منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 13

العرض المتطور

  1. #1

    بين الإنصاف والعدل...

    بين الإنصاف والعدل...
    هل هناك فرق ما بين الإنصاف والعدل؟
    هل الإنصاف: أن أعرف متطلبات كل ولد من أولادي, وأعطيه حسب ما يحتاجه, أما العدل أن أقسم حناني وعطائي تقسيما عادلا فهل لبيت هنا
    متطلباته؟.
    **********
    مثال:
    أحد الاولاد ينفق امواله بإيجابية وكرم كبير, وآخر يكنزه كنزا أيهما يستحق العطاء؟.
    ما سر عدم إيراد كلمة "إنصاف في القرآن الكريم:
    قال تعالى: "إنّ اللّه يأمر بالعدل والاحسان".
    وقال سبحانه: "وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى".
    وقال عز وجل: "إنّ اللّه يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل".
    مـا الفـــرق بيــــن العـــدل و الأنصــــاف........و لمـاذا ذكر رب العالمين في كتابه العـدل و لم يذكـر الأنصـاف ؟؟؟؟؟؟؟؟
    فهل العدل هوه الانصاف؟
    ورد في إحدى المراجع:
    الفرق بين الانصاف والعدل
    الفرق بين الانصاف والعدل:
    أن الانصاف إعطاء النصف، والعدل يكون في ذلك وفي غيره ألا ترى أن السارق إذا قطع قيل إنه عدل عليه ولا يقال إنه أنصف، وأصل الانصاف أن تعطيه نصف الشيء وتأخذ نصفه من غير زيادة ولا نقصان، وربما قيل أطلب منك النصف كما يقال أطلب منك الانصاف ثم استعمل في غير ذلك مما ذكرناه، ويقال أنصف الشيء إذا بلغ نصف نفسه، ونصف غيره إذا بلغ نصفه.[1]
    حسنا ومنعا من الالتباس لنرجع للمعجم اللغوي:
    نصف (لسان العرب)
    النِّصْفُ: أَحد شقَّي الشيء. ابن سيده: النِّصْفُ والنُّصف، بالضم، والنَّصِيفُ والنَّصْفُ؛ الأَخيرة عن ابن جني: أَحد جزأَي الكمال، وقرأَ زيد بن ثابت: فلها النُّصْف.
    وفي الحديث: الصبر نِصْف الإيمان؛ قال ابن الأَثير: أَراد بالصبر الوَرَع لأَن العبادة قِسمان: نُسُك وورَعٌ، فالنُّسُك ما أَمَرَتْ به الشريعة، والورَعُ ما نَهَت عنه، وإنما يُنْتَهى عنه بالصبر فكان الصبرُ نِصفَ الإيمانِ، والجمع أَنْصاف.
    ونصَفَ الشيءَ يَنْصُفُه نَصْفاً وانتَصَفه وتَنَصَّفَه ونَصَّفه: أَخذ نِصْفَه.[2]
    عدل (لسان العرب)
    العَدْل: ما قام في النفوس أَنه مُسْتقيم، وهو ضِدُّ الجَوْر. عَدَل الحاكِمُ في الحكم يَعْدِلُ عَدْلاً وهو عادِلٌ من قوم عُدُولٍ وعَدْلٍ؛ الأَخيرة اسم للجمع كتَجْرِ وشَرْبٍ، وعَدَل عليه في القضيَّة، فهو عادِلٌ، وبَسَطَ الوالي عَدْلَه ومَعْدِلَته.
    وفي أَسماء الله سبحانه: العَدْل، هو الذي لا يَمِيلُ به الهوى فيَجورَ في الحكم، وهو في الأَصل مصدر سُمِّي به فوُضِعَ مَوْضِعَ العادِلِ، وهو أَبلغ منه لأَنه جُعِلَ المُسَمَّى نفسُه عَدْلاً، وفلان من أَهل المَعْدِلة أَي من أَهل العَدْلِ.
    والعَدْلُ الحُكْم بالحق، يقال: هو يَقْضي بالحق ويَعْدِلُ.
    وهو حَكَمٌ عادِلٌ: ذو مَعْدَلة في حكمه.
    والعَدْلُ من الناس: المَرْضِيُّ قولُه وحُكْمُه.
    وقال الباهلي: رجل عَدْلٌ وعادِلٌ جائز الشهادة.[3]
    فهل يعني ان العدل هو الأصل والإنصاف الفرع؟ لذا لم يرد في القرآن؟
    جاء في هذا الموضوع بانهما متماثلين فهل هما كذلك؟ ورد:
    والعدل له قدره ومنزلته عند الله تعالى ، فأهل العدل والقسط يحبهم ويودهم "وأقسطوا إن الله يحب المقسطين"[الحجرات:9] ، وإذا تحقق العدل والإنصاف بين الناس شاع الأمان ، وانتشرت الطمأنينة بينهم ، فالعدل والإنصاف يوفران الأمن والأمان للضعفاء والفقراء الذين لا ناصر لهم إلا الله ، وتُشعرهم بالعزة والفخر ، وتزيل من نفسوهم الإحساس بالنقص.[4]
    فهل المصطلحان متماثلان؟
    أتساءل.
    ريمه الخاني 30-5-2013


    [1] http://vb1.alwazer.com/t66046.html

    [2] http://www.baheth.info/all.jsp?term=...B5%D8%A7%D9%81


    [3] http://www.baheth.info/all.jsp?term=...B9%D8%AF%D9%84


    [4] http://www.yanabeea.net/details.aspx...822&lasttype=1
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #2
    محاضر في جامعة الشلف الجزائر
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    المشاركات
    419
    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

    السيدة الفاضلة الأديبة ريمة الخاني شكرا على طرح موضوع العدل، فهو أهم موضوع في حياة الإنسان فكرا ونظرا وعلما ودينا واجتماعا....

    -العدل لفظة ترادفها عدة مفردات منها: الحق، الخير، الإنصاف، التساوي، المساواة، الاستحقاق، الاستقامة، والصدق، والسداد، الرشاد، الاستواء، التعادل، الانسجام التطابق، التوازن.....إلخ

    -العدل قيمة خلقية فاضلة يرضاها الضمير الخلقي وتدعو إليها مكارم الأخلاق منذ وجد الإنسان الأول على الأرض...

    -العدل فكرة عقلية ومنطق يقبله والعقل وينسجم مع قواعده ومبادئه الصورية والمادية....

    -العدل صوت طبيعي فطري في الإنسان يعبر عن الطبيعة البشرية الخيّرة الميّالة بالجبلّة نحو ضمان التوازن والانسجام بين عناصر الوجود في الحياة....

    -العدل صفة من صفات الله العلا الله عادل في خلقه وبين مخلوقاته في عالمنا الدنيوي وفي العالم الأخروي...

    -العدل اسم من أسماء الله الحسنى يدل على المطلقية والكمال والشمول في العدل الإلهي...

    -العدل فعل من أفعال الله تعالى المطلق والتام والشامل...

    -العدل أمر ديني بصريح القرآن الكريم والحديث الشريف...

    -العدل واجب احتماعي لبناء المجتمع وضمان الاتوازن فيه بين أفراده....

    -العدل أساس الملك في مستوى محدود أو في متوى واسع....

    -االعدل أساس النصر وشرط الانتصار.....

    -العدل حق طبيعي للإنسان لا يقف في وجهه عائق..

    - العدل ضد الشر وضد الجور والظلم والقمع والقهر والنهب والسلب والمكر والخداع و الكذب وضد كل ما يعارض الفطرة الخيّرة التي خلق الله عليها البشر....

    - الإنصاف من العدل بحيث يُوزّع الغرض مهما كان على مستحقيه بعدل... وكلمة إنصاف تعني عدل في اللغة، فالقول أصف أخاك كن عادلا مع، وجات كلمة إنصاف من تقسيم الغرض بين اثنين على نصفين ليأخذ كل منهما نصفا.....

    -العدل أصناف حسب حسب القائم به وعليه وحسب مجالاته:

    - العدل الإلهي من أفعاله العظيمة وصفاته العلا...

    - العدل الذاتي الفردي من أفعال وصفات الفرد مع نفسه في فكره وسلوكه ونفسه ومشاعره ورغباته....

    - العدل التوزيعي أن يأخذ كل ذي حق حقه....

    -العدل التبادلي تساوي السلعة بالسلعة في المقايضة أو السلعة بنقد....

    -العدل في القصاص تساوي العقوبة مع الجرم......

    -العدل يقوم على مبدأ تكافؤ الفرص، الناس جميعا سواسية في فرص الحياة كالتعليم مثلا والتطبيب والسكن......

    -العدل يقوم على مبدأ الكفاءة في الاستحقاق، بحيث يأكذ كل واحد الحق الذي يتناسب مع كفاءته...

    - العدل أمر إلهي وديني، ومن صفات وأفعال الله تعالى، ونداءالعقل، ورغبة النفس، وقيمة خلقية، وواجب وحق في المجتمع، ومن صفات الطبيعة البشرية، وصوت الفطرة الإنسانية الخيّرة، عليه يتأسس الملك في الفكر وفي العلم وفي التاريخ والحضارة وتقوم الدول وتزدهر، وبدونه تخرب الديار وينهار الملك ولا تستقيم الحياة.....

    http://boudji.extra-blog.net/

  3. #3
    ماعرفته اقتباسا من ردود لك دكتور التالي:




    الإنصاف يرادف العدل في اللغة وهو صورة من صور العدل يقوم على توزيع الغرض نصفين على الفردين أو على أفراد بالتساوي وكل صور العدل الأخرى تقوم على الإنصاف بمعنى العدل
    لان الإنصاف ليس هو العدل الإنصاف ضمن العدل والعدل أوسع بكثير من الإنصاف لغة يرادفه لكن ممارسة يختص الإنصاف بجانب من العدل

    فهل بتنا هكذا اكثر اقترابا من المفهوم الصحيح؟

    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #4
    بقي ان نعرف لكل منهما تعريفا حاسما ليتضح المفهوم بوضوح للجميع
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  5. #5
    محاضر في جامعة الشلف الجزائر
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    المشاركات
    419

    فالإنصاف ليس هو العدل، الإنصاف ضمن العدل، والعدل أوسع بكثير من الإنصاف، لغة يرادفه لكن ممارسة يختص الإنصاف بجانب من العدل، هو صورة من صور العدل التوزيعي على أساس الاشتقاق اللغوي، يقوم على توزيع الغرض نصفين على فردين بحيث يأخذ كل فرد نصفا، أو على أفراد عديدين بالتساوي، وكل صور العدل الأخرى تقوم على الإنصاف بالمعنى العام العدل، فيأخذ الإنصاف معنى العدل في مختلف أشكاله ومجالاته.

    http://boudji.extra-blog.net/

  6. #6
    تماما شكرا لك دكتور هذا ماكنت اود الوصول له وبقيت التعاريف كاملة وحاسمة.
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  7. #7
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  8. #8
    محاضر في جامعة الشلف الجزائر
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    المشاركات
    419
    الدكتور جيلالي بوبكر

    العدل أساس استقامة الحياة

    سنّ الله لحكمته هو سننا لا تتبدل ولا تتخلف، في الإنسان وفي الطبيعة وفي الكون عامة، سنن جعلت الخلق الإلهي غاية في الدقة والضبط والإحكام، وقمة في النظام والروعة، وفي منتهى الكمال الإبداعي الملهم من الكمال الإلهي في الذات والصفات والأفعال. والعدل سنّة كونية جلية في الخلق الإلهي وثابتة فيما بين المخلوقات من روابط غير منتهية منفصلة أو متصلة أو غير ذلك، مما يقع عليه الحس بصرا ويُلم به العقل إدراكا ويحيط به الشعور وعيا ويعيشه القلب ذوقا وبصيرة، ومما لا يقع عليه كل هذا وبان بالبيان الرباني قصصا وحكما ومواعظ، وما دوّنه التاريخ وسجلته الذاكرة الإنسانية على مرّ العصور، كل هذا يجمع على أحقية العدل في كونه حقيقة ثابتة وغاية تندفع إليها النفس الإنسانية بالفطرة، وتنحو الطبيعة في اتجاهها وفق ضرورة وحتمية تنفي كل ما لا يوافقها بل تضرب بقوّة مضاداتها من غير تردد، ويسعى إليها الاجتماع البشري مهما كان شكله ضمانا لتكوينه وبنيته واستمراره على القوّة والمنعة من الضعف والانهيار، والعدل حقيقة ثابتة مقررة في جميع الدساتير السماوية والوضعية، تطلبها الإنسانية أفراد وجماعات منذ بدايتها الأولى إلى الآن، فعلى وجه الحق المطلق من كل قيد أو شرط جاء العدل بالتأكيد المطلق الإلهي والإنساني التاريخي مرعيا بالتأييد المطلق، كونه سنّة وضرورة وحتمية تستقيم عليها الحياة والمجودات في الكون، في مقابل ما يلحق الحياة والموجودات من اختلال وفساد عند تعطيل فعل العدل والسماح لما يناقضه من أفعال لا تنصف الإنسان والتاريخ والكون.

    ارتبطت كلمة عدل نكرة بالجذر الثلاثي الحروف، وهو ع، د، ل. وارتبط بهذا الجذر عدد من الألفاظ كلها تتصل بفكرة الإنسان عن العدل، من منطلق أبعاد الفكر الثلاثة اللّفظ والمعنى والشيء، وأبرز هذه الألفاظ عدالة واعتدال وتعديل وغيرها، وجميعها يقترن بالمطلوب من العدل في توفير الإنصاف والاستقامة، والحصول على كل ما من شأنه لا يذر لغير مضامين ومحتويات الاستقامة والإنصاف مكانا في تصور الإنسان لحياته وللطبيعة ولسائر المخلوقات في هذا الكون الفسيح البديع، فلفظ عدالة مؤنث لا تخرج عن كونها في لغتنا العربية رجاحة وتوازن ومساواة بين أمرين أو أكثر، واتسع مجال استعمال اللفظ ليشمل كل فعل وطبعا من ورائه فاعل، فنقول العدالة الإلهية وعدالة الطبيعة وعدالة الرأي والموقف والعدالة الاجتماعية وغيرها، ويقابل فعل العدالة كل فعل يعارضه، ولفظ اعتدال مقرون بكل حركة في الطبيعة والإنسان والكون تكون على درجة معتبرة من الاستقامة والتسوية والتوازن، ويقابل المعتدل بالتعارض والتناقض الأعوج والأفلج والمختل والفاسد، أما لفظ تعديل ومنه عدّله تعديلا ومعدّلا يعني سوّاه ورجّحه أو أحكمه وضبطه أو غيّره وبدّله وحوّره، فالتعديل يعني التسوية والترجيح والتغيير في اتجاه الاستقامة وتجاوز نقص وخلل ما هو إلى الأفضل في ما يجب لأن يكون. معاني الألفاظ الثلاثة وغيرها مما يرتبط بجذر ع، د، ل في الاشتقاق اللّغوي كلها تتقاطع جميعا وتماما في الدلالة التي يتضمنها حدّ العدل ويستقر عندها.

    لفظة عدل في اللّغة العربية تُطلق على جميع المعاني التي تفيدها الحدود اللّغوية التي تنتمي إلى عائلة جذر ع، د، ل، ومنها الرجاحة والتسوية والمساواة والتوازن والإنصاف والوزن بالقسط وغيرها، كما يدل العدل على عدد من القيّم، مثل الحق والخير والعلم والفكر والعمل والجمال وغيرها، وتتعدد مضامين العدل من خلال الاستعمال الدلالي الذي يتميز بالكثرة والتنوع والتغيّر لكثرة وتنوع وتغيّر سياقات وظروف الاستعمال اللّفظي. فالعدل الإلهي صفة إلهية وخاصية ربانية وفعل الخالق الذي يعني أنّ الله خلق كلّ شيء بقدر وخلق الإنسان وسوّاه وكرّمه أيّما تكريم وفضّله على كثير من مخلوقاته وكلّفه، وأمام هذه المسؤولية المؤسسة على التكليف في ضوء نور العقل وبصيرة القلب وحرية واختيار الإرادة يقوم الجزاء ثوابا أو عقابا ويتحمله صاحبه لا غير في مجال الزمان والمكان الممنوح للإنسان للتحرك فيه بحرية وعلم وبصيرة مع إجازة الخطأ والعودة عنه بمقتضى العدل الإلهي وعفوه ورحمته بعباده، فهو العفو الغفور الرحيم العادل المقسط، وما زيّن لفظة العدل وفعل العدل في النفوس السليمة هو اقترانهما باسم الله وبذاته وصفاته وأفعاله، فما أعظم العدل وأجلّه اقترانا بالعادل المقسط العظيم بربّ العرش العظيم اسما من أسمائه وصفة من صفاته وفعلا من أفعاله.

    والعدل في الطبيعة وفي الكون، الطبيعة الإنسانية والطبيعة الموضوعية الخارجية وسائر عوالم الكون الفسيح يتلمسه الإنسان حسّا وعقلا وبصيرة وذوقا ووجدانا ومن خلال حركة العمل والاجتهاد، ويبرز بجلاء في الحتمية الكونية التي تحرك الكون وتحكمه في سائر مكوناته مهما صغرت أو كبرت قلّت أو كثرت، وفيما تشهده هذه الحتمية الكونية من تناغم وانسجام واتساق في النظام كفاية وتماما وكمالا في دقة وإحكام وضبط الظاهرة الكونية مهما كان نوعها حركة وتكوينا وبنية وأثرا وتأثرا، صورة العدل الطبيعي الكوني تشهدها بنية البشر البيولوجية والنفسية والعقلية والاجتماعية، كما تعرفها سائر الظواهر الكونية جغرافية وفلكية وفيزيائية وبيولوجية وجيولوجية وغيرها، كل شيء في الكون يجري لمستقر له ومحسوب بقدر وبسنن تحفظ وجوده وتوازنه وحركته وتحقق العدل لضمان القوامة الكونية والقوامة الإنسانية جزء منها، لتتحقق المشيئة الإلهية ويتجسد العدل الإلهي في الكون وسننه، وفي كل ما ليس للإنسان يد فيه، ولا يقدر الإنسان أبدا على الإتيان بما يخرج عن سنن الله طوعا أو كرها، اندماجا أو اعتزالا، اجتهادا وتجديدا أو سكونا وتراجعا وانحطاطا.

    ومن العدل التوازن بين المادة والروح في الوجود الإنساني، بين الديني والدنيوي، بين الأخلاقي واللاّأخلاقي، بين المثالي والواقعي، بين طرفي ثنائيات عدّة كل منها تواق هو الإنسان إلى ضمان الإنصاف والاستقامة بين الطرف الأول والطرف الثاني من خلال الاستقرار ضمن نقطة وسطى منصفة ومقسطة، وبغض النظر عن كون الإنسان ينصف في تعاطيه مع الثنائيات أو لا ينصف فإنّه من عدل وإنصاف الطبيعة أنّه مجبول على كونه روحا وجسما، ومادام للجسم حاجاته فالروح لها مطالبها، والقيّم الأخلاقية العليا مطالب الروح الطيبة اللّوامة والمطمئنة، أما ما ساء من الأخلاق وفسد من الآداب فهو مرتع الأنفس الخبيثة والأمارة بالسوء، فأساس التوازن في الحراك البشري بين طرفي كل ثنائية من الثنائيات المتاحة بطرفيها والمطلوب الاجتهاد في ذلك هو العدل باعتباره إنصافا في الوزن واستقامة في القسط. تريح النفوس والضمائر وتستقر عليها العقول وتطلبها القوانين الأخلاقية والدينية.

    فإذا كان العدل حتمية كونية خارج العالم الإنساني فهو ضرورة إنسانية لضمان القوامة والخلافة بواسطة الاعتدال والاستقامة والعدالة في الوجود الإنساني بمختلف جوانبه وفي ارتباط هذه الجوانب بعضها مع بعض، على المستوى العاقل في التوازن الفكري في التصورات والفهوم والمواقف وسائر الاتجاهات في التعاطي مع الأنا ومع الغير ومع الكون ككل، وعلى المستوى الذاتي الشعوري الإرادي وغير الشعوري في التوازن بين اللذات والآلام والعواطف والميول والرغبات وسائر الانفعالات في التفاعل سلبا أو إيجابا مع محتويات الأنا وما يشمله العالم الخارجي والإنسان جزء منه يتبادل معه التأثير والتأثر، أما على المستوى البيولوجي فالحتمية البيولوجية في ارتباطها بالحتميات الطبيعية الأخرى يتحقق العدل بمدى مراعاة الحتمية البيولوجية، وعدم الاكتراث بها مؤداه إلى الاختلال وفساد حياة الإنسان ككل على المستوى العاقل والنفساني والجسماني وغيره.

    فلا تستقيم الحياة الإنسانية في صورتيها الفردية والاجتماعية إلا بالعدل الذي هو أساس الوجود البشري ذاته، وما دام الوجود البشري في جانب منه روحانيا أخلاقيا فالعدل قيمة خلقية في ذاته مطلوب لذاته لا لغيره فهو بهذه الدلالة قيمة خلقية عليا سمحة ليس مرغوبا فيها لإيجابيتها ونفعيتها على حياة الإنسان وعلى الكون ككل وإنما مرغوب فيها لعينعا ولخيريتها في ذاتها، ولما يبلغ التعاطي الإنساني مع القيم الخلقية العليا هذه المرتبة فيضطلع الأنا الأخلاقي بمهام سوق الإرادة إلى تفضيل هذه القيم على غيرها، متحديا تحدّيات اللاأخلاقية بمختلف صورها ومحتوياتها التي كثيرا ما تطغى ويتسع مجالها فيكون فيها الإنسان أقرب إلى الحيوان منه إلى الإنسان ويغيب التفرد البشري وينمحي التفضيل الإلهي له ولم يعد مكرّما.

    يتضح مما سبق أن العدل ضرورة طبيعية على مستوى الطبيعة الخارجية والكون إجمالا، وفي الإنسان على المستوى البيولوجي وعلى المستوى الفكري وعلى المستوى السيكولوجي، هذه الضرورة تفرض التوازن الذي هو شرط استمرار الكون والطبيعة والإنسان أمام الاختلال الذي كثيرا ما يؤثر في الحياة وتأثيره وُجد لضمان التوازن الكوني والطبيعي والإنساني، ففي صراع الأضداد وفي الجدل والتناقض ينتج ما يحرك الكون نحو التوازن والاستقامة وما يدفع الإنسان نحو الاضطلاع بالقوامة والخلافة، فالأزمة تلد الهمة، والموت يذكر بالحياة، والاستبداد يصنع الأحرار، والجهل يدفع إلى رفع التحدي بالعلم والبحث والإبداع، والظلم يُقهر بالتصدي له وعيا وثقافة وسلوكا، أي باتخاذ كل ما يسمح بترسيخ قيم العدل وغرسها في النفوس والبحث عنها في السلوك في مختلف مستوياته، لأن العدل لا يقف عند فردية البشر بل أكثر ما هو مطلوب في الاجتماع الإنساني، فالإنسان حيوان اجتماعي ومدني بطبيعته، ينفر من العزلة وينحى صوب الاجتماع، يرتبط بأخيه الإنسان، يتفاعل معه نفعا وضررا، وتحتاج استقامة هذا التفاعل من الجميع أو من بعضه أو من قليل منه إلى تمثل العدل والعدالة والاعتدال في الفكر والمعتقد والمعاملة وسائر الأخلاق والآداب.

    العدل كما رأينا من قبل قيمة أخلاقية في ذاتها، لكن الخيرية الذاتية في العدل والإيجابية الأخلاقية في الإنصاف ليست دوما منزهة عن البراغماتية الفردية والاجتماعية، فالأخلاق ذاتها ارتبطت بالوجود الاجتماعي، ولولا الاجتماع البشري ما احتاج الإنسان إلى الأخلاقية، وهو ما يعوّل عليه كثيرا الاجتماعيون في مقابل اتجاه النزعة الفردية، فمن العدل إيجابيته الاجتماعية ومن العدل استلهامه اجتماعيا من الفردية وفرديا من الاجتماعية، وهكذا مع أركان الوجود ككل، فمن الوجود الإلهي نحو الأسفل وعالم المخلوقات نزولا ومن الوجود السفلي نحو الأعلى وعالم الكمال صعودا، فالعدل مطلب اجتماعي، قوته في إيجابيته اجتماعيا على مستوى التواصل والحوار والتسامح والتعايش، وعلى مستوى توزيع الثروة، وعلى مستوى التناسب بين ما يؤخذ وما يُعطى أي بين الحق والواجب وفي القصاص بين الجريمة والعقوبة والتساوي في الفرص وبين الكفاية والاستحقاق وفي ما تتطلبه الحياة الاجتماعية من عدل واعتدال وعدالة من شأنه يسوق المجتمع نحو الخلافة والقوامة والاستقامة والإبداع والحضارة والازدهار.

    سجلت الذاكرة الإنسانية ولازالت تسجل بدون توقف عن الكون والطبيعة والوجود الإنساني الفردي والاجتماعي أنّ العدل حقيقة ثابتة وسنّة كونية في اتجاه الاستقامة والإعمار، والحياد عنها هو حياد عن الفطرة والطبيعة، والحياد عن الفطرة والطبيعة هو هدر للوسع وضياع للوقت وكسر للعزيمة وانهزام للإرادة وسقوط في وحل التخلف، وأنّ العدل ضرورة إنسانية لا سبيل للتقليل من شأنها في جو المال أو السلطان أو الجاه أو الغلبة أو غيرها مما ينسي الإنسان حقيقته فيصارع الحق والقدر ويحيد عما فُطر عليه، وأنّ العدل قيمة خلقية عليا ومطلب اجتماعي يؤسس للملك العضود وصفة من صفات الله العلا ومن أسمائه الحسنى. قوله تعالى: "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب".
    http://boudji.extra-blog.net/

  9. #9
    أبحاث راقية وعميقة ولها فائدة جمة , أعانك الله دكتور بوبكر , تحياتي

  10. #10
    محاضر ومسؤول دراسات عليا في جامعة القاضي عياض، المغرب
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,497
    جزاك الله خيرا أستاذة ريمة
    طرح عميق الاستخراج
    ممتد الظلال
    يستدعي لغة الشرع ، ولغة الفطرة ، ولغة العقل ، ولغة الحكمة ، ولغة القانون ، ولغة السياسة ، ولغات أخرى
    تجسد أنماط خطابات شتى لا غنى لنفس المثقف عنها
    وأول تجليات الموضوع التي بدت لي أن
    الإنصاف مقتضى من مقتضيات العدل
    والعدل لازم من لوازم الإنصاف
    على أن تكون لي عودة قريبة إن شاء الله
    أَسْرِي سَقَى شِعْرِي الْعُلا فَتَحَرَّرَا = وَرَقَى بِتَالِيهِ الْمُنَى فَتَجَاسَرَا

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. أمثال العرب والعجم من القرآن
    بواسطة أسامه الحموي في المنتدى فرسان التفاسير
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-31-2019, 03:22 PM
  2. الكينونة والعدم: بحث فى الأنطولوجيا الفنومينولوجية - جان بول سارتر
    بواسطة عبد الرحمن سليمان في المنتدى فرسان الطب النفسي .
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 03-13-2015, 05:36 AM
  3. منهج الانتقاد على الإنصاف
    بواسطة عبد الرزاق أبو عامر في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 07-01-2013, 08:51 AM
  4. - الأمانة والعدل -
    بواسطة أسعد الأطرش في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 05-18-2010, 12:52 AM
  5. مابين الترجي والعدم.... بقلم منى كمال
    بواسطة منى كمال في المنتدى فرسان الخواطر
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 04-06-2008, 04:29 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •