بسام غراوي .. وداعاً.
Bassam Ghraoui .. Adieu.

إحدى مجموعات طوابع سوريا شاهدة على عظمة شوكولا غراوي، فالمجموعة صدرت للإحتفاء بمعرض باريس ١٩٣٧، حين فاز الغراوي (المرحوم صادق الأب) بجائزة المعرض للشوكولا (ذهب يومها يبيع الماء في حارة السقايين)، لتفوز سورية رغم وجود السويسريين والبلجيكيين والفرنسيين في المعرض...


وتابع بسام المسيرة، وكنت أقول له أحياناً: لماذا تصر على الشوكولا، بينما يمكنك التركيز على التراث الدمشقي، ملبس المولد، كعب الغزال، الفواكه المجففة..الخ.
كانت فكرتي مبنية على جهل مطبق بصناعة الشوكولا، معتقداً أن الشوكولا التجارية التي كنا نلتهمها بشغف ونحن صغار (ليندت، وغوديڤا ونستله..الخ) هي أفضل أنواع الشوكولا.


كان ينصت بأدب ويعدني بزيادة بعض الأصناف، ثم حط بي الزمان لأصبح سفيراً في لندن، فاتصل بي وقال لي أنه سيرسل لي كمية كبيرة من الشوكولا لضيوفي... قبلت شاكراً واقترحت عليه الأصناف، وطلبت أيضاً علباً تحتوي على قطعتين فقط لتوزيعها على الخارجين من أعيادنا الوطنية، (بقيت سفارة لندن تستقبل المئات ثم الآلاف بمناسبة عيد الجلاء)، وكانت الوحيدة التي تتجاوز الطلب بعدم الاحتفال بالعيد لأسباب أمنية حتى تغير الحال عام 2010.


تجرأت عام 2006 واستأذنت مكتب الملكة لإرسال شوكولا غراوي لها، ومع توقعي لاعتذارهم كون الملكة لا تقبل هدايا غذائية، فوجئت يومها بترحيب الملكة بالهدية.
وهكذا كان، وأصبحت أتلقى في كل عام رسالة شكرٍ من الملكة تمجد فيها الطعم المتميز لشوكولا غراوي. رسائل أرسلت أكثرها لبسام ليعلقها في محلاته..


أما ضيوفي البريطانيين فكانوا يرسلون لي دون استثناء رسائل تمجيد بهذه الشوكولا الفاخرة.
أصبحت أشعر بأني سفير شوكولا غراوي، خاصة بعد أن شرح لي أحد المختصين مدى تفوق إنتاج غراوي على نظرائه الأوربيين بفضل نسبة الكاكاو وإتقان الصنعة.


غادر بسام دمشق عام ٢٠١٢ ومعه زوجته، إحدى أجمل وأظرف نساء سوريا، لإنشاء معملٍ في هنغاريا، فيه كل خصائص معمل دمشق-الغوطة المتوقف، وبدأ يعرض البضاعة الفاخرة وسط إعجاب المستهلكين وتقدير المختصين.


أتى المرض الخبيث ليخطف الموهبة. لا يكفي سوريا ما أصاب ماضيها من مآسي فالقدر شاء أن يؤذي مستقبلها أيضاً ..


مضى بسام غراوي وهو حزين على ما آلت إليه البلد، متمنياً أن يعود ليبني منشأة صناعية أهم وأفضل..
إلى زوجته رانيا وأخته حنان وجميع أحبائه الكثر، خالص العزاء..
سامي الخيمي