بقلم سلام عيدة

مرة في إيلات، تهت في فندق، فدلني يهودي، تحدثنا بالإنجليزية، ثم مرة أخرى أثناء الفطور مع زميلاتي، مر بجانبي أحدهم وقال لي: "صباح الورد"، بالعربية، استغربت حينما التفتت فوجدته ذلك اليهودي، قلت لنفسي يجيد العربية! إذ كانت اللكنة عربية أصيلة، ثم التقينا ثانية في المصعد، فأخبرني همساً أنه مسلم، لكنه اضطر للمجيء إلى إسرائيل هرباً من الجوع والحرب الأهلية. خفت، ولم أصدقه، ظننته جاسوساً يريد جري للحديث أو الإيقاع بي.
وفي مرة أخرى، تواصلت مع آخر في فندق، أعرف اسمه، لكني لن أبوح به، كان من جنوب السودان، بعد حديث طويل بيننا، إذ مكثت في الفندق فترة لا بأس بها، واستراح لي، أراني صور إخوته في ألمانيا، أحدهم يدعى عبدالرحمن! أراني صورة الإفطار الجماعي الذي نظموه، هرب أخوه إلى ألمانيا وجاء هو إلى إسرائيل، ومحتفظ بإسلامه، وينتظر اللحظة المناسبة لينال الجنسية ليلتحق بأخيه في ألمانيا.
أخبرت قريباً لي أثق به وبصدق كلامه، حول تكرار الأمر، فأخبرني أن إفريقياً، مرة تجادل معه بالعربية حول أمور دينية في مصنع إسرائيلي، فسخر قريبي من الإفريقي قائلاً له: هيك بتعرف بديننا منيح، فأخرج له الإفريقي المصحف من جيبه الداخلي، وقال له: أنا مسلم مثلك. دهش قريبي، إذ لماذا جئت بصفة يهودي؟ فقال: عانينا من الموت والجوع والمرض، والدولة الوحيدة التي فتحت لنا أبوابها هي إسرائيل، لكنني وكل عائلتي مسلمون.
برأيي، إن التمييز العنصري الذي يتعرض له الأفارقة، لا يتوقف عند كونهم سود البشرة، ولكن الأمر مرتبط بسبب آخر، تجلى خلال المظاهرات، حينما هتفوا لفلسطين وللشهداء و "الله أكبر".
جلست مع يهود شرقيين، وغربيين، وسمعت منهم سبب كرههم للروس، الروس كذلك عانوا من اضطهاد استمر حتى وصول أفيغدور ليبرمان لمراكز حساسة في الدولة يدافع عن حقوق الروس، حتى صار رئيس حزب يفسد على نتنياهو مستقبله بعرقلة تشكيل حكومة.
كان اليهود يتضجرون من أن الروس مسيحيون في الحقيقة، وهذا أمر لا ينكره أحد، كنت في نيتسانا أرى الروس في المناسبات الدينية المسيحية يحضرون شجرة الكريسماس علانية، ويحتفلون، واليهود يدركون ذلك، وغاضبون من الدولة التي تغض الطرف فقط من أجل زيادة عدد السكان التي يهددها هجرة عكسية ليهود أوروبا، وقلة نسبة المواليد عند غير المتدينين وتصاعد عدد الشواذ في إسرائيل.
الإثيوبيون أو الفلاشا من إثيوبيا والصومال وجنوب السودان، مسلمون، وإسرائيل تدرك ذلك والهتافات في المظاهرات الأخيرة عززت الفكرة.
لكنها تغض الطرف وتردد: عسى أن يخرج من أصلابهم أناس يؤمنون بإله إسرائيل.