كان سيدنا ﷺ يحب السرور والحبور والسعادة، وجعل الفرح جزءٌ لا يتجزأ من شخصية المسلم ونفسيته وعقليته ،بخلاف أولئك الذين ظنوا أن الكآبة هي جزءٌ من الإسلام، والإسلام برئٌ من هذا.

علمنا سيدنا رسول الله ﷺ وعلم الناس والبشرية جمعاء كيف تكون مسرورًا فرحًا بنعمة الله سبحانه وتعالى {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا} ، السرور والفرح جزءٌ لا يتجزأ من حياة المسلم، نرى رسول الله ﷺ في هذا السرور وهذا الفرح يحب الطيب، والرائحة الطيبة، ويحب الريحان، وتقول السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها: «كنت أطيّب رسول الله ﷺ حتى أرى وميص الطيب في جسده» أي لمعة الطيب في جسده الشريف ﷺ ، كان يحب أن يفرح، وأن يضحك، وكان يحب أن يُدخل السرور والفرح على الآخرين من الأطفال إلى الشباب إلى الكبار إلى النساء إلى الرجال، كان سيدنا النبي ﷺ يحب من الإنسان أن يكون مسرورا سعيدا، راضيًا عن ربه فيرضى الله سبحانه وتعالى عليه بهذا الفرح، فرحٌ لا يُفسد في الأرض فإن الله سبحانه وتعالى لا يُحب الفرحين بمعنى المفسدين في الأرض، ولكن الله سبحانه وتعالى يحب الزينة، ويحب السرور والسعادة.

كان رسول الله ﷺ له شخصٌ كما أخرجه البخاري يُسمى بعبد الله يجلس مع النبي ﷺ ، ويُدخل على قلبه السرور، ويحكي له من الحكايا ما يضحك به رسول الله ﷺ ، أتوا به مرةً وقد شرب الخمر، والخمر حرام وبإزائها عقوبة، فأقام عليه العقوبة، وفي المرة الثانية أتوا به أيضًا وقد شرب خمرًا، وفي المرة الثالثة قال عمر: «ما بال هذا المنافق يا رسول الله»، قال ﷺ: «والله لا أعلم إلا أنه يحب الله ورسوله» ، هذا الرجل غلبته نفسه ووقع في المعصية إلا أنه كان يحب الله ورسوله، وكان يُدخل السرور على سيدنا ﷺ ، ونهى الصحابة الكرام أن يصفوا هذا الرجل بتلك الصفة، حيث إنه يحب الله ورسوله.

وكان عنده رجلٌ يقال له نُعيمان من صحابته الكرام، كان يذهب إلى البقّال يأخذ منه طعامًا، ويقول له هذا لرسول الله ﷺ ، فيظن الرجل أن رسول الله ﷺ قد أرسله من أجل هذا الطعام، فيأتي بالطعام ويضعه بين يدي النبي ويقول: هذا من فلان، فيظن النبي وأصحابه أنه هدية أرسلها لهم فلان، وبعد قليل يأتي الرجل يطالب بثمن الطعام، وينظر النبي إلى نعيمان وهو يضحك خلف سارية المسجد فلا يؤنبه، ولا يلومه، ويدفع للرجل ثمن الطعام وهو يضحك هو وأصحابه ونعيمان.

كان ﷺ يحب السرور والحبور، وكان يضع الحسن أو الحسين أو أبناء عمه العباس -وهم صغار- على قدميه الشريفتين، ويهدهدهم، ويغني لهم بلغةٍ قديمة قد لا نفهمها الآن، ويقول لهم ما معناه: «أيها الطفل الجميل الذي يشبه الكائنات الدقيقة لرب العالمين» «حزقّةٌ حزقّة ارق عين بقة» كلامٌ قديمٌ عربي معناه هذا «أيها الطفل الصغير الجميل المدلل الذي ينبغي عليه أن يصعد على صدر جده»، وكان يمسك الحسن والحسين فيرقى أحدهما برجليه إلى أن يصل إلى كتفي النبي المصطفى ﷺ ؛ أشبعهم حنانا وسرورا، وكان يُطيل السجود إذا جاء الحسن أو حسين يركب ظهر النبي المصطفى ﷺ.

وكان النبي ﷺ يخرج فيجد أقوامًا من الشباب يتسابقون في فرقتين فيقول: «ارموا فإن أباكم كان راميا»، أباهم إسماعيل بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام، «ارم فإن أباكم كان راميا، وإني مع بني فلان» -فيمتنع الفريق الآخر كيف ينافسون رسول الله ﷺ- فقال: «ما بالكم؟» قالوا: لا نستطيع أن ننافسك يا رسول الله، قال: «ارموا وأنا معكم جميعا».
يُدخل السرور والحبور على عبد الله، وعبيد الله، وعلى كثيرٍ من بني العباس، ويقف لهم في نهاية الطريق ويقول: «تسابقوا ومن وصل إليّ فله جائزة» يتسابقون حتى يركبوا صدر وبطن رسول الله ﷺ.
إذن السعادة جزءٌ لا يتجزأ مما علمنا إياه رسول الله ﷺ .

فاللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ عَدَدَ مَا فِي عِلْمِ الله صَلاَةً دَائِمَةً بِدَوَامِ مُلْكِ الله.

منقول