ومن العامية أيضاً ...روائع
قصيدة "أنا الجاسوس"


للشاعر الكبير

عبد الناصر حجازي

............
أنا الجاسوس اللى انتوا بتحاكموه بتهمة إتصاله بالعدوّ
وكل واحد فيكوا حضر" لى القرار والمشنقة
من غير ما تلسع قلبه نارى ،
أو يعيش لحظة فى مرارى ،
أو يحسّ بأزمتى
لو قلتوا قبل ما تتشنق نفسك فى إيه ؟
هاقول : تدوّى صرختى ،
تدّونى فرصة اصرخ واقول لكوا كلمتى
بعدين تحطوا المشنقة ..
فى رقبتى لجل احصل على ( حريتى )
أنا الجاسوس اللى اتصل بعدوّكم ..
لما اكتشفت .. إن انتوا أعدائى الأشدّ ،
انتوا الوحوش المصّة دمى وآكلة قوتى
انتوا اللى بتتاجروا بحياتى ولسه هتتاجرم بموتى
إسمعونى .. يمكن ابقى لحدّ من أحفادكوا درس من الدروس
أنا الجاسوس اللى النظام لعب بأحلامى الإزاز
ومشيت فى وسط الاحصنة مركّب جهاز
ضهرى الخسع .. سّبب لبطنى الضرب من كل اتجاه
نهرى الفقير .. ممنوع يصبّ فى بحركم ،
ممنوع يكون لى زيّكم ضلّة وشجر
بتزرعونى ف لحظة الشهوة الحرام ..
وبتقطفونى فى العطش ،
بتخصخصوا حريتى ..
وبتخطفونى بالقانون
وبتلغوا عقدى مع الحياة بطلب إحاطة
سلّمتوا أحلامى للصوص العولمة ..
وقبضتوا حقى بالدولار
ضحية بين شاشات إباحة .. شيوخ بلاستيك .. كل أشكال القمار
ع الزيرو 900 حقق حلمك الميّت وكرّر لاتصال
وتحوّلوا الحلم لحسابكم فى البنوك
أنا عبدكم ... وانتوا الملوك
أنا الحرس ... وانتوا النيام
أنا القيام ... وانتوا الجلوس
أنا الجاسوس ...
اللى اتعمل لى ألف جنحة وألف محضر ...
يوم ما فكرت انى ابيع فاكهة وخضار ،
وكفرت بالحج اللى عارضاه الحكومة .. للى يكسب فى القمار ،
أنا الفقير المستحى ،
أنا النجيل المستباح
بيتّهمنى المرتشى واللص والقواد ..
عشان ماليش ضوافر أو حشف
احكم بسرعة يا قاضى قبل ما تنكشف زى الرفاق
احكم بسرعة أنا فى اشتياق اروح لقاضى بجدّ عادل
هوّ اللى أعلم بالنفوس
أنا الجاسوس اللى انتوا جوّعتوه لحدّ ما عضّكم
اللى اترمى فى الحجز لحظة ما اللصوص طلعم براءة ،
بعت صوتى ع البطاقة بحق فرخة ..
وانتخبت اللى استباحنى ،
اللى يوم العيد دبحنى ،
واشتكانى لما زاد وجعى وصرخت
وقلتم ان الثّورة أنهت ع الفوارق
الفوارق فى ازدياد ،
وكل خرم فى مصر بيفيّص فساد ،
وفيه طبقتين فى البلاد :
الأولى بتهيّأ حريمها للخديوى ،
والتانية بتشحّت عرابى قلوبها حاف
الأولى بتضاجع عدّوى ..
والتانية بتحّميها بدموع العيال
تلاتين سنة وبقبض تراب ..
فى مصالح المغضوب عليهم
المحرومين من أى ميزة وأى ( كادر )
أما اللى كرشه بيشغى دود ..
اللقمة من إيده بحلل
هو اللى يسرق واتحبس دايما مكانه ،
هو سلطاننا فى زمانه
أما انا ...ع السلّمة الواطية افضل احبى
واشدّ فى هدوم الرغيف
ولو مشيت عكس اتجاهكم ...
يتعمل لى مخالفة وأتّاخد تحرّى ..
واصرخ ما فيكم حدّ فكّر يلتفت
وغصب عنى بتحلمم ،
وغصب عنى ليلاتى يرعبنى الكابوس
أنا الجاسوس اللى انتوا من ستين سنة بتستعبدونى
تضحكم دايما بدونى
بس وقت اللطم بتحنّوا لخدودى ،
بتسرقوا الخطوة اللى رجلى محوّشاها
رجلى اليتيمة الماشية تئزح ع البارود
أما انتوا رجليكم بتضغط من زمان ..
على بقّى والأمر السيادى : اسكت وبوس
أنا الجاسوس ..اللى ان ديدان البلهارسيا تحشّ كبدى ..
ما لقاش فى مستشفى الأميرى ..
غير شريط طباشير ما يسوا التذكرة ،
والطيارات محجوزة للرقاصة تتعالج بأمر من الولي
ساذج وصدّقت الولى..
فى يوم ما قاللى: همنع الدرس الخصوصى ..
لجل تلقى للعيال تمن الرغيف ،
و ف يوم ما قال ان المناصب والمراكز والمجالس ..
من هنا ورايح هتبقى للشريف ،
وف يوم ما قال شجر العدالة هيرمى ضله على الضعيف
وما خدت من مطر الوعود الا البخار ،
واستسلم الكبش الضحية للرحيل
هموت بدلكم وانتوا تحيوا نيابة عنى
مانا عشت عمرى اعرق بدلكم وانتوا تقبضم الفلوس
أنا الجاسوس
حبيت اجرب مرة حق الإختيار
حبيت اجرب وأنتخب مرة بإرادتى ..
فانتخبت عدوكم ..
واختّرت ابيع العمر للّى يدفع أكتر
ادبحونى واشحنوا بدمى الموبايلات اللى جايّة لكم ( كادوه ) ،
أو فوّلوا بدمى الرخيص السيارات آخر موديل
أو اشنقونى واقطعم ديل الخيانة
مع إن كان مفروض عليكوا تبدؤا بقطع الرؤوس
أنا الجاسوس اللى حساباتى كلها طلعت غلط
جيت اختبر حريتى قلت لآمون :
العهد طوّل ..
والرعايا نفسهم يمشوا فى جنازتك
قام حالفلى ما يمشى غير لو ساب وريث .. ياخد عزا كل الرعايا !
فمشيت وراه ساكت ..
ورغم سكاتى سابنى فى الطريق ..
وتهت علما ان انا صاحب الفانوس
أنا الجاسوس .. وكلكم جواسيس
بتتقابلم مع الأعداء فى نص الليل ..
بتتفقوا .. وتتواصلوا ..
وبتتاجروا .. وبتفاصلوا ..
وتتساهلوا ف تمن دمى ،
بتنسوا ( قضية الأسرى )
وتفتكروا اللى من قهره استجار بالريح ..
وحاول يلقى فى الليل العقيم طلق الشموس
...........................
آدى الدفاع عن نفسى وادى التبريرات
حضّرتهم ..عشان اقولهم لو صحيح ..
القهر زوّد أزمتى ،
ولقيتنى مضطر إنى أكون .. فعلا .... جاسوس