البرمجة اللغوية كما فهمتها

حقيقة قرأت كثيرا من كتب البرمجة اللغوية العصبية،[1] على أمل ام أنتصر على إيجابيتي الزائفة أن سلبيتي المحبطة، وخلال قراءاتي ، تبين أن الهدف أولا وأخيرا، هو برمجة العقل الباطن، على أسلوب معين لتكريس النجاح، بينما الأمر كله مرتبط بالتجربة الإنسانية الخاصة، فكل حالة إنسانية حالة قائمة بذاتها، لاتقاس على غيرها، ويمكن اعتبار هكذا كتب، من باب الاستئناس لاغير، وذلك لأنك لو آمنت بها وقرأت الكثير منها، وحاولت التطبيق ستخرج بنتيجة عملية مفادها:
-ساعدني من خلال واقعي وتفاصيله، لامن خلال واقعك أنت ايها الكاتب والمدرب المبجل.
فالحالات الإنسانية لاتعد ولاتحصى ن مرتبطة بجذورها وواقعها، وحتى الطمانينة العبادية لاتكفي إن لم تعنك على واقعك وتخرجك من نفقك المظلم، هنا نقف عند محورين اثنين لاثالث لهما:
-العمل الحثيث للخروج من القيود النفسية التي تحيط بك عمليا وليس ففكريا فقط.
-حسن الرجاء والتوكل على الرب، من خلال القيام بالفروض والواجبات العملية المرتبطة بها.
فالاول يعني اتخاذ السبل الكفيلة بحل المشكلات، عمليا لا برمجيا فقط، وهنا لاكتاب يمكنه إخراجك مما أنت فيه، فخطواته عامة جدا، ولاأحد يعطيك سر نجاحه أبدا، إنما يعطيك النتيحة وماتوصل إليه أخيرا، أما الثانية، فهي شيئا من الإرجاء والتسليم، بأنك قمت لما يجب القيام به. ولايعني هذا التوقف عن المحاولة بحال.
العقل الباطن لايفقه ولايعي[2]، هو مخزن معرفي وسلوكي، يخرج كلما ارتبط امر ما فيه وفكر ما وحاجة ما.ويفند د.علي الوردي العقل الباطن قائلا:
هو حيز ذهني يجتمع فيه نوعان من الحوافز: فهو مباءة العقد النفسية والرغبات المكبوتة من ناحية وموئل الإحساس الخارق من الناحية الأخرى.وإن لم يكن عند صاحب المشكلة نية صادقة في التغييرن فأي محاولة سوف تبوء بالفشل، إلا لوكانت حصارا وقسرا وضغطا، بطريقة ماكرة.[3]
********************
من خلال هذه الفكرة المقتبسة من الدكتور هيثم طلعت، ولعلني أميل إلى ماقدمه، من خلال فشل الأفكار التثي قرأتها في توجيه اطفالي، فكان الزمن كفيل بإكمال مابدأته عمليا:
البرمجة اللغوية العصبية هي تطبيق تهدف تقنياته لإعادة صياغة بعض التصورات الجديدة في ذهن الإنسان.ومع انتشار دورات البرمجة العصبية في الغرب تم عمل دراسات علمية على حقيقة هذا التطبيق، وخلصت هذه الدراسات إلى أن البرمجة اللغوية العصبية لا تعتمد على أي أساس علمي.
وبناءً عليه تم تصنيف البرمجة اللغوية العصبية كواحدة من العلوم الزائفة.ونظرًا للدعاوى الكبيرة التي كانت تطلقها البرمجة اللغوية العصبية فقد قام معهد بحوث الجيش الأمريكي The US Army Research Institute بتمويل أبحاث عام 1987م لدراسة قدرات برامج برمجة العقل الباطن لما في ذلك من كبير فائدة على الجيش إذا ثبتت صحته، وانتهت الدراسة بتقديم الفريق العلمي لثلاثة تقارير.
تقرير عام 1988: Enhancing Human Performance: Issues, Theories, and Techniques
تقرير عام 1991: Enhancing Human Performance: In The Mind‘s Eye
تقرير عام 1994: Enhancing Human Performance: Learning, Remembering, and Believing
وكانت المفاجأة:
اللجنة وجدت أنه ليست هناك أية شواهد علمية لدعم الادعاء بأنه يمكن برمجة العقل الباطن، أو برمجة اللاوعي، فليس لهذا أي سند علمي في تصحيح الأفكار.
The committee finds no scientific evidence to support the claim that NLP is an effective strategy for exerting influence.
وبعد ثلاثة أعوام يشيد التقرير الثاني بنتائج التقرير الأول، وأوصى بإيقاف هذه البرامج، واكتفى التقرير الثالث بنفس النتائج.
((( نقلا عن كتاب: البرمجة اللغوية العصبية “الأصول – المضامين – المخرجات”، د. فوز كردي.)))والعجيب أنه على الرغم من هذه الدراسات ما زالت دورات البرمجة اللغوية العصبية تُعقد في بلادنا.وأصل فكرة البرمجة اللغوية العصبية تقوم على تصورات معينة عن طريقة عمل الدماغ، هذه التصورات عفا عليها الزمن وأصبحت من الخرافات العلمية، من هذه التصورات أن هناك علاقة بين العمليات العصبية واللغة وأنماط السلوك، وقد ثبت منذ زمن أن أنماط السلوك لا تحدد وفق هذه التصورات البدائية، لكن دعاة البرمجة العصبية أعادوا هذه التصورات البدائية من المتاحف وبدئوا في استخدام تطبيقات البرمجة اللغوية العصبية بناءً على هذه التصورات.
وبعد 35 عاما من الدراسات المتخصصة في البرمجة اللغوية العصبية خرج توماز فيتكوفسكي Tomasz Witkowski بورقة بحثية مطولة أثبت فيها أن البرمجة اللغوية العصبية ليست أكثر من علم زائف مُلفق، ينبغي أن يُنسى للأبد!،المشكلة أن أغلب مرتادي دورات البرمجة اللغوية العصبية هم من أصحاب الشخصية المشوشة Intensely Disturbed Persons والأفكار الانعزالية والمكتئبة الذين ينخدعون بالإطلاقات الدعائية للبرمجة اللغوية العصبية، لكن دائما كانت النتيجة هي بيع الوهم!. [4]
****************
نستحلص مما سبق، أن كل مانقرأه ونتابع من تحليلات، مرتبطة بأشخاص عاينوا وقدموا لنا تجربتهم، وهذا لايعني أن تجربتنا تشبه ما خاضوه هم حصرا، قد نفيد من بعضها، ولكن بقليل من مواجهة للنفس بعزيمة صادقة، بالإضافة للحاجة الماسة لمصادقة من ينهضنا حاله، ويدفعنا ولو بتشجيع بسيط ورؤيا من يرانا من بعد ومحاولة للمساعدة ، تدفع بطريقة ما للنجاح، فالإنسان اجتماعي بطبعه، ولايمكن أن ينهض وحده أبدا، فهو سيتكئ على بعض عكازات بسيطة تعطيه دفعا وتشجيعا ومؤازرة حقيقى، اختر في كل مرحلة من حياتك صديقا او رفيقا، تستلهم منه أمرا ما اعقد العزم على المضي إلى هدفك بعناد،لاتتهور بل ضع اسوأ احتمال قد تتعرض له، وبناء عليه ضع خططك المرحلية، غيرها حال وصولك لطريق مسدود،[5] فالبدائل موجودة دوما، لمن يراها بإرادة وعزم، وانطلق على بركة الله.
15-4-2019



[1] https://www.goodreads.com/challenges...ding-challenge آخر زيارة للرابط 15-4-2019


[2] انظر إلى كتاب د. علي الوردي، خوارق اللاشعور.ص 166

[3] هذا مرتبط بعمليات غسيل المخ، وهو أمر مختلف تماما.

[4] نقلا عن الرابط:
https://shobhhm.com/%D8%AE%D8%B1%D8%...%8A%D8%A9-nlp/
آخر زيارة للرابط كانت 15-4-2019

[5] ، أذكر أن والدي عقد عزمه على نشر ماكتبه من كتب أدبية كثيرة، وعندما تيقن أن اول مظلوم في كتابة الكتب صحاب القلم، تحول لعالم المال والأعمال بماله القليل الذي خرج منه من عالم العمل عندما كانت الليرة السورية تعني لنا الكثير، ونجح كما توقع.


الخميس 26-4-2019