حكاية نمساوية عن التعفيش وأمور آخرى !!!!


في عام 2003 اوفدت لدوره تدريبية في فيينا لمده 14 يوم . وكان المشرف على الدورة التدريبية دكتور كرينكل.. وهو نمساوي من مدينة سالزبورغ وكان عمره تقريبا 73 سنة.... أي أنه عاصر الحرب العالمية الثانية ... وكان شاهداً على احتلال النمسا من قبل دول الحلفاء ...
في منتصف الدورة قال أدعوكم لزيارة متحف التاريخ النمساوي في وسط فيينا....وعند ذهابنا للمتحف ذهلنا بما رأينا من تاريخ الأباطرة والأمراء والملوك النمساويين ولما يحتويه المتحف من أشياء لا تقدر بثمن....
وهناك سألت د كرينكل ان كانت هذه الأشياء حقيقية ام تقليد للأصل ؟!! فأستغرب وقال لماذا تسأل؟.؟!!! قلت له لأني ملم بالتاريخ وأعرف أن الحلفاء احتلوا فيينا وأنه أصابها من الدمار المتعمد ما أصاب برلين وأن الحلفاء دمروا متعمدين المتاحف ونهبوا المدينة ... ضحك وقال لي :
( أنت على حق فعند دخول البريطانيين فيينا دمروا ونهبوا كل شيئ ونالت فيينا عقوبة إنضمامها الى الحرب مع ألمانيا....
ولكن عندما أكمل حديثه عما فعله سكان فيينا لحماية ثروات بلدهم ... سالت دموعي دون إرادة ... وأنا أقول يا ويلي على أمتي !!!!!؟؟؟


قال في الليلة التي عرفنا ان البريطانيين سوف يدخلون فيينا
ذهب كل أهالي فيينا كباراً وصغاراً الى البنوك والمتاحف ومؤسسات الدولة ... وكل شخص أخذ ما قدر على أخذه من الذهب والأموال والتحف والآثار والوثائق ... ومنها كانت جوهرة للإمبراطور النمساوي وصولجانه ومهد إبنه وهي قطع لاتقدر بثمن لليوم وأيضا سبائك ذهب وكميات ضخمة من الأموال.. قال كرينكل أخذناها قبل أن ينهبها الجنود الانكليز.. وكان ذلك عام 1945...
وبعد إنتهاء الحرب ونيلنا استقلالنا عام 1955 بدأنا ببناء بلدنا من جديد.... فقام ...وهنا بيت القصيد ...قام كل شخص بجلب ما أخذه وأعاده للبنوك والمتاحف والمؤسسات العامة والخاصة ...وبذلك أعدنا بناء بنوكنا ومتاحفنا ومؤسساتنا من جديد ولم نخسر أي شيئ من تاريخنا وثرواتنا وأعدنا إعمار بلدنا من جديد ..
عشرة سنوات عجاف كانت البلد تحت إحتلال أجنبي ولكن هذه التحف والأموال كانت محمية بكل عناية في بيوت الناس ...لم ينقص منها شيئ بالتعفيش والتهريب...بل تمت إعادتها كاملة لمؤسسات الدولة والبنوك والمتاحف كما كانت دون نقصان بعد كل هذه الفترة العصيبة الطويلة....
هل عرفتم الآن لمن ستكون البلد؟
البلد الذي يتم سرقة بنوكه ومتاحفه وآثاره ومؤسساته ومعامله من قبل حثالة أهله وبيعها وتهرببها للخارج لاتأمل من هؤلاء الخير حتى وإن أصبحوا من مالكي الملايين أو المليارات ...
فالذي يبيع تاريخه وتراثه وآثاره مستعد ان يبيع للعدو الأجنبي سيادة و استقلال بلده وحرية أهله وكرامة شعبه ودماء شهدائه بثمن بخس ..


..... منقولة....