لو أبكر الربيع قليلا...
تجتاحني أفعى النار
تطوقني
تقبر جثتي تحت لسانها
انتفض من رمادي
اخلع جلد العنقاء الذي يلبسني
يتطاير ريشها أمام مرآتي
كما تتطاير خرق الجرائد اليومية عند إقفال الأكشاك
و مطالب الشغل المكدسة عند انتهاء الدوام اليومي بالوزارات..
الكل ماض نحوى غايات أخرى
غايات قيل بأنها مسبوقة الدفع
شيكا
ذهبا
دولارا
و بيع الذمة إن شئت..
هلا غرفت أنت الآخر مما يغرفون
الكعكة قد تنتهي يا صاحبي
و ينتهي تقسيمها بين المتبارين..
وحدك ستظل
و يظل جرحك النازف إلى أبد الآبدين..
جنتهم الموعودة حريرا
عسلا
و السنة طليقة
يبتلعها السراب حالما تنتخبون..
صوتوا
انتخبوا
و احلموا بما شئتم
دكتاتورياتنا باقية
ألا تفهمون...
هم مستوطنون أبدا لأفكارنا
السارقون لأحلامنا
لأجنتنا بأرحامنا
و لديمقراطياتنا الكاذبة..
و لكن إن كانوا ولدوا بحاسة واحدة
فنحن باثنين
و إن كان لهم من الأعين اثنين
فلنا ضعف ما عندهم
ألا يبصرون..
أدمغتهم قد تفوق الرطل و الرطلين
لطول موائدهم
و خيراتنا التي تذهب إلى كروشهم
و لكن عقولنا تزنهم مرتين..
الأرض حين تدور
و هي تدور كما تعلمون
نقف على الحراك الذي تحدث عنه ابن خلدون
سمكة واحدة
غصن زيتون
سنبلة قمح
و شخب حليب يطعم الكل من بنزرت إلى مدنين..
خيامنا ضاقت بآلامنا
و الريح حمالة أوجاعنا
خففي وطء جراحنا يا أرضنا الطيبة..
العنب الذي يعصرونه نبيذا
يفيض في كؤوسهم بدمائنا..
نهر مجردة قد لا يحتمل دمعة أخرى
و لا نجد سفينة نوح تحملنا إلى ضفاف أخرى..
سأطوف البلاد على زورق من أضلعي
و امشي في التيه
حارسا جمري و مائي
مقل الياسمين
و انكشف أمام شراييني الشاردة رقما
رقما تبوح سرائره بسره
و بدهشة تعتري سمك القرش..
خارج الق الماء
و الكرمة العارية
تفل الجمل يفوح بطيبه
تنفرط الكلمات من مكابحها
تلملم شظايا الابتسامة الواثبة..
تجلس على مصطبة العمر
تشحذ سكاكين الخبز
يسيل لعابي
احلم أني أغمسه مع الزيت
يصرخ الديك
تنهض أمي للصلاة
تشكر ربها
و تشعل النار تحت القدر
تطبخ كوكتال الحصى...
اشد الحزام إلى بطني
اسكت جراء بدأت تعوي
كي لا أوقض النائمين من حولي..
ماذا يحصل لو خرجنا عن النص
عن المألوف
الرتيب
و العادي..
لو جهرنا بالمستور
لو عرينا الحلاج من جبته
لو نرجع للجازية ضفائرها..
هل يسرع انزلاقنا من عفونة ضمائرهم
ننضج كفاكهة صيف
نقطف
و نقطف
قطافنا عصافير ملونة
يماما زاجلا
بلورات العرق المتصبب في الحقول..
آه
في كوة صغيرة
العمر الضرير،يضاجع في الخفاء وهج الشمس
الألحان المرتبكة
الأراجيح في الخارج
فخاخ الشهوة العابرة..
الممر الفسيح قد يضيق
و تضيق بنا أحلامنا الكبيرة
و الصغيرة..
نمر من بين أنيابهم كخبر عاجل بالعربية
أو الجزيرة..
كم هي شهية مقابرنا الجماعية
و تقاريرهم اليومية عن أوشحة رحيلنا
كم هو شهي وجعنا
الحديث عن ما فاتنا
و ما قد نودع من خيباتنا..
سيقان الألم تتشابك
خزينا عقارب ساعة
هل كنا سجناء
هل كانت آلامنا راقدة في ملح الغباء
عجيب أمرنا..
ماذا لو أبكر الربيع قليلا
ماذا لو استعجل اللقاء
هل كنا سننام على فوه بنادقهم
نتحلل كحبة أسبرين في حناجرنا
لنرى الفؤوس
المعاول
و السواطير تشتهي نهود نسائنا
و أفخاذنا
و يتجمع الذباب على نزقنا...
الأبواب العتيقة
برار يد الشاي
و غناء الرعاة في الحقول
الم الخطيئة المترهلة..
براعم مهج القلوب
محها
أشجار الزيتون
و القرابين كناية المساحة المختصرة..
ربما..
رائحة الربيع بالشهوة المنمقة
روزنامة الفوضى
صليل المحاريث
أو صليل الكراسي
لست ادري..
المهم عثرت على بيتي
للربيع نكهة
و اشتهاء
أصابع تحرك قادم الأيام
تمحو بطبشورها حلم الليلة الماضية
المشهد الأخير يفتتحه عنترة
يهجو بشعره صيارفة
عمائم
و سماسرة..
تهيجه الشهوة الغامضة
يكتسح حروفه برجولة باهته
أين سيختبئ العث
ماذا سيأكل الجراد
من سيغتال طفل أحلامنا..
الشباب وراءهم
و الربيع أمامهم
ومن الماء إلى الماء
ماء وجوههم
خندق رفاتهم..
زمجر أيتها الريح
و انفخ ما شئت من البالونات
رئتي الوقت
هذا الوقت لنا
ربيعنا باق
و لا مجال لسنة التعاقب
وحده الربيع سيد الفصول
سيدنا
نسوده
يسودنا
بالحكمة
برجاحة عقولنا..
ما أجمل أن نتقاسم حبة القمح
شخب الحليب
و الحلم الجميل..
ما أجمل أن نعيد الجلد للجسد
و للجسد لونه الطبيعي..
ما أثقلك يا زفير
لماذا تكبس على صدري
ألا تقرا الجريدة اليومية
ربما تقرا نبا وفاتي
و لا تضطر لخنقي
سأغريك بقطعة حلوى
هل تقبل
لا أظنك ترفض
طعم الحلوى أكبر من أن ترفض
كيف يمكن لنا أن ننجو
براثن الحلوى شديدة
و قاسية
مخالبها قد تمزقنا
ماذا عسانا نفعل
بين الفعل والفاعل
و المفعول به
تحضر عدة ضمائر..
زوايا الفرجة كثيرة
و كثير من سيتقمص الدور
فلا نعرف من الذكر
ومن الأنثى
قد تفصح الجرأة عن حركة
كلمة
أو حرف
تتبتل الأجساد بجدلية حواسنا
ولا نعرف هل الفكرة محشوة بالتبن
أو القطن..
تراث المتعة الساحرة
طقوس العورة
بهجة جداتنا مفردات حياتنا..
نحن دمى جميلة تحركها الغرائز
بقايا أقمشة ملونة
زخم حنين
شوق إلى دفين ماضينا..
أجسادنا قادمة من أزمة هزائمنا
صرة الخجل المثقل بغباء انتمائنا
و تجسيد أدوارنا..
فرح طفولي قد يستبد بنا ونحن نأكل الحلوى
اللعاب قد يذهب بجفاف حلوقنا
فلا نطلب الماء
و نكتفي بالسراب..
السراب سمة أسلوبية لحياتنا
ننهض في الصباح عطشى
ننتظر أن يلتقي البحر باليابسة
ثم نبيت الليل على ضمإ في انتظار حصول الواقعة..
هل نكتفي بالتراب الرطب
بالورق الندي
بندف الثلج
باشتهاء السراب كي نطفئ الظمأ..
في رحاب الخيال و المخيال
تكتب رواية
تنمق بقصة حب حزينة
مفردات رشيقة
لغة ينمو على تخومها طحلب الأفكار
بنية سردية محكمة لآلامنا
ديمقراطية افتراضية
بها التوازن و الاعتدال
حرية فكر
و صحافة و إبداع
مطر تهطل بالخبز
وورد يفتح أكمامه ببوضة شهية كل صباح..
هل نضحك
أم نبكي على أحلامنا الصغيرة
الهزيلة
الضئيلة..
نرقص على كثب الملح عند طي الكتاب..
ليس سهلا 7إجتلاء المرآة
ولا الانعكاس في الانعكاس..
ملحمة كالكامش في دمي
و صوت تشي جيفارا بحنجرتي يتعاضدان
إعلان
و تصريح ليوتوبيا الملفوظات
و حساسية الحادثة..
قالوا قصيدتك طويلة
شجرية
أغصانها كبيرة
و فارعة
قد يفنى العمر ولا نقف على منتهاها
ماذا افعل
ألمي كبير
و قصيدة الهايكو لا تحتمل وجعي
برغم براعم التكثيف
برغم الاختزال
برغم المناورة في التمظهر
و التخفي
يبقى الجرح أعمق من يقال..
ما حاجتي إلى التقنع و التناص
الربيع كشف كل قناع
كشف الصوت المركب
الخطاب المسطح
و الوجوه التي تردي نعل الأسياد..
أرى نجما وليدا
أنواره الضئيلة تغريني
هل نسير وراءه
أم ننتظر ليلة أخرى
لعل كل النجوم تذهب معنا لاستقبال الربيع
نسير في وعر المسالك
نغزو الممكن
و المستحيل..
الربيع مرجعية نصية لأوهامنا
دلالة تعبيرية لقبحنا
امتصاص
و تكثف لخارطة جرحنا..
جرحنا القادم من سلالة الريح و النار
من منتصف المسافة إلى مهد الطفولة
من خشية النظر بالمرايا
من ترتيب الأفكار و المعاني
التمركز في السياقات القصية
البعيدة..
مجرد علامات سنبقى
مجرد تفاصيل
و للانتروبولوجيا حق التأويل..
حمى النص
عالم المفارقات
التناقضات
التمرغ على عرش المجازات
صفحة ماء تغازل وجه نرسيس...
مسارات كبيرة
رغبة أيروسية في امتلاك العالم
ترميم الحناجر
و ندوب الذاكرة...
من صحراء إلى صحراء
كان جسدي يتصحر
يكشط كل مباح و رخو
و يؤدي صلاة الغائب على شراهة الأفكار
هل تكف شهرزاد عن تصميم ليالينا
و ملء فراغاتنا بحكاياها
اللغة غواية للخرق الاجتماعي
لاحتراف المدنس
و التبجح بالجنس على صفحات الدواوين
بالشعر تتعدد صور النساء
و تتعدد الأسرة والشراشف
يغرقنا الساتان
و الدنتيل
الخمري
و المخملي
الأحمر القان
و القرمزي..
نلهث من وطأة الحروف الشبقية
حروف مهووسة بالسراب
الضياع
العذاب
الرغبة اللجوجة بمضاجعة الكون
اللغة تضحك من سخفنا
صغر عقولنا
ونضحك من نهمنا المتواصل
و ظمئنا المتواصل..
كثيرة هي الأشياء التي تضحكنا
و تضحك منا
من مهالكنا
تضاريسنا
مسالكنا
من انحناءاتنا
ووقوفنا
من تمرغنا في حقول الشوك
الضيم
الألغام
و حملنا لعقول الأنعام..
يا الهي
أين راسي
أراه يضمحل
و يضمر في كليشيهات اللغو
الانغماس في الرداءة
اليومي
و العادي...
ضبابية حرية الرأي
العيش
و التعبير فسحة الطمأنينة
مقصلة السؤال قبل طرحه
إن كنت تريد فنجان كابتشينو
تشتهي فراشا وثيرا
قطعة بيتزا
كاس ويسكي
أو كوكا كوكاكولا
لا تعرف من الأصحاب من يكنى ب:لما
بما
كيف
أين
و متى
متى الربيع يلملم جسد التلاشي
فضائحنا الكبرى
خريف هزائمنا
وتجلس العصافير على شبابيك نومنا..
ما حاجتنا بالفصول
و الربيع بديارنا
يغازل شيبنا و شبابنا
يميط لثام الأوهام عن زماننا..
أشياء عديدة لا تقبل التأويل
الشرح
أو الترجمة
لذلك ننزل إلى أغوار نفوسنا
نستنجد بابن عربي
بالحلاج
بسيغموند فرويد
و غيرهم..
الأفاعي تسيج مشيمة أفكارنا
تلتبس الأمور و تتشابك
نتمرن على جداول الضرب
القسمة
و الطرح
و نفوز في الامتحان
كي يكون حاصل أنا وأنت أنت
أنت في أنا أنت
و أنا إلا أنت أنت
هذيان الغالب و المغلوب
أسطورة إغريقية قديمة
ملحمة ترفض مقاطعة الحكواتي..مضارب القبيلة
تمائمها
قصورها
خلانها
غلمانها
حور العين في الوديان
احتفاء شهي بالخيال..
سأصطاد وجهي بالبندقية
و آتي به في سلة إلى أمي
كي تطبخ عشاء ليلتنا
و تترك الباقي للسحور..
البحر متلاطم الأمواج
الاتجاهات الاستعمارية تتجاذبني
أخاف أن يسقط وجهي مني
يغرق في مائه
يخضع للتدجين
و التهجين
أخاف أن يلبس فرو الكلاب
جلد الخنزير
و ينتفخ كالفقمة من الصفع
و التمسيد..
أخاف أشياء كثيرة
أخافني حين يستبد بي القلق
فلا أجد غير قلمي
ورقي
ووجعي..
فضيلة مسعي-قفصة-تونس