حصل في دمشق في اليومين الماضيين ما أراه منطقيّاً وعلميّاً وسياسيّاً وثقافيّاً هو أهمّ من جنيف وأستنا وسوتشي ...


وما هو أهمّ من قرارات مجلس الأمن غير ذات صلة ...


بل ما هو أهمّ من الأمم المتّحدة ومجلس أمنها المتهالك الدجّال ...


وبكل تأكيد أهمّ من جامعة الدّول العربيّة المحتلّة ومن منظّمة التعاون الإسلامي وهيئات كبار العلماء وصغارهم ...


حصلت في أسواق دمشق ...


أصحاب المحلّات وبائعو العربات (نسمّيهم في الشّام المتعيّشة) ...


وأغلب هؤلاء الباعة والمتعيّشة ممّن تجوز عليهم الصّدقة ...


زيّنوا محلّاتهم بأرخص وأجمل الزّينات ...


ووضعوا أطباقاً من الملبّس وما قدروا عليه من زبادي الحليب بالقمح أو بالحبوب ...


وكلّ ما كان لونه أبيض ...


يصرّون على كلّ المارّة أن يتناول ما استطاع (على حبّ النبي) وتلفظ في الشّام على حَبّ النبي ... يعني من يحبّ النبي فليأكل وليصلّي على النبي ...


لا يسألون عن مذهب ودين وعرق من يضيّفون ...


بل يضيّفون على حبّ النبيّ ...


لقد زارنا النبي ... لقد زار الشّام النّبي ...


رأيته في كلّ وردة بيضاء وزعتها شابّة من شابّات الشّام ...


وشممت رائحة مسكه (صلّى الله عليه وسلّم) في كلّ حبّة ملبّس من ملبّس المولد ... الّتي لا تتذوقها إلّا في الشّام ...


وما أغمضت عيناي ألّا على رجاء رؤية وجهه الكريم ...


لكنّني أحسست به في كلّ زاويةٍ من زوايا الشّام ...


والآن تستعدّ الشّام لزبارة المسيح عيسى ابن الطّاهرة مريم ...


فليسكت المفتون وأصحاب العقل الرّشيد وتصريحات غراب البين من مثقّفين ومتعلّمين ...


وليعلموا أن هؤلاء البسطاء، بدون قرارات من وزير التّموين ووزير السّياحة والمحافظة ...


وبدون فتاوى المفتين ولا نصائح المثقّفين في أبراجهم العاجيّة ...


أحسّوا في نفس اللحظة من دون قرار أو تنسيق أو تدبير ...


أحسّوا بريح النّبي وبابتسامته ولطفه ورحمته وخصاله ...


فتدافعوا لينشروا عبقه ...


أليس هو من قال: إذا فسد أهل الشّام فلا خير فيكم ...


اتركوها لفقرائها وبسطائها ... ففيهم ما يعلّمنا أفضل علم ويربّينا أفضل تربية ...


وبهؤلاء وحدهم ستزدهر الشّام ..


لقد زارنا النّبي ... لقد زارنا محمّد ...


بكلّ الحبّ الّذي أحسسته بزيارة النبيّ أقول:


تزول الدّنيا قبل أن تزول الشّام ...