الأدباء والشعراء في رمضان* محمد عيد الخربوطليللأدباء والكتاب والشعراء طقوس خاصة بهم، ولرمضان شهر الصيام عند بعضهم نكهة خاصة، فقديماً كان أبو نواس يتضجر منه وينتظر رحيله بفارغ الصبر، أما ابن الرومي فكان دائم الهجاء والسخرية اللاذعة من هلاله وطول نهاره، أما جرير فكان ينتظره متشوقاً وفيه ينظم أرق وأروع قصائده.
وبعض الأدباء المعاصرين يصومون عن الكتابة طوال الشهر ويتفرغون للتأمل، وبعضهم يسافر فيه للفسحة، ففي رمضان تتباين الرؤى، وتختلف الطبائع من أديب إلى آخر.
يقول نجيب محفوظ: "أحب رمضان لأنه أمتع شهور السنة، منذ كنت طفلاً حتى يومنا هذا، لذا فإنني أوليه اهتماماً زائداً وعنايةً خاصة، ففيه أنقطع عن الكتابة تماماً، وليس كسلاً إنما للتفرغ للعبادة والتأمل، فهو يحرك في نفسي ذكريات كثيرة" ويقول: "في رمضان كنت في صباي حريصاً على أن أتوجه مع بعض أصدقائي إلى مقهى الفيشاوي في حي الحسين، وفيه نتحدث في كل شيء حديثاً نافعاً ممتعاً يشمل التاريخ والأدب والفن والأحاديث الدينية حتى السحور".
أما الشاعر محمد التهامي صاحب الروائع فيقول: "لرمضان عندي نكهة خاصة، ففيه حفظت ديوان عنترة بن شداد وأنا صغير، وأول قصيدة كتبتها كانت في رمضان وكانت حول فضائل شهر الصيام".
وتقول الشاعرة نوال مهنى: "إن أجمل الإبداع الأدبي هو الذي يصاحب الإنسان وهو صائم، كونه ينم عن شفافية الروح في هذا الشهر، لأن رمضان يهذب النفوس ويرقق المشاعر والشعر من أرق الفنون التي تنبع من قلب واعٍ ونفس مطمئنة.
أما نازك الملائكة فتقول عن شهر الصيام: "شهر رمضان هو شهر المنح والعطايا الإلهية، وهو الشهر الذي يتجلى الله فيه على عباده، والحمد لله أنني سجلت أجمل أعمالي الإبداعية وأنا صائمة في رمضان، وأهمها ديوانا شظايا ورماد وقرارة الموجة، إلى جانب كثير من الأعمال النقدية الأخرى".
وقالت: "لا أنسى ليالي رمضان القمرية على نهر الفرات في العراق، حيث كانت أسرتي، وأمي الشاعرة أم نزار كثيراً ما كنا نتعمد تناول طعام الإفطار على شاطئ النهر، من أجل التأمل في صفحة الكون الجميل، واسع الأفق والمملوء بالعجائب والمناظر البديعة، التي من السهل أن تخترق خيال الفنان فتجره إلى القلم والقرطاس".