منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: تكسر

العرض المتطور

  1. #1
    أديب وناقد
    تاريخ التسجيل
    Sep 2011
    الدولة
    العراق -بغداد
    المشاركات
    193
    مقالات المدونة
    1

    تكسر

    \
    تكسر......
    قصة قصيرة
    ذكريات عبقت بفكري، أسلمتني إلى عالم مثالي من الأوهام، كيف أستعيد بقايا حب كان يوما يتربع على عرش قلبي، فاستبدلته بكم من الأحزان والآلام ، ملت برأسي المترنحة من تلك الأفكار التي تأبى أن تفارقني وأسكرتني، وأنا الذي لم أعب كأسا من الخمر بحياتي ، لكن خمرة العشق هي التي أسكرتني ، فاطمة العصفور المهاجر، الذي يأتي من الجنوب من ناحية الغراف ذات الجمال السومري الساحر. وذاك النقاء والصفاء الذي جعلها كالآلهة ( عشتار )، يغرق بيم عشقها من لا يجيد العوم.. وأنا أول من رمتني بسهم عين ناعسة خلبت لبي و أطارت لي, عقلي.
    التقيت بها صدفة في بيت أحد معارفي. حفلة عائلية كنت مدعوا إليها ، المدعوون في هرج منشغلون عنا، يضحكون ويتبادلون الطرائف، إلا أنا وهي، فكأننا في عالم آخرلا نسمع لا نرى فيه أحدا سوانا،
    أخذتنا أحلامنا للبعيد.. ثقيلة هي كلمات البداية، لم أستطع أن أثبت في مكاني، راحت الأرض تميد بي (من يمدني بالشجاعة...؟ من يعطيني القوة على أن أثبت على هذه الأرض الرخوة ...؟ والصعود إلى القمة هو امتطاء عنقاء الجرأة...! أي امتحان عسير...؟ فكانت نظرة ثم ابتسامة بدت كأنها ولادة متعسرة، أخلت بكل توازني. وأضرمت نيران لا يمكن احتمال سعيرها، حميا من حمياها أيقظت على طرف لساني كلمة فبدت وكأنها حالة احتضار..
    - ما...اسمك...؟
    - فاطمة،
    طرق سمعي صوتها كأني أسمع قصيدة الأطلال بصوت " رياض السنباطي".. طرت أعانق النجوم، كان الصوت يثير بي رغبة في التحليق الى عنان السماء، في عينيها كلام مخملي، في خطاها الواثقة يكمن سر الجمال،
    سألت نفسي: " أيمكن لهذا الجمال أن يشفق على بائس مثلي ...؟ "
    من لي غير كوكب الشرق تثير شجوني في دنيا الخيال.. ( ويد تمتد نحوي كيد مدت لغريق .. وبريق يظمأ الساري له أين في عينيك ذياك البريق)
    آه يا عمري زيدي وجعي ..
    دعيني أرسم الحب على لوحاتي الجامدة فأبث بها الحياة ..
    دعيني أطوع فرشاتي بألوان وردية محمرة فيها ألق من لون خدك وتلألأ عينيك، أرسم شعرك المتموج انعكاس لأشعة الشمس الذهبية تتكئ على صفحات المياه المتكسرة \، أرسم تلك الرموش على مروج عينيك كحلا تكتحلين به كما تكتحل ضفتي نهر الغراف بالأشجار..
    كنت أقف قرب الباب وقد أرقني ثقل النعاس. طرقت الباب بحياء.. أي عذر أقوله وقد تشابك الكلام في رأسي وارتجت علي حتى البدايات.. كانت أم أحمد تقف خلف الباب متلفعة بعباءتها.. قابلتني بابتسامة.. أذهبت بعض من حيائي سألتها بتردد ( حاتم هنا...؟) مجرد عذر.. يبرر مجيئي هزت رأسها بالنفي.. وقبل أن أرجع قالت:
    - لي خدمة.. أريدك أن تأخذ فاطمة إلى الباب الشرقي..
    أصدق مقالتها ...؟
    لملمت بقايا من شجاعتي وداريت فرحتي بالتحجج، لكنها توسلت فقبلت وأنا أظهر بعض من التمنع،
    خرجت مع القمر، نسير بمحاذاة بعض، تمس يدي يدها دون قصد فتسري بجسدي قشعريرة، ونمضي الطريق هي تستحضر بداخلها الكلام وأنا أبحث عن مدخل للحديث، جلسنا على ضفة النهر. بدأ الكلام يدب دبيبا ، ثم راح سؤال يجر سؤال، وبدأ لحن الحب يعزف سيمفونيته بأوتار قلبينا.. يتماوج الماء بتناغم وشاعرية المكان والزمان، أول مرة أشعر بجماله، فينساب شلال من المشاعر الوجدانية بداخلي ...

    كنا نعيش حالة عشق غارقين بأحلامنا. حتى صار حبنا مدار حديث ولغط بين الأقارب. لم نقل شيئا لكن عيوننا تفضحنا. وصارت رحلتنا اليومية عادة ألفناها، وألفنا شجرة (اليوكالبتوس) في أبي نؤاس التي كنا تظلنا بظلها، تمتد فرحتنا لأيام ثم تسافر. لأعيش حالة من الانتظار القاتلة.. فما عادت أيام إيابها تحسب من عمري.. لكنها بعد كل غياب تعود لتبث بروحي أسباب الحياة,
    أرافقها إلى إحدى العمارات في ( الباب الشرقي).. كل يوم دون أن أعرف سببا لهذه الزيارة المتكررة و لهذه العمارة بالذات ، سمعت كلاما.. وكلام.. وتجاهلته بل أوصدت سمعي عن كل ما قيل أو يقال، حتى دبت إلى نفسي الشكوك. وساورتني ريبة،"لمَ لم تفصح عن سر مجيئها لمَ تتركني نهبا للشكوك ..؟" رحت أسير خلفها لكنها كانت حذرة تضيع بين النسوة تموه عليّ صعودها حتى أفقدها، أطالع الوجوه لعلها تكون واحدة من تلك النساء،" لكن أين ذهبت... لا أعرف ...؟" قد أختفت في شقة ما فليس من تفسير سوى أنها تخون حبي.. ونضجت هذه الفكرة لدي، واستسلمت ليأس قاتل أقض مضجعي، اختفت في ذروة اضطرابي، وحاجتي الماسة لمعرفة أي تفسير، لا أحد يعرف عنها شيئا، أردت أن أبعث لها برسالة تجافي حقيقة ما بي من رغبة... أطلب منها أن نفترق.. فلا أحتمل بعد هذا أي كلام.. من يوصل رسالتي..؟ وأنا الضائع بين متاهات الدروب ...
    الحافلة تنهب الطريق، كم تمنيت أن يزيد من سرعته لأصل إليها. أكثر من أربعمائة كيلومتر ورأسي تدور فيه الأفكار بلا قرار.. "أجيبي بصراحة .. أأنت .....؟" ويختفي السؤال يضيع بين الشك واليقين، لا أعرف أحدا هنا من أسأل وعمن أسأل...؟
    رجعت خالي الوفاض ، أهو ضرب من الجنون غباء أم جنون للجسارة ..؟ راح جسدي يتمايل وحركة السيارة وكأني لا أملك أي سيطرة عليه .. كنت أتقلب في فراشي والساعة قاربت الثانية ليلا.. منذ زمن لم أسلم لإغفاءة طويلة، أخذت حبة (فاليوم) لتساعدني على نوم ولكن دون جدوى،
    طرقات خفيفة، تكاد أن لا تسمع .. أيقظت صمت هذا الليل البهيم أنصت السمع لهذا الصوت الآتي من خلف الجدران.. تقلبت على حر ناري وأنا أتصيد أي كلمة لأسمعها. صوت همس دب الى سمعي يلهج باسمي، مسترخيا بدا كحلم شفيف.. " من .. من القادم بهذا الليل ..؟" البرد يصل حد النخاع، برد قد لا يشعر به أحد غيري
    رأيتها كالقمر، كصحن من مرمر..
    .. فاطمة بدمها ولحمها لم يكن حلما أو هلوسة لأفكار،
    - فاطمة ماذا هل حدث شيء ..؟
    حاولت أن أغلف خوفي وارتباكي بغلظة، وقسوة داريت فيهما ما يعتمر بصدري من شوق وحنين إليها، ودون أن ينبس أي منا بكلام.. فاضت عيوننا بدمع الشوق والوجد. اقتربت مني شممت عطرها، كدت أضمها إلى صدري أغمضت عيناي، وأنا أذوب في بحرعينيها ، لم تعد قدماي بقادرتين على حملي،
    خلت نفسي كمن يطير.. كدت أن أكبو وأنا أقترب منها.. فجأة .. سمعت صوت بدا كطرق،
    هوى شيئ ما على رأسي كصعق، نزعت مني أحلامي وبقايا نشوة.. أطفأت شموعي التي أوقدتها.. برياحها الصفراء، أم أحمد أتت تحمل كل غضبها ورمته بوجهي بصاقا.. سراب لا لم يكن سرابا، شممت عطر ( التي روز ) يفوح منها ذلك العطر الذي أهديته إليها.. رأيتها تدلف في ذلك الزقاق، لحقتها.. أم أحمد تجذبها بقوة تعنفها بالكلام، أصواتهما بين لائم ومبرر. توقفا فجأة، جفلت لتوقفهما.. عينا فاطمة منكسرة، نظرت إلي أم أحمد بشكل مقيت.. وكأنها تريد أن تلتهمني بنظراتها، قالت :
    - انظر يا ابن الناس ليس من شيمة إبن العشيرة أن يغرر بفتاة صغيرة.. فاذهب إن الليل ستار.. وإلا ....؟ وقبل أن أفتح فمي، سدت الباب بوجهي سمعت الفتاة تبكي سمعت صوت المرأة يعلو:
    - أنت أمانة عندنا ولن أسمح لأحد أن يمس هذه الأمانة.
    تسمرت ساعات وأنا أنتظرها عند باب العمارة.. سمعت رجلان يتحادثان عند البوابة :
    -هذه العمارة مشبوهة... تأفف ثم أضاف
    - لم لا توجد عندنا شرطة آداب مثل ما في مصر... و مضيا بعد أن أطلقا عليّ رصاصة أصابتني في مقتل.. فقد تأكدت شكوكي. تبعتها وهي تسير على غير هدى، سرت بحذر ورائها، رأيتها تجلس في ذات المكان الذي كنا نجلس فيه. اقتربت منها داعبت أناملي خصلات شعرها دون شعور، قامت من مكانها، اقتربت مني مسكت بيدي.. رأيت الدموع تنساب من عينيها ، قالت:
    - أنا لا أفيدك ، أبحث لك عن فتاة بلا..
    وضعت يدي على فيها، وندت مني حسرة. كأني أخرجت كل ما في جوفي من هواء
    - أعرف كل شيء.. قلت لها. حينها بهتت وقالت بحزن:
    - تعرف كل شيء يا قلبي .تتعذب عذاباتي . وتكابد ما أكابده دون أن تشر لي ولو بإشارة حتى... يا لقلبك الكبير...؟ وكأني أسلمت نفسي لأمر واقع لابد أن أقبله على ما فيه...
    -لأني أحبك ..
    أغلقت سمعي عن كل ما رأيت وسمعت...
    قالت وهي تهم أن ترمي بجسدها عليّ:
    -أو تريد الزواج مني رغم كل ما بي ...؟
    -نعم ...!قلتها وشفتاي ترتجفان.
    قالت بانكسار:
    -لكن الموت.. قد يفاجئني بأي لحظة...
    قلت بعصبية وكأن ردة فعل أفرزت حالة من الرفض بداخلي
    - عرفت أنك بغي .. وكفى .. وأنا راض بك.
    ثم شردت بنظراتي عنها. أخاف أن تفضحني عيوني التي اغرورقت بالدمع
    كادت عيناها أن تطفر من محاجرها، رمقتني بنظرة قاسية. فأحسست برعب يهز كياني .. قالت وهي ترتجف:
    - بغي ..! قالتها دون أن أفهم منها رفضا أوتأكيدا ، ثم أطرقت رأسها و مضت دون أن تنبس بأي كلام



    البقية ... قريبا

  2. #2
    قصة غاية في الرومانسية والعاطفية سنتابع معك البقية
    تحيتي لك
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3
    أديب
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    العراق
    المشاركات
    2,207
    ردية جميلة منك أخي بطريقة حكائية جميلة

    لنا عودة بعد أن تكمل القصة .

    تقديري لك
    إِلبِس أَخاكَ عَلى عُيوبِه ------ وَاِستُر وَغَطِّ عَلى ذُنوبِه
    وَاِصبِر عَلى ظُلمِ السَفيهِ ------ وَلِلزَمانِ عَلى خُطوبِه
    وَدَعِ الجَوابَ تَفَضُّلاً ------ وَكِلِ الظَلومَ إِلى حَسيبِه
    وَاِعلَم بِأَنَّ الحِلمَ عِن ------ دَ الغَيظِ أَحسَنُ مِن رُكوبِه

المواضيع المتشابهه

  1. مرض تكسر الدم
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى فرسان الطبي العام .
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 04-24-2015, 06:55 PM
  2. غزة قررت أن تكسر حصارها البحري
    بواسطة د. فهمي شراب في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-26-2015, 06:16 AM
  3. مصيبة تكسر الظهر
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 04-15-2014, 03:29 AM
  4. لا تكسر الفانوس
    بواسطة ذيبان في المنتدى فرسان الشعر الشعبي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 01-12-2013, 07:25 AM
  5. تكسر 2
    بواسطة سالم وريوش الحميد في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-08-2011, 07:18 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •