حَما بِصَدْرِكَ وَجْدٌ لَيْسَ يَبتردُ
وَ باحَ سِرَّكَ دمع منكَ يَطّرِدُ

وَ حلّ لحظك سهدٌ لا انْتِهاءَ لَهُ
وَ زادَ بَرْحَكَ حظٌّ مالَ يَبْتَعِدُ

هَذا هَديلُ فِراقٍ ناح مُشْتَكِياً
بَرْدَ الغِيابِ و بُعْداً يَشتَهيه غَدُ

نَقْراً عَلى دفّة الإحساسِ حَلَّ أسىً
كَيْفَ السَّبيلُ لِمَنْ يُصْغي و يَتّقِدُ

هبَّ اشتياقي و عاد القلبَ يسأله
عن حسرةٍ خلّفت في الحزْنِ ما أجِدُ

و قال يُخْبِرهُ: هاجتْ عيون النوى
و لا عزاء لنا في العمر يُلتَحَدُ

يا راحلا تشْعَلُ الوجدانَ فُرْقَتُه
قضيتَ للقلب جُرْحاً نَزْفُهُ أبَدُ

جعلت للسهد و الأحزان بي وطنا
بكل ما في الأسى من لوعة يَعِدُ

أحْبابَ قَلْبِيَ لِلأَيّامِ دائِرَةٌ
تطوي بنهب و سلبٍ كلما تجِدُ

أنتم غنائمُها تلك التي نهبَتْ
غصْباً فما ينجلي من بعدكم كَمَدُ

لهْفي على الأنس منكم يا ندى عُمُري
ما ذاق من مثله مُسْتأنِساً أحَدُ

هَلْ نستعيدُ أمانينا التي ذَهَبَتْ
أمْ تَنْتهي أمَلاً قد لا تطولُ يَدُ

زَمان وَصْلٍ روى الإحساسَ مِنْ دَعَةٍ
كَأنَّهُ في ندى أيامِهِ رَغَدُ

مَضى كطرفة لحظٍ تارِكاً أثَراً
مِنْ داعيات الهوى يفنى بِهِ كَبِدُ

حَديثُ سِرّي وَ جَهْري وَ انْتِظارُ غَدي
هَلْ يُسْعِفُ الرّوحَ مِنْ إمْدادِهِ مَدَدُ

ذِكْرى تُهَيِّجُ بي ما أشعَلَتْ حُرَقي
هَذا وَ ما يَنْتَهي مِنْ ذِكْرِها خَلَدُ

بقلم/عبد الحق بنسالم