منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: مترين بمترين

  1. #1

    مترين بمترين

    مترين ب مترين

    خلافاً لما تتكلم به التربية الحديثة ، لم أرفض لبناتي على الإطلاق أي طلبٍ لمشاركتنا سريرَ نومنا ، بل على العكس كنت و عند استيقاظي ليلاً على الخطوات القادمة نحو غرفتنا أفتح ذراعيّ لطفلتي لتقضي بقية الليلة بيننا ، كنت أفرح بحضورهنّ أكثر من فرحهنّ بكثير ، حتى لو ضاق بِنا المكان و صار النوم أكثر ابتعاداً .

    و إلى الآن ، و عندما تنزل ابنتي مسا من غرفتها معلنة أنها لا تستطيع النوم ، أعرض عليها مباشرة أن تذهب إلى غرفتنا ، فتنام بسرعة البرق ، يحوم حولها ( و حولنا ) أحساسٌ عظيم بالسلام و الأمان .

    أما السر فهو في سرير الأم ، هذه ال "مترين ب مترين" من الخشب ، هذه المساحة السحرية من الجمال ، حيث يجد الأطفال ما يفقدون في هذا العالم المتسارع المخيف .

    هل هي رائحة الأم و الطفولة ، هل هي رائحة ثياب الأم ، عبق تنفسها في الهواء ؟

    هل لأنه المكان الذي يسمح للطفولة أن تحضر من جديد و تصير حقاً من حقوق الحياة لا عبثاً أو تمرداً على شروط العمر ؟

    لا ينام الأطفال في سرير الأم المقدس ، بل يغرقون ، يستسلمون لطفولتهم مهما زاد بهم العمر ، ينزعون عنهم قلق الأيام و يرتاحون بلا لهاث .

    لا ينام الأطفال في سرير الأم المقدس ، بل يحفرون في جسد الذاكرة بحثاً عن اعتراف بهم ، بخوفهم ، بترددهم ، بحاجتهم ، بارتجاف أوراق روحهم في هذه الحياة الخريف .

    أما هي ، فتفرح في سرها و هي تضمّ بأقوى ما يمكن جسد طفلها ، و كأنها تلتقيه للمرة الأولى ، إنها تفتح كتاب أمومتها على صفحته البكر ، و تقيس ب " متر" يديها هذا الجسد المتكور بجانبها كيف صار يحتل يوماً بعد يوم مساحةً أكبر من السرير .

    في كل بيت ، هناك سريرُ أمّ ، حيث تتلخص و تتخمر مشاعر البشر كلها من حب و شوق و خوف و قلق و تعب و تردد و صخب و غضب و تمردٍ و ضعف و هذيان .. في " مترين ب مترين " من الخشب .

    عن الدكتور رفيف المهنا ...
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #2
    هو سرير العمر، موضوع تربوي رائع، جزاك الله خير الجزاء ميسم.

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •