الحمد لله حمد الشاكرين ... الذاكرين .. الحمد لله عدد المصلين على خاتم النبيين .. والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ..


العنوان اتكاء على مقولة معروفة "خذها من غير فقيه"


كنتُ أقصد عبارة في ذاكرتي أنها منسوبة لـ"ابن عباس"أو "ابن عمر" رضي الله عنهم.


ذهبتُ إلى "آية الله جوجل" لأتأكد من صاحبها ..


فإذا بمحرك البحث يذهب بي بعيدا .. وينقلني من عالم إلى عالم آخر .. وذلك عبر مقالة بعنوان" خذها من غير فقيه" للدكتور عثمان محمد غريب .. افتتحها بحديث سيدنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ..( نضر الله وجه امرئ سمع مقالتي فحملها،فرب حامل فقه غير فقيه،و رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ..) الحديث .. ثم عقب الدكتور بالقول :


(وقد استنبط الفقهاء من هذا الحديث : أن غير الفقيه قد يُؤخذ منه بعض الفقه،حتى أصبحت عبارة"خذها من غير فقيه"مترددة على ألسنتهم ..) { خذها من غير فقيه / بقلم : د.عثمان محمد غريب : موقع الألوكة : https://www.alukah.net/sharia/0/104100/ }


ثم ساق هذه القصص ... وسأغير ترتيبها فأختم بالقصة الثانية .. فهي التي شرقت بي وغربت .. - وقد وثق الدكتور نقوله - :


(القصة الأولى : صلى سلمان الفارسي وأبو الدرداء رضي الله عنهما في بيت نصرانية،فقال لها أبو الدرداء : هل في بيتك مكان طاهر فنصلي فيه؟" . فقالت : طهرا قلوبكما ثم صليا أين أحببتما،فقال له سلمان : خذها من غير فقيه.


القصة الثانية : عن الأصمعي،قال : سمع أعرابي ابن عباس يقرأ سورة آل عمران"وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها"{آل عمران : 102} فقال الأعرابي : والله ما أنقذهم منها وهو يريد أن يدخلهم فيها،فقال ابن عباس : خذوها من غير فقيه)


القصة الثالثة : روي أن رجلا سأل الحسن البصري رحمه الله : لأي شيء استحب صيام الأيام البيض؟ فلم يدر ما يقول،فقال أعرابي عنده : لأن القمر ينكسف في لياليهن،فيكون الناس عند حدوث الآيات على عبادة،فقال الحسن : خذوها من غير فقيه)


القصة الرابعة : عن عمار بن عطية،عن أبان : "قال خرجنا في جنازة النوار بنت أعين،وكانت تحت الفرزدق،وفيها الحسن البصري،فلما كنّا في الطريق،قال الفرزدق للحسن : يا أبا سعيد،تدري ما يقول الناس؟ قال : وما يقولون؟ قال : يقولون : في هذه الجنازة خير الناس وشر الناس،قال : يقولون : إنك خير الناس،وإني شر الناس،فقال الحسن: لستُ بخير الناس،ولا أنت بشر الناس،فلما انتهينا إلى الجبَّان،تقدم الحسن فصلى عليها،فلما انتهينا إلى القبر، قام الحسن على شفير القبر،فقال : يا أبا فراس : ما أعددت لهذا المضجع؟ قال : شهادة ألا إله إلا الله منذ بضع وسبعين سنة،فقال الحسن : خذها من غير فقيه. ثم تنحى الحسن وجلس واحتبى وأحدق الناس به،فجاء الفرزدق وتخطى الناس حتى وقف بين يدي الحسن،فأنشده شعرا فقال :


أخاف وراء القبر إن لم يعافني ** أشد من القبر التهابا وأضيقا


إذا جاءني يوم القيامة قائد * عنيف وسواق يسوق الفرزدقا


لقد خاب من أولاد آدم من مشى *إلى النار محمر القلادة أزرقا


يُساق إلى دار الجحيم مسربلا * سرابيل قطران لباسا محرقا


إذا شربوا فيها الصديد رايتهم* يذوبون من حر الصديد تمزقا


قال : فلقد رأيت الحسن قد ثنى قميصه على وجهه ينحب ){ خذها من غير فقيه / بقلم : د.عثمان محمد غريب : موقع الألوكة : }


الحقيقة أن "قصة الفرزدق" كادت أن تنسيني سبب كتابة هذه الأسطر !!


نعم. هي مجرد أفكار خطر لي أن أهمس بها في أذن من يستطيع أن يوصلها .. إلى غايتها .. أو هي رُسيّلة إلى بعض الأئمة والخطباء والمؤذنين ..


الهمسة الأولى : تتعلق بما لاحظته من تسرع بعد المؤذنين – هدانا الله وإياهم – في الأذان للمغرب قبل الوقت – في رمضان وغيره - وحين أقول "قبل الوقت"فأتحدث عن"المدينة المنورة" – وتشاركها مكة المكرمة في ذلك – حيث يوجد ما يمكن أن نسميه"مرجع"أعني الحرم والذي لاشك أن ساعته أكثر دقة ..


وقد بحثت قبل أن أكتب هذه الهمسة .. فوجدت كثيرا من الكلام .. استمعتُ إلى فتوى للشيخ "ابن عثيمين" – رحم الله والديّ ورحمه – ردا على سؤال حول من أفطر على سماع الأذان ثم تبين أن الشمس لم تغرب .. وكانت الفتوى .. لاشيء عليه .. إن كان لا يرى الشمس .. وإن كان يراها .. فلا شيء عليه أيضا لأنه يظن أن المعتبر هو الأذان لا الغروب .. فيُعذر لجهله!! وكأن المذيع تعجب !! فقرا الشيخ "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" .. ولكن على الصائم أن يتوقف عن الأكل إن رأى الشمس .. ويلفظ حتى اللقمة التي في فمه ..


وشيخ آخر دعا المؤذنين إلى التأخر دقيقة أو دقيقتين .. للتأكد من دخول الوقت .. وآخر قال إن المؤذنين يؤخرون الأذان دقيقة أو دقيقتين .. احتياطا ..


حاصل القول أن الأحوط .. خصوصا في المكتين .. أن يتم التأسي بالحرمين .. كمرجعية .. فلا يفسد المؤذن على الناس صيامهم .. بعد أن أمسكوا عن الطعام والشراب .. أكثر من أربعة عشرة ساعة ..


الهمسة الثانية : في الحديث الشريف ما معناه أن من قام مع الإمام حتى ينصرف .. كتب له قيام ليلة .. أو كما قال صلى الله عليه وسلم.


أكثر من مرة أرى من ينصرف قبل انصراف الإمام بوقت قصير .. قد لا يتجاوز "ركعتي الشفع والوتر" .. والدعاء ..وهذا زمن يسير ..


فلعل الأمر يحتاج إلى تفقيه الناس .. أو تذكيرهم .. وحتى من طرأت له حاجة .. فينبه إلى أنه لو جاء بنية الصلاة مع الإمام حتى ينصرف .. فإن الله – سبحانه وتعالى – كريم .. بل أكرم الأكرمين .. أقول لعل الله تعلى يكتب له أجر قيام ليلة .. إن صرفته ضرورة .


الهمسة الثالثة : وهي أخت سابقتها .. لكنها تتعلق بمن صلى الفجر في جماعة ... ثم جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس .. ثم صلى ركعتين .. "كانت له كأجر حجة أو عمرة تامتين" أو كم قال صلى الله عليه وسلم .. وفي موقع الشيخ"ابن باز" – رحم الله والديّ ورحمه – أن الحديث يرقى لدرجة الحسن ..


هنا أيضا كنت أرى من ينصرف قبل "الإشراق" بنصف ساعة .. أو أكثر أو أقبل .. ولكن قبل أيام رأيت شخصا انصرف .. وحين نظرت إلى الساعة .. وجدت أن "الإشراق"لم يبق دونه إلا ثلاث دقائق فقط .. والأمر تقديريٌ أصلا!!


وهذا أمر مؤسف .. أن يضيع الإنسان على نفسه هذا الأجر العظيم .. خصوصا ..


خصوصا .. أن كثيرين منا لا يصلون الفجر في جماعة – في غير رمضان – فضلا عن الجلوس حتى تشرق الشمس .. وعليه فإن استيقاظ الناس في رمضان من أجل السحور .. يكون فرصة بل "غنيمة" .. يفترض أن تستغل .. وبنفس الإشارة في الهمسة السابقة .. إلى كرم الله سبحانه وتعالى .. لو افترضنا جدلا .. أن إنسانا صلى الفجر وجلس حتى صلى الركعتين المشار إليهما .. فعل ذلك يومي الجمعة والسبت . . ثم لم يفعل يوم الأحد بسبب ارتباطه بالعمل .. لا تصرفه إلا ضرورة العمل .. فإن الله تعالى كريم .. بل أكرم الأكرمين .. وغني عن القول أن"هاوي قراءة"مثلي لا يُفتي .. بل يسأل.


والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.