منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 5 من 5 الأولىالأولى ... 345
النتائج 41 إلى 47 من 47

الموضوع: فتاوى رمضانية

  1. #41
    الإحرام من الحوية أم من السيل الكبير؟
    السـؤال (67876): السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
    نحن أهل الحوية نبعد عن ميقات السيل الكبير في حدود 25 كيلو إذا نوينا العمرة، هل يجوز لنا الإحرام من الحوية دون الوقوف في السيل وهذا ما نفعله الآن؟ وسمعنا فيه فتوى تجيزه هل هذا صحيح؟

    أجاب عن السـؤال الشيخ/ أ.د. عبد الله بن محمد الطيار (الأستاذ بجامعة القصيم).
    الجـواب:
    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    فلا حرج على المسلم أن يحرم قبل الميقات لكن الأكمل والأفضل أن يكون الإحرام من الميقات نفسه؛ لفعله صلى الله عليه وسلم وهو القائل: "خذوا عني مناسككم" وفي حجه صلى الله عليه وسلم وجميع عُمَرِه الأربع أحرم من الميقات، وهذا فعل صحابته – رضي الله عنهم- من بعده، لكن لو أحرم الحاج أو المعتمر قبل الميقات من منزله أو المنزل الذي سكن فيه مؤقتاً فلا حرج عليه، والفقهاء –رحمهم الله- يقولون: (ويكره الإحرام قبل الميقات)، ولكن هذه الكراهة لا دليل عليها لو قيل: إن الإحرام قبل الميقات خلاف الأولى لكان أدق، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

    حج التطوع والعمرة في رمضان
    السـؤال 9703): السلام عليكم.
    شخص حج الفريضة فماذا يكون أكثر أجراً له القيام بالحج أو عمرة في رمضان؟ مع الدليل. وجزاكم الله خيراً.

    أجاب عن السؤال الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله العجلان(المدرس بالحرم المكي).
    الجـواب:
    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    لكل أجر، إلا أن الحج أفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "عمرة في رمضان تعدل حجة"، وفي رواية: "معي" وفي كل خير، وعلى المسلم أن يحرص على تقديم العمل الصالح كيفما تيسر له. والله أعلم.

    القنوت في الوتر
    السؤال (19655): في صلاة الوتر هل الأولى الدعاء في القنوت، أم الدعاء بعد التسليم؟ وإذا داوم الشخص على الدعاء بعد التسليم وترك القنوت فهل عليه شيء؟ وجزاكم الله خيراً.

    أجاب عنه د. خالد بن علي المشيقح
    الجواب:
    بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
    المتأمل لسنة النبي –صلى الله عليه وسلم- يجد أن أكثر الذين وصفوا صلاة النبي –صلى الله عليه وسلم- في الليل لم يذكروا أنه كان يقنت فيه، وعلى هذا يكون الإنسان أغلب أحواله لا يقنت في الوتر، ويقنت في بعض الأحيان، لورود حديث الحسن –رضي الله عنه-:"علمني رسول الله –صلى الله عليه وسلم- كلمات أقولهن في قنوت الوتر..." أبو داود (1425) وابن ماجة (3830) وغيرهما والحديث صححه الألباني، وأيضاً حديث أبي بن كعب –رضي الله عنه- وإن كان فيه ضعف:"أن النبي –عليه الصلاة والسلام- قنت في الوتر" أبو داود (1427)، فنقول: الغالب على هدي الإنسان أنه لا يقنت في الوتر، لكن لو قنت في بعض الأحيان فهذا لا بأس به، ويكون القنوت بعد الركوع أو قبل الركوع، وإذا لم يقنت يجعل دعاءه في أثناء السجود، أو بعد التشهد الأخير وقبل السلام.

    الجمع بين العشائين في رمضان
    السـؤال (38076): ما حكم الجمع بسبب سقوط المطر في رمضان وبالتحديد بين المغرب والعشاء؟ وهل تصلى صلاة التراويح في ذلك اليوم أم لا؟.

    أجاب عنه د. خالد بن علي المشيقح
    الجـواب:
    نعم، الجمع لا بأس به، حتى في رمضان بين العشائين، وإذا جمع المغرب والعشاء، فإنه يدخل وقت التراويح،ووقت الوتر بعد الجمع، وكان النبي –صلى الله عليه وسلم- يصلي ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر إحدى عشرة ركعة أخرجه البخاري (994) ومسلم (736).


    هل يلزم الصبي إتمام العمرة؟
    السؤال (69290): السلام عليكم ورحمة الله، وبعد:
    عندما كنت في الثانية عشرة من عمري -تقريباً قبل البلوغ- أحرمت للعمرة، ولما ذهبت ووصلت الطائف مرضت ( قيء) ولم أتمم عمرتي؟ فهل يلزمني شيء؟ علماً بأني قد تيسَّر لي أداء العمرة عدة مرات بعد هذه المرة، وجزاكم الله خيراً على ما تبذلونه من جهد فيه مصلحة الأمة.

    أجاب على السؤال: الشيخ/ عبد العزيز بن أحمد الدريهم ( رئيس كتابة عدل المزاحمية)
    الجواب:
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..أما بعد:
    هذه المسألة مبنية على ما ذكره أهل العلم في إحرام الصبي(أي غير البالغ) هل يلزمه إتمام ما أحرم به أم لا؟اختلف أهل العلم فيها على قولين: أصحهما أنه لا يجب عليه الإتمام، وأنه يقبل ما أتى به في الطاعات، ولا يُلزم بما تركه؛ لأنه غير مكلف، وهذا مذهب الحنفية، وهو ما رجَّحه العلامة الفقيه الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله رحمة واسعة.
    وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


    أفطر لعرسه ثلث رمضان
    السؤال: شخص مقيم بالمملكة العربية السعودية، تزوج قبل 25سنة، وقد زفت له زوجته من بلده للمملكة في شهر رمضان المبارك، وقد أفطر هو وزوجته عشرة أيام (مع العلم أنهما مقيمان وليسا مسافرين) ظناّ منهما أنه يسعهما الفطر والقضاء وقد قضوا الأيام التي أفطراها فعلاً. ولكنه الآن يسأل هل عليه شيء آخر؟.


    أجاب عن السؤال الشيخ/ د. سليمان بن وائل التويجري(عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى).
    الجواب:
    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
    هذا السؤال لم يوضح فيه – السائل- ما يتعلق بالجماع، وأظن أن قصده من طرح هذا السؤال هو أنه قد يكون قد واقع زوجته في نهار رمضان، والمفطرات ليس فيها كفارة عدى الجماع في نهار رمضان، فإن كان عامداً أو ناسياً أو ساهياً، والإنسان إذا جامع في اليوم الواحد في نهار رمضان فإنه يأثم بهذا ويفطر وعليه قضاء هذا اليوم وعليه كفارة وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، وهذا هو الذي جاء في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: "بينا نحن جلوس عند النبي –صلى الله عليه وسلم- إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله: هلكت، قال: "مالك؟": قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "هل تجد رقبة تعتقها؟"، قال: لا، قال صلى الله عليه وسلم: "فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟"، قال: لا، قال: "فهل تجد إطعام ستين مسكيناً؟"، قال: لا، قال: فمكث النبي -صلى الله عليه سلم- فبينا نحن على ذلك أتي النبي – صلى الله عليه وسلم- بعرق فيه تمر، قال: أين السائل؟ قال: أنا، قال: خذ هذا فتصدق به، فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟ والله ما بين لابيتها أهل بيت أفقر من بيتي، فضحك النبي –صلى الله عليه وسلم- حتى بدت أنيابه، ثم قال: أطعمه أهلك" متفق عليه.
    فهذا يدل على أن الإنسان إذا وقع على زوجته في نهار رمضان أنه يلزمه مع القضاء الكفارة على الصورة التي مرّ ذكرها في الحديث، فإذا كان وقع عليها في عشرة أيام فكل يوم يحتاج إلى كفارة فيلزمه عشر كفارات -كذلك زوجته-، هذا إذا كانا مقيمين في البلد، أما إذا كانا ليسوا في محل إقامتهما وإنما هما في مكان ليس مكاناً للإقامة وإنما هو استقبل زوجته في غير البلد الذي هو محل الإقامة وهي لا تنوي الإقامة عنده والاستقرار فإنهما حينئذ يكونان في حال سفر، فلا شيء عليهما، وأما إذا كانا في محل الإقامة فعملهما محرم وعليهما القضاء، وذكر أنهما قضوا فعليهما الكفارة كل واحد يعتق عشرة رقاب، أو إن عجزا عن ذلك يصوما عشرين شهراً، فإن عجزا فيطعمون عن كل يوم ستين مسكيناً، أي: ستة آلاف كيلو، وفي هذا المقام أود أن أنبه – السائل- وغيره إلى الاهتمام بأمر الدين والتفقه في أحكام العبادات وأن الإنسان يجب عليه أن ينتبه لأمور دينه من صلاة وصيام وزكاة وحج وعمرة وغيرها فلا يتهاون.
    الأمر الثاني: أنصح من أراد الزواج ألا يكون زواجه في رمضان أو قبل رمضان بيسير، وإنما يكون بعد رمضان لئلا يقع فيما وقع فيه – السائل- هذا وبالله التوفيق.



    الاعتكاف والاجتهاد في العبادة
    السـؤال (61901): ما الأفضل: الاعتكاف مع قل الاجتهاد في العبادة، أم المكوث في المسجد ليالي العشر من المغرب إلى الفجر مع الاجتهاد في العبادة؟.

    أجاب عن السؤال الشيخ/ عبد العزيز بن أحمد الدريهم(رئيس كتابة عدل المزاحمية)
    الجـواب:
    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
    فإن الاعتكاف لم يشرع إلا من أجل الاجتهاد في العبادة والتفرغ الكامل لها والإعراض عما يشغل عنها، فيكون المعتكف متنقلاً بين أنواع العبادات من صلاة وقراءة للقرآن، وذكر لله –تعالى-، ودعاء، وتضرع.
    أما الاعتكاف بمعنى المكوث في المسجد مع إضاعة الوقت فيما لا ينفع من أحاديث دنيوية، أو مؤانسات جانبية، فهذا ليس من الاعتكاف المشروع.
    وعليه نقول: إذا كان الأصلح لقلبك البقاء في المسجد من المغرب إلى الفجر باجتهاد في هذا الوقت، فلا بأس، ويعتبر هذا اعتكافاً؛ لأنه يجوز الاعتكاف الجزئي ساعة أو ساعتين، ونحو ذلك. وبالله التوفيق.

    هل نيتها للصوم منسحبة على كل الأيام
    السـؤال (61736): امرأة تصوم القضاء في شوال، ونوت في يوم الأحد ألا تقطع صيامها حتى تنهيه، وكانت كل ليلة إذا أكلت بالعشاء (السحور) تنوي أنه لصيام يوم غد، وإذا نسيت أن تنوي بالعشاء تنوي قبل نومها في نفسها، لكن في يوم أكلت وجبة العشاء ولم تنو نسياناً منها، ولم تنو قبل نومها، فهل نيتها قبل ثلاثة أيام صالحة، وهي أن تكمل ولا تقطعه، هل تفطره وتقضي بدلا عنه، أم تكمل صيامه ويعتبر يوما لها؟ أفيدونا.

    أجاب عن السؤال الشيخ/ أ.د. سليمان بن فهد العيسى (أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية).
    الجـواب:
    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
    فالجواب: أن العلماء – رحمهم الله- ذكروا أنه يجب تعيين النية من الليل لصوم رمضان أو قضائه، أو نذر، أو كفارة، فمن لم يُبيِّت الصيام قبل طلوع الفجر، فلا صيام له. هذا والمرأة السائلة ذكرت أنها نوت ألا تقطع صيام قضائها حتى تنهيه، وأنها إذا أكلت العشاء تنوي أنه لصيام غد، لكنها في يوم أكلت ولم تنو شيئاً.
    فنقول: الذي يظهر لي – والله أعلم- صحة صومها قضاءً؛ لأن عشاءها والذي سمته سحوراً إنما هو عشاء من يريد الصوم، بل قد سمته سحوراً، والسحور إنما هو لمن يريد الصيام، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله-: (هو حين يتعشى، يتعشى عشاء من يريد الصوم، ولهذا يُفرق بين عشاء ليلة العيد وعشاء ليالي رمضان، وهذا معنى قولهم: ويكفي في النية الأكل والشرب بنية الصوم) انتهى كلامه رحمه الله. والله أعلم.

  2. #42
    الإفطار تبعاً لأهل البلد
    سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ: إذا قدم الإنسان من بلد تأخر صومه إلى بلد تقدَّم صومه فمتى يفطر؟

    فأجاب فضيلته بقوله: إذا قدم الإنسان من بلد تأخر صومه إلى بلد تقدَّم صومه فإنه يجب عليه إذا أفطر أهل البلد الذي قدم إليه أن يفطر معهم؛ لأن هذا البلد ثبت فيه دخول الشهر، فكان هذا اليوم يوم عيد، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن صيام العيدين(1)، وعلى هذا فيجب على هذا الرجل الذي قدم من بلد تأخر صومه عن أهل هذا البلد الذي قدم إليه، يجب عليه أن يفطر مع أهل البلد الذي قدم إليه، وما نقص فإنه يقضيه بعد العيد، فإذا كان قد صام ثمانية وعشرين يوماً، فإنه إذا أفطر يقضي يوماً، والعكس بالعكس، يعني لو قدم من بلد صاموا قبل البلد الذي قدم إليه فإنه يبقى حتى يفطروا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس(2)».
    وقال بعض العلماء: إنه إذا أتم ثلاثين يوماً فإنه يفطر سرًّا، لأن الشهر لا يمكن أن يزيد على ثلاثين يوماً، ولا يعلن إفطاره؛ لأن الناس صائمون.
    [مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (19/73)]


    شروط وجوب الصوم
    سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ: على من يجب الصوم؟

    فأجاب فضيلته بقوله: الصيام يجب أداءً على كل مسلم، بالغ، عاقل، قادر، مقيم، خال من الموانع، فهذه ستة أوصاف، فأما الكافر فلا يجب عليه الصوم ولا غيره من العبادات، ومعنى قولنا: لا يجب عليه الصوم أنه لا يلزم به حال كفره، ولا يلزمه قضاؤه بعد إسلامه، لأن الكافر لا تقبل منه عبادة حال كفره، لقوله تعالى: "وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَـٰتُهُمْ إِلاّۤ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِ " ولا يلزمه قضاء العبادة إذا أسلم، لقوله تعالى: "قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ" لكنه يعاقب على ما تركه من واجبات حال كفره، لقوله تعالى عن أصحاب اليمين وهم يتساءلون عن المجرمين "مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ * قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ ٱلْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ ٱلْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ ٱلُخَآئِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ * حَتَّىٰ أَتَـٰنَا ٱلْيَقِينُ" فذكر ترك الصلاة وإطعام المسكين من أسباب دخولهم النار، يدل على أن لذلك تأثيراً في دخولهم النار، بل إن الكافر يعاقب على كل ما يتمتع به من نعم الله من طعام وشراب ولباس، لقوله تعالى: "لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوۤاْ إِذَا مَا ٱتَّقَواْ وَءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّـٰلِحَـٰتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَءَامَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ " فنفي الجُناح عن المؤمنين فيما طعموا يدل على ثبوت الجُناح على غير المؤمنين فيما طعموا، ولقوله تعالى: "قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِىۤ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَـٰتِ مِنَ ٱلرِّزْقِ قُلْ هِى لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ" فقوله: "لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ" يدل على أن الحكم في غير المؤمنين يختلف عن الحكم في المؤمنين، ولكن إذا أسلم الكافر في أثناء رمضان لم يلزمه قضاء ما سبق إسلامه، فإذا أسلم ليلة الخامس عشر مثلاً فالأيام الأربعة عشر لا يلزمه قضاؤها، وإذا أسلم في أثناء اليوم لزمه الإمساك دون القضاء، فإذا أسلم عند زوال الشمس مثلاً قلنا له: أمسك بقية يومك، ولا يلزمك القضاء. فنأمره بالإمساك؛ لأنه صار من أهل الوجوب، ولا نأمره بالقضاء، لأنه قام بما وجب عليه وهو الإمساك، ولم يكن قبله من أهل الوجوب، ومن قام بما يجب عليه لم يكلف إعادة العبادة مرة ثانية.
    أما العقل وهو الوصف الثاني لوجوب الصوم ما يحصل به التمييز بين الأشياء، فإذا لم يكن الإنسان عاقلاً فإنه لا صوم عليه، كما أنه لا يجب عليه شيء من العبادات سوى الزكاة. ومن هذا النوع أي ممن ليس له عقل، أن يبلغ الإنسان سنًّا يسقط معه التمييز، وهو ما يعرف عند العامة «بالهذرات» فلا يلزم المهذري صوم، ولا يلزم عنه إطعام؛ لأنه ليس من أهل الوجوب.
    أما الوصف الثالث: فهو البلوغ، ويحصل البلوغ بواحد من أمورٍ ثلاثة:
    إما بأن يتم الإنسان خمس عشرة سنة، أو أن يُنبت العانة، وهو الشعر الخشن الذي يكون عند القُبل، أو ينزل المني بلذة، سواءً كان ذلك باحتلام أو بيقظة، وتزيد المرأة أمراً رابعاً وهو الحيض، فإذا حاضت المرأة بلغت، وعلى هذا فمن تم له خمس عشرة سنة من ذكر أو أنثى فقد بلغ، ومن نبتت عانته ولو قبل خمس عشرة سنة من ذكر أو أنثى فقد بلغ، ومن أنزل منياً بلذة من ذكر أو أنثى ولو قبل خمس عشرة سنة فقد بلغ، ومن حاضت ولو قبل خمس عشرة سنة فقد بلغت، وربما تحيض المرأة وهي بنت عشر سنين، وهنا يجب التنبه لهذه المسألة التي يغفل عنها كثير من الناس، فإن بعض النساء تحيض مبكرة، ولا تدري أنه يلزمها الصوم وغيره من العبادات التي يتوقف وجوبها على البلوغ؛ لأن كثيراً من الناس يظن أن البلوغ إنما يكون بتمام خمس عشرة سنة، وهذا ظن لا أصل له.
    فإذا لم يكن الإنسان بالغاً فإن الصوم لا يجب عليه، ولكن ذكر أهل العلم أن الولي مأمورٌ بأن يأمر موليه الصغير من ذكر أو أنثى بالصوم ليعتاده، حتى يتمرن عليه ويسهل عليه إذا بلغ، وهذا ما كان الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ يفعلونه، فإنهم كانوا يصوِّمون أولادهم الصغار، حتى إن الواحد منهم ليبكي، فيعطى لعبة من العهن يتلهى بها حتى تغرب الشمس.
    وأما الوصف الرابع: فهو أن يكون الإنسان قادراً على الصوم، فإن كان غير قادر فلا صوم عليه، ولكن غير القادر ينقسم إلى قسمين:
    القسم الأول: أن يكون عجزه عن الصوم مستمرًّا دائماً: كالكبير، والمريض مرضاً لا يرجى برؤه، فهذا يطعم عن كل يوم مسكيناً، فإذا كان الشهر ثلاثين يوماً أطعم ثلاثين مسكيناً، وإذا كان الشهر تسعة وعشرين يوماً أطعم تسعة وعشرين مسكيناً، وللإطعام كيفيتان:
    الكيفية الأولى: أن يخرج حبًّا من أرز أو بر، وقدره ربع صاع بصاع النبي -صلى الله عليه وسلم- أي خُمُس صاع بالصاع المعروف هنا، ويساوي -أعني صاع النبي صلى الله عليه وسلم- كيلوين وأربعين غراماً بالبر الجيد الرزين، يعني أنك إذا وزنت من البر الرزين الدجن ما يبلغ كيلوين وأربعين غراماً فإن هذا صاع بصاع النبي -صلى الله عليه وسلم-والصاع بصاع النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعة أمداد فيكفي لأربعة مساكين، ويحسن في هذا الحال أن تجعل معه إذا دفعته للفقير أن تجعل معه شيئاً يؤدمه من لحم أو غيره، حسب ما تقتضيه الحال والعرف.
    والوجه الثاني من الإطعام: أن يصنع طعاماً يكفي لثلاثين فقيراً، أو تسعة وعشرين فقيراً حسب الشهر ويدعوهم إليه، كما ذكر ذلك عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ حين كبر، ولا يجوز أن يطعم شخصاً واحداً مقدار ما يكفي الثلاثين، أو التسعة والعشرين؛ لأنه لابد أن يكون عن كل يوم مسكين.
    القسم الثاني من العجز عن الصوم: فهو العجز الذي يرجى زواله، وهو العجز الطارئ: كمرض حدث على الإنسان في أيام الصوم، وكان يشق عليه أن يصوم، فنقول له: أفطر واقض يوماً مكانه، لقول الله تعالى: "وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ".
    أما الوصف الخامس: فهو أن يكون مقيماً وضده المسافر، وهو الذي فارق وطنه فلا يلزمه الصوم، وعليه القضاء، لقول الله تعالى: "وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" ولكن الأفضل أن يصوم، إلا أن يشق عليه فالأفضل الفطر. لقول أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ: كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في رمضان في يوم شديد الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعبد الله بن رواحة، أما إذا شقَّ عليه الصوم فإنه يفطر ولابد، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- شُكي إليه أن الناس قد شق عليهم الصيام فأفطر، ثم قيل له: إن بعض الناس قد صام فقال: «أولئك العُصاة، أولئك العصاة» ومتى برئ المريض، أو قدم المسافر إلى بلده وجب عليه القضاء، وله تأخيره إلى أن يبقى بينه وبين رمضان الثاني بقدر الأيام التي عليه.
    أما الوصف السادس: فأن يكون خالياً من الموانع، أي من موانع الوجوب، وهذا يختص بالمرأة، فيشترط في وجوب الصوم عليها أداءً ألا تكون حائضاً ولا نفساء، فإن كانت حائضاً أو نفساء فإنه لا يلزمها الصوم، وإنما تقضي بدل الأيام التي أفطرت، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- مقرراً ذلك: «أليست إذا حاضت لم تصل ولم تصم» أي إذا حاضت المرأة فلا صوم عليها، ولكن تقضيه في أيام أخر: كالمريض.
    وهنا مسألتان ينبغي التفطن لهما:
    المسألة الأولى: أن بعض النساء تطهر في آخر الليل، وتعلم أنها طهرت، ولكنها لا تصوم ذلك اليوم ظنًّا منها أنها إذا لم تغتسل فإنها لا يصح صومها، وليس الأمر كذلك، بل صومها يصح وإن لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر.
    وأما المسألة الثانية: فهي أن بعض النساء تكون صائمة، فإذا غربت الشمس وأفطرت جاءها الحيض قبل أن تصلي المغرب، فبعض النساء تقول: إنها إذا أتاها الحيض بعد الفطر وقبل صلاة المغرب فإن صومها ذلك النهار يفسد، وكذلك بعض النساء يبالغ أيضاً ويقول: إذا جاءها الحيض قبل صلاة العشاء فإن صومها ذلك اليوم يفسد، وكل هذا ليس بصحيح، فالمرأة إذا غابت الشمس وهي لم تر الحيض خارجاً فصومها صحيح، حتى لو خرج بعد غروب الشمس بلحظة واحدة فصومها صحيح، هذه ستة أوصاف إذا اجتمعت في الإنسان وجب عليه صوم رمضان أداءً، ولا يحل له أن يفطر، فإن تخلَّف واحد منها فالحكم كما علمت في الجواب من التفصيل.
    [مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (19/75-81)].


    الإمساك لزوال العذر
    سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ: إذا أفطر الإنسان لعذر، وزال العذر في نفس النهار، فهل يواصل الفطر أم يمسك؟

    فأجاب فضيلته بقوله: لا يلزمه الإمساك؛ لأن هذا الرجل استباح هذا اليوم بدليل من الشرع، فحرمة هذا اليوم غير ثابتة في حق هذا الرجل، ولكن عليه أن يقضيه، وإلزامنا إياه أن يمسك بدون فائدة له شرعاً ليس بصحيح. ومثال ذلك: رجل رأى غريقاً في الماء، وقال: إن شربت أمكنني إنقاذه، وإن لم أشرب لم أتمكن من إنقاذه. فنقول: اشرب وانقذه. فإذا شرب وأنقذه فهل يأكل بقية يومه؟ نعم يأكل بقية يومه؛ لأن هذا الرجل استباح هذا اليوم بمقتضى الشرع، فلا يلزمه الإمساك، ولهذا لو كان عندنا إنسان مريض، هل نقول لهذا المريض: لا تأكل إلا إذا جعت ولا تشرب إلا إذا عطشت؟ لا، لأن هذا المريض أبيح له الفطر.
    فكل من أفطر في رمضان بمقتضى دليل شرعي فإنه لا يلزمه الإمساك، والعكس بالعكس، لو أن رجلاً أفطر بدون عذر، وجاء يستفتينا: أنا أفطرت وفسد صومي هل يلزمني الإمساك أو لا يلزمني؟ قلنا: يلزمك الإمساك؛ لأنه لا يحل لك أن تفطر، فقد انتهكت حرمة اليوم بدون إذن من الشرع، فنلزمك بالبقاء على الإمساك، وعليك القضاء؛ لأنك أفسدت صوماً واجباً شرعت فيه.
    [مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (19/98)]

  3. #43
    الاعتكاف في غير رمضان
    سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ: هل يشرع الاعتكاف في غير رمضان؟

    فأجاب فضيلته بقوله: المشروع أن يكون في رمضان فقط، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يعتكف في غير رمضان إلا ما كان منه في شوال حين ترك الاعتكاف عاماً في رمضان فاعتكف في شوال(1)، ولكن لو اعتكف الإنسان في غير رمضان لكان هذا جائزاً، لأن عمر ـ رضي الله عنه ـ سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: «إني نذرت أن أعتكف ليلة، أو يوماً في المسجد الحرام، فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: أوف بنذرك(2)» لكن لا يؤمر الإنسان، ولا يطلب منه أن يعتكف في غير رمضان.
    [مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (20/159]


    الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة
    سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ: هل يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة؟

    فأجاب فضيلته بقوله: يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة، والمساجد الثلاثة هي: المسجد الحرام، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى، ودليل ذلك عموم قوله تعالى: "وَلاَ تُبَـٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَـٰكِفُونَ فِي ٱلْمَسَـٰجِدِ" فإن هذه الاۤية خطاب لجميع المسلمين، ولو قلنا: إن المراد بها المساجد الثلاثة لكان أكثر المسلمين لا يخاطبون بهذه الاۤية، لأن أكثر المسلمين خارج مكة والمدينة والقدس، وعلى هذا فنقول: إن الاعتكاف جائز في جميع المساجد، وإذا صح الحديث أنه: «لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة(3)» فإن المراد الاعتكاف الأكمل والأفضل، ولا شك أن الاعتكاف في المساجد الثلاثة أفضل من غيره، كما أن الصلاة في المساجد الثلاثة أفضل من غيرها، فالصلاة في المسجد الحرام بمئة ألف صلاة، والصلاة في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- خير من ألف صلاة فيما عداه إلا المسجد الحرام، والصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة.
    [مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (20/160]


    الخروج القاطع للاعتكاف
    سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ: عن أقسام خروج المعتكف من معتكفه؟

    فأجاب فضيلته بقوله: خروج المعتكف من معتكفه ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
    القسم الأول: أن يكون خروجاً لما ينافي الاعتكاف، كما لو خرج ليجامع أهله، أو خرج ليبيع ويشتري وما أشبه ذلك مما هو مضاد للاعتكاف ومنافٍ له، فهذا الخروج لا يجوز وهو مبطل للاعتكاف، سواء شرطه أم لم يشترطه، ومعنى قولنا: «لا يجوز» أنه إذا وقع في الاعتكاف أبطله، وعلى هذا فإذا كان الاعتكاف تطوعاً وليس بواجب بنذر فإنه إذا خرج لا يأثم، لأن قطع النفل ليس فيه إثم ولكنه يبطل اعتكافه فلا يبنى على ما سبق.
    القسم الثاني: من خروج المعتكف: أن يخرج لأمر لابد له منه وهو أمر مستمر، كالخروج للأكل إذا لم يكن له من يأتِ به، والخروج لقضاء الحاجة إذا لم يكن في المسجد ما يقضي به حاجته، وما أشبه ذلك من الأمور التي لابد منها، وهي أمور مطردة مستمرة، فهذا الخروج له أن يفعله، سواء اشترط ذلك أم لم يشترطه، لأنه وإن لم يشترط في اللفظ فهو مشترط في العادة، فإن كل أحدٍ يعرف أنه سيخرج لهذا الأمور.
    القسم الثالث: ما لا ينافي الاعتكاف، ولكنه له منه بد، مثل الخروج لتشييع جنازة، أو لعيادة مريض، أو لزيارة قريب، أو ما أشبه ذلك مما هو طاعة، ولكنه له منه بد، فهذا يقول أهل العلم: إن اشترطه في ابتداء اعتكافه فإنه يفعله، وإن لم يشترطه، فإنه لا يفعله، فهذا هو ما يتعلَّق بخروج المعتكف من المسجد. والله أعلم.
    [مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (20/174]

    شك في اختلاف المطالع في نفسها ولا أثر على الصحيح لذلك الاختلاف في الحكم
    من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم م.م.ح. وفقه الله لكل خير، ونفع به المسلمين آمين.
    سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
    كتابكم الكريم المؤرخ في 13/12/1383هـ وصل -وصلكم الله برضاه- وما تضمنه من الأسئلة كان معلوماً، وإليك جوابها:
    الأول: إذا ثبتت رؤية الهلال لشهر رمضان في الحجاز فهل يلزم الأقطار الأخرى أن تصوم بهذه الرؤية، وإذا كان هناك اعتبار لاختلاف المطالع فهل يكون أكثر من يوم واحد؟ وإذا صح هذا الاختلاف بالنسبة لشهر رمضان، فهل يكون كذلك في عيد الأضحى مثلاً: إذا اتضح أن الوقت بعرفة يوم الثلاثاء والعيد يوم الأربعاء كما هو الحال هذا العام، فهل يجوز لنا تأخير صلاة العيد ليوم الخميس، حيث إن رؤية الهلال لم تثبت عندنا بالسودان إلا ليلة الثلاثاء لسبب ما؟ وهل يجوز تقدير المنازل بكبر الهلال وارتفاعه في السماء؟ وما معنى قوله –صلى الله عليه وسلم-: "فإن غم عليكم فاقدروا له"(1) وهل يجوز الاعتماد على الشهادة التي تأتي بواسطة القاضي الشرعي بالسودان، وقد يكون الشاهد لا يصوم ولا يصلي، وغالباً لا يخلو من دعاء الأشخاص واعتقاده فيهم جلب المنفعة أو دفع الضرر؟
    والجواب: أن أقول وبالله المستعان: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
    لا ريب أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- أمر أمته أن تصوم لرؤية الهلال، وتفطر لرؤيته. هكذا جاءت الأحاديث الصحيحة المستفيضة عنه صلى الله عليه وسلم،وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أيضاً أنه قال: "الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون"(1)فإذا ثبتت رؤية الهلال رؤية شرعية في بلد ما وجب على بقية البلاد العمل بها؛ لأن النبي –صلى الله عليه وسلم- حين قال: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته"(2)لم يقصد أهل المدينة فقط، وإنما قصد عموم المسلمين، وبناء على ذلك فإذا ثبتت رؤيته في الحجاز وجب على من بلغهم الخبر في سائر الأقطار أن يعتمدها؛ لأنها دولة إسلامية محكمة للشريعة، فيعمل بإثباتها عملاً بعموم الأحاديث وإطلاقها، وهكذا الحكم في بقية الدول التي تحكم الشريعة، ولا يخفى حال الدول اليوم وإعراضها عن تحكيم الشريعة إلا من شاء الله، ونسأل الله أن يهديهم للتمسك بالشريعة وتحكيمها.
    أما المطالع فلا شك في اختلافها في نفسها، أما اعتبارها من حيث الحكم فهو محل اختلاف بين العلماء، والذي يظهر لي أن اختلافها لا يؤثر، وأن الواجب هو العمل برؤية الهلال صوماً وإفطاراً وتضحية متى ثبتت رؤيته ثبوتاً شرعياً في أي بلد ما؛ لعموم الأحاديث كما تقدم، وهو قول جمع كثير من أهل العلم، وحيث قبل باعتبار اختلاف المطالع فالظاهر أنه لا يقع بأكثر من يوم، ولا يجوز للمسلم أن يصوم أقل من 29 يوماً؛ لأن الشهر في الشرع المطهر لا ينقص عن 29 يوماً، ولا يزيد على 30يوماً، وإذا قلنا باعتبار اختلاف المطالع في الحكم أو لم نقل به، فالظاهر أن الحكم في رمضان والأضحى سواء، لا فرق بينهما فيما أعلمه من الشرع، ولكن هناك مسألة هامة واقعية، وهي ما إذا ثبت الهلال في الحجاز ليلة الاثنين مثلاً، ولم يثبت في السودان إلا ليلة الثلاثاء، ولم تعمل حكومة السودان بما ثبت في الحجاز، فماذا يفعله من في السودان من المسلمين، هل يتابع حكومته أو يعتمد ما ثبت في الحجاز؟ هذه مسألة عظيمة، وقد ورد علي فيها أسئلة من بعض البلاد المجاورة، وتذاكرت فيها مع جماعة من العلماء، وإلى حين التاريخ لم يطمئن القلب إلى الحكم فيها، وأسأل الله أن يمن علينا وعليكم بالتوفيق لمعرفة الحق واتباعه ولا سيما في مواضع الاختلاف والاشتباه، ولا مانع من مراجعتكم لنا في هذه المسألة بخصوصها في وقت آخر.
    وأما كبر الأهلة وصغرها وارتفاعها وانخفاضها فليس عليه اعتبار ولا يتعلق به حكم؛ لأن الشرع المطهر لم يعتبر ذلك فيما نعلم. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "فإن غم عليكم فاقدروا له" فمعناه على أصح القولين فعدوا له ثلاثين، كما جاء ذلك مصرحاً به في رواية مسلم في صحيحه بلفظ: "فاقدروا له ثلاثين"(1) وفي لفظ للبخاري: "فأكملوا العدة ثلاثين" والأحاديث يفسر بعضها بعضاً وفي رواية للبخاري من حديث أبي هريرة: "فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً" وأما قول من قال: "فاقدروا له" أي ضيقوا عليه، واجعلوه تسعاً وعشرين" فهو قول غير صحيح، والأحاديث الصحيحة تبطله، والله أعلم.
    وأما الاعتماد على الشهادة التي تأتي من القاضي الشرعي بالسودان، وقد يجوز أن يكون الشاهد فاسقاً أو كافراً لتركه الصلاة، أو دعائه الأموات، أو الاستغاثة بهم ونحو ذلك.
    فالجواب: أن يقال: إن شرط قبول الشهادة في هذا وغيره أن يكون الشاهد مسلماً عدلاً، فإذا كان القاضي صاحب توحيد وسنة- ويهتم بالشهادة ويعتني بالشهود، ولا يقبل إلا العدول- وجب اعتماد ما يرد منه، أما إذا كان بخلاف ذلك فليس على إثباته عمل، وإنما يعتمد في مثل هذا على قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: "الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون" وفي لفظ الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس"(2)وكلها أحاديث صحيحة. فإذا صام المسلمون الذين أنت بينهم صمت معهم، وإذا أفطروا أفطرت معهم، والحمد الله على تيسيره وتسهيله، والسر في ذلك –والله أعلم- كراهة الشريعة للاختلاف، وترغيبها في الاتفاق والائتلاف. جعلني الله وإياكم من أهلها، ومنَّ الله على المسلمين جميعاً بالتمسك بها وتحكيمها والتحاكم إليها، إنه سميع قريب.
    نائب رئيس الجامعة الإسلامية
    [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، للشيخ ابن باز (15/77-82)]

  4. #44
    لا حكم صيام من يفقد وعيه
    السؤال: مريض أدرك بعض شهر رمضان، ثم أصابه فقدان للوعي ولا يزال، هل يقضي عنه أبناؤه لو توفي؟ بارك الله فيكم.

    الجواب:
    بسم الله والحمد لله، ليس عليه القضاء إذا أصابه ما يذهِب عقله، أو ما يسمى بالإغماء، فإنه إذا استردّ وعيه لا قضاء عليه، فمثله مثل المجنون والمعتوه، لا قضاء عليه، إلا إذا كان الإغماء مدة يسيرة كاليوم أو اليومين أو الثلاثة على الأكثر فلا بأس بالقضاء احتياطاً، وأما إذا طالت المدة فهو كالمعتوه لا قضاء عليه، وإذا ردّ الله عقله يبتدئ العمل، ولا على أبنائه –لو مات- أن يقضوا عنه، نسأل الله العافية والسلامة.

    السؤال: أبو القاسم من الرياض، يقول: رجل يغيب عنه وعيه بضع ساعات، فهل عليه صيام؟

    الجواب:
    إذا كان وعيه إنما يغيب بعض الساعات فعليه الصوم، كالذي ينام بعض الوقت، وكونه يغيب عنه وعيه بعض الأحيان في أثناء النهار أو في أثناء الليل لا يمنع وجوب الصوم عليه. نسأل الله له الشفاء والعافية.
    [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز (15/209-210)

    كيفية إمساك وإفطار من يطول نهارهم
    السؤال: كيف يصنع من يطول نهارهم إلى إحدى وعشرين ساعة، هل يقدرون قدراً للصيام؟ وكذا ماذا يصنع من يكون نهارهم قصيراً جداً؟ وكذلك من يستمر عندهم النهار ستة أشهر والليل ستة أشهر؟

    الجواب:
    من عندهم ليل ونهار في ظرف أربع وعشرين ساعة فإنهم يصومون نهاره، سواء كان قصيراً أو طويلاً، ويكفيهم ذلك –والحمد لله- ولو كان النهار قصيراً.
    أما من طال عندهم النهار والليل أكثر من ذلك كسته أشهر فإنهم يقدرون للصيام وللصلاة قدرهما، كما أمر النبي –صلى الله عليه وسلم- بذلك في يوم الدجال الذي كسنة، وهكذا يومه الذي كشهر أو كأسبوع، يقدر للصلاة قدرها في ذلك.
    وقد نظر مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة في هذه المسألة، وأصدر القرار رقم 61 وتاريخ 12/4/1398هـ ونصه ما يلي:
    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد:
    فقد عرض على مجلس هيئة كبار العلماء في الدورة الثانية عشرة المنعقدة بالرياض في الأيام الأولى من شهر ربيع الآخر عام 1398هـ كتاب معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة رقم 555 وتاريخ 16/1/1398هـ المتضمن ما جاء في خطاب رئيس رابطة الجمعيات الإسلامية في مدينة (مالو) بالسويد الذي يفيد فيه بأن الدول الأسكندنافية يطول فيه النهار في الصيف، ويقصر في الشتاء؛ نظراً لوضعها الجغرافي، كما أن المناطق الشمالية منها لا تغيب عنها الشمس إطلاقاً في الصيف، وعكسه في الشتاء، ويسأل المسلمون فيها عن كيفية الإفطار والإمساك في رمضان، وكذلك كيفية ضبط أوقات الصلوات في هذه البلدان، ويرجو معاليه إصدار فتوى في ذلك ليزودهم بها.أ.هـ.
    وعرض على المجلس أيضاً ما أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ونقول أخرى عن الفقهاء في الموضوع، وبعد الاطلاع والدراسة والمناقشة قرر المجلس ما يلي:
    أولاً: من كان يقيم في بلاد يتمايز فيها الليل من النهار بطلوع فجر وغروب شمس، إلا أن نهارها يطول جداً في الصيف، ويقصر في الشتاء، وجب عليه أن يصلي الصلوات الخمس في أوقاتها المعروفة شرعاً؛ لعموم قوله تعال: "أقم الصلواة لدلوك الشمس إلى غسق اليل وقراءن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً"(1)، وقوله تعالى: "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً"(2)، ولما ثبت عن بريدة –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أن رجلاً سأله عن وقت الصلاة، فقال له: "صل معنا هذين" يعني اليومين، فلما زالت الشمس أمر بلالاً فإذن، ثم أمره فأقام الظهر، ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية، ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر، فلما أن كان اليوم الثاني أمره فأبرد بالظهر، فأنعم أن يبرد بها، وصلى العصر والشمس مرتفعة أخرها فوق الذي كان، وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق، وصلى العشاء بعدما ذهب ثلث الليل، وصلى الفجر فأسفر بها، ثم قال: "أين السائل عن وقت الصلاة" فقال الرجل أنا يا رسول الله. قال: "وقت صلاتكم بين ما رأيتم"(3) رواه البخاري ومسلم.
    وعن عبد الله بن عمرو بن العاص –رضي الله عنهما- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "وقت الظهر إذا زالت الشمس، وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة فإنها تطلع بين قرني شيطان"(4)أخرجه مسلم في صحيحه. إلى غير ذلك من الأحاديث التي وردت في تحديد أوقات الصلوات الخمس؟ قولاً وفعلاً، ولم تفرق بين طول النهار وقصره وطول الليل وقصره ما دامت أوقات الصلوات متمايزة بالعلامات التي بينها رسول الله –صلى الله عليه وسلم-.
    هذا بالنسبة لتحديد أوقات صلاتهم، وأما بالنسبة لتحديد أوقات صيامهم شهر رمضان فعلى المكلفين أن يمسكوا كل يوم منه عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في بلادهم ما دام النهار يتمايز في بلادهم من الليل، وكان مجموع زمانهما أربعاً وعشرين ساعة. ويحل لهم الطعام والشراب والجماع ونحوها في ليلهم فقط. وإن كان قصيراً، فإن شريعة الإسلام عامة للناس في جميع البلاد، وقد قال تعالى: "وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل" (1)، ومن عجز عن إتمام صوم يوم لطوله، أو علم بالأمارات أو التجربة، أو إخبار طبيب أمين حاذق، أو غلب على ظنه أن الصوم يفضي إلى إهلاكه أو مرضه مرضاً شديداً، أو يفضي إلى زيادة مرضه أو بطء برئه أفطر، ويقضي الأيام التي أفطرها في أي شهر تمكن فيه من القضاء. قال تعالى: "فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفرٍ فعدة من أيامٍ آخر"(2)، وقال تعالى: "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" (3)وقال: "وما جعل عليكم في الدين من حرج"(4)
    ثانياً: من كان يقيم في بلاد لا تغيب عنها الشمس صيفاً، ولا تطلع فيها الشمس شتاء، أو في بلاد يستمر نهارها إلى ستة أشهر، ويستمر ليلها ستة أشهر مثلاً، وجب عليهم أن يصلوا الصلوات الخمس في كل أربع وعشرين ساعة، وأن يقدروا لها أوقاتها، ويحددوها معتمدين في ذلك على أقرب بلاد إليهم تتمايز فيها أوقات الصلوات المفروضة بعضها من بعض؛ لما ثبت في حديث الإسراء والمعراج من أن الله تعالى فرض على هذه الأمة خمسين صلاة كل يوم وليلة، فلم يزل النبي –صلى الله عليه وسلم- يسأل ربه التخفيف حتى قال: "يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فذلك خمسون صلاة "(1) إلى آخره، ولما ثبت من حديث طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- من أهل نجد ثائر الرأس، نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول، حتى دنا من رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "خمس صلوات في اليوم والليلة"، فقال هل علي غيرهن؟ فقال: "لا ، إلا أن تطوع..."(2) الحديث.
    ولما ثبت من حديث أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: "نهينا أن نسأل رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عن شيء فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع، فجاء رجل من أهل البادية، فقال: يا محمد، أتانا رسولك فزعم أنك تزعم أن الله أرسلك، قال: "صدق" إلى أن قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا، قال: "صدق"، قال: فبالذي أرسلك. آلله أمرك بهذا؟ قال: "نعم...."(3)
    وثبت أن النبي –صلى الله عليه وسلم- حدث أصحابه عن المسيح الدجال، فقالوا: ما لبثه في الأرض؟ قال: "أربعون يوماً: يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم" فقيل: يا رسول الله! اليوم الذي كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدروا له قدره"(4)فلم يعتبر اليوم الذي كسنة يوماً واحداً يكفي فيه خمس صلوات، بل أوجب فيه خمس صلوات في كل أربع وعشرين ساعة، وأمرهم أن يوزعوها على أوقاتها اعتباراً بالأبعاد الزمنية التي بين أوقاتها في اليوم العادي في بلادهم، فيجب على المسلمين في البلاد المسئول عن تحديد أوقات الصلوات فيها أن يحددوا أوقات صلاتهم معتمدين في ذلك على أقرب بلاد إليهم يتمايز فيها الليل من النار، وتعرف فيها أوقات الصلوات الخمس بعلاماتها الشرعية في كل أربع وعشرين ساعة.
    وكذلك يجب عليهم صيام شهر رمضان، وعليهم أن يقدروا لصيامهم فيحددوا بدء شهر رمضان ونهايته، وبدء الإمساك والإفطار في كل يوم منه ببدء الشهر ونهايته، وبطلوع فجر كل يوم وغروب شمسه في أقرب البلاد إليهم يتميز فيها الليل من النهار، ويكون مجموعهما أربعاً وعشرين ساعة؛ لما تقدم في حديث النبي –صلى الله عليه وسلم- عن المسيح الدجال، وإرشاده أصحابه فيه عن كيفية تحديد أوقات الصلوات فيه، إذ لا فارق في ذلك بين الصوم والصلاة. والله ولي التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
    هيئة كبار العلماء
    [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز (15/292-300)


    حكم الحيلة لإسقاط كفارة الجماع
    السؤال: الأخ/ ع.س. م. من الدمام يقول في سؤاله: كنا في مجلس مع بعض الإخوة، وكان الحديث حول الصيام ومفسداته، فقال أحد الإخوة: إنه سمع آخر يقول: إن الإنسان لو اضطر لجماع زوجته وهو صائم في نهار رمضان فقام بالإفطار قبل ذلك على أكلٍ أو شرب فإنه يسلم من الكفارة المترتبة على الذي يجامع في نهار رمضان. فهل ما قاله هذا الأخ صحيح؟ نرجو الإفادة.

    الجواب:
    هذا كل باطل وليس بصحيح، والواجب على المسلم الحذر من الجماع في رمضان إذا كان مقيماً صحيحاً، وهكذا المرأة إذا كانت مقيمة صحيحة. أما المسافر فلا حرج عليه في جماع زوجته المسافرة، وهكذا المريض مع المريضة إذا كان يشقّ عليهما الصوم. والله ول التوفيق.
    [ مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز/ (15/308- 309)]

    حكم قضاء الست بعد شوال
    السؤال: امرأة تصوم ستة أيام من شهر شوال كل سنة، وفي إحدى السنوات نفست بمولود لها في بداية شهر رمضان، ولم تطهر لا بعد خروج رمضان، ثم بعد طهرها قامت بالقضاء، فهل يلزمها قضاء الست كذلك بعد قضاء رمضان حتى ولو كان ذلك في غير شوال: أم لا يلزمها سوى قضاء رمضان؟ وهل صيام هذه الستة الأيام من شوال تلزم على الدوام أم لا؟

    الجواب:
    صيام ست من شوال سنة، وليست فريضة؛ لقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: "من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر" اخرجه الإمام مسلم في صحيحة. والحديث المذكور يدل على أنه لا حرج في صيامها متتابعة أو متفرقة؛ لإطلاق لفظه. والمبادرة بها أفضل؛ لقوله سبحانه: "وعجلت إليك رب لترضى"(1)، ولما دلت عليه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية من فضل المسابقة والمسارعة إلى الخير.ولا تجب المداومة عليها ولكن ذلك أفضل ؛ لقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: "أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبة وإن قل".ولا يشرع قضاؤها بعد انسلاخ شوال؛ لأنها سنة فات محلها، سواء تركت لعذر أو لغير عذر. والله ولي التوفيق. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز(15/388-389]
    السؤال: ما رأي سماحتكم في رأي من يقول صيام عشر ذي الحجة بدعة؟.

    الجواب:
    هذا جاهل يُعلَّم، فالرسول –صلى الله عليه وسلم- حض على العمل الصالح فيها، والصيام من العمل الصالح؛ لقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: "ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر" قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء"(1) رواه البخاري في الصحيح.
    ولو كان النبي –صلى الله عليه وسلم- ما صام هذه الأيام، فقد روي عنه –صلى الله عليه وسلم- أنه صامها، وروي عنه أنه لم يصمها؛ لكن العمدة على القول؛ القول أعظم من الفعل، وإذا اجتمع القول والفعل كان آكد للسنة؛ فالقول يعتبر لوحده؛ والفعل لوحده، والتقرير وحده، فإذا قال النبي –صلى الله عليه وسلم- قولاً أو عملاً أو أقر فعلاً كله سنة، لكن القول أعظمها وأقواها ثم الفعل ثم التقرير.
    والنبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام" يعني العشر، فإذا صامها أو تصدق فيها فهو على خير عظيم، وهكذا يشرع فيها التكبير والتحميد والتهليل؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- : "ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد" وفق الله الجميع.

  5. #45
    النوافل يثاب فاعلها ولا يأثم تاركها
    السؤال: الأخت التي رمزت لاسمها بأم يوسف من مكة المكرمة تقول في سؤالها: هل يأثم المرء بسبب ترك بعض النوافل التي كان يداوم على أدائها؟ لأنني مثلاً أثناء حملي تركت صوم الاثنين والخميس. أفتونا جزاكم الله خيراً.

    الجواب:
    النوافل جميعاً يثاب فاعلها ولا يأثم تاركها، مثل صوم الاثنين والخميس، وثلاثة أيام من كل شهر، وسنة الضحى، والوتر، ولكن يشرع للمؤمن أن يواظب ويحافظ على السنن المؤكدة؛ لما في ذلك من الأجر العظيم والثواب الجزيل، ولأن النوافل يكمل بها نقص الفرائض. والله الموفق.

    حكم قطع صيام التطوع
    السؤال: هل يجوز في صيام التطوع أن يفطر الصائم متى شاء؟

    الجواب:
    نعم يجوز له ذلك، لكن الأفضل له أن يكمل الصيام، إلا أن تكون هناك حاجة للإفطار، كإكرام ضيف أو شدة حر ونحو ذلك؛ لأنه ثبت عن النبي –صلى الله عليه وسلم- من حديث عائشة –رضي الله عنها- ما يدل على ما ذكرناه. والله ولي التوفيق.
    مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز [15/418-421]

  6. #46

  7. #47
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امير الليل مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خير

    وجزاك الله الخير

صفحة 5 من 5 الأولىالأولى ... 345

المواضيع المتشابهه

  1. فتاوى لغوية
    بواسطة أ . د . محمد جمال صقر في المنتدى فرسان اللغة العربية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 04-18-2015, 11:44 AM
  2. فتاوى الصيام
    بواسطة لميس في المنتدى فرسان الافتاءات
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 07-08-2014, 06:35 AM
  3. فتاوى الحاخامات ...
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-02-2013, 05:37 PM
  4. فتاوي شرعية
    بواسطة فاطمه الصباغ في المنتدى فرسان الافتاءات
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 08-03-2006, 06:47 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •