خان مراد باشا . . متحف فسيفساء أم حقل للتجارب ؟..

[أسامه الحموي]

خان مراد باشا . . متحف فسيفساء أم حقل للتجارب ؟..
بقلم م. محمود زين العابدين

[ ملفات بلا صدى ]

تعد المتاحف من أهم المباني التي تستقطب السائح والزائر معاً، وتخصص الجهات المسؤولة في العالم أجمع الميزانيات الخاصة لرعاية وحماية متاحفها ومعروضاتها، لأنها تعكس ثراء حضارتها، فتسعى جاهدة لإبراز متاحفها والإشارة إليها من خلال نشراتها السياحية أو مواقعها الإلكترونية، وتقوم بتطوير أسلوب عرضها المتحفي وبشكل دقيق ومدروس.
ينتشر في سورية الكثير من المتاحف التي توثق تاريخ سورية مهد الحضارات، وتقوم المديرية العامة للآثار والمتاحف مشكورة بالاهتمام بالمتاحف وتخصيص ميزانية خاصة لتأهيل المتاحف السورية.
ومن بين هذه المتاحف خان مراد باشا بمعرة النعمان في إدلب، والمخصص لعرض اللوحات الفسيفسائية القيمة.
وتم مؤخراً الإشارة إلى اقتراب انتهاء أعمال إعادة تأهيل العرض المتحفي، بميزانية وقدرها 7 ملايين ليرة سورية، ومن خلال زيارة المتحف نلاحظ الجهود الجبارة التي قام بها المعنيون لاستكمال هذه الأعمال، والتحضيرات للافتتاح رسمياً، ولكن تستوقفنا عدد من الملاحظات والتساؤلات من أهمها:

-

طريقة تثبيت اللوحات الفسيفسائية الجدارية:

نلاحظ بأن جميع اللوحات الفسيفسائية الجدارية مثبتة وبشكل مباشر على الجدران، مع العلم بأن جميع المواثيق الدولية تؤكد بعدم اللجوء إلى تثبيت المعروضات على جدران المبنى الأثري مباشرة، لتجنب إحداث أي تشويه أو ضرر على المبنى نفسه، ويجب أن تثبت على إطارات معدنية قابلة للفك، كما هو الحال عليه في متحف الفسيفساء بمدينة غازي عنتاب، مع العلم بأن متحف الفسيفساء بمدينة غازي عنتاب هو مبنى حديث، وليس بمبنى أثري كخان مراد باشا الذي يعود إلى العصر العثماني.

-

أشكال الخزائن الخشبية الجدارية ونوعيتها:

تم استخدام خزائن جدارية كبيرة في أحد الأجنحة، وهي بعيدة كل البعد عن أصالة المبنى، وتحمل أشكالاً تصميمية لا تتناسب مع المبنى، بل وتخفي أجزاء من تفاصيل معمارية مهمة في جدران الخان، واستخدمت هذه الخزائن من نوعية الخشب المضغوط (MDF) وهو من النوع القصير الأمد، خاصة وأن هناك نسبة رطوبة عالية داخل الخان، مما سيؤثر سلباً على هذه الخزائن، وسيكون هناك حاجة ماسة لاستبدالها بعد فترة ليست بالطويلة.
والسؤال هنا: لماذا لم يتم اللجوء إلى الخزائن ذات الأشكال الأبسط، لكي لا تؤثر سلباً على جمالية المعروضات، ولا تسرق نظر الزائر إلى الخزانة نفسها، ليظل التركيز على المعروضات فقط، ولكانت ميزانية هذه الخزائن أقل بكثير من الوضع الحالي.

-

القواعد الحجرية:

نلاحظ وجود قواعد حجرية ضخمة (أشبه بأضرحة القبور)، مثبتة على أرضيات وجدران الخان، دون ترك أي فراغ بين هذه الكتل وأرضيات وجدران المبنى نفسه، ولعله كان من الأنسب استخدام مواد مغايرة لمواد البناء الأصلية بحيث تعزلها العين من النظرة الأولى، كما هو الحال عليه في ثكنة إبراهيم باشا بقلعة حلب، والتي وظفت متحفياً لتحتوي على لقى القلعة.

-

وحدات الإنارة:

تم الاستعانة بعدد كبير من وحدات الإنارة الجدارية فوق اللوحات الفسيفسائية الجدارية، مع استخدام زوايا حديدية ذات أشكال تقليدية غير مناسبة من الناحية الجمالية، ولا تتناسب أشكال القواعد الجدارية مع أصالة المبنى، ولعله كان من الأنسب اختيار أشكال وحدات إنارة أشد جمالية وأقوى من حيث الإنارة وأقل عدداً، لكي لا تؤثر على جمالية تلك اللوحات الفسيفسائية، علماً بأن طريقة الإنارة وأشكالها من أهم الموضوعات التي تتعلق في أسلوب العرض المتحفي.

-

الأعمدة الأرضية المعدنية:

تم الاستعانة بعدد كبير من الأعمدة المعدنية المحيطة باللوحات الفسيفسائية لحماية اللوحة، ولتتحول هذه الأعمدة إلى سور مانع، وكان بالإمكان اختصار ارتفاع هذه الأعمدة وعددها، وأن تأخذ شكلاً أبسط، لكي يظل تركيز الزائر على اللوحة الفسيفسائية المعروضة كما هو الحال عليه في المتاحف العالمية وخاصة المتاحف التي تقوم بعرض اللوحات الفسيفسائية.

كلمة أخيرة

كل الشكر لكل من ساهم وعمل وصمم ونفذ تلك الأعمال، فمما لا شك فيه بأن هناك جهود جبارة وأموال كبيرة صرفت على هذا المتحف، في محاولة لإعادة تأهيله، ولكن نتساءل ونحن نغادر هذا المتحف ألا يوجد معايير وأسس كان بالإمكان أن تعتمد عليها المديرية العامة للآثار والمتاحف في إعادة تأهيل متاحفها؟
ألا يوجد خبراء ومتخصصين محليين وعالميين كان بالإمكان أن نستفيد من خبراتهم وتجاربهم؟
وأخيراً إلى متى سنظل معتمدين على سياسة التجريب والمحاولة؟، آملاً أن نستفيد من أخطائنا وتجاربنا هذه، خاصة وأن هناك المزيد من المباني الأثرية التي يتم ترميمها حالياً لتوظف بوظائف متحفية، فنحن جميعنا محاسبون على هذا الميراث الغني، ويقع على عاتقنا جميعاً مسؤولية الحفاظ عليه، والتنويه إلى أي تقصير أو خطأ، كما أشار الرئيس الخالد حافظ الأسد، في إحدى كلماته (لا أريد لأحد أن يسكت عن الخطأ أو أن يتستر عن العيوب والنواقص).

بقلم م. محمود زين العابدين

http://www.asdaaalwatan.net/index.php?page=news&id=1514

[ناهد حسن]

كما أشار الرئيس الخالد حافظ الأسد، في إحدى كلماته (لا أريد لأحد أن يسكت عن الخطأ أو أن يتستر عن العيوب والنواقص).

رائع أن تذكر العيوب والمميزات
لك الشكر
حبذا لو وضعت بعض الصور
أم يمنع التصوير في المتاحف؟
تحياتي