تصفيات
د.ريمه الخاني

في 3 نيسان وفي الساعة العاشرة صباحا، من يوم الأربعاء، نويت أخيرا البدء تصفية أعمالي الأدبية، وترك القلم يهذي في الظل، إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.
لقد حان الوقت لقول الحقيقة، للاعتراف أن الحرف نادرا مايأتي بالغاز والكهرباء والنفط ..لقد حان الوقت لأعاند خيالي ومخيلتي، لقد تبين لي متأخرة، أنها مريضة...
فعلا لم أعتقد يوما أنه كان بالإمكان أن أرث من السلالة العائلية شيئا من الأمراض الوراثية العديدة، وبالأخص أخطر وأهم مرض، وهو حب المعرفة وإدمان القراءة مازالت تعتبر قضايا وراثية أدبية، لم أعتقد فعلا أنه بإمكان أحدهم أن يطعمني الأدب في الجينوم، وحدها الكتب كانت لتبرر وجودي الاعتباري والثقافي، بل وجودهم، أن يتركوا لي هذه التركة الأدبية المتعبة، والتي تثير فضولا لايهدأ ولايكل ولايمل، ورغم الآلام الملحقة به، مازلت أقبع في زاويتي المفضلة، أجتر ذاتي.
إن قول الحق الذي يجب ألا يغيب عني الآن، أن جل الكتب التي قرأتها مدينة لي بأنني منحتها صوتا عاليا، ماكانت لتنطق لولا دراساتي وبحثي واستعانتي بمعارفها، لقد تخلصت من سطوة الغبار اللئيم.
عندما رأيت ربا تلك الطالبة النجيبة في مدراس المقاصد في مسجد الراحل رفيق الحريري، والتي رحبت بي والتقطت صورا لي مع الطالبات اللواتي فاجاؤوني بالكم الكبير من الكتب التي قرؤوها لي، رأيتها في برنامج قصة حلم، خطر في بالي أن أنصحها لاتدخلي لجة الأدب، ولاتطبعي كتابا أبدا..ولكن صوتا ما كان يدخل في رأسي ليمنعني، فكيف أمنعها؟.
مضت عشرون سنة من الكتابة التي لم تغير شيئا سوى نظرتي للأدب، وأن له سلالم خلفية، لم استطع التسلق عليها، فكثرة الوضوح تصيب بالعمى، ورغم أن هناك من يطلب نصوصي، إلا أن يقيني أنها لن تطعم خبزا تأخرت حتى قفزت إلى دماغي لتواجهني الدكتورة "زيناء ليلى" مفكرة في طريق التنمية البشرية، بوجهة نظري القديمة التي بقيت عزاء لي قائلة:
-المادية قتلت الأرواح، وصراع الأرواح كذلك مازالت مستمرة لأهل الهمم، هي تحتاج لإدارة ممكنات لإرث قادم، ورغم أن الأرواح هي من تعاني، فالزبد ينتشر على السطح، ولكن سرعان مايذوب غير تارك أثرا يذكر.
هناك أشخاص خلقوا للريادة، وآخرون للقيادة، وآخرون للإرادة، وكل ماخالف الشحص طبيعته ضاع وأضاع.فكوني أنت وانحتي خطك ونهجك. فالزمن كفيل يقرز الحجارة عن اللؤلؤ...
تأملت ماقالته..وتذكرت ماكنت أقوله من ضرورة استمرار الأثر..ولكن سيبقى لايطعم خبزا!!!!.إلا عند الله..فهيا.
16-5-2019
نشرت تاريخ 30-5-2019