من فاطمة العتيبي إلى فاطمة بنت السراة

[محمود المختار الشنقيطي]

من فاطمة العتيبي إلى فاطمة بنت السراة

كان الذهن منشغلا بالكثير من الأفكار،وليس من بينها الكتابة عن الرواية .. ولكن تغريدة لأختنا الأستاذة فاطمة "بنت السراة" .. نقلتين إلى جو آخر ... تقول التغريدة :
(انتهيت من قراءة روايتين لسعوديتين، تضمنتا السهر مع الخطيب أو الصديق خارج البيت وشرب المُسكر وكأنه أمر طبيعي والعودة فجرا. هل هذا يحدث عندنا؟!)
هذه الأسطر طارت بي إلى سنة 1413هـ،حين كتبت الأستاذة فاطمة العتيبي،تقول :
(كنت أتمنى لو سألت نجيب محفوظ أصدق هذا الذي يكتبه؟ أهو يرسم البيئة المصرية بكل ما عرف عنها من طيبة ونقاء؟
لمَ تبدو مصر عند نجيب بهذا القدر من التفريط الأخلاقي ؟ لم يصدمني أدب محفوظ .. إلا أنني قرأت ما يزيد عن عشرين عملا له دفعة واحدة ،وفي فترات متقاربة،فصدمت من الخواء الأخلاقي فيها ...
ولم ينجح ادوارد الخراط في روايته"ترابها زعفران"إلا في إثارة حنقي عليه ..
ولم يكن الطيب صالح أحسن حالا في روايته "موسم الهجرة إلى الشمال".. علما بأني لا أقيم الصنعة الفنية لأني لست أهلا لذلك ،لكنني أتحدث عن الجانب الأخلاقي في الرواية العربية التي تكتب بأصابع إسلامية ..
وحين فرغت من الحلم ومن الخيبة كان "عابد خزندار"يقول :"إن الرواية لم تجد بيئة مناسبة هنا – في المملكة – ويطالب بإيجادها".
عذرا .. فالرواية بملامحها العربية الخاصة لن تجد مكانا بين أدبائنا وكتابنا ... ستكون لنا روايتنا .. لكنها بمواصفاتنا الخاصة التي نمنحها إياها من نقائنا وفضائلنا وطموحنا .. ){ المجلة العربية / العدد 180 / محرم 1413هـ }.
غمامة .. أو غياية من أسى طغت عليّ وأن أتصور تبخر أحلام الأستاذة "فاطمة العتيبي" – وأحلامنا معها - بأن نصنع رواية تحمل ملامحنا .. إلخ. الذي حصل .. ومع شديد الأسف .. وليس لدى الروائية السعودية فقط .. بل وصل الأمر إلى درجة جعلت الأستاذ سمير عطا الله يقول :
(وظهرت أسماء نسائية غير قادرة على تركيب جملة خالية من أصوات السرير.)
نعود إلى سؤال أختنا الأستاذة"بنت السراة" : "هل هذا يحدث عندنا"؟!،ولا ننسى سؤال الأستاذة "العتيبية"لنجيب محفوظ.
ما المشكلة مع الرواية؟
المشكلة أن الرواية ذات وجهين :
وجه .. قد يصور واقعا .. أو جزءً من واقعِ .. ثم بشكل آلي يتم تعميم الأمر ... حتى يطغى على المجتمع كله .. ولا يخلو مجتمع من خلل أخلاقي .. فكل ابن آدم خطاء .. إلخ.
ووجه .. يسعى فيه الروائي لصنع واقع يحلم برؤيته في مجتمعه .. فيزين ذلك .. من جهة .. ويوحي بوجوده من جهة ثانية .. وحين تكون تلك الأمور التي يدعو .. ويروج لها الروائي .. تدغدغ المشاعر والرغبات .. فستجد آذنا .. منصتة .. في خشوع!
وهنا نتذكر قول الروائية الإيرانية آذر نفيسي .. على لسان بطلتها التي تُدرِّس "الرواية" لطلابها،وطالباتها :
(سألت طلبتي : "ما الذي يمكن أن تحققه الرواية باعتقادكم؟ولماذا على المرء أن يتعب نفسه بقراءة الروايات أصلا؟"(..) وبينتُ لهم أننا في هذا الفصل الدراسي سندرس ونناقش الكثير من الكتاب الذين يختلفون عن بعضهم البعض،لكن الصفة التي يشترك بها جميع هؤلاء الكتاب هي صفة"الزعزعة"أو"التهديم"){ص 160 (أن تقرأ لوليتا في طهران ) / آذر نفيسي / ترجمة : ريم كبة / منشورات الجمل}.
إذا .. فجانب من الرواية يسعى للهدم .. والزعزعة .. ومن وسائل ذلك رسم تلك الصور الشاذة للمجتمع .. أو تضخيمها .. إلخ.

وختاما .. قبل سنوات .. قرأت كتابا للأستاذ صنع الله إبراهيم،عنوانه "التجربة الأنثوية" ... فيها ترجمة لمختارات لبعض الروائيات الأمريكيات .. وكلها تدور .. حول ما أشار إليه الأستاذ سمير عطا الله :"أنين الأسرة" .. وللأسف الشديد .. أن ما تجرأن على كتابته لا يصل في "جرأته" – وجرأة هذه تخفيف لكلمة أخرى! - إلى معشار ما كتبته روائية سعودية في رواية فازت بجائرة ما!!

أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني

[هشام الخاني]

احيي بك غزارة الكتابة والعطاء المستمر.
هشام.