بعد مئة عام من الآن (2118 م)
سنكون جميعاً مع أقاربنا وأصدقائنا تحت الأرض، وسيكون مصيرنا الأبدي قد أصبح واضحاً جلياً أمام أعيننا، وسيسكن بيوتنا أناس غرباء، وسيؤدي أعمالنا ويمتلك أملاكنا أشخاص آخرون، لن يتذكروا شيئاً عنا، فمن فينا يخطر أبو جده على باله؟
سنكون مجرد سطر في ذاكرة بعض الناس، أسماؤنا وأشكالنا سيطويها النسيان.
فلماذا نطيل التفكير بنظرة الناس إلينا، و بمستقبل أملاكنا وبيوتنا وأهلنا، كل هذا ليس له جدوى أو نفع بعد مئة عام.
إن وجودنا ليس سوى ومضةٍ في عمر الكون، ستطوى وتنقضي في طرفة عين، وسيأتي بعدنا عشرات الأجيال، كل جيل يودع الدنيا على عجل ويسلم الراية للجيل التالي قبل أن يحقق ربع أحلامه، فلنعرف إذاً حجمنا الحقيقي في هذه الدنيا، وزمننا الحقيقي في هذا الكون، فهو أصغر مما نتصور.
هناك بعد مئة عام وسط الظلام والسكون سندرك كم كانت الدنيا تافهة، وكم كانت أحلامنا بالاستزادة منها سخيفة، وسنتمنى لو أمضينا أعمارنا كلها في عزائم الأمور وجمع الحسنات وخاصة الصدقات الجاريات، وسيطلق بعضنا صرخات استغاثة لا طائل منها كما في قوله تعالى: (… قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ)، وقوله تعالى: (وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ)
وقوله تعالى: (يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي)
طالما لا زال في العمر بقية، فلنعتبر ونغيّر