من سيرة الراهب المسكين(برصوم)
ولدّ الراهب برصوم في مدينة ماردين عام 1885م واسمه الحقيقي عبد الكريم بن نصري بن سعيد الملقب ب(دولماية)وعائلة دولماية تنحدر من قبيلة تغلب العربية المنتشرة في منطقة الخابور الأعلى آنذاك.
كان الراهب المسكين برصوم الولد البكر لأبويه,حيث نذر من والدته للدير(دير الزعفران في ماردين)
..حيث نشأ وترعرع هناك وهو ابن السابعة من عمره,درس اللاهوت باللغتين العربية والسريانية بدير الزعفران.
التي توفرت فيه آنذاك كل الإمكانيات التي تتيح التعلم لمن اراد.
نذر نفسه الراهب برصوم للرب, فتابع دراسة الطقس الكنسي وتعلم الأناشيد والتراتيل الدينية وتنسك حينها في صومعته التي لم تكن في ذلك الوقت تتمتع بمواصفات البناء الجيد,فقد كان عبارة عن بناء طيني صغير لها باب واحد,وتبعد عن مركز المدينة ماردين بضعة كيلومترات,حيث تقع بالقرب من كنيسة السيدة العذراء بجانب قلعة مَرَا وهذه كانت مراحل حياته الأولى...
بعدها إنتقل الى سوريا واستقر في مدينة الدرباسية مابين عام1945-1947 حاز حينها بعبادته واحترامه لسكان المنطقة على تقدير الجميع, من عرب وأكراد مسيحيين واسلام,وحظي بمكانة دينية بين هؤلاء بعد أن رأى أهل الدرباسية أفعاله وبدأو يعاملونه كقديس فقرر حينها الاستقرار في الدرباسية وهنا بدأت مرحلة جديدة في حياته.
من أفعاله كان يحب المشي ولا يقبل أن يركب في أي واسطة نقل حينها سيارة كانت أم عربة حصان هذا ما كان يفعله في الصيف وفي الشتاء,قاطعا مسافات طويلة حيث شُوهد في أكثر من مرّة يقطع المسافة الواقعة مابين سيكر فوقاني وسيكر تحتاني مشياَ على الأقدام,فكان يصل الى المكان الذي يريده قبل أن يصل إليها أصحاب السيارات ,وكان ذلك مثار إعجاب من أهالي المنطقة.
كان الراهب برصوم يرفض الجلوس في البيوت التي توجد بها لعب بلاستيكية إعتقاداَ أنها لاتتوافق مع نهجه الديني ومن عادته أن يرتدي اللباس الأسود حاملاَ مظلته صيف شتاء. لم يتناول اللحوم طوال حياته بل كان يكثر من أكل البيض واللبن ولم يكن يتناول الخبز إلا من يد فتاة عذراء..وإن لم يكن في المكان الذي حلّ به أي فتاة عذراء لتصنع له الخبز يقوم هو بنفسه بإعداد الخبز.
ومن الحكايات التي كان الناس يتداولها عنه وهي أنه في أحد المرات في بلدة الدرباسية عندما كان يقيم صلواته والشمعة امام المصلوب مشتعلة سقطت تلك الشمعة بفعل صبية الحي اللذين كانوا يلعبون بجوار منزله فانطفأت الشمعة وعلى الفور انتصبت مباشرة وأضاءت المكان فشاهد الصبية ماحدث وتداولها أهالي البلدة.
كان يصلي في اليوم سبع صلوات والصلاة الرئيسية له (صلاة المساء) ,يصوم في كل اسبوع يومي الأربعاء والجمعة ,يعطي كل مايحصل عليه من مال للفقراء والأطفال .
ترك الراهب برصوم أكثر من أثر أدبي بخط يده منها مؤلف (المستند)كتب بخط جميل وواضح ومؤلف آخر يتضمن تفسير الكتاب المقدس .
عاش الراهب برصوم حياة ملؤها الزهد والإيمان والعبادة, نذر نفسه للرب ولخدمة الناس من كافة الطوائف, فخلد في ذاكرة كل من عرفه أوسمع عنه, حيث لازالت أثار كنائسه التي اقامها في ماردين والدرباسية بجهود شخصية ماثلة لليوم تشهد بأنه أحد رجالات الدين الذين رسخوا ثقافة التآخي بين المسيحيين والمسلمين في وادي الخابور
جلال سفان الطائي