فيصل القاسم : المدارس الأجنبية المصدر : فيصل القاسم /جريدة بلدنا31/08/2009 تنتشر المدارس الأجنبية في العالم العربي كانتشار النار في الهشيم. ورغم ارتفاع أقساطها الدراسية، إلا أنها تحظى بإقبال عز نظيره من العرب، خاصة في الدول العربية ميسورة الحال. في الآن ذاته، يعاني التعليم الحكومي في معظم البلدان العربية من تدهور تلو الآخر، ما يدفع بالكثيرين إلى إرسال أبنائهم وبناتهم إلى مدارس أجنبية.
لكن الطامة الكبرى في هذه المدارس غير العربية، أنها تخرّج أجيالاً عربية منسلخة من ثقافتها وتاريخها وأحياناً لغتها. فبالكاد مثلاً يحصل التلاميذ العرب على ساعتين لتعلم اللغة العربية في الأسبوع، ما يجعل لغتهم العربية ضعيفة للغاية، كما لو كانت لغة أجنبية بالنسبة إليهم.
لا أدري لماذا لا يتم تخصيص عدد أكبر من الساعات أسبوعياً لتدريس اللغة العربية في المدارس الأجنبية، بحيث يتقدم التلاميذ في اللغتين العربية والإنجليزية على حد سواء. فما أجمل أن نجد تلاميذ عرباً يتحدثون الإنجليزية والعربية بطلاقة، بدل معاملة العربية كاليتيمة على مائدة اللئام.
لكن يبدو أن تهميش اللغة العربية في المدارس الأجنبية هو جزء لا يتجزأ من السياسة الغربية التي تريد غسل أدمغة التلاميذ العرب وسلخهم لغوياً وثقافياً عن محيطهم العربي، بحيث يكونون عرباً في المظهر وغربيين في الجوهر
ومما قد يؤكد هذا الاتهام الذي يوجهه الكثيرون إلى المدارس الأجنبية العاملة في بلادنا، أن تلك المدارس تقوم بتدريس التاريخ الغربي للتلاميذ العرب، بينما تتجاهل التاريخين العربي والإسلامي تماماً، علماً بأن التاريخ يعتبر جزءاً مهماً من الشخصية الوطنية للإنسان العربي. وبذلك يتخرج الطلاب وهم مصابون بانفصام من حيث الانتماء، فلا هم عرب مئة في المئة بسبب جهلهم بتاريخهم العربي الإسلامي، ولا هم غربيون بسبب انتمائهم الأصلي للعروبة والإسلام. وبالتالي فنحن بصدد أجيال هجينة من حيث الانتماء.
تصوروا مثلاً أن يتخرج الطلاب العرب في المدارس والكليات الأجنبية العاملة في العالم العربي وهم لا يعرفون شيئاً عن العصور الإسلامية.
لهذا أقترح على وزارت التربية والتعليم في العالم العربي أن تصدر قوانين ملزمة، تفرض على المدارس الأجنبية في بلادنا العربية تدريس مادة التاريخ العربي والإسلامي لسد هذه الثغرة الخطرة في مناهج التعليم التي تدرسها تلك المدارس. ولا أعتقد أن هناك صعوبة في إدراج مادة التاريخ ضمن المناهج الأجنبية. هل يعقل أن يتخرج الطالب العربي وهو يعرف عن ملكات وملوك أوروبا وعن الحرب العالمية الثانية أكثر مما يعرف بكثير عن المعارك الإسلامية التاريخية وأبطالها العظام؟
ألسنا هنا بصدد أجيال منتزعة من تاريخها، خاصة إذا كان ذلك التاريخ مشرّفاً في الكثير من جوانبه؟
ما أسهل مكافحة الاستعمار العسكري، وما أصعب مكافحة الاستعمار الثقافي!