مصطفى إنشاصيجميل أن تجد مَنْ يبدي رأي وإن اختلف معك، ويسعدني أن أجد مَنْ يختلف معي والحوار معه ملتزماً أدب الحوار والاختلاف، من أجل التوصل لقاسم مشترك يقرب إن لم يجمع، فنحن بحاجة لحوار بناء هادف نتبادل فيه الآراء لنباء فهم مشترك، أو الحفاظ على علاقة ود واحترام تحفظ وحدتنا في حدها الأدني. لذلك توضيحاً لبعض ما ورد في الحلقة الأولى كانت هذه الحلقة “الإسلام دين جميع الأنبياء والرسل عليهم السلام”، وسأتبعها بحلقات أخرى:
كتابي (العهد القديم) و(العهد الجديد، الأناجيل) محرفة!
اليهودية ديانة وضعية بشرية ولم تَعُد رسالة سماوية!
نماذج لخطأ القراءة العلمانية عدم منهجيتها في القراءة والبحث والتحليل:
اليهود كلهم علمانيين ليس فيهم متدين وعلماني أو ملحد، لا يؤمنون بالقيمة واليوم الآخر!
اليهودية (ديانة قومية، جنسية) وليست دين كبقية الأديان!
عقيدة (المسيا اليهودية، الخلاص المسيحاني) عقيدة سياسية وليست صوفية تأملية!
المذهب البروتستانتي نصراني في ظاهره، توراتي في محتواه وأهدافه!
عقيدة الاسترجاع: تقديم اللاحق على السابق!
الكذب والتضليل: حركة مارتن لوثر حركة دينية تخريبية لا إصلاحية!
وقد نضيف عناوين أخرى بحسب ما يصلني من آراء …
الإسلام دين جميع الأنبياء والرسل عليهم السلام
من ضمن الأخطاء التي وقع فيها علمانيي وطني: أنهم حققوا هدف اليهود والنصارى الذي سعوا له منذ أمد طويل لتحقيق اختراق في العقل المسلم، وكسب الشرعية السماوية حتى تمكنهم من غزو عقول المسلمين بعقائدهم وأخلاقياتهم الهدامة بزعم أنها (اليهودية والنصرانية أديان توحيدية سماوية)، ومن أجل التخفيف من حدة الصورة السوداء القاتمة والبشعة عند المسلمين تجاه الغرب اليهودي – النصراني، التي كونتها لديه تلك الجولات التي لم تنتهِ من الصراع والحروب والاحتلالات والفتن والمذابح والمجازر والنهب والاستعباد والإذلال و… التي مارسه ويمارسه الغرب ضد الإسلام والمسلمين، ابتدعوا ما يسمى (حوار الأديان السماوية) على اعتبار أن اليهودية واالنصرانية مازالتا تحتفظ بأصلهما السماوي، وأنها (ديانات توحيدية) كالإسلام، وأن كُتُبها التي بين أيدينا هي وحي مُنَّزل من عند الله، من أجل اختراق العقل والمجتمع المسلم!
فالهدف من تلك الحوارات هو أن تُكسب تلك الأديان الوضعية صفة السماوية والتوحيدية على الرغم من فقدانها لوحدانيتها وروحانيتها وصفتها السماوية، بعد ما أدخلته عليها يد الإنسان من تحريف وتبديل أبعدها عن أصلها السماوي، وغدت أقرب إلى الوثنية منها إلى التوحيد، وأقرب إلى الأديان الوضعية البشرية منها إلى إلي الأصل السماوي لها. إن الاعتراف باليهودية والنصرانية أنها (ديانات توحيدية وسماوية) على الرغم من وثنيتها، ووضعها على نفس مستوى الدين السماوي الوحيد (الإسلام) يعتبر ذلك اعترافاً من المسلمين بشرعيتها السماوية، في الوقت الذي لا تعترف هي بشرعية الإسلام السماوية، على الرغم من كل الإشارات والنبوءات عن نبي الإسلام وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين التي مازالت موجودة في كتبهم الدينية بعد كل ما جرى عليها من تحريف!
بمعنى آخر: أننا نمنحها الشرعية السماوية في عقول ونفوس أبنائنا لأننا نؤمن بأصولها السماوية بنص القرآن الكريم، في الوقت الذي حرفها أتباعها حتى أخرجوها عن سماويتها وحولوها إلى دين بشري، وفي المقابل لا يحصل الإسلام على نفس الشرعية السماوية عند اليهود والنصارى لأنهم لا يوجد عندهم أي نص يأمرهم بالإيمان بالإسلام أنه دين سماوي توحيدي مُنَّزل من عند الله! ذلك يعني إضفاء شرعية إلهية على الحضارة الغربية المادية اليهودية – النصرانية، التي ارتدت بالكلية إلى أصولها الوثنية الإغريقية والرومانية بعد الانفصال التام الذي حدث في الغرب بين الكنيسة وحياة الناس بعد انتهاء العصور الوسطى الأوروبية.
وإننا نرفض الاعتراف بها (أديان توحيدية سماوية) لأن الله تعالى لم يخبرنا بأنه أنزل أديان سماوية متعددة، ولكنه أخبرنا أنه أنزل دين سماوي توحيدي واحد على جميع الأنبياء والرُسُل عليهم جميعاً الصلاة والسلام، على اختلاف أقوامهم وأزمانهم، هو الإسلام. وأن هذا الدين التوحيدي السماوي والوحيد المُنَّزل من عند الله يقوم على أساسين هما: العقيدة والشريعة.
أما العقيدة فهي واحدة لم تختلف في مضمونها وجوهرها من آدم إلى خاتم الأنبياء والمرسلين محمد عليهم جميعاً الصلاة والسلام، وهي الدعوة إلى وحدانية الله تعالى وتنزيهه عن كل شريك، والإيمان باليوم الآخر والبعث والنشور والحساب والجنة والنار. فكانكل نبي يدعو قومه للإيمان بهذه الأمور. وكان كل منهم مصدقاً لدعوة من سبقه ومبشراً بدعوة من سيأتي بعده، وهكذا تلاحقت بعثتهم إلى مختلف الأقوام والأمم ليؤكد الجميع حقيقة واحدة أمروا بتبليغها وحمل الناس على الإذعان لها، ألا وهى الدينونة لله عز وجل وحده، وهذا ما بينه الله تعالى بقوله في كتابه الكريم: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ }الشورى: 13{.
بل إنه لا يُتصور أن تختلف دعوات الأنبياء الصادقين في شأن العقيدة، لأن أمور العقيدة من نوع الإخبار، والإخبار عن شيء لا يمكن أن يختلف ما بين مخبر وآخر إذا فرضنا الصدق في خبر كل منهما، فمن غير المعقول أن يبعث أحد الأنبياء ليبلغ الناس أن الله ثالث ثلاثة، سبحانه عما يقولون، ثم يبعث من بعده نبي آخر ليبلغهم أن الله واحد لا شريك له ويكون كل منهما صادقاً فيما بلغ عن الله تعالى. هذا عن العقيدة.
أماعن التشريع وهو سنّ الأحكام التي يتوخى منها تنظيم حياة المجتمع والفرد، فقد كان يختلف في الكيف والكم ما بين بعثة نبي وآخر صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وسبب ذلك أن التشريع من نوع الإنشاء لا الإخبار،فلا يرد فيه ما أوردناه على اختلاف العقيدة. ثم من المفروض أن يكون للتطور الزمني ولاختلاف الأمم والأقوام أثر في تطور التشريع واختلافه، بسبب أن أصل فكرة التشريع قائم على أساس ما تقتضيه مصالح العباد في دنياهم وآخرتهم، هذا إلى أن كل بعثة نبي من الأنبياء السابقين كانت خاصة بأمة