقطع لسانه ، تفقأ عينه ، يشرم أنفه....أحترم حدود الله ، و لكن حدود البشر على البشر...!!! آلا تخشى يوماً إن كنتَ تريد مني بوسة أن يقام أيضاً عليك الحدّ!!
الزوج : يبدو أنّ حوار الودِّ معك لا يجدي ...و رأيي و رأيك ضادٌّ في الضدِّ ,, لقد استطاعوا تمزيقنا كعائلة واحدة بين يميني و يساري ,,, بين معارض و مؤيد يبدو أننا سنظل منقسمين أقساماً ,, الأفضل أن تمرّري السمّاعة لأكلمَّ ابني عزّام...
فيسأل الأبُ ابنـَه ما يجلبه في رحلة عودته إلى بوسطن المحاصرة ,,, ما يتمنى أن يحضر له من أمور يعشقها الشباب في مثل عمره ..
فيجيب الابن : أحضر لنا شامبو للقمل و الحكة.. و أطلبُ منك أن لا تلبس بذلتك السوداء ، و الكرفيت الحمراء...البس أسوء لباسك إذا قصد مدينتنا...و أحضر دواء اليرقان فقد تصاب به ، و مش عاوز منك بوسة حتى لا تنتقل العدوى إليك مني يا أبتي!!
- لما هذا التشاؤم يا بني؟
- إني أرى ما لا ترى يا أبتي ..إني أخاف أن تمسك بوسة من الخاطفين...
ضحك الوالد و لم يكترث لكلام ولده ،، و لكن فعلاً خـُطِفَ الأب على هيئته ، و على أناقته عند عودته و على طريق السفر المؤدية إلى مدينة بوسطن...
فكانت لحظة اختطافه نقطة تحول ليدرك أن زمن العادلين لن يتكرر و أن من يدافع عنهم انما يدافع عن ما يلمعه الإعلام ليس إلا ...
إنما يدافع عن خاطفين ، و قطاع طرق بدؤوا يتفاوضون على قطع لسانه , يديه , على شرب دمه ، و بوسة من خده...
و كذلك كان اختطافه نقطة تحول للزوجة التي أدركتْ أن اختلاف التبويس لا يفسد للود قضية...!
فتحولت الزوجة الأصيلة إلى وحش كاسر ، و تركت مفاوضات الفدية المالية لأخيها بينما هي كانت تهاجمهم بلسانها على الهاتف :
"لا تنسوا أن تـُحْضِروا لزوجي الأنسولين و ما ينقصه من أدوية الضغط... آهٍ منكم لو اختلـَّـت حركة التبويس لديه , فلن تلوموا إلا أنفسكم ..."
فعلاً استجابوا لطلبها و أحضروا أدويته إلا نوعاً فقد حاولوا و لم يجدوه ، فالمدينة محاصرة اقتصاديا و إنسانياً ، و بالذات هذا الصنف الدوائي , مستورد و نوعي...
فقالت لهم : ستحضرونه و أرجلكم فوق رقابكم و سيكلفكم أيّ خدش ما لا تطيقونه ، فأنتم لا تعرفونني بعد ...بوسة واحدة و سأمحيكم من الوجود فأنا "حورية حيـَّروني " و الأجر على الله!
فأخذوا يترجونها قائلين : و الله زوجك في الحفظ و الصون خذي و كلميه ، و اسمعي نبضات بوساته...و لكن الدواء مفقود , سنحاول ...فقط لا تنزعجي...فكما تعلمين دواء "حركة التبويس" دواء نوعي و قليل الاستخدام ..
لقد كانوا في هذه النقطة ودودين فمصلحتهم تقتضي أن يستلموا الفدية بالآلاف المؤلفة أو أن يخسروها مع الأفأفة ..
و بعد المفاوضات التي دامت بضع أيام تم تسليم الزوج بالطرق المتعارف عليها لدى الخاطفين ، و لأنه ثبت أنه لم يعارض فكرهم في غربته فقد نال حريته ، و لكن مع ذلك بالفدية المالية ،،، هم ليسوا جماعات لصوصية مطلقاً إنما يمولون حملتهم و نشر فكرهم بالبوسة الاكراهية الاجبارية!!
هم نخبة البشر ، قد كان يظن الزوج أن اليهود شعب الله المختار ، و لكن أدرك أنهم هم شعب الله المختار ، فلا تطبق عليهم حدود الله في التبويس لأن حاخامهم الأكبر إله لهم ، و كلامه أحكام محكمة التنزيل...
سار الزوجين بعد اللقاء الرومانسي الدرامي على وابل من الطلقات و قذائف الترحيب و الشظايا و الحجارة المباركة المتساقطة من الساقطين ...
عندها اصرَّت "حورية حيروني " على زوجها بأن يمرَّا بمبنى مدرسة التمريض الذي تخرَّجتْ منه ، فقد أضحت المدرسة في هذه الأيام مشفى استثنائي بعد أن ضاقت المشافي بما رحبت ، وذلك لتطمئن على حالته ، و نبضه ، و ضغطه ، و سكر دمه ، و يرقانه ، و حركة شفاهه في التبويس ...
دخلا المشفى و كانت الشموع تنير المكان و الممرضات كعاملات النحل مع ما تبقى من أطباء المدينة في الظلمة , و بنور إيمانهن كنّ يـَقـمن بفتح أوردة و يُعلـِّـقن السيرمات ، و يُخطن الجروح و يُضمِّدن الاصابات ، على راتب لا يسدّ ثمن الخبز و آجار المواصلات ، فالأسعار تضاعف عشرين ضعف أو يزيد مع حسرة و آهات ...
"لعن الله من كان السبب " هذا كان دعاؤهم..
"و نعوذ بالله من الفقر و الكفر" هذا كان رجاؤهم...
أما الممرضة "حورية حيروني " فقد بدأت بفحص زوجها بجانب أحد المرضى المغمى عليهم ، و الذي يتمتم بعبارات واضحة و يقول : " أنا مطلوب حياً لأنني سببت زعيمهم , بل مطلوب ميتاً لأنني سببت أميرهم ...أنا كافرهم...بل...أنا معارضهم ,,,, أنا مطلوب من الطرفين اليساريين و اليمينين.."
فاقتربت منه إحدى ملائكة الرحمة لتهمس بأذنه : "يا جماعة من معه موبايل ليصورني مع ربطة الخبز...و أنا أبوس هذه النعمة و أضمُّها..."
فاستهجنوا طلبها فكيف تـُصوِّر الجوَّالات و الكهرباء المقطوعة عشرات الأيام و لم تـَشْحن أي بطارية من البطاريات ...
و لكن همستها تلك أنعشت المغمى عليه ليلتحق بالمرضات اللواتي تهافتن إلى طابور ينظمه أرذل سكان الحارة ببندقيته ...في الفرن جانب المشفى...
عندها أدرك الفنان الكوميدي أن من يعش وسط الناس سيرى ما لا ينقله الاعلام ، و أن من يعيش وسط الواقع يدرك مشاعر الحاقدين الذي مروا من مدينة بوسطن... مروا لينظموا طابور الخبز بأندل تتري ، و أحقر مغولي ,, يوهمهم بسلاحه أن لقمة الخبز أثمن من الحرية ،، و يوهمهم أنه سـيُخْلــَد بطلقاته في قاعة المشاهير الأمريكية...
كما أدرك فناننا أنه لا مانع يُغيـّر المارقون اسم مدرسة التمريض من "ويليام إف كونيل" إلى منظم طابور الخبز المحبحب (متعاطي الحبوب) شريب الكاس لتصبح باسم:
"مدرسة الحشاش أبو سوسو الرقاص"
و بس خلاص!!!
/ بقلم فادي شعار- حلب الشهباء/