كتبت ــ دينا عزت:



• أميرة أبو المجد:
تقديم محتوى جيد بصورة جذابة للأطفال وبأسعار معقولة مهمة صعبة للغاية

• إحياء عادة القراءة لدى الأطفال المصريين يحتاج استراتيجية شاملة
• «الشروق» تؤمن بضرورة تقديم محتوى يتيح للطفل المصرى التعرف على هويته الثقافية والتحرك فى إطارها
• بلسم سعد: التحدى الحقيقى هو تقديم كتاب أطفال بلغة عربية سليمة وجذابة وسهلة الفهم
• يجب ألا يقتصر ترويج كتب الأطفال على موسم معرض الكتاب
وقفت نوران السيدة الثلاثينة فى يسار جناح دار الشروق بمعرض القاهرة الدولى للكتاب الذى اختتم فاعليته أول من أمس تستحث ابنتها آيسل البالغة من العمر عشر سنوات لتختار عناوين اضافية من تلك المتاحة فى ركن كتب الاطفال بنصف الثمن قبل ان تنتقل للأرفف التى تتيح كتبا بخصم ظ£ظ*% من قيمتها، وتطلب منها مساعدتها فى الاختيار لأختها الأصغر جولى التى كانت منشغلة مع بنات وأولاد فى نحو الخامسة بأوراق مرسومة وأقلام ملونة موضوعة على منضدة فى جانب من الجناح الذى قال احد العاملين به ان مبيعات كتب الاطفال كانت من اهم ما حققه فى الايام الاولى لمعرض الكتاب والتى تزامنت مع بدء إجازة نصف العام.


وتقول نوران «عموما نحن كأسرة لا نشترى كتب اطفال فى غير أيام معرض الكتاب، يعنى نحتاج لشراء كتب أحيانا لتقديمها هدايا فى بعض المناسبات أو لبعض النشاطات الخاصة بالمدرسة ولكننا بالأساس نحرص على زيارة المعرض لشراء كتب الاطفال والاستفادة من التخفيضات لأن كتب الاطفال فى الحقيقة مكلفة جدا».


«من هنا اشتريت كتبا للتلوين، تلك التى يرسمها حلمى التونى لأن البنات بتحبها واشتريت كتب حكايات لجولى وكتبا علمية شوية لآيسل، وفى المكتبة الخضرا هاجيب لجولى كتب الحكايات التقليدية لأنها لسه اربع سنين وبتحب النوع ده من الحكايات زى سندريلا وغيره»، بحسب ما أضافت نوران التى قدرت انها ستنفق فى المجمل اقل بكثير مما كانت ستنفق لو اشترت هذه الكتب مقسمة على السنة «فصحيح اننا نخصص ميزاينة على بعضها مرة واحدة لكن فى الآخر بنوفر جامد»،


«بالتأكيد التخفيضات الكبرى جدا التى قدمناها كانت محل تقدير من أسر الاطفال»، حسبما تقر اميرة ابوالمجد مدير النشر فى دار الشروق التى تعد واحدة من اهم دور نشر كتب الاطفال المتنوعة بين تلك المصورة والمدون بها كلمات قليلة جدا للأطفال فى مراحل التعلم البدائية إلى القصص التى تخاطب الاطفال فى سنوات الدراسة الابتدائية وصولا لتلك المصنفة لطلاب المدارس الاعدادية وحتى بدايات الصف الثانوى اعمالا بتوصيف الامم المتحدة للطفولة بسن الثامنة عشر


وبحسب ابوالمجد فإن مسألة سعر كتاب الاطفال هى مسألة معضلة شأنها فى ذلك شأن تطوير المحتوى وتقديم صياغات جاذبة للأطفال المصريين الذين اصبحت لهم اهتمامات متباينة إلى حد ما نتيجة تنوع النظم التعليمية بين الوطنى والدولى وبين المدارس العربية ومدارس اللغات.


«إن كتاب الطفل بطبيعته تحد كبير لأننا نريد ان نقدم للطفل شيئا جذابا ومفيدا يساعده على تنمية مهارات ما أو اكتشاف اشياء ما عن نفسه وعن العالم من حوله وهذا الامر يتطلب ليس فقط البحث عن نصوص جيدة ولكن ايضا الحصول على حقوق ترجمة بعض السلاسل الدولية، خاصة فيما يخص كتب الاطفال العلمية أو الاطالس وايضا الحصول على رسومات ذكية وجذابة» بحسب ما تقول ابو المجد.


أما بلسم سعد مدير النشر فى دار البلسم المتخصصة فى نشر كتب الاطفال باللغة العربية فإن تعقيدات عنصر ثمن كتب الاطفال يظهر بالخصوص فى تلك الكتب المكتوبة بالعربية أو المترجمة إلى العربية «لأن الكتب المكتوبة بالانجليزية أو الفرنسية تكون فى العادة، ولكن ليس بالضرورة دوما، فى إطار القدرة الشرائية للأسرة التى تستطيع تسجيل ابنائها وبناتها فى مدارس اللغات».


وبحسب بلسم فإن «التحدى الحقيقى» هنا لا يقتصر على توفير كتاب جيد للأطفال باللغة العربية يناسب الاسرة التى تضطر لتخصيص ميزانية محدودة لشراء كتب لاطفالها، ولكن ايضا كتاب مكتوب بلغة عربية سليمة وعصرية ويسيرة للاطفال الدين لديهم المقدرة الشرائية ولكن لديهم اسباب للابتعاد عن القراءة بالعربية سواء تلك المتعلقة بطبيعة اللغات التى يدرسون بها والتى تحرص اسرهم فى احيانا كثيرة على استخدامها حتى خارج المدرسة لتقوية امكانتهم اللغوية أو لاسباب تتعلق بتصور الاطفال انفسهم ان المحتوى المقدم فى الكتاب المقدم بلغة اجنبية هو بالضرورة افضل من ذلك المتاح باللغة العربية.


وفى الوقت نفسه، وبحسب أميرة ابوالمجد، فإن جزءا من هذا التحدى يرتبط بكون ما قدمته دور النشر المصرية من كتب ومجلات باللغة العربية عبر سنوات طويلة لم يتمكن من ترسيخ شخصيات جاذبة للاطفال كتلك المتاحة من عالم والت ديزنى على سبيل المثال للاطفال الذين يقرئون بالانجليزية أو تان تان للاطفال الذين يقرئون بالفرنسية أو غيرها، والتى تجعل الاطفال راغبين فى اقتناء كتب مصاغة حول هذه الشخصيات


وتضيف ابو المجد ان فكرة السلاسل التى بدورها تعد من اهم عناصر الجذب والتشويق للاطفال مازالت تبحث عن الاستقرار فيما يتاح للاطفال باللغة العربية ــ ومازال جزء لا يستهان به من هذه السلاسل هو مما تحصل دور النشر على حق ترجمته.


وقبل ايام من انتهاء معرض الكتاب، اصدرت دار الشروق، قائمة لكتب الاطفال الاعلى مبيعا من اصداراتها وقد احتلت المراكز الأربعة الأولى فيها كتب من سلسلة مترجمة لتعريف الاطفال بالحيوانات مثل «الدعسوقات» و«البوم» و«السلاحف» كما احتلت سلاسل اخرى مخصصة لتعريف الاطفال بأسس العلوم الطبيعية مثل الجينات والكروموسومات والخلايا مكانا متقدما فى ذات القائمة.


ولكن دار الشروق التى بدأت فى نشر كتب الاطفال منذ السبعينيات من القرن الماضى تحرص «دوما» بحسب ابو المجد على طرح سلاسل خاصة بالطفل المصرى «لأننا فى الشروق نظن انه المهم جدا ان يستطيع الطفل التعرف على هويته الثقافية والتحرك فى آفاقها ولو بخطوات بسيطة من خلال ما يطالعه فى بداية حياته، ولذلك فإننا لدينا قائمة طويلة من كتب تسعى لتبسيط التراث بنقل ميسر من صفحات كليلة ودمنة وكذلك الف ليلة، كما ان لدينا سلاسل للحكى والتلوين يرسمها حلمى التونى لتعريف الطفل المصرى بمساحات مختلفة من المجتمع الذى ربما لا يراه تماما من حوله».


كما تشمل السلاسل التى قدمتها دار الشروق ايضا جهد لتقديم قراءات دينية سلسة ومباشرة لا تحتمل تآويلات مربكة مثل حوت يونس وناقة صالح فى اطار احسن القصص.


وفى معرض الكتاب هذا العام ابتاعت رضوى لابنتها آيتن كتاب «سمسة وبندقية» من سلسلة احتفالات مصرية، تأليف راندا ابو المجد ورسوم وليد طاهر بعد ان تصفحت به قليلا، وتقول «اعجبتنى الالوان واظن انها ستجذب نظر آيتن وتشجعها على النظر فى الكتاب وقرائته، كما اعجبنى ايضا انها تأخذ فكرة الاحتفال بالمولد النبوى لإطار شعبى نوعا ما لا تعرفه بنتى حيث الحلوى تباع فى صوانٍ وليس لدى الحلوانى وحيث صوانى الحلوى مجاورة لعطار وفكهانى، كما اعجبنى ان الكتاب به شرح مبسط وغير مباشر لأخلاق النبى، يعنى اظن انه ممكن يعرف آيتن باشياء مهمة بصورة لطيفة».


وبحسب أميرة أبو المجد فإن تغييب التعليم لفكرة القراءة والمطالعة بل ونظرة الكثيرين للقراءة بعيدا عن كتب المناهج التعليمية كإهدار للوقت يعد من الاسباب الرئيسية لتراجع القراءة والمطالعة وبالتالى تداعى السعى للمعرفة».


أما بلسم سعد فترى ان هناك حاجة للكثير من الجهود من قبل جهات عديدة للعمل على انهاء القطيعة المفتعلة بين التعليم والقراءة، لافتة إلى ان الذهاب للأطفال خارج نطاق المدن الكبرى اصبح امرا حتميا لأن هؤلاء يمثلون قطاعا لا يستهان به من الاطفال الذين لا يحصلون على تعليم لائق ولا تتاح لهم فعليا فرصة حقيقية للقراءة والمطالعة بالنظر لصعوبة اقتناء الكتب للاسباب الاقتصادية الواضحة.


وتتفق أميرة ابو المجد وبلسم سعد على أن بعض الفاعليات مثل مهرجان القراءة للجميع الذى لم يعد فاعلا لأن الدولة اختارت ان تقصره على شخص قرينة الرئيس الاسبق فى حين انه من المفترض انه مشروع وطنى يهدف لتوفيد خدمة مجتمعية.


وتصر أميرة ابو المجد على ان المحطات المتفرقة لإصدار كتب للأطفال لا تعد كافية لأن عامى ظ¢ظ*ظ*ظ¦ وظ¢ظ*ظ*ظ§ على سبيل المثال شهدا تقديم العديد من العناوين فى اطار مشروع واسع تبنته الدولة بالتعاون مع احدى الجهات المانحة وشمل المشروع امداد المكتبات العامة وبعض المكتبات المدرسية فى مختلف المحافظات بهده العناوين «لكن الامر لم يستمر ولم يتم تطويره».


وبحسب أبو المجد فهناك حاجة لتطوير استراتيجية وطنية تشترك فيها الدولة ممثلة فى وزارة الثقافة بالتعاون مع الناشرين المعنيين وايضا المجتمع المدنى لوضع آفاق لتحرك مستديم لنشر القراءة بين الأطفال.


وتقول بلسم سعد ان مثل هذه الاستراتيجية ينبغى ان تأخد بعين الاعتبارات التغييرات الكبيرة التى طرات على المجتمع والتى خلقت مساحات من الاحتياجات المختلفة بل وربما المتنوعة للأطفال.


وتصر بلسم سعد على ان معرض الكتاب وان كان يمثل فرصة متميزة لتقديم مجموعة متنوعة من كتب الاطفال بأسعار مخفضة فإنه لا ينبغى ان يكون المناسبة الوحيدة للتفاعل مع كتب الأطفال.